أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - علي الراعي.. أحد أهم النقاد العرب في القرن العشرين















المزيد.....

علي الراعي.. أحد أهم النقاد العرب في القرن العشرين


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 7722 - 2023 / 9 / 2 - 11:14
المحور: سيرة ذاتية
    


كتب للمسرح حوالي 51 كتابا واتخذ من النقد وسيلة وطنية واجتماعية

الناقد الدكتور علي الراعي (1920-1999)، أحد أهم النقاد العرب في القرن العشرين وصاحب الرؤية النقدية التي كان لها أثر واضح في تطور الحركة الأدبية والمسرحية في مصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولد الراعي في مدينة الإسماعيلية، في مجتمع مفتوح مليء بثقافات متعددة، حيث كانت المدينة في تلك الفترة تسكنها جنسيات مختلفة، مما كان له أثر واضح في شخصيته بعد ذلك في مراحل عمره المختلفة. عيد عبدالحليم، الكاتب والإعلامي ورئيس تحرير مجلة «أدب ونقد المصرية» كتب مقالا بجريدة «مسرحنا» عدد مايو 2022، يذكر فيه، كان (الراعي) من طفولته صاحب نظرية ذهنية متوقدة منفتحة على الفنون المتنوعة، وكان انتقاله إلى القاهرة، عام 1937 ليلتحق بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وفي أثناء الدراسة الجامعية ظهر اهتمامه بالمسرح العالمي، خاصة المسرح الإنجليزي، وعندما تخرج عام 1944 سافر إلى إنجلترا في منحة دراسية من جامعة برمنجهام، أتم خلالها رسالة الدكتوراه عن مسرح برنارد شو.

تنوعت اهتمامات الراعي الثقافية، حيث بدأ بالعمل في الإذاعة المصريه كمقدم برامج. كما قام بالتدريس بالجامعة، ورأس هيئة الموسيقى والمسرح في بوزارة الثقافة المصريه في الستينيات، كما أنشأ أول فرقة شعبية في مصر. في تلك الفترة بدأت الرؤية النقدية لدى الراعي تتخذ مسار التأكيد على الهوية، من خلال الاهتمام بكل الفنون ذات البعد الحضاري سواء كانت فنون شفاهية أو مدونة، نرى ذلك واضحا في توجهاته الصحفية حين تولى تحرير مجلة المجلة عام 1959، فظهرت رؤى جديدة على الثقافة المصرية ودراسات شعبية لأحمد رشدي صالح وعبدالحميد يونس، وهي دراسات تؤكد وتبرز الموروث الشعبي، وتجاورت هذه الدراسات مع مقالات طه حسين ومحمد مندور والعقاد وزكي نجيب محمود وعثمان أمين. وعن هذا التوجه يقول عبدالحليم، ربما كان نتيجة للظروف السياسي والثقافي الذي وجد مع ثورة يوليو 1952، حيث وجدنا معظم الأشكال الإبداعية تنحو هذا المنحى، بمعنى الاستفادة من الموروث الشعبي، وكذلك توظيف التراث في الأعمال الإبداعية، مع وجود إسقاطات للواقع المعاصر.

«الكوميديا المرتجلة» و«فنون الكوميديا» و«مسرح الدم والدموع»، هذه الكتب الثلاثة -تحديدا- عند صدورها أحدثت ضجة هائلة ما بين مؤيد ومعارض، ففي حين أكد د. لويس عوض في مقال مطول بجريدة الأهرام أن كتاب «الكوميديا المرتجلة» أهم ما ظهر في حقل الدراسات المسرحية، إلا أنه أخذ على مؤلفه، وكان معه في هذا الرأي توفيق الحكيم ونعمان عاشور، أن الكتاب يسعي إلى سحب البساط من تحت قدمي المؤلف ويقدمه هدية غير مستحقة للمثل. بينما رأى البعض أن الكتاب محاولة لإفساح المجال الأوسع أمام المسرح كفن متعدد الروافد، مع الاهتمام بتنمية قدرات الممثل، من خلال الأداء باللفظ والحركة والصوت، وضرورة مشاركة الممثل في بناء النص المسرحي، من خلال مشاركته في ورش التدريب على الكتابة المسرحية. أما كتابه المهم (المسرح في العالم العربي) والذي صدر عن سلسلة عالم المعرفة بالكويت، فاستعرض فيه تاريخ ونشأة المسرح في عدد من البلاد العربية مثل المغرب والجزائر وليبيا وسوريا ولبنان والكويت التي عمل فيها لفترة أستاذا للمسرح في جامعتها، وكان له دور مع عدد من الفنانين المصريين في تطوير المسرح الكويتي. ومن وجهة نظر الناقد الراحل د. سيد البحراوي أن علي الراعي حاول أن يبحث عن أصول درامية في الأشكال الشعبية التي رأى أنها امتدت لدى المسرحيين المعاصرين وخاصة في فن الكوميديا. كتب الراعي للمسرح حوالي 51 كتابا واتخذ من النقد وسيلة وطنية واجتماعية، وانحاز إلى الفن الجميل الذي يحمل الفكرة العميقة دون تجهم. وفي مجال القصة والرواية ترك حصادا كبيرا.

كتب أحمد بهاء الدين، تجنب التعالي على الناس بتقديم ما لا يفهمونه فيجعلهم يشعرون بالدونية والحيرة والغربة عما يشاهدون... فمن واجب المثقف المحظوظ أن يترفق بالناس وأن يأخذ بيدهم رويدا رويدا إلى عوالم الثقافة والفنون... وألا يستعرض عضلاته الثقافية فينصرف الناس عما يقدمه. وكما يقول الكاتب المصري سيد محمود، هذا بالضبط ما فعله علي الراعي، أول ناقد ثقافي عربي، عبر تعامله مع النقد بوصفه ممارسة ثقافية لا يمكن أن تتم بمعزل عن الناس. فالراعي، على حد تعبير، الكاتب خلف أحمد أبوزيد، واحد من أبرز النقاد المعاصرين، الذين تميزوا في نقدهم بالحس الوجداني والشفافية، في كل ما يقدمه، فهو ناقد من طراز فريد، وكاتب متعمق الثقافة، وصفه الدكتور شكري عياد أنه من طراز سنت بيف، وهازلت، وبريستلي ومورجان، وهو أيضا من طراز العقاد، والمازني، وطه حسين، ومحمد مندور، ومارون عبود، كل هؤلاء كانوا فنانين بالسليقة، ومعظمهم مارسوا فنون القص أو المسرح أو الشعر، أو جمعوا بينها وبين النقد. ويذكر محمود، يعتبر الراعي الكتابة من المهام التبشيرية التي تسعى للتبشير بالجمال كما تجسده القيم الإبداعية وعبر الأفكار والنظريات النقدية التي تبدو معقدة أمام القارئ العام بعبارات بسيطة وعذبة لها سلطة النفاذ إلى القلوب. وأجمل ما في كتاباته أن صاحبها امتلك الوعي بالنظريات، لكن هذا الوعي لم يكن مضطربا، ليشوش رؤيته بحيث تتحول إلى متاهة أو كتل خرسانية ينفر القارئ من التعامل معها، فهو يتعامل مع النقد كأداة اتصال. كانت مقالات الراعي في الأهرام وفي مجلة المصور قبلها، نافذة تسلط الضوء الأعمال الإبداعية وتضيء عوالمها ليسهل للقراء مهمة التواصل معها وتأمل طبقاته.

و في تقدير الراعي أن المهمة الرئيسية التي يختارها الناقد هي أن يؤدي دورا تنويريا وفي مجتمعاتنا التي تشكو من الأمية الثقافية تكون المسؤولية مضاعفة لأن دور الناقد يتم اختزاله في الوساطة بين مبدع النص ومستهلكه، لذلك عليه أن يمارس دوره بأمانة ومسئولية وبالكثير من الوعي بألا تنحرف كتاباته وتصبح شعبوية معدومة القيمة.

حين تناول المفكر والناقد الأدبي د. صلاح فضل، خطاب الراعي النقدي -نشر بمجلة العربي الكويتية عدد 490 الصادر في شهر سبتمبر 1999، أشار إلى أن خطابه النقدي أنشودة للبساطة، وخلاصة للروح التبشيرية التي وضعت النقد في خدمة الحياة الثقافية والإبداعية. ويرى فضل، كان الراعي أبرز ناقد احتضن مفهوم الفن الشامل الذي بذره توفيق الحكيم في ثقافتنا المسرحية المعاصرة، بحيث يتوازن الجانب الأدبي للنصوص المقدمة مع فنون الممارسة العملية والمهارات الحركية والتعبيرية ذات العروق الأصيلة. ومع أن رحلته الفكرية بدأت مع فيلسوف المسرح الإنجليزي الحديث (برنارد شو) في أطروحته للدكتوراه عنه، إلا أنه وعى جيدا الدرس الأول الذي لقنه إياه أستاذه (ألارديس نيكول) في جامعة برمنجهام، حيث حذره من التركيز على الجانب الفكري للفن فحسب، قائلا: «لا أريد أقرأ منشورا أيديولوجيا آخر عن برنارد شو» مما جعله يخصص بحثه لدراسة المؤثرات المشكلة للتقنيات الفنية، أي تلك العناصر الداخلية والخارجية التي تحدد أساليب العروض المسرحية من كلمة وحركة وضوء وإيقاع. كان الراعي شديد التمثل للوعي الشعبي والثقة في حصافته ونضجه، فهو يرى -مثلا- أن الأرض العربية لا تمنح الغذاء والنماء لجميع الأشكال الفنية على السواء فهناك -على حد قوله- (فنون يجود زرعها في بلادنا، وأخرى تنمو نموا متوسطا، وثالثة تعيش على الهامش، ورابعة تموت ونحن نزرعها، ويأخذ مثلا على ذلك فن الأوبرا، ما أكثر ما حاولنا أن نمد له جذورا بيننا، وما أقل ما حققته هذه المحاولات من نجاح. إن فن الأوبرا- في تقديره- مجاف لوجدان الشعب ولطريقته في الغناء والاستمتاع بالغناء، إن الشعب يرى طريقة الأداء في الأوبرا مصطنعة غربية، وبعضنا يراها مضحكة، ومن العبث أن نحاول بالزجر أو الإهانة أو الاتهام بالتخلف، إقناع الشعب بقبول مالا يقبله). يذكر الكاتب والشاعر شريف الشافعي، مع إيمانه بوظيفة الأدب ودوره المهم في إضاءة الإنسان وبناء المجتمع، كان الراعي مساندا للتجديد والجرأة والتجريب والعقلانية، فالحفاظ على الشخصية والهوية الثقافية لديه لا يعني التقوقع والانغلاق على الذات في عالم بات يتغير بسرعة، فالإبداع المثمر هو الذي يحرك الراكد، ويثير الدهشة والتأمل، ويتمرد الثوابت، ويخلخل الموازين والقوانين المستقرة.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم اجتماع أمريكي: أسباب الحرب الأهلية الأمريكية تعود اليوم ...
- التقرير العربي الثاني حول الفقر المتعدد الأبعاد
- الفساد.. مرة أخرى
- أفريقيا وتفكيك النظام العالمي أحادي القطب
- مكرم عبيد.. زعيم وطني يجسّد الخروج من مأزق الطائفية
- الفساد في الدولة البيروقراطية والديمقراطية
- عن اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
- الموسوعي حنا عبود
- وداعًا.. أحمد الشملان
- الذكاء الاصطناعي
- المصالح والتبعية تعرقل مساعي الأمم المتحدة
- حديث عن الثقافة والمثقفين
- مجدي الجزيري.. رحلة طويلة من الإبداع والدفاع عن التنوير
- عن العلاقة بين الثقافة والتعليم
- متغيرات وصراعات عالمية أفرزتها الحرب الروسية الأوكرانية
- السيد إمام.. الناقد والمترجم التنويري
- الجنوب العالمي يبتعد عن الغرب
- السودان بين صراع العسكر والأطماع الخارجية
- ماكرون.. هل يكسر طوق الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبي؟
- واقع الجامعات العربية


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - علي الراعي.. أحد أهم النقاد العرب في القرن العشرين