شُطْآنٌ تَائِهَة

عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7714 - 2023 / 8 / 25 - 15:19
المحور: السياحة والرحلات
    

شاطئ كذا شاطئ محروس شاطئ غير محروس تعددت الأسماء والنعوت والصفات والمسميات هي هي بآلبصمات ذاتها بالمواضعات الملتبسة نفسها رغم سحر الجمال الفطري الذي وُهِبت به هذه المجالات آلريانة ... في عز الصيف، وفي وقت ذروة الاصطياف وتوافد سياح الداخل والخارج، يسيطر الرأسمال المتوحش على كل شيء دون يترك مساحة ولو مبتسرة لعين أو نَفَسٍ أو قلب يسترد فيها زفراته بدعة وسكينة دون تصيبه آفة من آفات الغزو الطفيلي الجارف الذي لا يبقي ولا يذر ...
على عتبة ( كيمادو ) الحسيمة (١) جعلتُ أتابعُ ما يروج في آلأسفل أين يطوق هول بولدينغ إسمنتي شاطئا صغيرا ضيقا آزداد حصاره بعشرات كراسي ميكا مشوهة الشكل واللون ومظلات شمس كسيفة معقوفة غير منسجمة مع جارات لها مهلهلة صُفَّتْ بشكل يضاعف تضييق المجال وحَجَب آلبحر المتوسط بأفقه السارح هنااااك عن مَنْ لم يسعفه حَظٌّ في آغتنام حيز يباشر المياه أو يلامسها ... بحدة أقل، نوعا ما، يقلد هذا الفضاء الرملي غيرَه من مجالات البر والبحر عبر الساحل المتوسطي، بفوضى عارمة أضحتْ عادة منتشرة في كل المصطافات البرمائية المتوسطية والمُحِي - أطلسية يغطس في أتونها بأريحية وُسطاء وسماسرة آستغلال آلاملأك العمومية دون كشف حساب قانوني أمام العموم (٢) ، مما يُصعب على البسطاء مناورة آرتفاع الأسعار المتعالية على جيوبهم المحدودة، فيرضون بمشاش الخلْف ( بتسكين اللام ) يتحيونه حينا من الوقت يخلسون من الزمان والمكان ما يخلسون ثم ينصرفون وفي حُلوقهم غصص لا بلسم يخفف لواعجها .. في كل المرات التي عاينتُ فيها المشهد، ألفيت الشاطئ لا يخلف موعده عن عاداته المتكررة التي تضارع أغلب شواطئ مدن الشمال : السعيدية / الناظور / تطوان / وادي لَاوْ / مارتيلْ / الفنيدق / المضيق / شواطئ طنجة / أصيلا / العرائش ... حتى مدينة شفشاون البرية لم تسلم من هذه الهيمنة للرأسمال الموغل في فوضاه ... لا شيء تغير ... السحن نفسها تتاجر في المجالات بعقلية البولدينغ الرابض في الخلْف، مع فارق في الحجم وكم رأس الفلوس المستغل هنا وهناك .. صنم هول الرأسمال المتوحش ترك مشاش عظام ما فضل من الأمكنة لمَن يطلق على نفسه ( أولاد الشعب / البوفريا / عامة الناس البسطاء ) وهؤلاء " تسامحوا " متعاطفين تركوا خلْف الخلْف لكل مَن لم يتواصل أو يتفاعل وهشاشة تجارتهم الوهمية ... كل هذا وغيره، يتم في سلالسة وسكينة ودَعة وتواطؤ يرعاه في كواليس الخفاء والعلن مَنْ يرعاه بمضاعفة إرهاق زائد عن الحاجة طيلة الوقت لرجال أمن ملزمين بحضور مكثف يعاينون عن كثب ما يحدث ولا يحدث دون أن ...

☆إشارات :

١_شطآن تائهة على وزن ( الملائح التائه ) عنوان قصيدة للشاعر الرومانسي ( علي محمود طه ) التي مطلعها :
أيّها الملاح قُمْ وآطوِ الشّراعا
لم نطوي لجّة اللّيل سراعا
جدّف الآن بنا في هينة
وجهة الشّاطئ سيرا واتّباعا
فغدًا يا صاحبي تأخذنا
موجة الأيّام قذفا واندفاعا
عبثا تقفو خطا الماضي الذي
خلت أنّ البحر واراه ابتلاعا
لم يكن غير أويقات هوى
وقفت عن دورة الدّهر انقطاعا
فتمهّل تسعد الرّوح بما وهم
تَ أو تطرب النّفس سماعا
ودع اللّيلة تمضي إنّها لم
تكن أوّل ما ولّى وضاعا

٢_شاطئ “ كيمادو / Quemado ” بمدينة الحسيمة شمال المغرب على شكل هلال معقوف بمساحة ضيقة مخصصة للسباحة والاستجمام العائلي وركوب قوارب ومراكب الكاياك

٢_السطو على الممتلكات العامة للدولة أضحى عادة منتشرة في مواسم الاصطياف البرمائي في الجبال والصحاري والبحار، ابتداء من أماكن الاصطياف نفسها الى مرائب ومواقع ركن العربات والمراكب البرية مرورا بمحلات البيع والشراء بجميع أصنافها، حتى المعالم السياحية المحلية العامة لم تسلم من سطو وضع اليد الذي تحاصر به الطفيليات رغبات السياحة الداخلية في التقاط صورة ما في مكان عمومي .. كل شيء أمسى بالمقابل والدفع مقدما ...

#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات