أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الرابع















المزيد.....



الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الرابع


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 7712 - 2023 / 8 / 23 - 23:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


الفصل الثالث
تماهي الصهيونية الدينية في المشروع الصهيوني

ما من أحد يستطيع تجاهل أن الصهيونية الدينية تماهت في المشروع الصهيوني، المبني على مقولتي الدين والقومية ، فالصهيونية منذ نشأتها مزجت الاستعمار الاستيطاني بالدين والقومية، معتبرة أنّ اليهودية دين وقومية، لذلك حاولت الصهيونية في بداية قيام "دولة إسرائيل" اتباع النهج العلماني (1) دون انتظار المسيح المخلص.

ولذلك اختلفت حركة "مزراحي" التي تأسست سنة 1902 كحركة دينية صهيونية، تدعو للعمل من أجل تحقيق السيادة اليهودية وإقامة "إسرائيل" (دون انتظار ظهور المسيح المخلص)، مع الحريدية الأرثوذكسية التي تؤمن بأن إقامة "دولة إسرائيل" سيكون آخر الزمان على يد المسيح المخلص. (2) وتمظهرت حركة مزراحي كمعبر عن الصهيونية الدينية في أشكال تنظيمية منذ تأسيسها، من بينها "بوعيل مزراحي"، المفدال "حزب الاتحاد الوطني"، الصهيونية الدينية وبني عكيفا (سنة 1929)، حركة التوراة والعمل (التي انقسمت فيما بعد إلى الاتحاد الوطني والبيت اليهودي واليمين الجديد) (3)

من صهينة اليهودية إلى تهويد الصهيونية
ومع زيادة عدد قوى الصهيونية الدينية، سواء عبر الانقسام أو الميلاد فإنها تشترك في المنطلقات الأيديولوجية والمواقف السياسية والاجتماعية التي تميزها عن بقية تيارات الحركة الصهيونية العلمانية، كما تميزها عن تيارات اليهودية الأرثوذوكسية غير الصهيونية، فالصهيونية الدينية دمجت في خطابها التأسيسي بين مقولات اليهودية الأرثوذوكسية الدينية النابعة من التوراة كشعب إسرائيل وشريعة إسرائيل والأمة اليهودية من جانب، ومقولات الحركة الصهيونية العلمانية السياسية المتعلقة بالوطن القومي وإقامة دولة إسرائيل في فلسطين من جانب آخر، وبذلك تميزت عن الصهيونية العلمانية المرتبطة بالسعي لصهينة اليهودية وإضفاء الطابع القومي عليها. (4)

كما تختلف عن اليهودية الأرثوذوكسية النافية لصهينة اليهودية، والرافضة للتوظيف السياسي للتوراة، وبذلك خطّت الصهيونية الدينية مساراً مختلفاً هو أقرب لتهويد الصهيونية الجامع بين التوراة وفلسطين كأساس لشرعية "دولة إسرائيل" السياسية بوصفها دولة للأمة اليهودية التي هي ذاتها "شعب إسرائيل".

ويمكن إيجاز أهم منطلقات الصهيونية الدينية الأيديولوجية ومواقفها السياسية والاجتماعية، التي تجد تعبيرها في خطابات بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير بشكل أساسي بوصفهما أبرز الممثلين لها، في مجموعة من المحاور، هي:
أولاً: مركزية شعار (أرض إسرائيل لشعب إسرائيل بموجب شريعة إسرائيل) من لحظة تأسيس الصهيونية الدينية وحتى الآن، ولدى كافة تياراتها. (5)
ثانياً: السعي لضم كامل الضفة الغربية وإعادة احتلال قطاع غزّة ورفض إقامة دولة فلسطينية بالمطلق، وعلى طريق تحقيق ذلك الدعوة لمنح الشرعية الكاملة لكل البؤر الاستيطانية، وتكثيف الاستيطان ورفع كل القيود عنه، ومواجهة السيطرة الفلسطينية على الأراضي غير السكنية، وتفكيك الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية وتحويل صلاحياتها إلى الوزارات الإسرائيلية، وتنفيذ إجراءات ضم "فعلي" تدريجي لأراضي الضفة كتمهيد للضم الرسمي الكامل، بالإضافة إلى إحكام السيطرة الإسرائيلية على القدس، والمطالبة بفتح المسجد الأقصى بشكل دائم للمصلين اليهود. (6)

الصهيونية الدينية رأس حربة
وبعد كل تلك السنوات تدل الآن ثلاثة اتجاهات على تبوّؤ الصهيونية الدينية رأس الحربة في المشروع الصهيوني والسياسة الإسرائيلية: أولهاً، حجم حاضنتها الانتخابية، وثانيا، الارتفاع الكبير جداً في عدد المقتحمين للمسجد الأقصى والأعداد المشاركة في مسيرة الأعلام، إذ تشكل الصهيونية الدينية رأس الحربة في جهود بناء الهيكل واقتحامات المسجد الأقصى ومسيرة الأعلام، فقد وصل عدد المشاركين إلى نحو 50,000 في مسيرة الأعلام الأخيرة، وكان عدد مقتحمي المسجد الأقصى في العام الجاري، هو الأعلى منذ بداية عمليات الاقتحام؛وثالث الاتجاهات هو تحوّل الصهيونية الدينية إلى القوة الأساسية المقاتلة في الجيش الإسرائيلي وتبوؤ أعضائها رتباً عسكرية عالية، في مقابل توجّه العلمانيين إلى الوحدات التكنولوجية، وهو أمر أُشير إليه كثيراً على أنه أزمة في الجيش الذي أصبح جيش "القلنصوات المنسوجة" التي تعبّر عن هذا التوجه الأيديولوجي(7)

وهنا يمكن استحضار تركيبة الحكومة الإسرائيلية الأخيرة التي كانت استثنائية، مقارنة بالخريطة السياسية التقليدية التي كانت تنقسم بين يمين ويسار سياسيين، بما يخص فلسطين والتعامل معها. فقد جمعت تلك الحكومة جدعون ساعر الذي كان ينافس نتنياهو على زعامة "الليكود"، بكل من نفتالي بينت الذي كان من الشباب الواعد في الصهيونية الدينية ورئيس مجلس المستعمرات سابقاً، وتسفي هاوزر الذي كتب مسودة قانون القومية، فضلاً عن ميرتس الحزب الوحيد الذي لا يزال يؤمن بـ "دولة فلسطينية"، ويائير لبيد الذي يُعدّ مركز – يسار، وحزب العمل، والقائمة الموحدة - الشق الجنوبي للحركة الإسلامية. غرابة هذه التوليفة تكمن في أنها جمعت أطيافاً لم تكن لتجتمع قط في وقت سابق.

وهكذا، فإن إحدى المشكلات الرئيسية خلال عرض استطلاعات الرأي، وخصوصاً عند فرز المعسكرات، لذلك لجأ الإعلام الإسرائيلي إلى فرزها على النحو التالي: معسكر نتنياهو؛ معسكر ضد نتنياهو. هذا التصنيف يبدو صحيحاً إذا نُظر إليه بشكل سطحي وآني، إلّا إنه في الحقيقة مرحلة انتقالية تبدو للوهلة الأولى كأنها تدور حول شخص نتنياهو، لكنها أعمق من ذلك، وتتطرق إلى نظرة كلا المعسكرين إلى نتنياهو: فاليمين الديني والنخب الشرقية يريان أن نتنياهو هو حامي "إسرائيل الثانية" والمتدينين، مع أنه غربي وغني وعلماني، بينما يرى فيه "الليبراليون" أنه مستعد لبيع الدولة للمتدينين والمتطرفين أمثال بن غفير وسموتريتش من أجل البقاء في الحكم. (8)

لكن الصراع بهذا المنطق، هو أبعد من أن يكون على الشخص، وإنما على هوية الدولة والدور الذي يؤديه شخص نتنياهو في صوغ هذه الهوية من خلال وجوده وتحالفاته. وهذا الأمر يبدو واضحاً جداً في كتاب "إسرائيل الثانية" الذي، على الرغم من الخلل المنهجي فيه الذي أشيرَ إليه كثيراً، فإنه يعكس رؤية كثيرين من أتباع نتنياهو، ويشير بوضوح إلى أن "نتنياهو هو الدرع الواقي" لإسرائيل الثانية؛ ويبدو الأمر واضحاً جداً أيضاً، في الموقف التقليدي من تحالفات نتنياهو؛ ويبدو أوضح كثيراً، في تغريدة كتبها أرييه درعي، حليف نتنياهو الأقدم وزعيم حزب "شاس"، عندما أطلق على هذا المعسكر اسم "المعسكر المؤمن"، في الوقت الذي يحتدم النقاش بين المعسكرين بشأن قضايا تتعلق أولاً وأساساً، بمكانة الدين والمثليين والمواصلات العامة في أيام السبت. أمّا أكثر وأقدم ما يشير إلى هذا التغيير، فهو ما حدث مع أفيغدور ليبرمان، المعروف سابقاً بمواقفه المتطرفة من الفلسطينيين ورؤيته "الترانسفيرية"، إذ صرّح نتنياهو بعد فشله في تشكيل حكومة في سنة 2019، وللمرة الأولى، بأن "ليبرمان يساري، وأن مَن يرغب في وصول اليسار إلى الحكم، فإن عليه التصويت لليبرمان." (9)

بدا نتنياهو مجنوناً بإطلاقه مثل هذا التصريح، إذ كيف يمكن أن يكون ليبرمان يسارياً؟ والجواب لفهم تحوّل ليبرمان يكمن في مفهوم "اليسار" الذي تبدل وتحول إلى قضايا الدين والدولة، وتجنيد الحريديم، والمواصلات في أيام السبت وحقوق المثليين. وهذه، بالمناسبة، هي القضايا الخمس ذاتها التي أعلن لبيد في الانتخابات السابقة أنه سيهتم بها، من دون أي إشارة إلى الموضوع الفلسطيني. وعملياً، كان شرط تأسيس هذه الحكومة، الذي اتفق عليه الجميع، هو تخطي الموضوع الفلسطيني، وتشكيل حكومة تمتد من القائمة الموحدة حتى بينت - وتقوم على "تقليص الصراع". أمّا التعامل مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، فبات ملفاً أمنياً خالصاً، يتعامل معه وزير الأمن بصفته المسؤول العسكري عن الضفة الغربية. ويبدو أن الجديد الوحيد الذي جاء به بايدن خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط في كل ما يتعلق بفلسطين، كان مصادقة أميركية على "إسرائيل ما بعد الحل السياسي"، والاتجاه إلى السعودية. (10)

مساهمة الصهيونية الدينية في الحياة السياسية وصنع القرار

باتت "الصهيونية الدينية" هي المتحكمة في السياسة الإسرائيلية، بعدما انتقلت السيطرة إليها من العلمانيين الذين وضعوا أسس إقامة إسرائيل، وهو انتقال منطقي كان قد أشار إليه مبكراً بن – غوريون باعتماد مبدأ تحقيق طموحات الصهيونية على مراحل.
اكتسبت الاحزاب الدينية، من خلال القوة الفاعلة التي حققتها في التمثيل الحزبي والاجتماعي، مجالا واسعا للمناورة الى حد أنها بدأت تتحدث جهارا عن احتمال تعديل اتفاقية “الوضع القائم” التي عقدت ما بين بن غوريون والحاخام ليفين ممثلا حزب أغودات يسرائيل ذي النزعة اليهودية الرسمية عام 1947، وهي الاتفاقية التي أرست ملامح العلاقة ما بين الدين والدولة في إسرائيل منذ ذلك الحين وحتى الآن، وخصوصا في قضايا التربية التعليم والأحوال الشخصية، وذلك بهدف دفع الكيان أكثر فأكثر للتحول إلى دولة دينية واضحة المعالم، أو إلى قيام دولتين وشعبين. وفي هذا السياق يقول عضو الكنيست ووزير الخارجية في حكومة باراك السابقة وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب شلومو بن عمي: “إن المجتمع الذي أنشأه الآباء المؤسسون من الصهاينة وأرادوا أن يكون بوتقة صهر تمتزج فيها مختلف الثقافات واللغات، تحول إلى مجتمع متعدد الأعراق ومتعدد الثقافات ومتعدد الطوائف. لقد تغيرت وتفتت الصورة الأسطورية المأمولة لتحل محلها صور أخرى عديدة لكل منها شرعيتها... بين اليهودي والعربي والمتشددين دينيا (الحريديم) والقوميين الدينيين (غوش أيمونيم) والتقليديين والعلمانيين وغيرهم ممن تمتد جذورهم إلى أصول عرقية مختلفة مثل السفاراديم والاشكنازيم والمهاجرين الروس والأثيوبيين وغيرهم. وقد أدى هذا التفتت للصيغة الإسرائيلية إلى تشرذم بين ثقافات وطوائف مختلفة، ولهجات متباينة ومواقف متصارعة تجاه الدولة اليهودية”. ويضيف بن عامي إن هذه الانشقاقات “تؤهل لحدوث انفجارات عنيفة داخل المجتمع”. (11)
أما الحاخام يسرائيل هارئيل رئيس مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية (وهو أحد الحاخامات القلائل الذين أدانوا اغتيال رابين) فيرى أنه يوجد “وطنان آخذان بالتكوين في إسرائيل: وطن الإسرائيليين ووطن اليهود. أما الاسرائيليون فهم أغيار (غوييم) غرباء يتكلمون اللغة العبرية لا أكثر ولا أقل. وقد أنهكتهم الحروب وسئموا منها، ونسوا الصهيونية، ولم يعرفوا اليهودية يوما، وقد جاء رابين ليقول لهم فوق ذلك كله إن لا خوف على أن إسرائيل، وأن في وسعهم أن يطمئنوا بعد اليوم إلى أنهم لن يرحلوا عن هذه البلاد، فماذا بقي لهم إذن بعد هذا؟ يبقى لا شيء، يبقى الفراغ المطلق وهو فراغ لن تستطيع العلمانية أو الديموقراطية أن تسده، فكلاهما لا تعتبر من القيم البنيوية الأساسية للشعب اليهودي. وبمقدار ما كنا نقترب من تنفيذ اتفاقات أوسلو كان يبدو واضحا للفريق الأول، فريق المنتمين إلى وطن الإسرائيليين، أن الأرض قد غدت عقبة في وجه التطبيع، بينما كان يبدو للفريق الثاني، فريق المنتمين إلى وطن اليهود، أن التطبيع خطر على اليهودية الإسرائيلية” (12)

المستوطنون يحكمون
يكشف تحليل تركيب وتشكيل الكنيست الـ25، عبر إحصاء لجمعية "كيرم نفوت" التي ترصد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، ارتفاعا في عدد النواب المستوطنين في الكنيست إلى 14 عضوا، وهو ما يعادل 12% من مجمل أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 عضوا، علما أن 38 من أعضاء الكنيست الذين سيشكلون الحكومة المقبلة ينحدرون من المستوطنات والتيارات الحريدية والصهيونية الدينية. . (13)
وبدا تركيب الكنيست بالأحزاب والتيارات التي تهيمن عليه من أبرز التحديات للفلسطينيين -وفقا لمحللين إسرائيليين- وذلك بسبب انعكاس هيمنة المستوطنين على المشهد السياسي ومقاليد الحكم، وتداعيات هذه الهيمنة على التطرف السياسي والأمني الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين. . (14)
بيد أن هذه التركيبة الائتلافية والبرلمانية ستكون أيضا -وفقا لمحللين- بمثابة التحدي الأكبر أمام نتنياهو الذي سيجد نفسه في سباق محموم أمام الأحزاب الحريدية وتحالف الصهيونية الدينية، التي ستتمادى في انحيازها للمستوطنين، وللقيم اليهودية التوراتية على حساب اليهود العلمانيين.

المستوطنون يتصدرون المشهد
لقد أسهم الحضور الكبير للمستوطنين وللمتدينين بالكنيست الاتجاه المستمر لتجمع المستجلبين اليهود نحو اليمين المتطرف، وتراجع قوة معسكر المركز، وغياب اليسار الصهيوني، في تنامي قوة وشعبية حزبي "الصهيونية الدينية" و"عظمة يهودية".. (15)

هذه التيارات استغلت في العقد الأخير حكومات نتنياهو وعززت من نفوذها وحضورها في مختلف مؤسسات الدولة والحكومة وحتى الجيش، وتحولت من الهامش إلى المركز، والآن تريد أن تكون هي صاحبة القرار والتأثير في القضايا السياسية والأمنية والاجتماعية والدينية، وهوية الدولة اليهودية ونظام الحكم. (16)

الجيش في فكر وسلوك الصهيونية الدينية

استخلص التيار الديني والقومي العبر مما حدث عقب إخلاء المستوطنات في سيناء عام 1982 (بعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر) ووضع خطة للسيطرة على الجيش حتى يضمن عدم تنفيذه أوامر الإخلاء، ولتحقيق ذلك بدأ حزب المفدال منذ السبعينيات وزاد نشاطه بعد الانسحاب من قطاع غزة بالتغلغل في مؤسسات الدولة ضمن سياسة سميت بـ "استيطان القلوب"، يمكن استنتاج ذلك من ازدياد نسبة الجنود المتدينين خريجي استكمال المشاة من 2.5% عام 1990 إلى 26% عام 2008، وكذلك ازدياد نسبة الضباط المتدينين في الفترة ما بين 1990-2010؛ التي زادت 12 ضعفًا. حيث نجد أنّ 40% من الضباط رؤساء اللجان في الجيش هم متدينون (17)

يمنح المجتمع الصهيوني مكانة متقدمة للجيش، ومنتسبيه، فبعد انتهاء الخدمة العسكرية يتقلد الجنرالات المتقاعدين مناصب متقدمة في الدولة ومؤسساتها الاقتصادية، والسياسية، عدا عن قيادة الأحزاب. وقد استخدمت الصهيونية الدينية الجيش كأداة للتغلل في الحياة العامة، والتحكم في مفاصل صنع القرار داخل الكيان الصهيوني، وذلك عبر استغلال تراجع المشروع الثقافي للصهيونية العلمانية، وتناقص الدافعية لخدمة الكيان لدى منتسبيها فحل محلها منتسبو الصهيونية الدينية الذين يملكون الدافع الأيدلوجي المتمثل بالسعي نحو تحقيق "الخلاص".وارتبط صعود الصهيونية الدينية في الكيان الصهيوني بمحاولة تحقيق "الخلاص"، المترافق ببناء الهيكل الثالث.

يمكننا القول إنّ حركات بناء "الهيكل" تجسد انتقال الصهيونية من حركة قومية إلى حركة مسيانية، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الفكرة الصهيونية منذ نشأتها استبطنت المسيانية، من خلال استنادها على مقولتي "أرض الميعاد" و"شعب الله المختار". حاولت الصهيونية في بداية نشأة دولة إسرائيل تصميم الجيش ليصبح بوتقة صهر للإثنيات والأفكار المختلفة والمتناقضة داخل المجتمع الإسرائيلي.(18)

لقد أدت الصهيونية الدينية في إسرائيل المتمثلة في حزبي همزراحي وهابوعيل همزراعي دورا بارزا في حرب 1948 ضد المجتمع الفلسطيني وذلك من خلال الكيبوتس الديني الذي ساهم في المعارك والعمليات الإرهابية. وفي هذا المجال قام الحاخام موشيه شابيرا بدور بارز في توجيه أنشطة عصابات الهاغانا وآتسل. وقام الحاخامان شابيرا وفيشمان بتمثيل الحزبين الدينيين في حكومة الحرب الإسرائيلية التي أعلنت عام 1948.

وبعد اندماج الحزبين المذكورين ضمن حزب واحد هو حزب المفدال (الديني القومي) عام 1956 شارك هذا الحزب الديني الصهيوني في جميع الحكومات الإسرائيلية، ما خلا فترة قصيرة ما بين 1958 و1959 عندما أدى الجدال الذي ثار حول مسألة: من هو اليهودي؟ إلى انسحابه المفاجئ والمؤقت من الائتلاف الحكومي، وهذا الحزب متأرجح باستمرار في مواقفه الداخلية ما بين حزبي العمل والليكود، وهو يحاول تسويغ هذه المواقف من خلال الادعاء بأن مشاركته الدائمة في الحكم تتيح له حماية المصالح الدينية بشكل أفضل مما لو كان في المعارضة.
وهكذا فالمفدال خاصة والأحزاب الدينية عامة عملت وتعمل على قولبة الشريعة اليهودية لتتلاءم مع دولة علمانية كافرة ومعتدية وذلك في سياق ادعاءاتها بأنها تسعى لإضفاء الطابع اليهودي على أسلوب الحياة في إسرائيل سلما إو حربا.
ويصف الكاتب اوري افنيري حزب المفدال الديني المتطرف في صهيونيته بقوله: “إن الجناح الفعال فيه ذو لون شوفيني غامض وهو الجناح الذي يملي على الحزب الخط والأسلوب” .

وتتضح شوفينية هذا الحزب وتطرفه من خلال مواقفه من قضايا الاستيطان في المناطق المحتلة ومن الحروب العدوانية التي شنتها إسرائيل ضد الشعوب العربية ومن مسألة ضم المناطق المحتلة عام 1967. فهو من المؤيدين المتحمسين للنشاطات الاجرامية التي تقوم بها عصابات المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان في طليعة المتحمسين لحربي عام 1956 و1967 ولغزو لبنان عام 1982، وهو من مؤيدي اتباع سياسة القبضة الحديدية والأرض المحروقة والتصدي بكل عنف للمقاومة الوطنية في الدول العربية كافة، وهذا على الرغم من تعرض الحزب منذ العام 1968 للعديد من الانشقاقات والتراجع في قوته التمثيلية في الكنيست.
والجدير بالذكر أن هذا الحزب اعتبر احتلال الأراضي العربية عام 1967 بمثابة إنجازات على طريق تحقيق “الوعد الإلهي” لليهود، وهو يطلب تكريس هذا الاحتلال من خلال حديثه عن “الحقوق التاريخية الدينية” وعن ضرورة تأمين الحدود الآمنة. وفي العام 1948 طرح برنامجاً يتمحور حول الاستيطان وزيادته في المناطق المحتلة .
أما بالنسبة لحزب شاس الخاص باليهود الشرقيين الذي برز على الساحة الحزبية الإسرائيلية عام 1948، فيعبر عن مواقفه الأساسية الحاخام عوفديا يوسف الذي أصدر عام 1989 فتوى شرعية تقول: إنه إذا اتضح بما لا يدع مجالا للشك أنه سيحدث سلام حقيقي بيننا وبين جيراننا العرب إذا ما أعيدت لهم أراض، وفي حين يوجد خطر بنشوب حرب إذا لم تعد هذه الأراضي، فيجب إعادة الأراضي لهم، فالحفاظ على حياة الإنسان يتقدم على أولوية الاحتفاظ بالأرض” .

وتعتمد كتلة وزراء شاس هذه الفتوى في تحديد مواقفها من السلم والحرب مع العرب، إلا أن مثل هذه المواقف لا تنفي بالطبع المضمون العنصري لمواقف الحزب الذي يشبه العرب والفلسطينيين تارة بالأفاعي وتارة أخرى بالحشرات.(19)
إن هذا التيار قد وضع استراتيجية جديدة منذ مطلع الثمانينيات ترمي إلى دفع الأبناء المنتمين لهذا التيار للانضمام للجيش والانخراط في وسائل الإعلام، كخطوة نحو تغيير الوعي والثقافة السياسية في إسرائيل.

ويرى خبراء أن تيار "الصهيونية الدينية" قد حقق نجاحًا كبيرًا، إذ حقق مشروع الاستيطان إنجازات كبرى، فيما نجح التيار بتطعيم الخطاب السياسي العام في إسرائيل بالقيم والتصورات والمفاهيم الدينية، وجر أجزاء واسعة من المجتمع الحريدي المناهض مبدئيًا للصهيونية إلى المشاركة في مشاريع الاستيطان، والتقرب من المجتمع الإسرائيلي بواسطة الخدمة العسكرية أو المدنية، إلى جانب احتلال مناصب مرموقة في وسائل الإعلام المركزية، وإنشاء وسائل وقنوات إعلامية مؤثرة، واستجلاب الدعم المادي الهائل من يهود الولايات المتحدة من أجل تمويل نشاطاته (20)


الصهيونية الدينية.. التحولات السياسية والفكرية

طرأ تحول فكري في أوساط الصهيونية المتدينة عقب حرب العام 1967، حيث تغيرت نظرة المتدينين للجيش في أعقاب الحرب وما نتج عنها من احتلال ما تبقى من فلسطين، وبسبب استيلائه على حائط البراق "حائط المبكى" وغيره من الأماكن المقدسة الواردة في التوراة، فجميع الأماكن الدينية المذكورة في التوراة تقع في الأراضي المحتلة عام 1967، وقتئذ بدأت بعض الأوساط داخل التيار الصهيوني المتدين بتسمية الجيش باسم "جيش الله"، مما ساهم في تعزيز التوجه نحو خدمة المتدينين في الجيش، علاوة على ذلك بدأت المدراس الدينية "يشيفات مركاز هاراب" (التي ساهمت بشكل كبير في نشر الفكر الديني القومي) بالتشديد على معنى النجاح كمؤشر تاريخي على نجاح الصهيونية المتدينة (النجاح في إقامة الدولة وحرب عام 1967)، بالإضافة إلى التركيز على الدور الخاص المنوط بالصهيونية المتدينة للسيطرة على الدولة (العلمانية) وتوجيهها بما يخدم الغاية النهائية (الخلاص).

وهكذا شهدت سبعينيات القرن العشرين زيادة مطّردة في أعداد الضباط المتدينين القادمين من "يشيفات هسيدر" (على سبيل المثال غرشون سلمون خريج لليشفاه)؛ وذلك بفضل التحول الفكري الذي عايشته الصهيونية المتدينة عقب حرب 1967. سنحت الفرصة لخريجي "يشيفات هسيدر" للتغلغل في الجيش عقب حرب العام 1973؛ وخصوصاً في وحدة المدفعية التي تعرضت لضربة قوية أثناء الحرب؛ مما دفع قيادة الجيش للاستعانة بخريجي "يشيفات هسيدر" لإعادة بناء الوحدة.(21)
شكّل الانسحاب (الانفصال) من مستوطنات قطاع غزة وبعض مستوطنات الضفة عام 2005 صدمة لقطاع كبير من المجتمع الإسرائيلي بخاصة لمجتمع المستوطنين؛ حيث تملّك المستوطنين الخوف وعدم اليقين حول مستقبلهم الشخصي ومستقبل الاستيطان بشكل عام، أمّا على صعيد باقي المجتمع فقد انهارت دعاوى التيار الديني الوطني حول أرض "إسرائيل" التاريخية (أرض الميعاد)، كما ساهم الانفصال عن غزة في انهيار ثقة المستوطنين بزعامتهم الممثلة بمجلس مستوطنات الضفة الغربية وقطاع غزة "يشع" كونه فشل في وقف الانسحاب، وقد قاد ذلك إلى ظهور شريحة من المستوطنين الشباب غير الراضين عن أداء "يشع" الهادئ والمسالم؛ الذي تماهى مع توجهات الحكومة بالإخلاء، ظهر ذلك بشكل واضح أثناء إخلاء مستوطنة "عمونة" الواقعة في الضفة الغربية عام 2006؛ حيث لوحظ وجود أعداد كبيرة من المستوطنين الشباب فاقدي الثقة بقيادة الكهول في "يشع"، يقاومون الإخلاء بطريقة عنيفة مما أوقع إصابات عدة في صفوفهم وصفوف الجنود المشرفين على الإخلاء.(22)

تسبب الانسحاب من قطاع غزة في تآكل المنظومتين الكولونيالية الاستعمارية والمسيانية الخلاصية، التي ترى في السيطرة على أرض فلسطين مقدمة لظهور المسيح المخلص؛ فساهم الانسحاب من قطاع غزة بانهيار فكرة "إسرائيل الكبرى" التي قامت عليها الصهيونية، ومن هنا سعت الصهيونية الدينية إلى تعريف الصهيونية من جديد؛ عبر تأسيس علاقات قوة جديدة بين الدولة من جهة والأفراد والمجتمع المدني والحركات السياسية من جهة أخرى، بهدف ترسيخ "الحق التاريخي للشعب اليهودي" في أرض "إسرائيل"فكان التوجه إلى "جبل الهيكل" ليحل مكان الإيمان بالتقدم البطيء نحو الخلاص والمفهوم المقدس للدولة، هذا التحول لا يقتصر على الصهيونية – الدينية، وإنما حصل في جزء من التيار اليميني العلماني وبضمنهم أكثر من نصف عدد أعضاء الكنيست من حزب الليكود، الذيم تحدثوا عن جبل الهيكل كأنهم يتحدثون عن قلب الأمة". لذلك فإن "التقسيم ليس بين علمانيين ومتدينين، والمسألة لم تكن أبداً حول تطبيق أو عدم تطبيق فرائض دينية.(23)

فرضت حرب عام 1967 ضرورة إعادة ترتيب الأولويات اليهودية والإسرائيلية والصهيونية، وهي بالنسبة لحزب العمل تبنت الإحساس بالثقة والاقتدار على التعايش مع العالم العربي وعلى الانفتاح على الآخر ورفع شعارات القيم العالمية بالتصالح والسلام.

ولكن نبوءة أرض إسرائيل الكاملة أو الكبرى تغلغلت إلى داخل قطاعات من الصهيونية العلمانية في حزب العمل وفي الصهيونية الليبرالية، وبذلك فقد حزب العمل الذي أعطى إسرائيل طيلة 30 سنة متواصلة، القدرة على الحسم والمبادرة، وتحول إلى عنصر سياسي ينساق وراء التطورات والأحداث.(24) إلى أن حدث انقلابا عامي 1977 و1996 اللذان نقلا دفة السلطة إلى اليمين الصهيوني الشوفيني المتحالف مع القوى الدينية، التي كشرت عن أنيابها الحادة من خلال إيصالها كلاً من نتنياهو ثم شارون على التوالي، في ظل شعارات أيديولوجية متطرفة لا تهتم بالمغزى الرئيسي لقيمة (أرض إسرائيل) وحسب، بل أيضا بإبراز معنى الدولة في حد ذاته، وإبراز عناصر تكديس القوة في مجمل العلاقات سواء مع العالم بأسرة أو مع العالم العربي بصفة خاصة، من خلال مقولة:”القوة تحل كل شيء” وإبراز عناصر الاختلاف بين إسرائيل والعالم برفع الشعار: “الشعب يقيم لوحده” والاحتياج المتزايد للكراهية باعتبارها عنصرا رئيسيا في الأيديولوجيا الصهيونية. وفي هذا السياق تزايدت قوة التوجه المشياحي في كل من اليهودية والصهيونية، بحيث حذر المفكر الصهيوني جرشون شالوم من هذا المنزلق الأيديولوجي السياسي البعيد عن الموضوعية والواقعية حيث قال: “أعتقد أن كارثة عظمى ستحدث إذا ما قام الصهيونيون أو الحركة الصهيونية باستبدال أو طمس معالم الحدود، بين المسار الديني المشياحي وبين الواقع السياسي التاريخي.(25)
الجدير بالذكر أيضا أنه إذا كانت الصهيونية الدينية حتى حزيران 1967 تتسم بالاعتدال في السياسات الداخلية والمطالبة بتطبيق تعاليم “الهالاخاه” - الشريعة في قوانين وتشريعات الدولة أو في ما يتصل بالسياسة الخارجية، وكانت مرتبطة دائما سياسيا بالصهيونية السياسية، في اطار من التحالف التاريخي، فإن هذا الوضع تغير بصورة راديكالية بعد عام 1967، بحيث أضفى اليهود المتزمتون دينيا، وزنا لاهوتيا على المطالبات السياسية بضم الأراضي العربية المحتلة. وفي هذا المجال يقول يهوشفاط هركابي: “إن اليهودية التقليدية في السنوات التالية لحرب 1967 أخذت تغير من موقفها داخل إسرائيل: فبدلاً من الاكتفاء بالتبعية، أخذت تطالب بدور قيادي، وتصر على أن تنبع السياسات الداخلية والخارجية من التشريعات الدينية. ومن ثم أصبحت القومية اليهودية المناضلة عاملا مهما للوصول إلى الهدف النهائي لليهودية وهو الخلاص، وأصبحت العلاقة بين الدين والسياسة أكثر تألقا، فالدين لخدمة السياسة القومية، والسياسة القومية لتنفيذ الوصايا الدينية (26)

فيما شكّلت حرب عام 1967 انعطافة أيديولوجية ودينية بالغة الأهمية في الأوساط الدينية، فقبل ذلك العام كانت المواقف الدينية من الصهيونية تنبع من الفارق بين دولة إسرائيل وأرض إسرائيل كما هي في التوراة، لكن حرب الـ67 أدّت لأول مرة في التاريخ إلى حدوث تطابق بين دولة إسرائيل وأرض إسرائيل، إنه حدث انزياح علماني نحو الدين، قابله حدوث انزياح ديني نحو القومية باعتبارها فكرة علمانية. (27)

وشكل عام 2009 مرحلة أخرى في تطور الصهيونية ـ الدينية مع وصول نتنياهو إلى الحكم، وصعود قوة الصهيونية الدينية الاستيطانية وتحولها نحو مزيد من التطرّف بعد هيمنة تيار الحردلية بزعامة سموطريتش، وهو تيار يدمج بين التزمت الحريدي الديني والتطرف القومي الاستيطاني، وبتحول الحريدية التي كانت إجمالا خارج المشروع الصهيوني إلى تيار يميني ـ قومي، وبعودة الكهانية إلى قلب المشهد السياسي من خلال حزب "عوتسما يهوديت" بزعامة إيتمار بن غفير بعد إقصائه إلى خارج حدود القانون إثر مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994. (28)

وكان التحوّل الفكريّ الأساس قد حدث مع صعود قوّة الحاخام أبراهام هكوك، الراب الأشكنازي الأوّل في فترة الانتداب، الذي أسس "مركز الحاخام" عام 1924. واعتبر هكوك الصهيونيّة حتى في صيغتها العلمانيّة جزءًا من الخطّة الربانيّة لتحقيق الخلاص المسياني. حتى 1967 هيمنت على إسرائيل حركة مباي، التي تعكسُ تحقّق الصهيونيّة بصيغتها الغربيّة (علمانيّة استعماريّة)، كانت قادرةً على إقامة الفكرة القوميّة وَفْقَ دينٍ مدنيٍّ يوظّفُ الأسطورة الدينية ويتبعها لمشروعه السياسي، أسهم في قدرتها على الهيمنة تبني حزب المفدال (وريث المزراحي) خط الراب راينس في الفصل بين الخلاصين الديني والعلماني. (29)
استمرَّ كوك الابن في تطوير وتوسيع البعد الديني الخلاصي، وقد تحوّلَ إلى الأب الروحي والقائد الملهم للصهيونيّة الاستيطانيّة. كما تحوّلَ مركز الحاخام بعد 1967 إلى توليد وترويج للقيم الصهيونيّة الاستيطانية. وبتأثير كوك سرعان ما حدثَ تمرّدٌ على قيادات المفدال حليف مباي، ليتحالف مع الليكود ويسهمُ بالانقلابِ عامَ 1977. هذه التغيراتُ الاستراتيجيّةُ (تنظيرات الراب كوك، احتلال الضفة الغربيّة وقطاع غزة، فض تحالف المفدال مع مباي، انقلاب 1977) أدّتْ إلى إعادة تديين القوميّة المعلمنة حولَ الخلاص وقداسة أرض إسرائيل. وبذلك، صعدت الحركاتُ الهامشيّةُ إلى مركز الحقل السياسي الإسرائيلي: صهيونية الراب كوك الدينية، والصهيونية اليمينية التصحيحية والقومي(30)

أثر هزيمة حزيران في عملية التحول
منحت الطفرة التي حدثت عملياً، باحتلال الضفة الغربية، الصهيونية الدينية القدرة على التحول إلى المركز لسببين: السبب الأول والأساسي هو التفسير الديني المهووس لحرب 5 حزيران / يونيو 1967، باعتبارها معجزة دينية أكثر ممّا هي نصر عسكري عقلاني، وهو ما دفع بالصهيونية الدينية إلى الواجهة لعلاقتها المميزة مع المشروع الصهيوني، إذ اعتبرت الدولة العلمانية المقامة جزءاً من مسار الخلاص الديني الذي ظهر لأول مرة في سنة 1967؛ السبب الثاني هو الدعم الذي حصلت عليه مع تأسيس مستعمرات الضفة الغربية تبعاً لأيديولوجيتها التي تعتبر الضفة الغربية جزءاً من أرض إسرائيل، وهكذا تحولت الضفة إلى ساحتها.
مع اشتداد الصراع على هوية الدولة، وتراجع الصراع على وجود الدولة الفلسطينية، بدأت الصهيونية الدينية تمنح المجتمع الإسرائيلي تفسيرَين في غاية الأهمية لحالة التناقض البنيوي في الدولة: الأول، يمكنك أن تكون صهيونياً ومتديناً في الوقت ذاته، وليس بالضرورة أن تكون علمانياً لتكون طلائعياً. وبناء عليه، تسير الصهيونية الدينية اليوم على الطريقة التي كان "حزب العمل" يتبنّاها قبل ومع تأسيس الدولة، لتنظيم المجتمع الاستعماري، فهي تعيد تعريف الخطوات بمفاهيم دينية، بدءاً من الحركات الاجتماعية التمهيدية، والنشاط غير المنهجي فيما يُسمى الـ "مدارس التمهيدية" التي تشبه إلى حد بعيد جداً أُطر "الشبيبة العاملة" و"الطلائعيين"، إلى جانب مجموعات زراعية وكشفية، كما أنها استبدلت "الحارس الشاب" وهو الإطار التنظيمي للشباب قبل الخدمة العسكرية، بـ "الحارس الجديد" الذي تحوّل عملياً إلى أكبر ميليشيا في إسرائيل اليوم، الذي يقوم بالمهمات والدور التنظيمي الاجتماعي غير المنهجي اللذين كان يقوم بها العلمانيون؛ التفسير الثاني، هو أنه يمكن أن يكون الشخص متديناً وصهيونياً في الوقت ذاته، أي يخدم في الجيش، وينشىء المستعمرات ويُقرّب زمن الخلاص، الأمر الذي يفسر الانجراف الكبير من جمهور "الحريديم" إلى الصهيونية الدينية، وأبرز مثلَين هما بن غفير وسموتريتش، زعيما حزب "الصهيونية الدينية"، على حساب الأحزاب الممثلة للحريديم مثل "شاس" و"يهودوت هتوراه".(31)

وتتسبب التحولات السياسية والاجتماعية التي تجري داخل حزب الليكود في الأعوام الأخيرة، بتغييرات ملموسة من ناحية تركيبته وعلى صعيد خطابه السياسي. فمن المعروف أن هذا الحزب تطوّر إلى ما هو عليه الآن من مدرسة الصهيونية التنقيحية التي قادها ونظّر لها جابوتنسكي، وخلفه في قيادتها مناحم بيغن (رئيس الحكومة السابق)، كما أنه خلال العقود الماضية، وبتأثير بأفكار مؤسسه، حمل توجهاً أيديولوجياً ينطلق من رفض أي تقسيم لفلسطين التاريخية، حتى بعد احتلال الأراضي الفلسطينية في حزيران / يونيو 1967. غير أن الليكود، علاوة على توجهه القومي حيال “أرض إسرائيل الكاملة”، حمل توجهاً ليبرالياً، وخصوصاً في الاقتصاد، وفي الحقوق المدنية والفردية أيضاً. ولم يكن هذا الحزب يعتقد أن هناك تناقضاً بين توجّهه القومي وتوجّهه الليبرالي، فقد رأى أن حل الصراع يكمن في فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي مَنْح الفلسطينيين في هذه المناطق حقوقاً مدنية وسياسية فردية في إطار الدولة اليهودية، الأمر الذي تراجع عنه بيغن (على الأقل على المستوى التصريحي والرسمي) بتوقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر (1978) الذي أقرّ بمنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً. وعلى الرغم من أن هذه التحولات تعكس تغيرات تتعلق بميزان القوى الحزبي الداخلي وبالصراع على السلطة، فإنها تؤثر في سياسة إسرائيل حيال الصراع مع الفلسطينيين. وما يجدر ذكره في هذا الشأن هو أن النخب الليكودية القديمة التي تحمل مثل هذه التوجهات الليبرالية، جرى إقصاء أغلبيتها في الدورات الأخيرة للكنيست الإسرائيلي بشكل متدرج، وتسلمت مكانها نخب جديدة تنتمي إلى الصهيونية الدينية فكرياً، أو تحمل توجهات يمينية متطرفة تشبه توجهات اليمين المتطرف في أوروبا فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الفردية. كما أن النُّخب الأشكنازية اليمينية الليبرالية تراجعت في حزب الليكود لمصلحة قيادات شرقية تحمل أجندات غير ليبرالية وغير ديمقراطية ومعادية للعرب، وكذلك لمصلحة النخب الأشكنازية القديمة من “اليسار الصهيوني”. وتشترك هذه النخب الجديدة في الليكود مع النخب القديمة بفكرة “أرض إسرائيل الكاملة” (بين أعضاء حزب الليكود، فقط بنيامين نتنياهو يصرح أنه يؤيد “حل الدولتين”)، لكنها تختلف فيما بينها بالنسبة إلى الحقوق المدنية والسياسية للفلسطينيين. فبينما تريد النخب القديمة إعطاء الفلسطينيين حقوقاً سياسية ومدنية فردية كاملة في إطار السيادة اليهودية على الأرض، فإن النخب الجديدة أسست فعلياً لنظام أبارتهايد يجسّد إبقاء السيطرة الإسرائيلية على الأرض، وضم مناطق من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، وحرمان الفلسطينيين من أي حقوق سياسية ومدنية متساوية وكاملة. (32)

ولا بدّ في هذا الإطار من الإحالة إلى كتاب صدر في إسرائيل في سنة 2017 بعنوان “لماذا تصوّت لليمين وتحصل على اليسار؟”، يزعم مؤلفه إيرز تدمور، أحد قادة ومؤسسي حركة “إم ترتسو”، أنه على الرغم من مرور أربعين عاماً على تسلّم حزب الليكود اليميني سدّة الحكم في إسرائيل عقب ما عُرف بـ “انقلاب 1977″، فإنه واصل الحكم من خلال النخب القديمة التي كانت في معظمها موالية لـ “الحركة الصهيونية العمالية” بزعامة حزب مباي التاريخي. كما يؤكد أنه فقط في الأعوام الأخيرة بدأ اليمين الإسرائيلي بتغيير هذه النخب كي “يتحقق الانقلاب الحقيقي” في المستقبل المنظور، وأن الحملة الشعواء التي يشنّها اليسار المتطرف ضد الجيش الإسرائيلي والصهيونية والهوية اليهودية للدولة، وضد “أرض إسرائيل” والرموز القومية والقيم اليهودية، ما هي إلّا المعركة الأخيرة لتلك النخبة اليسارية المنهارة. وهو يجزم بأن القوة الهائلة التي ما زالت هذه النخبة تحتفظ بها إنما تنبع فقط من انعدام بُعد النظر والتبصر والفهم السليم لدى مناحم بيغن (الكاتب يستعمل كلمة خيانة عند اسم بيغن)، ولدى كثيرين ممّن يكملون طريقه في اليمين الإسرائيلي، طوال أربعة عقود منذ سنة 1977. (33)

وقبل كتاب تدمور هذا، أشار المحلل السياسي الإسرائيلي شالوم يروشالمي (2012) إلى أن هناك تقاسماً للأدوار بين عدد من الشخصيات الوزارية والبرلمانية التي تؤدي دوراً كبيراً على صعيد الدفع قدماً بتنفيذ خطة تغيير قواعد اللعبة بشكل كامل، وتحويل إسرائيل إلى نوع وصفه بـ “الدولة الديمقراطية اليهودية – الدينية المتعصبة التي تعتمد على الطابع اليهودي أكثر من تركيزها على الطابع الديمقراطي.” ويتزعم هؤلاء بنيامين نتنياهو الذي أخذ يتجه نحو هذا المسار المعادي للديمقراطية، لكنه أحياناً يغير تكتيكه ويتراجع إلى الوراء ليعاود هجومه من جديد. وفي رأي الكاتب فإن إسرائيل بدأت “تسير في اتجاه نظام يُبعدها عن الديمقراطية الغربية، ويحوّلها إلى دولة أُخرى لا وجود فيها لليسار العلماني ولا لحقوق الأقليات.” (34)

تحولات الصهيونية الدينية
خضع تيار الصهيونية الدينية لكثير من التحولات، بعد أن كان في السابق تياراً واحداً ثم تلاشى، وتشكلت على أنقاضه مجموعات اجتماعية متنوعة. وتمثَّل هذا التيار أساساً، في الحزب القومي – الديني (المفدال) الذي كان في العقود الثلاثة الأولى لقيام إسرائيل أكثر اعتدالاً وبراغماتية منه اليوم، الأمر الذي تجلّى في تحالفه التاريخي مع التيار المركزي في الصهيونية العلمانية، ممثلاً في حزب مباي، ثم في حزبَي المعراخ والعمل، والذي استمر حتى سنة 1977. وبعد هذه السنة (التي شهدت ما يُعرف بـ “الانقلاب” الذي أطاح بالعماليين من السلطة ومهّد لحقبة من سلطة حزب الليكود) اتجه التيار الصهيوني – الديني مدفوعاً بإيمانه الشديد بعقيدة “إسرائيل الكبرى” وبولائه لـ “توراة إسرائيل”، ولا سيما في أعقاب صعود قيادات جديدة شابة إلى زعامته وزعامة حزبه (المفدال) تنتمي في أغلبيتها إلى غلاة محافل المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، إلى التحالف مع “اليمين القومي”، إذ شارك حزب المفدال في جميع الحكومات التي شكلها حزب الليكود منذ ذلك الوقت. وحتى منتصف سبعينيات القرن العشرين الماضي كانت القضايا الدينية هي القضايا الأساسية لتيار وحزب الصهيونية الدينية، لكن بعد صراع شديد بين القيادة القديمة للحزب والقيادة الشابة المتأثرة بتعاليم الحاخام تسفي يهودا هكوهن كوك (الزعيم الروحي لحركة “غوش إيمونيم”، الذراع الاستيطانية للتيار الصهيوني – الديني) بدأ هذا التيار وحزبه يركزان على الاستيطان وتأكيد عقيدة “أرض إسرائيل الكبرى”. ومنذ ذلك الحين شهد التيار الصهيوني – الديني الذي يتبعه معظم المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عدة انشقاقات على خلفية إثنية وأيديولوجية. غير أن الصراع داخل هذا التيار، وعلى الرغم من انسحاب حزبه (المفدال) من حكومة أريئيل شارون عقب إقرارها خطة فك الارتباط الأحادية الجانب عن قطاع غزة (2005)، استمر شديداً تحت السطح تارة وفوقه تارة أُخرى، بين جناحَين رئيسيين: الجناح السياسي البراغماتي، والجناح السياسي العقائدي المتطرف المسياني الذي رجحت كفته في نهاية المطاف في زعامة حزب المفدال. ويمكن القول إن تيار الصهيونية – الدينية، كحال غيره من تيارات الصهيونية القومية والعلمانية، دخل في أزمة طويلة وعميقة مزدوجة؛ أزمة قيادة وأزمة أيديولوجية بدأت بواكيرهما منذ توقيع اتفاق أوسلو (1993)، ثم انتقلت إلى طور أعلى من التفاقم عقب اغتيال رئيس الحكومة يتسحاق رابين في سنة 1995 (الذي تتلمذ ونشأ قاتله يغئال عمير في أحضان تيار الصهيونية – الدينية ذاته)، واستفحلت منذ تنفيذ خطة فك الارتباط وإزالة المستعمرات اليهودية من قطاع غزة في سنة 2005، والتي أحدثت شرخاً في صفوف المعسكر الصهيوني القومي عامة، والتيار الصهيوني – الديني خاصة، لما عنته واقعياً وفعلياً من تحطم وانكسار لحلم “أرض إسرائيل الكاملة”، وانتكاسة لمجمل أيديولوجيا المعسكر الصهيوني القومي على اختلاف أطيافه وفروعه.

وثمة باحثون يرفضون الادعاء الشائع أن التطرف الذي أصاب الصهيونية الدينية كان ردة فعل على ما وُصف بأنه “خلاص أرض إسرائيل” في سنة 1967، وبأن مساحات الأراضي الجديدة هزت كيان الصهيونية الدينية وأدخلت إلى رأسها “أفكاراً جنونية”. ويؤكد هؤلاء أنه منذ خمسينيات القرن العشرين الفائت وستينياته، ظهرت في أوساط الصهيونية الدينية مواقف مسيانية فاعلة ومؤيدة لاستخدام القوة بمنهجية حيناً، وبتجاهل الأسئلة الأخلاقية المرتبطة باستخدامها أحياناً، ويستنتجون من ذلك أن حربَي 1967 و1973 كانتا بمثابة محرّك فقط لبلورة هذه المواقف وتعميمها واستبطانها وليستا مصدرها. وبغضّ النظر عن ذلك، فإنه لا بدّ من رؤية أن النتيجة واحدة. (35)

الهوامش
1- أشرف بدر، الخلاص، الهيكل، وصعود الصهيونية الدينية( 18-05-2022)، https://alqudscenter.info/articles
2- أشرف بدر، المصدر السابق.
3- أشرف بدر، المصدر السابق.
4- ستراتيجيكس، مثدر سبق ذكره.
5- ستراتيجيكس، المصدر السابق.
6- ستراتيجيكس، المصدر السابق.
7- رازي نابلسي، إسرائيل ما بعد "الحل السياسي": إمّا الاستسلام وإمّا "نكبة" جديدة، https://www.palestine-studies.org/ar/node/1653207
8- رازي نابلسي، المصدر السابق.
10- رازي نابلسي، المصدر السابق.
11- إحسان مرتضىمصدر سبق ذكره

12- رازي نابلسي، مصدر سبق ذكره.
13- محمد وتد، أين ستقود حكومة نتنياهو المتطرفة المرتقبة إسرائيل؟14 /12/2022، https://www.aljazeera.net/politics/
14- محمد وتد، المصدر السابق.
15- محمد وتد، المصدر السابق.
16- محمد وتد، المصدر السابق.
17- أشرف بدر، مصدر سبق ذكره.
18- إحسان مرتضى، المصدر السابق.
19- د. نبيه بشير، حوار حول كتاب "الثورة الثالثة" ليائير نهورئي، عرب 48
20- أشرف بدر،مصدر سبق ذكره.
21- أشرف بدر، المصدر السابق.
22- أشرف بدر، المصدر السابق.
23- إحسان مرتضى، مصدر سبق ذكره.
24- إحسان مرتضى، المصدر السابق
25- إحسان مرتضى، المصدر السابق.
26- حسين عبد العزيزمصدر سبق ذكره.
27- حسين عبد العزيز، المصدر السابق.
28- حسين عبد العزيز، المصدر السابق.
29- م. تيسير محيسن، صعودُ اليمينِ المتطرّفِ في إسرائيل: في نشأةِ "الصهيونيّةِ الدينيّة" وتحوّلاتها وتأثيرات فوزها الانتخابيّ!، 08 يناير 2023 ، https://hadfnews.ps/post/ -
30- م. تيسير محيسن، المصدر السابق.
31- رازي نابلسي، مصدر سبق ذكره.
32- أنطوان شلحت، تطلعات الصهيونية الدينية : الدولة اليهودية أولا، 16يناير 2023، https://www.palestineforum.net/
33- أنطوان شلحت، المصجر السابق.
34- أنطوان شلحت، المصدر السايق.
35- م. تيسير محيسن، مصد سبق ذكره.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الثالث
- الص الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الثاني
- تخفيض المنحة القطرية لحماس.. رسالة أمريكية لسوريا
- الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة ( دراسة) جزء أول
- وعيد الفصائل الفلسطينية.. والجعجعة دون طحن
- مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين..نهاية الخرافة
- مشاكسات الاستجداء بالكذب..صهينة فلسطينية إسلامية!!
- مشاكسات... إسلام صهيوني.. قلق على التطبيع
- صدقية حماس .. بين أبو مرزوق والسنوار
- خطاب حماس والجهاد.. عندما تفارق الأقوال الأفعال
- الكيان الصهيوني.. مقولة التفكك.. كتظهير لأزمته البنيوية
- الاتفاق الثلاثي.. والتمهيد لتعدد الأقطاب
- لا ديمقراطية مع الاحتلال.. ونهاية مرحلة الوهم
- مع عودة جريمة التنسيق الأمني.. من تُمثل سلطة رام الله؟!!
- مشاكسات .. احتلال خمسة نجوم..! حلال علي..حرام عليهم..
- نتنياهو.. عندما يتبجح -اللص-!
- بوصلة كنس الاحتلال.. فلسطينية
- مشاكسات / إنسانية.. اليانكي! .. متى تستفيق؟
- مشاكسات.. العراق.. توطن الفساد / أشبعتهم إدانات.. !!
- زلزال تركيا يعري لا إنسانية قانون قيصر الأمريكي


المزيد.....




- هجمات داغستان.. السلطات الروسية تُعلن ارتفاع حصيلة القتلى
- مصور يوثق حفرة عميقة وخطرة للغاية بجبال المسمى بالسعودية.. م ...
- ??مباشر: صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي إ ...
- لجأ لشركة -غير مرخصة-.. شاب مصري يصف لـCNN وفاة والده المسن ...
- بعد هجوم قوات كييف الإرهابي على سيفاستوبول.. موسكو تستدعي سف ...
- Foreign Policy: الوجود الأمريكي تراجع بشكل خطير في القطب الش ...
- بوتين يوقع قانونا يسهّل آليات حجب المواقع المحظورة في روسيا ...
- اليونان.. وفاة واختفاء عدة سياح بسبب الطقس الحار -غير المعتا ...
- نتنياهو: المعارك -العنيفة- ضد حماس في رفح -على وشك الانتهاء- ...
- إسرائيل تلوح باستخدام أسلحة غير معهودة ضد لبنان وسط مخاوف من ...


المزيد.....

- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - الصهيونية الدينية من الأطراف للسلطة (دراسة) الجزء الرابع