أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الثاني)















المزيد.....

التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الثاني)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7735 - 2023 / 9 / 15 - 00:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحت تأثير كارثتي الزلزال والفيضان اللتين ضربتا على التوالي وبشكل متزامن بلدين عربيين مغاربيين (المغرب وليبيا)، قلت في قرارة نفسي: كيف قاربت الفلسفة إشكالية الكوارث؟ لمحاولة إيجاد جواب عن هذا السؤال، عثرت على مقال بالعنوان أعلاه كتبه فلوران بوسي الحاصل على دكتوراه في الفلسفة. كان مدرسا لهذه المادة في المدرسة الثانوية، قبل أن يتم تعيينه محاضرا في جامعة روان الفرنسية (2006-2013). ألف العديد من الكتب ونشر العديد من المقالات ويتعاون حاليا مع مجلة “Les Zindigné(e)s”، التي يديرها بول أريس.
المقال (تتمة)
منذ وقوع كارثة تسونامي التي دمرت سواحل جنوب شرق آسيا في ديسمبر 2004، أصبحت صور الكوارث مألوفة بالنسبة إلينا، وذلك بفضل انتشار وسائل التسجيل المصغرة. ل
قد رأينا أنه من خلال اختراق المياه للأرض، يمكن للمياه أن تحمل الحافلات والقطارات والمنازل وجميع الأشخاص الموجودين في طريقها. لقد أذهلتنا أيضا الفرص العديدة التي تحكم موت الأشخاص أو بقاءهم على قيد الحياة أثناء وقوع الكارثة. أحيانا تلفظ حيوات أنفاسها في بضع ثوانٍ فقط، وغالبا ما يكون الجهل وفقدان الوعي حاسمين.
إن السمة الأساسية للكوارث (هجمات، فيضانات، انهيارات أرضية، عواصف، إلخ..) هي الظهور كنتيجة لآليات عمياء يعاني منها ضحايا أبرياء لا حول لهم ولا قوة، وبالتالي كشر شامل، دون عزاء ممكن.
يتم تجريم الأنشطة الإنسانية، وفي الحالة الأولى (هجمات) تتم إدانة الإرهابيين. يمكننا أيضا أن نتحدث عن طرق إلهية لا تسلك ويمكنها، بطريقة أو بأخرى، أن تجلب تبريرا أو عزاء أو وعدا بالانتقام أو دعما بسيطا. لكننا نسارع إلى نسيان هذه الأسباب الحاسمة أو تهميشها، والاحتفاظ فقط بالكارثة في طبيعتها الخام، لأن كل الأسباب المقدمة ليست كافية لطمس "فضيحة البراءة المنتهكة"، التي تكشفها الصور متى شئنا.
هذه البداهة - التي يعد التلفزيون ناقلها الرئيس - تفرض نفسها على ضمير الجميع: أفعال الإنسان، إرادته وفكره لا علاقة لها بالكوارث التي تعبر عن بؤس الحالة الطبيعية للإنسان. إن الفيضانات المتكررة في بنغلاديش تسلط الضوء، كما لو كانت هذه البداهة ضرورية، على المحنة التي يواجهها الناس طوال حياتهم، تماماً كما رافقتهم الأمراض والموت منذ بداية تاريخهم.
ويجب ألا ننسى أيضا أن جميع الأسباب المقدمة لتبرير الكارثة هي في حد ذاتها سيئة، لأنها تبحث عن تفسيرات في تصرفات الضحايا، مما يضفي الشرعية الأخلاقية على الشر الذي عانوا منه. إنه لأمر فظيع أن نرى في سوء الحظ تكفيرا عن خطإ ظاهر أو خفي.
ومع ذلك، كتب جان جاك روسو في رسالته إلى السيد دي فولتير يقول: "أعتقد أنني أوضحت أنه باستثناء الموت، الذي يكاد يكون شرا فقط بسبب الاستعدادات التي جعلناها سابقة عليه، فإن معظم شرورنا الجسدية لا تزال من صنعنا. دون أن نترك حديثنا عن لشبونة، نتفق، على سبيل المثال، على أن الطبيعة لم تجمع هناك عشرين ألف منزل من ستة إلى سبعة طوابق، وأنه لو تم توزيع سكان هذه المدينة الكبيرة بشكل أكثر توازنا، وبإسكان أقل كثافة، لكان الضرر أقل من ذلك بكثير، وربما كان منعدما. ولكان بإمكان الجميع الإفلات بجلدهم عند الهزة الأولى". (Jean-Jacques Rousseau, Lettre à Voltaire (18 août 1756), in Œuvres complètes, Paris, Gallimard, « Bibliothèque de la Pléiade », 1969, Volume IV, p. 1061)
وليس من المناسب، كما فعل روسو، تحميل ضحايا الكوارث المسؤولية عن مصيرهم. وهذا من شأنه أن يضيف الازدراء، الوحشية وحتى الفضيحة إلى المأساة، لأنه يعني أن أولئك الذين ليسوا ضحايا أي كارثة هم أبرياء من أي خطإ. وهذا ما انتقده جان بيير دوبوي في قول روسو. وبتطبيقه على عصرنا، يعطينا ذلك:
"لم تدم براءة تسونامي آسيا إلا بضعة أيام. وبطبيعة الحال، تم الاعتراف مرارا وتكرارا بأن الكارثة لا يمكن أن تكون إلا "طبيعية"، ولكن مع مرور الوقت بدأ هذا اليقين في التفكك. لقد تعلمنا أنه لو لم يتم تدمير الشعاب المرجانية وأشجار المانجروف الساحلية بلا رحمة بسبب التحضر وتربية الأحياء المائية والاحتباس الحراري، لكان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى إبطاء تقدم الموجة القاتلة وتقليص حجم الكارثة بشكل كبير. ثم جاءت اللحظة، يا لسخرية التغطية الإعلامية للعالم، عندما فوجئنا بأننا أولينا بأنفسنا كل هذا الاهتمام للكارثة. ولم يستغرق الأمر وقتا طويلًا للعثور على التفسير المناسب: لم يحدث الزلزال بالكامل في صحراء، أي في زاوية نائية من العالم الثالث، مثل ذلك الذي ضرب مدينة بم الإيرانية سنة 2005، ولكن في أماكن يسكنها "سادة المدينة" الذين يطلق عليهم اليوم السياح. وبسرعة كبيرة، اتخذ التسونامي هوية عامل مساعد بسيط للعمليات الاجتماعية بنسبة 100%، تلك التي تساهم في زيادة الظلم الاجتماعي في العالم بلا هوادة. ومرة أخرى، كان معذبو الأرض هم الذين دفعوا الثمن". (Jean-Pierre Dupuy, Petite métaphysique des tsunamis, Paris, Seuil, 2005, p. 43)
ويجب علينا بلا شك أن نؤكد على الاحتمالية التي لا ترحم لوجود الإنسان وجهله الذي لا يمكن تجاوزه، وألا نحرم إخواننا من البشر، ضحايا الكوارث، مثل كارثة عام 2004، من تعاطفنا، من تضامننا ومن مساعدتنا. ومع ذلك، فإننا نرى على الفور ما هي العواقب التي تترتب على هذه البداهة في الواقع: طالما انه لا وجود لمسؤولية إنسانية في إثارة الكوارث، في تطورها وفي حصيلتها، فلا يمكننا فعل أي شيء حيالها، ولا يمكننا منعها (وهو شيء آخر غير مجرد التنبؤ بها) أو حتى التفكير فيها. لا يمكننا إلا أن نلاحظها، ونتهيأ لها بأفضل طريقة ممكنة ونتحملها دون ألم قدر الإمكان. وسيُعاد الإنسان إلى عجزه الطبيعي، إلى ما هو أبعد من الأسطورة الديكارتية المتمثلة في "جعل أنفسنا أسياد الطبيعة ومالكيها".
تستعيد الطبيعة حقوقها، وبالتالي تدعو الإنسان إلى مزيد من التواضع. تكون الكارثة بمثابة فرصة لا مثيل لها لتقدير وضع الإنسان في العالم والتشكيك في الأسطورة الحديثة حول التقدم اللامحدود في السيطرة على الطبيعة.
يعيش إنسان الحداثة هنا تجربة أسلافه، وهكذا يجعل إعصار كاترينا الأمريكيين أقرب إلى البنعلاديشيين أو الهولنديين في القرون السابقة.
ومع ذلك، لا شيء أقل يقينا. لا شيء في خطابات السياسيين يشير إلى أن كبار المسؤولين الغربيين يعتقدون أنهم قريبون من كوارث كبرى تدعو إلى التشكيك في أنماط حياتنا وأنماط استهلاكنا، ويعتبرون أنه من الضروري العمل باسم مصير مشترك للإنسانية لا يمكن إنكاره.
الرابط: https://journals.openedition.org/leportique/2013



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الملك وحده هو من يستطيع مخاطبة شعبه-: المغاربة يوبخون ماكرو ...
- من جغرافيا الكارثة: دوار -آيت تيرغيت- الغابر بين الجبال
- التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الأول)
- المغرب: أخبار ولقطات ومشاهد من جهود الإنقاذ والإغاثة والمساع ...
- صدق تنبؤ ليلى عبد اللطيف بزلزال المغرب أمر محير فعلا
- ليبيا: إعصار -دانيال- يضرب السواحل الشرقية من البلاد
- لماذا رفضت الرباط تلقي مساعدات فرنسا في مجال الإغاثة والعمال ...
- رفاق نبيلة منيب في فرنسا يلاحظون غياب الإسعافات الأكثر استعج ...
- الأئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يدعو إلى تعويض ضحايا الز ...
- فرنسا على استعداد لمساعدة المغرب على تلبية احتياجات الإغاثة ...
- الجبهة الاجتماعية المغربية تدعو إلى تنظيم وقفات احتجاجية متز ...
- نبيلة منيب تتحدث عن زلزال إيغيل في حوار مع قناة الغد على الي ...
- المغرب: هزة ارضية بقوة 6،9 تسفر عن 822 قتيلا و672 جريحا
- أحسن 5 مباريات وأحداث سوف يشهدها اليوم 11 من بطولة أمريكا ال ...
- أمام تجاهل الحكومة لمطالبها اللجنة الوطنيةللمقصيين من خارج ا ...
- فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل
- ساحل العاج: الحزب الحاكم يحقق انتصارا كبيرا في الانتخابات ال ...
- فلسفة سقراط عبر ثلاث مراحل (الجزء الخامس)
- ماديسون كيز تعود إلى دور الثمن في بطولة أمريكا المفتوحة 2023
- جيروزاليم بوست ترد على جمعية أمريكية قاطعت المؤسسات الأكاديم ...


المزيد.....




- الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة ...
- عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير ...
- كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق ...
- لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟ ...
- مام شليمون رابما (قائد المئة)
- مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
- مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة ...
- إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا ...
- نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن ...
- وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - التفكير الفلسفي في كوارثنا (الجزء الثاني)