يوسف نمير علي
الحوار المتمدن-العدد: 7731 - 2023 / 9 / 11 - 00:15
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
في نوفمبر من عام ١٩١٥، ترك عريف ألماني في فوج المشاة الاحتياطي البافاري السادس عشر، قطعة خشب في مزرعة من طابقين بالقرب من فورنس، والتي تقع على بعد ميلين فقط خلف الخطوط الامامية في شمال فرنسا، وسار إلى المدينة، بدلا من الاستمتاع بوسائل الراحة التقليدية للجنود المتمثلة في زيارة بيوت الدعارة أو شراء السجائر، وغير ذلك من الوسائل الترفيهية انذاك الوقت،حيث أنفق اربعة ماركات لشراء كتاب صغير يتحدث عن كنوز برلين الثقافية، كان يشار إلى هتلر ب(الفنان) من قبل زملائه المتسابقين في إرسال الرسائل خلال جبهات القتال، ولأنه قضى ساعات طويلة في الخنادق يطالع الصحف والكتب أثناء فترات الراحة و الهدوء في مهامه القتالية. ويبدو أن عادته هذه في قراءة الكتب لم تتغير منذ ذلك الوقت، بعد عدة عقود، كان يتخلى عن رفاقه في وقت متأخر من المساء ليقضي فترة عزلة في مكتبه، حيث تنتظره نظارة قراءة وكتاب وكوب شاي، وكانت الآثار الشخصية التي وجدها الجنود السوفيت الغزاة في مخبئه في برلين بعد سيطرتهم التامة عليها، هي عشرات الكتب. قد يكون هتلر معروفا بشكل خاص جدا لعدائه الشديد للكتب، من خلال حرقه لها بدلا من الاعتزاز بها، وذلك خلال المسيرة التي نظمتها شبيبته في برلين عام ١٩٣٤ بعد تسلمه السلطة، وكانت تتضمن الكتب التي تخالف مبادئ الحزب النازي و كتب أخرى يهودية و إباحية. لكن ما الذي جعل من حارق الكتب هذا بأن يرغب بقراءة الكتب التي تناسبه، وفي الوقت الذي اراد به أن يناقش العالم ما قرأه ومن خلال قراءته العمياء تلك؟، هذا ما تكشفه لنا الترجمة العربية الأولى لكتاب (مكتبة هتلر الخاصة) لمؤلفه الفرنسي (تيموثي دبليو رايباك)، والصادر عن دار الكا في بغداد، ويقع الكتاب في ٢٧٨ صفحة ويتضمن تسعة افصل تحت عناوين الكتب التي قرأها هتلر بترتيبها الزمني منذ أن كان يقاتل في الجبهات عام ١٩١٥،حتى نهايته المشؤمة في برلين عام ١٩٤٥، كما ويحتوي الكتاب أيضا على خمس ملاحق وهي عبارة عن مقالات صحفية تحدثت بخصوص مكتبة هتلر و مقتنياته الخاصة من الكتب، وجدت محفوظة في أرشيف الكونغرس الأمريكي بعد الحرب.
#يوسف_نمير_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟