|
صدام حسين عميل منذ نعومه مخالبه
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1729 - 2006 / 11 / 9 - 11:51
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كتابة : ريتشارد سَـيْـل ترجمة وإعداد : سعدي يوسف
قبل أيامٍ حكمَ الأميركيون على صدام حسين بالإعدام شنقاً حتى الموت ، لكن هذا الرجل كان في الماضي معتمَدَ دوائرِ الاستخبارات الأميركية في مكافحة الشيوعية ، التي استخدمته لأكثر من أربعين عاماً ، حسب ما يقول الدبلوماسيون وموظفو الاستخبارات الأميركيون . يظن كثيرون أن صدام حسين تعاونَ مع وكالات الاستخبارات الأميركية في بداية الحرب العراقية – الإيرانية ، في أيلول 1980 . لكن هؤلاء الموظفين يعودون بعلاقته إلى العام 1959 ، حين كان واحداً من زمرة ستة شبّانٍ كلّفتهم المخابرات المركزية الأميركية اغتيالَ رئيس الوزراء العراقي ، آنذاك ، االزعيم عبد الكريم قاسم . عبد الكريم قاسم ، في 1958 ، كان أطاحَ النظام الملكي . قبل ذلك كان العراق يُعتبَر منطقة عازلةً وهامّةً استراتيجياً في الحرب الباردة . وقد انضمّ العراق في أواسط الخمسينيات إلى حلف بغداد المعادي للسوفييت ، الذي كان عليه الدفاع عن المنطقة . أمّا أعضاء الحلف الآخرون فهم تركيا وبريطانيا وإيران وباكستان . لم يهتمّ أحدٌ كثيراً بنظام عبد الكريم قاسم ، إلاّ حين أعلنَ الانسحاب من حلف بغداد ، في العام 1959 . وتابعت واشنطن بامتعاضٍ ، شـراءَ قاسمٍ السلاحَ من الاتحاد السوفييتي ، واستيزارَه شيوعيين في مواقع ســلطة حقيقية ، كما قال موظف أميركيّ سابق في الخارجية . وقد أدى ذلك إلى أن يصرح مدير الـ "سي . آي . أيه " ألن دالاس بأن العراق هو " أخطر بقعة في العالم " . في أواسط الثمانينيات ، أخبرَ مايلز كوبلاند ، رجلُ العمليات في المخابرات المركزية ، وكالةَ الصحافة الدولية أن السي. آي .أيه كانت لها " علاقة وثيقة " مع حزب البعث ، وكذلك مع أجهزة الزعيم المصري جمال عبد الناصر السرية . وقد أيّد روجر موريس ، الموظف السابق في مجلس الأمن القومي ، في السبعينيات ، هذه المعلومة ، قائلاً إن السي. آي .أيه اختارت التعامل مع حزب البعث الفاشستيّ المعادي للشيوعية ، أداةً بيدها . وحسب مصدرٍ سابقٍ آخر في الخارجية الأميركية ، أصبح صدام ، وهو لايزال في عشرينياته المبكرة ، جزءاً من مؤامرة أميركية للتخلص من عبد الكريم قاسم . ويقول هذا المصدر أن صدام حسين وُضِعَ في شقة ببغداد ، على شارع الرشيد ، تواجه ، مباشرةً ، مكتب قاسم في وزارة الدفاع ، لمراقبة تحركات هذا الأخير . يقول عادل درويش ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط ، ومؤلف " بابل غير المقدسة " Unholy Babylon ، إن هذا الأمر جرى بمعرفة تامة من السي.آي .أيه ، وإن مَن كلّفته السي .آي.أيه بمتابعة العلاقة مع صدام حسين كان طبيب أسنانٍ عراقياً يعمل لصالحها ولصالح الاستخبارات المصرية . النقيب عبد المجيد فريد ، مساعد الملحق العسكري بالسفارة المصرية ، في بغداد ، كان يزوِّد صدام حسين مالاً ، وهو مَن دفعَ إيجار الشقة من حسابه الخاص . وقد أيّد ثلاثة موظفين أميركيين كبار سابقين هذه المعلومة . موعد الاغتيال حُدِّدَ في السابع من تشرين أول ( أكتوبر ) 1959 ، لكن المحاولة باءت بالفشل الذريع . وقد اختلف الناس في أسباب الفشل ، موظف سابق في السي. آي .أيه قال إن صدام حسين ذا الإثنين والعشرين عاماً فقد أعصابه ، وشرع يطلق النار قبل الأوان ، مسبباً مقتل سائق قاسم ، وجرحَ قاسم في كتفه وذراعه . درويش أخبر وكالة الصحافة الدولية أن أحد أفراد الزمرة كانت ذخيرته لا تناسب بندقيته ، وأن آخر انحشرت قنبلته اليدوية في بطانة سترته . نجا قاسم من الموت ، وأصيب صدام حسين بجرح في فخذه سبّبَـهُ زميلٌ له في زمرة الاغتيال . هرب إلى تكريت بمساعدة عملاء المخابرات الأميركية والمصرية . بعدها ، اجتاز الحدودَ إلى سوريا ، ونقلته المخابراتُ المصرية إلى بيروت . وطيلة إقامته في بيروت ، دفعت المخابرات المركزية الأميركية إيجار شقّـته ، وأدخلته في دورة تدريب قصيرة ، ثم ساعدته في الانتقال إلى القاهرة . موظفٌ حكومي أميركيّ سابقٌ ، كان يعرف صدام حسين آنذاك قال : حتى ذلك الوقت ، لم يكن شيئاً ، كان شقيّاً ، قاطعَ رقابٍ ، He was a thug- a cutthroat . في القاهرة سكن صدام حسين ، شقةً ، في حيّ الدقّي الغالي ، وكان يقضي وقته في لعب الدومينو بمقهى الإنديانا تحت مراقبة رجال المخابرات الأميركية والمصرية . يقول موظفٌ أميركي كبير سابق : " في القاهرة ، كنت أذهب ، غالباً ، إلى مقهى غروبي ، في شارع عمـاد الدين باشا ، وهو مكان أنيق ، يرتاده الموسرون . صدام لن يكون حضوره مناسباً هناك . الإنديانا ملعبُـه " . لكن صدام حسين ، في تلك الفترة ، كان يزور كثيراً ، السفارة الأميركية ، حيث خبراء السي. آي .أيه مثل مايلز كوبلاند ، ومسؤول المحطة جيم إيجلبرغر ، يقيمون هناك ، ويعرفون صدام حسين . بل أن رجال السي. آي .أيه المكلفين بأمر صدام دفعوه إلى أن يطالب المخابرات المصرية بزيادة مخصصاته المالية ، وهو أمرٌ لم يعجب المصريين ، لأنهم يعرفون علاقته بالأميركيين . في شباط 1963 قُتِل عبد الكريم قاسم في انقلابٍ بعثيّ . كانت السي.آي.أيه وراء الانقلاب ، وقد كان الرئيس الأميركي جون كنيدي وافقَ على الأمر . في البداية ادّعت المخابرات الأميركية أنها فوجئت بالأمر ، لكنها سرعان ما شمّرت عن أذرعتها ، وزوّدت البعثيين وحرسهم القومي ذوي الرشاشات قوائمَ بأسماء الشيوعيين ، فتعرّض هؤلاء للسجن والاستنطاق والقتل ، في جنون من إعداماتٍ سريعة . أمّا القتل الجمعيّ فكان يتمّ في " قصر النهاية " بإشراف من صدام حسين . قال موظف سابقٌ في وزارة الخارجية الأميركية : " بصراحةٍ ، كنا مبتهجين للتخلص منهم . أنت تريد لهم محاكمة عادلة ؟ هل أنت تمزح ؟ " . في ذلك الحين صار صدام حسين ، رئيس " الجهازِ الخاص " ، جهازِ المخابرات السري لحزب البعث .
لندن 8.11.2006 ــــــــــــــــــــــــــ
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هديّةٌ صباحيّة
-
الشيوعي الأخير يقرأ أشعاراً في كندا
-
الشيوعيّ الأخيرُ يعدِّلُ في النشيدِ الأممي ّ
-
في البحر الكاريبيّ ، في يوم ٍما ...
-
الشيوعيّ الأخير يعود من الشاطيء
-
تأطيرُ المثقفين العراقيين في الخارج استعماريّاً
-
شهادةُ جنسيّةٍ
-
سيمفونيات ناقصة حقاً ....
-
مَن وراء الهجوم على السفارة الأميركية في سوريا ؟
-
ارتِباكٌ
-
ابنُ عُمان وأميرُها
-
الجيش الأميركي يصعِّد المواجهة مع الميليشيا الشيعية
-
الشيوعيّ الأخير يشعل عودَ ثقّابٍ
-
هل تخطط الولايات المتحدة لانقلابٍ في العراق ؟
-
حفْرُ البئرِ المطويّة
-
حوار مع الشاعر العراقي: سعدي يوسف - وليد الزريبي
-
الشيوعيّ الأخير يدخلُ في النفَق
-
قرنٌ أم نصفُ قَرنٍ ؟
-
العودة إلى عصور الظلام
-
الشيوعيّ الأخير يتعلّم الهبوطَ بالمظلّة
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|