|
قرار اعدام الديكتاتور بداية أم نهاية؟
سعد الشديدي
الحوار المتمدن-العدد: 1728 - 2006 / 11 / 8 - 03:00
المحور:
حقوق الانسان
أخيراً أصدر رئيس محكة الجنايات العراقية العليا قراره بأعدام ديكتاتور العراق السابق صدام حسين وأثنين من معاونيه في قضية الدجيل. لم يكن قرار الحكم مفاجئاً. فمن يعرف ما مرّ به العراق من كوارث مدّمرة على يد هذا الطاغية يدرك أن نهايته ستكون أكثر اسوداداً من تلك الحالة التي خلقها وأعوانه. ومن يعرف ما يمرّ به العراق الآن بعد اسقاط صدام يفهم ايضاً بأن رأس الديكتاتور مطلوب من اطراف كثيرة تراهن أكثر من أي وقتٍ مضى على الخلاص منه وبشكل سريع. فالحكومة العراقية الحالية – ممثلة بما يدعى بالنخب السياسية- وبعد فشلها الذريع في ادارة البلاد تريد ان تقدّم لأولئك الذين انتخبوها شيئاً ما، كائناً ما كان هذا الشئ، بعد أن عجزت وبشكل فاضح عن ان تقدم لهم الأمان والخبز والثقة بالمستقبل. والأدارة الأمريكية، التي بدأت حربها ضد الأرهاب الدولي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 فشلت هي الأخرى في قطع رأس الأرهاب وتورطت في حربين مكلفتين اقتصادياً وبشرياً، في العراق وأفغانستان، ولم تجنِ منها اية انتصارات يمكن لها ان تفتخر بها امام مواطنيها وهي مقبلة على هزيمة انتخابية محتملة، في الأنتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي، اذا لم يتدخل القدر مادّا يده بهدية دسمة قد تساعدها على الخروج بأقل الخسائر. وجاءت هذه الهدية، حكماً بالأعدام على ديكتاتور لم يشهد التاريخ مثيلاً له. احرق بلاده التي تعدّ واحدة من أجمل بلدان العالم. أفقر شعبه الذي توفر له ثرواته الطبيعية مستوى من الحياة يمكن ان يكون ارقى بكثير من بلدان اوربا الغربية وأمريكا اذا ما استثمرت بحكمةٍ ودراية. اثقل المنطقة بكاهل بالحروب وهي التي ارهقتها حمى الحروب المتعاقبة منذ اربعينيات القرن الماضي. وكان يوم سقوطه يوم فرح غامر لبعضنا وحذرٍ للبعض الآخر. ولكن من يعرف ما يجري في العراق يمكنه دون كبير عناء ان يتصور ما يمكن حدوثه بعد قرار الحكم هذا. فقد وصلت الحالة العراقية الى حدّ من التشظي لا يمكن تصوره. فما من حدثٍ إلا وأثار خلافاً بين صفوف القيادات السياسية وأنعكس بالتالي على المواطنين ممن يؤيدونهم. ولم نشاهد في هذه الحالة ولو حدثاً واحداً اتخذ منه العراقيون موقفاً موحداً. مما لا شكّ فيه ان عملية المحاصصة الطائفية التي فُرضت على الواقع السياسي العراقي هي التي انتجت حالة الشكّ وعدم الثقة بين أطياف المجتمع العراقي، بل وحالة الأحتراب والتهجير وانتهاك الأعراض بين العراقيين انفسهم. ولكن من يزرع العلقم لا يحصد سواه. وقد زرعنا نظاماً سياسياً مفككاً لا يدعو الى الثقة ولا الأحترام وها نحن نرى نتائجه. فقد كان من المقّرر لحكم الأعدام الذي اصدرته المحكمة ضد صدام حسين أن يكون بالفعل نهاية لمرحلةٍ سوداء من عمر العراق كما قال السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في خطابه الذي وجهه الى العراقيين مباشرة بعد أعلان الحكم، لو كان قد صدر في ظروفِ تقدُمِ العملية السياسية وتجّذِر الديمقراطية وبناء الدولة ودفع عجلة الأقتصاد دورات عديدة الى أمام. ولكن ما يحصل الآن لا يشير إلا الى ان قرار الأعدام هذا سيزيد الوضع سوءاً وسيفاقم الأوضاع الأمنية في بلادنا. خصوصاً وأن قوات الأحتلال وقوات الحكومة الحالية لم تنجح في ضبطها حتى هذه اللحظة. من الواضح ان الوضع في العراق قد آل الى حالةٍ تصبح فيها كل الأحداث مهما صغرت عبئاً اضافياً وفتيلاً متفجراً ينضم الى ما سبقه من تراكمات مدمّرة. فالحكم على صدام حسين بالأعدام سيزيد بلا شك من تردّي الأوضاع فهناك من سيتخذ منه ذريعة لأستمرار أعمال العنف. والحكم على صدام بأي حكم آخر غير الأعدام سيثير غضب الملايين من العراقيين الذين كانوا ضحايا لسياساته القمعية. وهذا ينطبق على كل القرارات والخطوات التي يمكن اتخاذها في عراق اليوم. فالأبقاء على العملية السياسية بشكلها الحالي سيأخذنا الى دمار ما بعده دمار والأنقضاض عليها لا يقل خطورة من الأبقاء عليها. وذات الشئ يمكن ان يقال عن الفيدراليات المقترحة إذ قد تنتهي الى هاوية تقسيم العراق وانهاء وجوده وكذلك فأن الحفاظ على العراق موحداً تحت سلطة مركزية قوية قد يعيدنا الى الأيام السود التي عشناها لعقود اربعة مضت. لقد كثرت اعواد القش التي قد تقصم اية واحدة منها ظهر... العراق. ماذا عسى العراقيون ان يفعلوا وقد اصبحت جميع الحلول اشبه بالمستحيلة؟ القرار ما زال بيد العراقي البسيط الذي اغلق باب داره وأدار ظهره للجميع بعد أن خذله الجميع. للعراقي الذي اجبره العنف والعنف المضاد الى ترك بيته واللجوء الى مدن العراق الأخرى أو الى سوريا والأردن ولبنان ودول الخليج وغيرها. العراقي الذي اعطى حتى لم يعد لديه ما يعطيه. الأكيد اننا جميعاً نشعر بالخيبة والخذلان ولكن هذه الجولة هي آخر الجولات. فمن أجل ان نحيا كبشر علينا ان نكسر الطوق الذي فرضته علينا القيادات السياسية بمساعدة أصدقائهم المحتلين. لنكسر ابواب بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا ونجعل منها متاريساً فأما هيّ حياة للعراق والعراقيين وأما موت قد يُزهر مع أعشاب البراري ووردها في عراق آمن مستقلٍ يوماً ما في مستقبلٍ قادمٍ بلا ريب.
#سعد_الشديدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا يونس المحكومِ بالإعدام.. عدْ للحوتِ ثانيةً
-
ولا داعٍ للقلق
-
هل حقاً ان كركوك أغلى من البصرة؟
-
انهم يقتلون أطفال العراق
-
الفيدرالية حقٌ يُراد به باطل
-
موطني.. حتى إشعارٍ آخر
-
ايها العراقي انت نملة.. فكن سعيداً
-
الزرقاوي.. نحروه أم انتحر؟
-
اسرائيلي واحد بألف عربي؟ يا بلاش
-
وزير الدفاع العراقي يعلن الحرب على الشيوعية
-
انقلاب عسكري في بغداد.. قريباً
-
عفية .. والله عفية
-
كشف الغُمّة في تبيان غباء قادة الأمة
-
رسالة عراقية الى الغرباء
-
قصائد تشبه الموت
-
الحرب الطائفية وحدود جهنم
-
قفوا معنا لنكون معكم
-
وطنٌ بلونِ ألسماء
-
المشهد السياسي العراقي واحداث سامراء
-
الشيعة الى السلطة.. والعراق الى الجحيم؟
المزيد.....
-
سوريا.. إلقاء القبض على مسئول أمني سابق ارتكب جرائم قتل وتعذ
...
-
معاناة الأسرى المفرج عنهم بسبب التعذيب والتنكيل داخل سجون ال
...
-
الجزيرة نت تفتح ملف المعتقلين السوريين في سجن رومية اللبناني
...
-
المرسوم الرئاسي وملف الأسرى
-
عدالة القضية الكردية وتطلعاتها المشروعة
-
صمود المقاومة أركع العدو الصهيوني الأميركي مجددا في صفقة الأ
...
-
وكالة الاونروا: 40 ألف فلسطيني اجبروا على مغادرة منازلهم بال
...
-
وكالة الاونروا: لا توجد وكالة اممية اخرى قادرة على تقديم الخ
...
-
وكالة الاونروا: الوضع المالي للوكالة سيئ وليس هناك وضوح بشأن
...
-
الولايات المتحدة.. ترحيل دفعة ثانية من المهاجرين الهنود المخ
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|