أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد السعد - صدام- الشخص والنموذج














المزيد.....

صدام- الشخص والنموذج


أحمد السعد

الحوار المتمدن-العدد: 1729 - 2006 / 11 / 9 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأخيرا صدر الحكم على صدام بالأعدام شنقا حتى الموت وضد ارادته التى عبر عنها بانه يريد ان يعدم رميا بالرصاص على افتراض انه عسكرى دون ان يسأل نفسه هل كان عسكريا حقا ومن اعطاه رتبه العسكريه ونياشينه وأوسمته وميدالياته التى استحقها عن حروب خاسره وهزائم متلاحقه لكن ليس هذا هو المهم ! صدام انتهى كشخص منذ ان عثرت عليه قوات الأحتلال قابعا فى جحره تحت الأرض وأستسلم بذل لغزاة بلاده ومسقطى عرشه ، لكن السؤال المثار الآن هل انتهى صدام كنموذج وكمثال وكظاهرة ميزت تاريخ العراق الحديث وطبعت بطابعها القاتم ملامح مرحلة مهمه كان يفترض ان تكون مرحلة الأنطلاق الأقتصادى والثقافى والتنموى لتصل بالعراق الى ما وصلت اليه بقية دول المنطقة 0؟
صدام حسين لم يكن مجرد طاغيه ، بل كان مؤسسه رهيبه متكامله تستمد وجودها من الخوف الذى زرع فى قلوب الناس ، هذا الخوف الذى كان هو سلاح صدام ليبقى فى السلطه كل تلك المدة ويمارس بحرية تامه عملية تدمير العراق وجره الى وضع لا يحسد عليه من ضياع للثروات البشرية والماديه وتشتيت ابناءه وأضعاف قدراته العسكرية والاقتصاديه الى ان اوصله الى حافة الانهيار مما جعله لقمة سائغة للمحتل الأمريكى ليمرر بغزوه ايجندته الخاصه فى المنطقة 0
لقد اوجد صدام شرخا كبيرا بين ابناء الوطن الواحد وأوجد مشاعر للكراهيه والأزدراء والحقد والتباغض بين ابناء الشعب الواحد فلجأ الى تفتيت المجتمع العراقى ليسهل عليه اخضاعه تدريجيا فضرب القوى السياسيه والنقابات والتنظيمات الأجتماعية والمهنيه ثم التفت الى العشيرة فاضعف العشيرة العراقية وجاء بمن يضمن تعاونه مع الأحهزة الحزبية والأمنيه ووضعهم شيوخا للعشائر وأعطاهم درجات حزبية وأوكل اليهم مهمة تسليم ابناء عشيرتهم من الفارين من الخدمة او المنتمين الى الأحزاب والقوى السياسيه والدينية ثم اتجه الى العائلة العراقية فافسد عقول الأبناء وزرع فى ادمغتهم مفاهيم تكرس الروح الشوفينية والطائفية والعنجهية الفارغة وشعر الناس بأنهم مشتتون مبعثرون فى الأقبية المظلمة ملاحقون فى لقمة عيشهم مطاردون محرومون من ممارسة العمل والأرتزاق ، وشعر الوطنيون فى السجون والمعتقلات بأن الحياة انتهت ولن يجدوا ما يخرجون من أجله 0 صدام كان عقلية مريضة مدمرة حاقده على البشر تسلطيه يسكنها الشك والوهم والوساوس فلم يثق بأقرب الناس اليه 0
صدام انتهى كأنسان وكشخص ولكنه لم ينته كظاهرة وسلوك وممارسه وثقافه ، صدام يتكرر الآن فى عراق ما بعد صدام بوجوه وملامح جديده ولكن ذات الروحيه وذات الممارسه وذات الثقافه ثقافة الأقصاء والتشكك والأرتياب ونصب الشباك وتصيد الأخطاء والتسلق على الأكتاف وتحويل الهزائم الى انتصارات وقمع الرأى الآخر والتى تصل حد القتل 0 الممارسة ذاتها ، ذات الأستئثار بالسلطه والثروه والقوة والتشدق بالشعارات الوطنيه 0 سيموت صدام وسيخلف وراءه جيشا من الأبناء غير الشرعيين الذين رباهم على قيمه ، قيم العنف والغدر والجريمة ، قيم العجرفة الفارغة وترديد الهتافات والشعارات ، قيم حب الذات والنرجسيه التى تصل حد العبادة 0
أفرازات المرحلة الصدامية فى حياة العراقيين لازالت تتجلى فى نفسية الأنسان العراقى وفى طبيعة تفكيره ، فى مزاجيته ونرجسيته وأنانيته ، فى حبه للظهور والقفز على المراحل للوصول السريع الى الغايات ، فى تفاهة المحتوى
وخواء الداخل ، فى ضحالة الثقافة والأطلاع وسطحية التفكير ، فى التزمت والتمسك بالرأى حتى لو كان خطأ ، فى النظرة الدونية الى الآخرين والتسلط عليهم، فى حب القوة والسلطه والتهافت على المنصب والتسيد على الآخرين ، فى ممارسة العنف لمجرد العنف وأستعراض العضلات اللسانيه والجسمانيه ، فى أجترار الماضى والتغنى بأمجاد وهمية
وأنتصارات ليس لها وجود ، فى التمسك بمعتقدات لم تعد لها قيمة ومغالطة الحقائق والمعطيات ، فى انعدام النظرة الموضوعية الى العالم والحياة وتهميش الأمور الأساسيه والجوهرية والتمسك بالمظاهر الخاويه والشعارات الجوفاء التى عفا عليها الزمن 0 كم من الوقت نحتاج لكى نتحرر من هذه العقده التى سكنتنا عشرات السنين وتطبعنا عليها ؟ وكيف سنخلص اطفالنا منها ونفتح أعينهم على القيم الصحيحة التى تمنينا دائما ان تسود مجتمعنا الطيب ؟ وهل نستطيع فى ظل كل التناقضات التى يشهدها الشارع وكل المآسى والدماء والخوف ؟ معاول الهدم لازالت تهوى على ما تبقى للعراق من مدنية وتحضر وتأتى على كل قيم الجمال والحب والفن والأصاله لتحل محلها قيم الخوف والرعب والظلام
قيم الممنوع والحرام والعيب ليجثم فوق صدورنا كابوس جديد اكثر ظلامية من كل عهود الظلام التى مر بها العراق
وكم نحتاج من الوقت لنعيد علاقات شعبنا بالشعوب المجاورة ونقيم علائق حسن الجوار والمصالح المشتركه ونزيل الأحقاد والحساسيات ونجعل انساننا كريما يحمل له الآخرون التقدير والأحترام بدل ان يكون متسربلا فى مدن الغربة ضحية للمعاملة السيئة والازدراء 0؟



#أحمد_السعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطيه فى العراق بين تهكم بوتين وحذاء المشهدانى
- أيام المزبن وأيام اللف فى حياة العراقيين
- فنان الحرية - فؤاد سالم .. لك الحب وأنحناءة التقدير
- ils
- فاوست وهاملت - وجهان لتطور الفكر البرجوازى-
- مكارثية الثيوقراط الجديده
- الأنسان- المدينة- التاريخ قراءة فى قصائد الشاعر كاظم اللآيذ( ...
- العملية السياسية الجارية ومستقبل العراق
- مداخله مع حوارات سابقه
- الحديث عن حكومة انقاذ وطنى عجل فى تشكيل الحكومة العراقية
- بعد خط الشروع
- فى ذكرىالرابع عشر من نيسان
- تجربة أمريكية فاشلة
- حول الذكرى السنوية ليوم المرأة العالمى
- نحن والجعفرى وأنفلونزا الطيور
- جيش الحسن الصباح يطبق على بلاد السواد


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد السعد - صدام- الشخص والنموذج