|
علوم دينية و علوم دنيوية
رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)
الحوار المتمدن-العدد: 7721 - 2023 / 9 / 1 - 10:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العلوم مختلفة و متنوعة في الحياة و مما لا شك فيه ان العلوم الدينية لها الاهمية القصوى في حياة البشر اذ انها تمنح المجتمع بحث الفضائل وترسيخها فيه وفق التعاليم الالهية التي نقلها الخالق سبحانه وتعالى الى البشر عن طريق انبيائه والمرسلين. اما العلوم الحضارية فهي لا تقل اهمية عن العلوم الدينية ، فهي علوم دنيوية يبحث فيها الانسان عن الحقائق و الفضائل و النعم التي وهبها الله سبحانه و تعالى الى الناس ، وما دام الانسان له العقل و الفهم و الادراك فأنه لن يستكين بدافع الفضول و حب المعرفة الى بحث وتسخير كل ما في الحياة لخدمة الانسان و البشرية ، وإن كان ذلك لا يتمتع دوما بالايجابية فواقع الحال ان كثير من نتائج العلوم سخرها الانسان بشكل اضر بالبيئة و البشرية و الحياة بشكل عام ، مع ذلك تستمر العلوم الحضارية الدنيوية بالتقدم و الاكتشاف في ما وفره الخالق للبشرية في الحياة و الطبيعة ، ففضول البشر و تطلعاتهم لفهم و دراسة وتحليل ما في الطبيعة لن يتوقف طالما الحياة مستمرة. اذن لدينا كفتين ، علوم دينية و علوم دنيوية حضارية ، و بداية لابد للتوازن بينهما وهذا ما تفعله كل المجتمعات ، اذ نجد ان هناك فئة تتفرغ للعلوم الدينية كي تمنع الانحراف عن القيم و الاعراف الدينية وكذلك تمنح المجتمع استمرارية الحفاظ على المسار الديني الذي وصل الى البشرية عن طريق الكتب السماوية ، وهو ما تقوم به المؤسسات الدينية مهما كان نوعها ، إذ انها من الثوابت في الحياة التي بنيت على خطى الاولين من العلماء و الفقهاء و المراجع والمفسرين و المجتهدين منذ الاف السنين ومستمرة بثوابتها الى يومنا هذا ، واجبها الاول و الاخير هو [تصحيح مسار البشرية وفق الثوابت الدينية] ، ولنضع تحت هذه العبارة خط اذ ان الحوار فيها متشعب جدا. لكن من جانب اخر فأن المؤسسات العلمية الدنيوية ... تعمل ايضا ... و بأستمرار ... وفي صنوف و مستويات متنوعة جدا تعكس الوجه الحضاري للمجتمع فلولاها ما كنا لنشهد التقدم و التطور في الزراعة والطب و التربية والتعليم والصناعة وما كنا لنصل الى ما وصلت اليه اليوم في العالم المتسع حولنا ، ذلك العالم الذي تشترك فيه كل البشرية ، رغم اننا ومع الاسف نضطر ان نقول بعد ان وصلنا الى حقيقة مؤلمة نعيشها في الزمن الحاضر في العراق . حقيقة مؤلمة في مجتمع يفترض انه حضاري و عريق منبعه اصيل يشهد له التاريخ و الامم الاخرى ويشهد له تراثه القديم و بقايا اثاره على الارض ، إذ يسلك المجتمع في العراق هذه اليوم بقياداته التي يبدو انها متفقة مع فئة كبيرة من الشعب ، ان تسلك مسلكا تبتعد فيه عن الحضارة الدنيوية و تسخر كل امكانات الوطن و الشعب للعلوم الدينية ، و يتسع بها بتفرعات و تنوعات تغطي كل مفاصل الحياة في محاولة لتبرير هذا التوجه وتأكيد اهميته ، لكن المصيبة ان ذلك يتم على حساب العلوم الحضارية التي ابتعد عنها كثيرا ، فكل المؤسسات في العراق تعمل بصبغة دينية وتهدف الى خدمات دينية وتعلي المظاهر الدينية ويترأسها معممين و علماء و فقهاء حتى فرغت المؤسسات الصناعية من الصناعة و قل التوجه الى الزراعة و تطويرها وكذلك في بقية القطاعات في العراق ( الصحة و التربية والتعليم و الصناعة و الزراعة وكذلك المؤسسات العسكرية وغيرها من مفاصل وهيكل الحكومة) ، فتطوير المؤسسات الدينية هي الاولى ويتداول بين الناس ان الطلبة العراقيين الدارسين للعلوم الدينية في ايران قد بلغ 140000 طالب وهو رقم مرتفع جدا ، ويعزى هذا الارتفاع الحاصل حصل بسبب الفضائح التي انتشرت عن الشهادات المزورة الممنوحة من جامعات دينية او غير دينية وهمية في لبنان . وبسبب هذه الفضائح قل التوجه الى لبنان وتحول الى ايران. بعد هذا العرض الذي قد يؤيده البعض و قد يختلف معه البعض الاخر او قد يطلق عليه صفة المبالغة في الوصف الا ان ذلك لن ينكر حصوله او يلغيه مهما حاول البعض لأن واقع الحال في العراق وما يعيشه الشعب هو الشاهد على هذا الوصف . نعود فنقول ، بعد هذا الوصف وهذا الحال في العراق الذي لن يختلف عليه اثنين ان المجتمع في العراق متجه الى التخلف عن الركب الحضاري وسيعيش حالة الغربة عن مسار العالم الحضاري في التقدم العلمي على الاقل ، كذلك في التقدم الصناعي و الزراعي و التربية و التعليم ، والسؤال المهم هل سيخدم ذلك المجتمع العراقي وهل سينقله الى حال افضل؟ يجب على العراقيين ان يجدو بانفسهم الجواب . فالعراقي اليوم عليه ان ينظر الى حاله ويقارن مفاهيمه مع مفاهيم الحضارة العالمية الايجابية ومستواه الفكري التعليمي والثقافي مع مستوى العلوم الحضارية في الحياة والعالم .
#رياض_محمد_سعيد (هاشتاغ)
Riyadh_M._S.#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل نتوقع وقوع كارثة
-
على من يقع اللوم ... كل اللوم
-
بين الواقع و الواقع الافتراضي
-
العراق وكأس العالم للشباب
-
من هو الأب
-
أي أجراس ستقرع
-
ألمٌ في العراق
-
أهلك سبب بلواك
-
العراق في المرآة
-
ياما في الشوارع مجانين
-
دهوك وضحايا غياب السيادة
-
هل اشتعل الفتيل
-
الخيار الصعب
-
الغيرة المشروعة
-
على ضوء قراءة فائق الشيخ علي لمسقبل العراق 2024
-
صباح عراقي
-
أعظم دولة في العالم
-
الحياة و القانون
-
اوكرانيا .. الأبنة المتمردة
-
ما وراء أزمة قرداحي
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في
...
-
الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|