أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - التكفير كثقافة استئصالية














المزيد.....

التكفير كثقافة استئصالية


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 7731 - 2023 / 9 / 11 - 23:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتخذ التكفير مكانة تتسع باضطراد ضمن الفضاء الإعلامي والجدلي وبمناح تتجاوز ثنائيات السبب والنتيجة إلى محاولة فهم الأسس التي استطاعت منها هذه الثقافة المدمرة التسلل إلى المشهد السياسي والأمني للعديد من دول المنطقة، خصوصاً مع التهديدات الجدية -بل الوجودية - التي تفرضها هذه الثقافة مستهدفة الأمة في عمق نسيجها الوطني، ومبشرة بمنظومة علاقات تتعارض تماماً مع مبدأ التعايش بين مكونات المجتمع المبنية على حرية الاعتقاد والتعبير عن المتبنيات والقناعات الآيديولوجية والفكرية التي تشكل الأساس المكين لأي تشكل مجتمعي تجاه بناء الدولة المدنية الجامعة الضامة المستندة إلى العدالة الاجتماعية ومبادىء حقوق الإنسان ..
ولو أردنا مقاربة موضوعة التكفير، مع مراعاة السير بخطى متئدة - وتعفف فكري- على هامش منزلقات الفقه ومتاهاته، نجد أنه يمثل الحكم على أحد ما - ومجموعات كاملة في بعض الأحيان - بالكفر والخروج عن ثوابت عليا معينة توصم صاحبها بالارتداد عن المعلوم بالضرورة من الدين، وهذا ما يشكل في بيئة متخمة بالانغلاق والأمية ومأزومة بالفورانات العاطفية المؤثثة بالأحكام المسبقة، دعوة صريحة إلى القتل وهدر دم الأفراد أو الجماعات المعنية بالأمر، وهذا ما أفضى بالعديد من العلماء والرموز الفكرية في الدعوة إلى التؤدة المحفوفة بالحذر البالغ في التعاطي مع التكفير كونه شأناً في منتهى الخطورة، والاحتراز عن التهاون في رميه على الناس ما استطاع الفقيه إلى ذلك سبيلاً؛ لأنَّ "الخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم لمسلم واحد". على ما يرى حجة الإسلام، أبو حامد الغزالي الذي دعا والعديد معه من علماء الامة إلى حصر هذا الحكم بيد السلطات الشرعية في أعلى مستوياتها..
ولكن بعض -بل قد يكون جل- هذه السلطات، ولتعشقها المتقادم مع مراكز القرار السياسي أسهمت في تحول موضوعة التكفير إلى سلاح فعال في حسم الصراعات بين القوى السياسية المتلفعة والمتمترسة بخطوط الصد الفقهية المذهبية، بل إنَّ موضوعة التكفير تمددت إلى أن تكون وسيلة بيد الحكم تجاه الأفراد الذين تبدر منهم إشارات ما يمكن تفسيرها- ولو بجهد جهيد- إلى أنها تدعو إلى تقويض سلطة الحكم أو تدعو إلى الحد من سطوته على المجتمع، وهذا ما أنتج لنا قوائم متطاولة من ضحايا التكفير من غيلان الدمشقي وابن رشد والحلاج وابن عربي، إلى طه حسين ومصطفى عبد الرازق وصادق العظم وفرج فودة ونصر حامد أبو زيد والكثير الكثير غيرهم من دعاة الحقيقة والتفكير النقدي الحر.
فالتكفير والتفسيق لم يعد من الأحكام الشرعية التي ترد بالضرورة الى كلام الله "عز وجل" أو إلى سنة نبيه الاكرم" ص" بل هي محض تشوه ينبئ بحالة من السعار الاستئصالي الاقصائي المنفلت تلغي الآخر وتصادر حقه في الاختلاف ولا تعترف بالسنن الكونية التي ترعى حرية الإنسان في التعبير والتصرف والاعتقاد وفق مبادىء الحرية والتعددية وحقوق الانسان. وتحاول إنتاج ثقافة ماضوية ملتبسة ناتجة من اجتهادات فقهية محدودة، ودون مراعاة الاختلاف في السياق الثقافي والإجتماعي والسياسي ما بين واقعنا المعاصر والقرون الماضية التي أنتجت تلك المراجعات.
إنَّ المجتمع الاسلامي، ومن خلال قواه الفكرية والسياسية مطالب بالتصدي الحازم لهذا المد التكفيري الافنائي الجارف من خلال إجراءات حقيقية وفعالة لمواجهة محاولات تكميم الأفواه باسم الدفاع عن الإسلام من خلال التعامل مع مثل هذه التفلتات بإطارها الجنائي بوصفها جريمة تستوجب العقاب لكونها تسيء إلى ركن أساسي من أركان الحرية والعدالة الإنسانية.
وبذل الجهود في تنقية التراث الإسلامي من الفتاوى التي تساهم في إذكاء شعلة التطرف والتشدد. لعدم امكانية التنبؤ بتداعياتها وسط ذلك التبسط بالتأويل والاستنباط والتوظيف السياسي لكل ما من شأنه أن يخدم مشاريع التطرف.
إنَّ دول المنطقة المبتلاة - حد الحصر- بهذه الآفة، مدعوة إلى تحريك المبادرات القانونية اللازمة للتعاطي مع هذا المعضل الثقافي والحضاري لحماية حق الآخر في التعبير والقضاء على أي ممارسة تستهدف التحريض على العنف والقتل تحت أي مسمى من المسميات، والاهم من ذلك هو المضي قدماً نحو الديموقراطية والمدنية وحماية الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير والمعتقد في إطار القوانين والمواثيق الدولية التي تنسجم مع كونية حقوق الإنسان.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطر وسماء صافية
- -سفرة- تونس
- دراما.. في رمضان
- (بسطية)..لوغوس هوب
- المثقف الطائفي
- مقعد في مهرجان
- ثقافة الكوارث
- جائزة للإبداع.. وللمبدعين
- فلسطين 1- إسرائيل صفر
- السلطان أردوغان
- غزة..تذبح على الهواء
- الامارات.. واللعب بنار- ايفر غرين-
- اعلام حسب التساهيل
- ثقافة للنسيان
- حديث القنصلية
- راس العتيبي مقابل راس بن سلمان
- جدار لصورة الشهيد
- اعتذار البياتي..هل يكفي ؟؟
- الحرية لباسم خزعل خشان..
- شباط من فوق التل


المزيد.....




- هآرتس: على إسرائيل تجنيد المتشددين اليهود بدون أي مرونة
- -دولة إسلامية نووية-.. هجوم نائب ترامب على بريطانيا يضع ستار ...
- طفلك هيبقى مشغول بيها دايما .. إليك تردد قناة طيور الجنة على ...
- الجيش الإسرائيلي يستدعي ألفا من اليهود الحريديم للخدمة
- مستوطنون محتلون يقتحمون المسجد الأقصى
- Toyor Al Janah تردد قناة طيور الجنة 2024 ” نزلها الآن بأحدث ...
- حملة يهودية ضد نائب فرنسي يعارض تواجد الإسرائيليين بالأولمبي ...
- أوقات ممتعة وسعيدة … استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبى 2024
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف إيلات بالطيران ا ...
- صحف عالمية: عائلات أسرى تلاحق نتنياهو بواشنطن وحكومته تغير ت ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - التكفير كثقافة استئصالية