أحمد إدريس
الحوار المتمدن-العدد: 7737 - 2023 / 9 / 17 - 04:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحقيقة قد تكون قاسية و مُرة و مؤلمة و لكنها أفضل مِن الوهم، الذي لا ينبني عليه شيء يدوم و ينفع الناس، قليلون هم مَن يقدِرون و يجرُؤون على مواجهة ثم تقبُّل الحقيقة. أمر لطالما حيَّرني و سيظل يُحيِّرني حتى الموت : كيف يجتمع إيمان صادق بوجود الله و النفور مِن الحق في قلب إنسان ؟…
مَن منا لم يُصادف في حياته مِراراً و تَكراراً ناساً يزعمون أنهم يؤمنون بالله، الذي ما رأوه قطُّ، و في الوقت ذاته نَجِدُهم لا يَتوَرَّعون عن إنكار حقائق ملموسة لا تقبل الشك ؟ لَعَمْري هذا هو الكفر في أبشع صُوَرِه إذ هو جحود و عَدَمُ اعتراف أو إقرار و نُكرانٌ لأشياء مُؤكَّدة بِمُوجِب كَوْنِها محسوسة مشهودة ملموسة و ليست مِن أنباء الغيب. مَن الأَوْلى بِوَصْف كافر : مُنكِر وجود الشمس أم مُنكِر حدوث البعث ؟ أيُّهما قد يكون في إنكاره معذوراً و أيُّهما مِن المُحال أن نجد له عذراً ؟ إذ ما أكثر مُنكِري و جاحدي الشمس، أقصد بالطبع حقائق يُمكن التحقُّق منها بالحَوَاس، وَسَطَ مَن نَحسبُهم أهل تقوى و دين : بدءاً بعِلْيَة القوم ! ذلك لأنني أتعجَّبُ و أستغرب بشِدَّة و أتساءل كيف يجتَرِئ إنسان يجحد حقائق مرئِيَّة، على أن يَعتبِر كافراً مستحِقاً لعذابٍ أبدي لامُتناهٍ مَن عجز عن التصديق بأشياء غَيْبِيَّة. بتعبير آخَر أقول : الذي يَجحد و يُنكر أشياء ملموسة مرئية محسوسة كيف يستطيع، بالله عليكم، أن ينعت بالكفر الموجب للخلود في جهنم مَن لا يُصدِّق بِغَيْبِيات ؟ ما الأشنع و الأقبح إذاً : إنكار مرئيَّات أم إنكار غيبيَّات ؟
من حق كل فرد عاقل أن يطرح هذا السؤال و يجد له إجابة مُقنعة للعقل و مُطَمئنة للفؤاد. أَضِفْ إلى ذلك كُله تصرفات بعض "المؤمنين" الذين هم أخلاقياً دون مستوى كثير من "الكفار". بالمُناسبة أؤكِّد أنه لن تُشرقَ شمسُ الخلاص على الذين يُسمَّون بالمُسلمين، ما دام هؤلاء يَنعَتُون و يُنادون الغالبية العُظمى من سُكان هذا العالَم بالكُفار…
« لا بُد من إعادة تقديم الدين في أصوله النقية، و بلغة عالَمية عصرية تخاطب الكل في كل مكان، و ليس بلغة طائفية مُنغلقة مُتعصِّبة. لا بد من تقديم الدين في روحه و جَوهرِيَّته و ليس في شكلِيَّاته : الدين كتوحيد و خُلق و مسؤولية و عمل بالدرجة الأولى، الدين كحب و وعي كَوْني و علم و تقديس للخير و الجمال. » (مصطفى محمود)
« سيفتح الحب قلبك لكل خلق الله فتُحبهم جميعاً، فقد خلق الله الإنسان لكي يحب، فإذا زادوا في كراهيتهم زد في حُبك، و ذات يوم قد يعلمون أن الإسلام هو الحب. » (ثروت الخرباوي)
#أحمد_إدريس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟