أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - محنة إبليس














المزيد.....

محنة إبليس


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7738 - 2023 / 9 / 18 - 19:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إبليس أفضل من أبيكم آدم ـ ـ ـ فتبينوا يا معشر الأشـرار
النار عنصره وآدم طينـــــة ـ ـ ـ والطين لا يسمو سمو النار
بشار بن برد


في كتاب الملل والنحل للشهرستاني يذكر ما يسميه بأول شبهة في الخليقة وهي شبهة " إبليس " والتي مصدرها " إستبداده بالرأي في مقابلة النص وإختياره الهوى في معارضة الأمر وإستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة الطين التي خلق منها آدم. ومن هذا الشك الأولي ظهرت شكوك "شبهات " أخرى أنتشرت بين الناس حتى صارت مذاهبا وطرقا وبدعا وضلالا. ويقول بأن هذه الشبهات مذكورة في شرح الأناجيل الأربعة، أناجيل لوقا، مارقوس، يوحنا ومتّى ومذكورة في التوراة على شكل حوار بين إبليس والملائكة بعد حادثة الأمر الإلهي بالسجود لآدم وعصيان إبليس لتنفيذ هذا الأمر. يقول إبليس : أني سلمت أن الباري تعالى إلهي وإله الخلق عالم قادر ولا يسأل عن قدرته ومشيئته فإنه مهما أراد شيئا قال له : كن فيكون وهو حكيم، إلا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة.
فقالت الملائكة : ماهي ؟ وكم هي ؟
فقال إبليس : سبع
الأول منها : إنه علِم قبل خلقي أي شيء يصدر عني ويحصل مني فلِم خلقني أولا وما الحكمة في خلقه إياي ؟
الثاني : أن خلقني على مقتضى إرادته ومشيئته فلِم كلفني بمعرفته وطاعته وما الحكمة في التكليف بعد أن لا ينتفع بطاعة ولا يتضرر بمعصية.
والثالث : إذ خلقني وكلفني فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت وأطعت فلِم كلفني بطاعة آدم والسجود له وما الحكمة في هذا التكليف على الخصوص بعد أن لا يزيد ذلك في معرفتي وطاعتي.
والرابع : إذ خلقني وكلفني على الإطلاق وكلفني بهذا التكليف على الخصوص فإذا لم أسجد فلِم لعنني وأخرجني من الجنة، وما الحكمة في ذلك بعد أن لم أرتكب قبيحا إلا قولي لا أسجد إلا لك ؟
والخامس : إذ خلقني وكلفني مطلقا وخصوص فلم أطِع فلعنني وطردني فلِم طرّقني إلى آدم حتى دخلت الجنة ثانية وغرّرته بوسوستي فأكل من الشجرة المنهي عنها وأخرجه من الجنة معي، وما الحكمة في ذلك بعد أن لو منعني من دخول الجنة أستراح مني آدم وبقي خالدا فيها ؟
والسادس : إذا خلقني وكلفني عموما وخصوصا ولعنني ثم طرّقني إلى الجنة وكانت الخصومة بيني وبين آدم، فلِم سلطني على أولاده حتى أراهم من حيث لا يرونني وتؤثر فيهم وسوستي ولا يؤثر فيّ حولهم وقوتهم وقدرتهم وإستطاعتهم، وما الحكمة في ذلك بعد أن لو خلقهم على الفطرة دون من يحتالهم عنها فيعيشوا طاهرين سامعين مطيعين كان أحرى بهم وأليَق بالحكمة ؟
والسابع : سلمت هذا كله خلقني وكلفني مطلقا ومقيدا وإذا لم أطع لعنني وطردني وإذا أردت دخول الجنة مكنني وطرّقني وإذا عملت عملي أخرجني ثم سلطني على بني آدم فلِم إذا أستمهلته أمهلني فقلت أنظرنيإلى يوم يُبعثون، قال : إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، وما الحكمة في ذلك بعد أن لو أهلكني في الحال أستراح آدم والخلق مني وما بقيَ شر في العالم، أليس بقاء العالم على نظام الخير خيرا من إمتزاجه بالشر ؟ قال : فهذه حجتي على ما أدعيته في كل مسألة.
أما رد الله على هذه الحجج فقد جاء عن طريق الملائكة بإسم الله ذاته : إنك في تسليمك الأول إني إلهك وإله الخلق غير صادق ولا مخلص إذ لو صدقت إني إله العالمين ما أحتكمت عليّ بلِم فأنا الله الذي لا إله إلا أنا لا أُسأل عما أفعل والخلق مسؤولون.
الشهرستاني يؤكد أن هذا الذي ذكره موجود ومذكور في التوراة والإنجيل، ويستنتج من ذلك بأن كبار البدع والضلالات هي بدورها سبع فرق ضالة وكافرة
وهذا ما يسمى بـ "محنة إبليس" وهي أن الله أبتلى الشيطان بأمر لا يستطيع تنفيذه، وهو السجود لمخلوق مزري من الطين، ولو نفذ هذا الأمر لسقط في معصية أكبر وهي عدم الخضوع لمشيئة الله الذي يحرم السجود لغير الله. يقول صادق جلال العظم : " إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية معينة فإننا لا نشك في أن إبليس كان عاصيا وجاحدا، ولكن من ناحية أخرى يجب أن لا ننسى أن جحوده كان أعظم تقديس للذات الإلهية وأكبر مثل على التمسك بحقيقة التوحيد " ويحلل هذا الأمر ببعض المبررات التي قدمها بعض الشراح والعلماء المسلمين والتي تتعلق بالتمييز بين " الأمر الإلهي " وبين " المشيئة الإلهية ". فالأمر إما أن يطاع وينفذ أو يعصى ولا يطاع، والإنسان له حرية الإختيار بين الطاعة والعصيان ويتحمل عواقب إختياره. أما المشيئة أوالإرادة الإلهية فهي لا ترد ولا تنطبق عليها مثل هذه الإعتبارات العرضية، وكل ما تريده المشيئة الإلهية واقع بالضرورة. " لقد شاء الله وجود أشياء كثيرة غير أنه أمر عباده بالإبتعاد عنه كما أنه أمرهم بأشياء ولكنه أرادههم أن يحققوا أشياء أخرى. ولذلك بإستطاعتنا القول بأن الله أمر إبليس بالسجود لأدم ولكنه شاء له أن يعصي الأمر، ولو شاء الله لإبليس أن يقع ساجدا لوقع ساجدا لتوه إذ لا حول ولا قوة للعبد على رد المشيئة الإلهية. إذا نظرنا إلى الأمور من من هذه الزاوية بإمكاننا أن نعتبر الأمر والنهي أشياء طارئة وعرضية إذا قيست بسرمدية المشيئة الربانية وقدم الذات الإلهية "
أما عباس محمود العقاد في دراسته حول " إبليس "، فهو يرى أن المطلعين من الشراح الغربيين على اللغة يفهمون معنى "السجود" هنا، ولا يخرجون به عن معنى التحية والإكبار "، وبذلك يلغي فكرة المحنة والتناقض بين الأمر والمشيئة، وأن أمر السجود لآدم ليس فيه تناقض مع الأمر بعدم السجود لغير الله، لأنه هناك سجود وسجود. ويرى أن الشيطان كان ضروريا لمعرفة الخير والشر ولكي ينتقل الإنسان من عهد البراءة والدعة إلى عهد التكليف والمسؤولية " ليست القداسة أن تكون نورا وأنت نور، وليس الفخار أن تكون نارا وأنت نار. وإنما القداسة والفخار أن تكون نورا ونارا وأنت تراب، وأن تسبح وتقدس وأنت قادر على العدوان والفساد "



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتصار إبليس
- الدوامة
- إبليس، المتمرد الأول
- بروميثيوس سارق النار
- العصيان كضرورة وجودية
- أسباب تشبت العسكر بالسلطة
- حرب العسكر ضد العسكر في السودان
- قهوة الصباح
- ليبيا وإستمرار الكارثة
- الرأس المجوفة
- مآثر العسكر في السودان
- العسكر وإمبراطورية الكذب
- العسكر طاعون الشعوب - الحلقة الثانية
- العسكر، طاعون الشعوب
- الشعر وزقزقة العصافير
- العلاقة بين الشعر والهلوسة
- المعنى الضائع
- لماذا يخاف العالم من إسرائيل؟
- عن التوكل والتوكيل والإقتراع
- الإمبريالية الأمريكية في أفريقيا


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - محنة إبليس