أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - دين لاديني ناف للأديان ومتصالح معها 4/4














المزيد.....


دين لاديني ناف للأديان ومتصالح معها 4/4


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 7729 - 2023 / 9 / 9 - 14:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أما لماذا لا يؤمن لاهوت التنزيه بيوم القيامة ولا بالحساب، فأولا لأن الذي أنبأنا بذلك هو مصدر غير موثوق، ألا هو الدين، ثم إننا لا ننفيه بالمطلق لاستحالته، بل لعدم رجاحته، وعدم معقوليته، وعدم الحاجة إليه لتحقق العدل الإلهي. هذا مع وجود نظرية أو فرضية بديلة هي أرجح من فكرة البعث والنشور والحساب. فبدلا من الإيمان بيوم قيامة للبشرية أجمعين، يكون من الأرجح الإيمان بوجود قيامة فردية لكل إنسان، حيث تكون قيامته لحظة موته، الذي قد لا يكون إلا عبارة عن جسر عبور بين حياتين، ولا بعث للجسد، لأن الجسد سيفقد قيمته عند الموت، فهو الذي يموت، وسر الحياة - ولا أعني الحياة الفيزيائية - سر الحياة هذا، سواء أسميناه الروح أو النفس أو أي شيء آخر، هو الباقي، حيث نستطيع أن نتصوره طاقة عاقلة شاعرة. أما عدم الحاجة للحساب وعرض الأعمال والشهود، فإن وعي هذا الكائن المنتقل إلى تلك الحياة هناك، يختلف حتما اختلافا كليا، بحيث سيكون عارفا عَلامَ يُثاب، أو يُعاقَب في حال وجود العقاب.
أخيرا لا بد من المرور على ملامح أخرى لهذا الدين الممكن مجازا تسميته بذلك.
ليس فيه دعوة أو تبشير، بل هو يعرض نفسه، كلون من ألوان ممارسة حق التعبير والعرض والتعريف، بل هو يرفض أن يُتَّبَع اتباعا كليا، حتى بالنسبة لمن يقتنع به، فبما أنه فكر بشري يصيب ويخطئ، يدعو أن يصوغ كل شخص دينه الشخصي الخاص، لمن شاء ذلك، لأنه إذا نشأت جماعة كثرت أو قلت تتبع اتباعا تاما لهذا الفكر، نكون قد أسسنا دينا جديدا، أعاذنا الله أو أعاذتنا الأقدار وأعاذنا العقل من ذلك. ومن هنا لا عبادة محددة وواجب الالتزام بها، بل عبادة الله نفسها ليست واجبة أصلا، بل الواجب هو سعي كل منا أفرادا وجماعات وشعوبا، كل بقدر وعيه لهذا الوجوب، أن نسعى للمزيد من الاستقامة والعدل والتأنسن والتعقلن. لكن من شاء أن يزاول طقسه الخاص كعبادة منه لله، فله ذلك، فالعبادة من المباحات، وليست هي من الواجبات ولا المحرمات، كالاستماع إلى الموسيقى، أو ممارسة الرياضة، أو زيارة قبور الأحبة الذين فقدناهم، وغيرها. وعلى فرض أن إنسانا ما صاغ لنفسه لونا من ألوان الصلاة لله، كما صغت لنفسي صلاتي التنزيهية، فبالتأكيد ليس هناك قبلة، لأن اعتبار وجهة ما قبلة يتوجه بها المصلي إلى الله، هو نقيض تنزيه الله عن المكان والاتجاه، وليست مواقيت، ولا يجب أن تكون يومية، ولا في مكان خاص بها.
ومن المهم أن أؤكد أن الإيمان، بما في ذلك الإيمان اللاديني، هو ليس بحاجة، بل هو ليس إلا قضية معرفية، يؤمن بها من يؤمن، ولا يؤمن بها من لا يؤمن. ويتجنب لاهوت التنزيه استخدام مصطلح (الكفر) في مقابل الإيمان، فهو مصطلح غير وارد بل ومرفوض ومدان، إنما نستخدم بدلا من ذلك (عدم الإيمان) مقابل الإيمان، لأن عدم الإيمان بشيء، هو نفسه نوع آخر من الإيمان، يجب أن يحترم، طالما استعد بالتعايش مع المغاير له. وبالتالي فإن المعاداة بسبب العقيدة محرمة حرمة شديدة، لا نقول من الله، كي نتجنب أن نكون ناطقين باسمه، بل من قبل لاهوت التنزيه والمنهج العقلي المعتمد من قبله، والمبادئ الإنسانية.
أما أحكام هذا الدين، فلا أحكام لديه في الشؤون الشخصية المحضة، كالأحكام في مسألة الحياة والممارسات الجنسية، كما لا أحكام له في الطعام، أما الأحكام في الحياة الاجتماعية، أي فيما هو ليس شخصيا محضا، بل ما يكون فيه التعامل مع الآخر، فأحكام هذا الدين، هي أحكام الأخلاق العامة، لا الأخلاق بمفهومها الديني المختزلة غالبا بما بين الفخذين، وكذلك أحكام الإنسانية والعدالة.
هذا الدين اللادين يتطلع إلى عالم في المستقبل يتوزع سكانه ميتافيزيقيا بين ثلاثة اتجاهات أساسية، هي: الإلحاد واللاأدرية والإيمان اللاديني، مع وجوب الدفاع عن حقوق وحريات الأقليات آنذاك التي تبقى تؤمن بثمة دين هنا وهناك، على أن يكون دينا مسالما، حتى لو كان خرافيا، وغير معقول. لكنه يرفض رفضا تاما لأي نوع من الإكراه على تحقيق ذلك، بل هي صيرورة للمسيرة التاريخية للمجتمع الإنساني، يتوقعه لاهوت التنزيه ولو بعد قرون، لا يعرف عددها، ويتمناه، لأنه يدعي أنه إذا سئل عن الدين، ففيه منافع للناس وضرر كبير، وضرره أكثر أضعافا مضاعفة من نفعه، مع احترامنا لعقلاء المتدينين، ومحبتنا لطيبيهم.
في الختام، أنا لا أدعي امتلاك الحقيقة، وإن كنت - صحيح - أعتقد بصواب ما أؤمن بصوابه، وبخطأ ما أعتقد خطأه، لكني غير مهتم بمقدار إصابتي للصواب، ومقدار وقوعي في الخطأ، بل يكفيني أني أفكر، وأفصح، وأصدق مع نفسي، ومع ربي في حال كان موجودا فعلا كما أؤمن، ومع الناس، فعندما أموت، إذا وجدت ثمة حياة بعد هذه الحياة كما أعتقد، فهناك سأعرف الصواب من الخطأ، موقنا أن الله لن يضع في ميزان جزائي معيار الصواب في كفة ومعيار الخطأ في الأخرى، بل هو يحبني - إن استقمت وتأنسنت ما استطعت - في خطأي كما يحبني في صوابي، ويأخذني ويأخذ الناس كلا على قدر عقله. أما إذا كان الموت هو النهاية التي لا شيء بعدها، فلن ينفعني في فنائي وعدمي ما أصبت فيه، كما لن يضرني ما أخطأت فيه، لكني أتمنى أن أترك خلفي ثمة نفعا للناس من بعدي.
05 - 06/09/2023



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دين لاديني ناف للأديان ومتصالح معها 3/4
- دين لاديني ناف للأديان ومتصالح معها 2/4
- دين لاديني ناف للأديان ومتصالح معها 1/4
- أيقتل العراق بقتل رافديه ونحن ساكتون
- الدفاع عن الأقليات المقموعة واجب إنساني أخلاقي
- اعتزالي السياسة ما يترتب عليه ولماذا
- مع زهير كاظم عبود في إدانة جريمة حرق القرآن ٣/٣
- مع زهير كاظم عبود في إدانة جريمة حرق القرآن ٢/٣
- مع زهير كاظم عبود في إدانة جريمة حرق القرآن ١/٣
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٢
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦١
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٦٠
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٩
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٨
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٧
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٦
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٥
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٤
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٣
- القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٢


المزيد.....




- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - دين لاديني ناف للأديان ومتصالح معها 4/4