أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - سقطات الفلسفة البنيوية (3) محاورة جان بياجيه















المزيد.....

سقطات الفلسفة البنيوية (3) محاورة جان بياجيه


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 7713 - 2023 / 8 / 24 - 11:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


محاورة جان بياجيه
جان بياجيه 1889 – 1980 عالم نفس سويسري وفيلسوف, وقد وضع نظريته حول ما اسماه مراحل التطور المعرفي عند الاطفال. وعمل في الجامعة تدريسيا سنوات عديدة وله عدة مؤلفات تدور حول تطور نظرية المعرفة عند الاطفال. لم يكن بياجيه محسوبا على فلاسفة البنيوية الا ان له مداخلات تهم مباحث الفلسفة عموما منها مداخلته هذه حول الذات والنزعة الانسانية.
هنا نعيد قبل ان نعرض محاججة (جان بياجيه) حول أدعاءات كل من الماركسيين وسارتر المختلفتين حول (الذات,والانسانية) وتقاطع واختلاف سارترحول النزعة الانسانية الذي اشرنا له سابقا مع البنيوية في الحلقتين السابقتين, في تقاطع واختلاف الماركسية في فهمها النزعة الانسانية المصادرة فلسفيا عند كل من البنيويين وسارتر على السواء.
يذهب بياجيه في رده على نقد سارتر للبنيوية, وتأكيده أهمية محورية الذات الانسانية في فلسفته الوجودية, التي أتهم سارتر بها البنيوية العبور عليها ومجاوزتها
بافتعال غير مقبول او مبرر,فكان رد بياجيه :(ان الذات الانسانية التي يؤكدها سارتر لا تشيّد بناء العلم بحكم طبيعة عملها انها تجريدات لا شخصية , لا يمكننا الاستدلال عنها الا من خلال هذه التجريدات فقط)3 وليست هي (ذات) فاعلة يعتد بها من واقع تأصيل النزعة الانسانية كفاعل تنموي في مجرى الحياة.
هنا بياجيه في رده على سارتر يضع نفسه, بالمثل الدارج فاقد الشيء لا يعطيه, فاذا كانت الذاتية الانسانية عند سارتر تجريدات غير شخصانية,فالبنيوية لا تعتمدها وتلغيها هي اصلا ولا تعترف بها على لسان فوكو بشيء عياني تتمحور الفلسفة حوله وحول قضاياه ومشكلاته ذلك هو الانسان (كذات), وحتى على لسان شتراوس وفوكو فهما لا يقرّان بأن للانسان تاريخ حضاري أوصله الى مانعيشه اليوم.وان قضايا الانسان واحدة وتطلعاته لم تتغيرعبر العصور لذا يكون كافيا دراسة تاريخ الاقوام البدائية فقط لنفهم التاريخ البشري بمجمله, بمعنى تعميم منجزات الجزء على الكل.
ومن الجدير ذكره ان المفكر الكبير محمد عابد الجابري في دراساته وفلسفته القيّمة حول صياغته لمشروع عربي نهضوي استبعد البنيوية وتحفّظ على التسليم بالكثير من منطلقاتها , لانها وبحسب ادانته لها عملت على تعميم منجز الجزء على الكليات وهو سبب رفضه لها والاخذ بمجمل منطلقاتها الفلسفية.. البنيوية هي الفلسفة التي تنوعت مباحثها الاشكالية الفلسفية التي اثارتها وكانت جديدة على تاريخ الفلسفة في طليعتها التحول اللغوي ونبذ الابستمولوجيا ومحاربة الانسان بما هو كينونة تحتوي العقل والذات والمركزية. من المثير الانتباه ان البنيوية كفلسفة تشظّت نسقيا في مباحث متنوعة استنفدتها ميزتها انها فتحت امام الفلسفات اللاحقة عليها ابواب الاجتهاد المتحرر غير المنضبط بأية مرجعية حتى لو كان الانسان ذاته او العقل.
ويمضي بياجيه في التوضيح أكثر انه يوجد فرق كبيربين العلاقات الشخصية التي تختفي من خلالها الذات الانسانية, كنزعة فطرية (انسانية مجتمعية), وبين ما يطلق عليه بياجيه (الذات الانسانية في مجال المعرفة),وهذا بحسب بياجيه فرق كبير وهام,اذ يجد بياجيه ان التخلي عن الذات الانسانية في مجال المعرفة , انما يحررنا في تخلّينا عن اتجاهنا التلقائي في التمركز حول انفسنا, و(نتحرر من ذاتية العلاقات الشخصية, ولا يكون هناك بعدها للذات وجودا بوصفها ذاتا عارفة ,الا بمقدار ترابطاتها المتداخلة التي تتولد منها البناءات)4..
رد بياجيه هذا هو تفلسف تجريدي يتلاعب بالالفاظ خارج المنطق الفلسفي. اراد بياجيه فتح نفق التيه الفرداني في مرجعيته اعتماد الوجودية في بكر طروحاتها الاولية حول مركزية الذات التي تنكرت لاحقا لها ونبذتها. مركزية الذات التي رفعتها على حساب التيه المجتمعي الذي يعيشه الانسان المجموع.
ونكمل مع بياجيه توضيحه : ان البنيوية تفرق بين (الذات الفردية) التي لا تأخذ منها موضوعا للبحث الفلسفي على الاطلاق,وبين(الذات المعرفية) أي تلك النواة التي تشترك فيها الذوات الفردية كلها على مستوى واحد, وهي موضوع الفلسفة ان صح التعبير, كذلك تفرّق البنيوية بين ما تحققه الذات بالفعل, وبين ما يصل اليها وعيها,وهو محدود بطبيعته,وما تركّز البنيوية عليه هو اهتمامها بتلك العمليات التي تقوم بها الذات وتستخلصها بالتجريد من افعالها الذهنية العامة.5
ان ما يلاحظ على حجة بياجيه تجاه درء تهمة اغفال البنيوية النزعة الانسانية, ركيزة الفكر الفلسفي الماركسي انها لم تكن مقنعة بما فيه الكفاية, اذ عمد بياجيه باسلوب تجريدي صرف تفنيد مقولات فلسفية تاريخية علمية ومادية صلبة لا تزال تمتلك حراكها العملياني الواقعي المقبول ليس لدى الوجودية والبنيوية, وانما في الماركسية, فهي تمتلك حضورا انسانيا فاعلا في مجرى الحياة وتداخلها معها.ولم يكن بياجيه الوحيد الذي وقع بمطب التجريد الفلسفي المسرف في مناكفة وتضاد مع الماركسية حتى احيانا من دون تسميتها بصريح العبارة, اذ نجد ان (ألتوسير) كان أنشطهم وأبرزهم تأثيرا في نقده المادية التاريخية وكتاب راس المال كما اشرنا له سابقا من دون استطاعته الطعن في اعطاء البديل الافضل عنها..
لقد اجهد التوسير كتابة مؤلفه نقد راس المال ليخرج بحصيلة لا نقد حقيقي ماركسي او بنيوي جاد يحسب له انجزه ولا استطاع خلخلة اركان الماركسية الكلاسيكية التي لم تغادر خاصيتها الجوهرية انها تنطلق من الواقع نحو الفكر وليس كما فعل التوسير حين اراد تهديم العمود الفقري للماركسية كتاب راس المال بمعول الهدم التنظيري التجريدي. اي التوسير عالج الهجوم على راس المال من خارجه.
الكلام والكتابة في البنيوية
نشير الى ان البنيوية ترى ان الكلام يسبق الكتابة, وان الحقائق التاريخية تثبت ان اقدم نظام كتابي يرجع الى خمسة الاف سنة قبل الميلاد, وانه لا يمكن لأي مجتمع تاكيد وجوده الانطولوجي والمعرفي والحضاري من غير اللغة الكلامية,لذا يكون من المنطقي ان نفترض ان الكلام يرجع الى بداية ظهور المجتمع الانساني, وعلى العكس من البنيوية ترى التفكيكية ان الكتابة تسيق الكلام وان الكلام ولد من رحم الكتابة, وينعتون الكتابة بالعدم والكلام بالوجود ومنطقيا فالعدم يسبق الوجود.
هنا تحاول التفكيكية تبرير الخطأ بخطأ آخر اكبر منه. من حيث لا يمكن تخليق وجود من عدم سابق عليه. كما ان النص في الفلسفة التفكيكية يظل دائما يحمل عوامل اندثاره وتلاشيه في احشائه بحسب الباحثة والناقدة سارة كوفمان من رواد الفلسفة التفكيكية, وتجد ان التفكيكية تتعامل مع النص اللاهوتي المتعالي, بانه نص يحمل اسباب تفككه ومغادرته احتكار مركزية خطاب النص , الى ان تصبح حسب رأيها جميع النصوص نسبية الوجود ونسبية التلقي ومتعددة القراءات.كما ان الفيلسوف الانثروبولوجي جيمس فرايزر يذهب الى انه كما استطاع الدين ابطال عمل السحر, فان العلم في طريقه الى ابطال عمل لاهوت الدين.
الهوامش:
1.توضيح اكثر انظر,فؤاد زكريا,افاق الفلسفة صفحات 363-365
2. المصدر السابق ص 360
3.نفس المصر السابق ص 366
4. نفس المصدر السابق ص 368
5. نفس المصدر السابق ص 364



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقطات الفلسفة البنيوية (2) النزعة الانسانية
- سقطات الفلسفة البنيوية (1) التاريخ البدائي
- العقل والحياة والفلسفة
- اخطاء فلسفية
- خارطة الثقافة العربية اليوم
- الموت والفلسفة المعاصرة
- برينتانو ومبحث فلسفة الوعي القصدي
- كلمات ومعان
- الزمن والوعي
- قضايا فلسفية حوار تحليلي
- صوفية الجوهر وصوفية الفكرة العاقلة اسبينوزا - هيجل
- الخاصية النحوية والجمالية بالحرف اللغوي
- تاثير التفكيكية على كتاب (نقد الحقيقة)
- جيل ديلوز مداخلات الخطاب الشعري
- الطبيعة والانسان ادراك لغوي
- من تاريخ المشاعية الجنسانية
- الجنس والحضارة الغربية المعاصرة
- نظرية المعنى والالتزام بالفلسفة
- الفلسفة والالتزام
- مميزات لغة الانسان


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - سقطات الفلسفة البنيوية (3) محاورة جان بياجيه