|
في الدين والقيم والإنسان.. (16) /
بنعيسى احسينات
الحوار المتمدن-العدد: 7724 - 2023 / 9 / 4 - 22:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الدين والقيم والإنسان.. (16) (تجميع لنصوصي "الفيسبوكية" القصيرة جدا، من دون ترتيب أو تصنيف، التي تم نشرها سابقا، أود تقاسمها مع القراء الكرام لموقع الحوار المتمدن الكبير المتميز).
أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
على العالم الإسلامي، أن يتخذ من الدين الإسلامي، روحه الذي يحيى به، ويجعل من العلمانية إنسانيته، ومن اللبرالية اقتصاده، ومن الاشتراكية مجتمعه. فالعلمانية واللبرالية والاشتراكية، لا تزيد أو تنقص من الدين الإسلامي، ما دامت لا تتدخل في شئونه الداخلية؛ كحرية التدين، وتطبيق القضايا المتعلقة بمدونة الأسرة.
إن العالم اليوم كله، بدياناته المختلفة، وبمذاهبه المتنوعة، وباتجاهاته المتعددة، يحتاج إلى روح الدين، من حيث حرية المعتقد فردا وجماعة. وإلى الإنسانية، من حيث شمولية القيم. وإلى الليبرالية اقتصاديا، وإلى الاشتراكية اجتماعيا. فهكذا تُقدس الديانات، وتُحترم القيم الإنسانية، وتتحرر المنافسة الاقتصادية، وتُعمم الاشتراكية الاجتماعية.
إذا كان الإسلام يرفض الوساطة بين المؤمنين وخالقهم في الديانات السماوية، فكيف يتم قبولها في الإسلام باعتبار "لا رهبانية في الإسلام"، من خلال تدخل رجال الدين، في كل صغيرة وكبيرة بين العباد وربهم، وبإيعاز السلطة الحاكمة في غالب الأحيان؟ لقد كذِبوا على النبي (ص)، وحملوه ما لا طاقة له به، لخدمة السياسية وحكامها.
في القرون الوسطى، يعمل رجال الكنيسة على تعيين الملوك. ومع تطور نظام الحكم، تقلص نفوذ الكنيسة. في حين في العالم العربي الإسلامي، تم إخضاع سلطة الدين للسلطة السياسية؛ إذ يجري تعين المفتي العام ورئيس العلماء وشيخ الإسلام، في معظم الدول العربية الإسلامية، لضمان الغطاء الشرعي لأنظمة الحكم فيها.
لقد ضيع المغرب، وقتا طويلا وكبيرا في تقليد المشارقة والأخذ منهم، باعتبارهم قدوة لا مناص منها. فكل ما يأتيه من المشرق والشرق مضر ومسيء، سواء كان ذلك علما أو فقها أو ثقافة أو فنا، أو أي كان حتى ولو كان مناخا. على سبيل المثال لا الحصر، موجة "الشركي"، التي تخنق الساكنة، بحرارة مفرطة صيفا.
إن المغاربة ينزعجون بكل احتقار وإنكار، من كل ما هو محلي أصيل، لأن "مطرب الحي لا يطرب". فكل ما هو أجنبي مرغوب فيه، سواء كان من الشرق أو الغرب. فهذا يعود إلى الشعور بالنقص والدونية، الذي تم بثه فيهم عن طريق التربية والتنشئة الاجتماعية. وقد ينطبق هذا على اللغة والثقافة والفن، وأيضا على الأشياء الاستهلاكية.
إن العقل الديني في العالم العربي الإسلامي، حكم على نفسه منذ التدوين، بالعزلة والتخلف الفكري. فرجال الدين يرفضون العقلانية والفكر النقدي، ويحتكرون المعرفة بالمطلق. مما أدى إلى ضعف المؤسسات الدينية علميا وتفتحا، لأنهم ألصقوا القداسة بالماضي والسلف. فالمثقف المتفتح مهدد، لو حاول المساس بالمقدسات من تراث وسلق.
من نتائج القراءة المعاصرة للذكر الحكيم حسب الدكتور شحرور: الدين لا يملك أداة الإكراه، لكن الدولة تملكها. الدين يحرم ويأمر وينهى لكنه لا يمنع؛ أما الدولة فتأمر وتنهى وتمنع لكنها لا تحرم. يمكن فصل الدين عن السلطة، لكن لا يمكن فصله عن المجتمع. فسلطة الدين مرجعيتها الضمير، وسلطة الدولة مرجعيتها القانون.
يرى د. شحرور أن الدين حدد الحرام، والقانون ينظم الحلال. الحرام شمولي أبدي، لكن القانون المنظم للحلال مرحلي متطور. التنزيل الحكيم ختم المحرمات؛ أما السنة النبوية مارست تنظيم الحلال، ولا تحمل الطابع الشمولي الأبدي ولا يقاس عليها، ولا يوجد لما يسمى وحيا ثانيا، ولا ما يسمى عصمة الأئمة. أما سنة الرسول هي مستقبلة للوحي ومبلغة له.
إن العالم العربي الإسلامي اليوم وقبل أي وقت مضى، ليس في حاجة إلى إصلاح سياسي، ولا إلى مؤسسات مجتمع مدني. بل هو في حاجة أولا وقبل كل شيء، إلى إصلاح فكري وديني وثقافي. وإلى الاجتهاد في خلق الإبداع الفقهي المتجدد، لتفعيل ما عندنا من مؤسسات موجودة، لمسايرة الواقع المتطور، بكل إيمان ومسؤولية.
ما ليس موجودا في الماضي، لا حق له في الوجود في الحاضر والمستقبل. هذا منطق شيوخنا وفقهاؤنا اليوم. بمعنى أن عصر الأنوار وراءنا لا أمامنا. إنه تكريس لأخلاق السلف ولأفكارهم وسلوكياتهم. رغم أنهم يستعملون التكنولوجيا الحديثة، التي هي من إنتاج وصنع ما يطلقون عليهم الكفار. لذا كان يحكمنا الأموات لا الأحياء.
إن العمل الصالح، الذي بدونه لا يستقيم الإيمان بالله واليوم الآخر، ضمن الإسلام كدين واحد للعالم. هذا العمل الصالح، يقوم على تجنب المحرمات الأربعة عشر، التي اكتملت مع محمد (ص). والأوامر والنواهي العشرة، التي تنتهي بالأخلاق العامة. لكن ما يلاحظ عند جل المسلمين، هو التركيز على الشعائر، وإهمال العمل الصالح بجميع مكوناته.
إن رضا الله، ليس محصورا في جيل الصحابة، بل الله راض على كل من آمن به وقام بالعمل الصالح، مهما كانت ملته الدينية في كل زمان ومكان. لأن أساس الإسلام هو الإيمان بالله والعمل الصالح، الذي به تتحقق خيرية الإنسان. لأن الإيمان بالله يتجلى في محبة الإنسان لله ورغبته في التقرب إليه، والفوز برضاه.
إن الممارسات الدينية هي مسألة خاصة وشخصية، لأن العلاقة مع الله علاقة فردية مباشرة لا تحتاج إلى وسطاء من أي نوع كان. فالدين لا يملك أداة إكراه على الناس، مرجعيته الأساسية الضمير لا غير. فالإنسان حر ومخير في طاعته وعصيانه، فهو بعيد عن ممارسة الإكراه، ما دام لا يمس حرية الآخرين، ولا يعتدي على الغير.
وثنية الدين لا تختلف كثيرا، عن الوثنيات خارج الدين، القديمة منها والحديثة. اليوم هذه الوثنية أكثر انتشارا من غيرها في العالم الإسلامي. نجد من بينها بعض السلف وبعض الأئمة وبعض الفقهاء وغيرهم كثير، قد تحَولوا إلى أوثان وأصنام تُقدس وتُعبد أكثر من الخالق، حيث أصبح الناس يخشونهم أكثر من خشيتهم لله عز وجل. يقول د. شحرور: "إن الإسلام دين رحمة وتسامح. إنه دين تعايش مع الآخر في سلام وطمأنينة، في إطار أخلاقي يسمح للجميع بالتمتع بكامل حريتهم وكرامتهم الإنسانية. لأنه دين عالمي يستوعب الإنسانية جمعاء لقوله تعالى: "يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثىٰ وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم إن الله عليم خبير". (الحجرات 13 ).
أن تكون مسلما بمعنى أن تكون مؤمنا بالله واليوم الآخر وتعمل صالحا. هنا تشترك في الإسلام، الذي هو دين الله الواحد من نوح إلى محمد (ص)، مع كل الديانات السماوية بأنبيائها ورسلها. لكن أن تكون مسلما ومؤمنا في آن واحد، هو أن تؤمن بالرسالة المحمدية وبكل ما سبقها، والتباع الشعائر التي أتى بها خاتم الأنبياء والرسل ومارسها.
يتحدثون عن الإجماع في حياة المسلمين، بالنسبة للصحابة والأئمة والشيوخ. لكن لا نجد في الإجماع هذا أي اتفاق يذكر، حيث لا ذكر لكلام الله فيه. فالإجماع الحق، هو حول كتاب الله وحول العبادات، المرتبطة بأركان الإسلام الخمسة، التي لا خلاف حولها، بين السنة والشيعة، وبين الأئمة الأربعة والتابعين لهم. فما عدى هذا، فالاختلاف واردٌ ومقبول.
جل حكام العرب يؤدون اليوم الجزية للغرب والأميريكان وإسرائيل، من أجل حمايتهم والبقاء في السلطة. لقد كان أجداد هؤلاء يؤدون الجزية سابقا للمسلمين، عندما كان لهم شأنا وصولة في العالم. واليوم جاء دور حكامهم، ليؤدوا الجزية صاغرين للغرب، للحفاظ على كراسيهم، مقابل خيرات بلدانهم والسكوت عن تجاوزاتهم مع شعوبهم.
#بنعيسى_احسينات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الدين والقيم والإنسان.. (15)
-
مختلفات خاصة منها وعامة 17..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 16..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 15.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 14..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 13.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 12.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
حول المغرب والصحراء والجزائر 6.. (من منظور مغربي) / أذ. بنعي
...
-
حول المغرب والصحراء والجزائر 5.. (من منظور مغربي)
-
مختلفات خاصة منها وعامة 11.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 10.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 9.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 8..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 7..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 6..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 5.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 4..
-
مختلفات خاصة منها وعامة 3.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 2.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
-
مختلفات خاصة منها وعامة 1.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب
المزيد.....
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|