صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 7706 - 2023 / 8 / 17 - 22:33
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
تؤدي الإدارة السليمة للموارد المائية بالنتيجة إلى المحافظة الامثل على مصادر المياه الطبيعية، والاحتفاظ بالمياه المتوفرة لأوقات تشح فيها، وتحقيق التوازن البيئي المطلوب لمصادر المياه.
وإدارة الموارد المائية تحقق أمرين هامين يؤثران مباشرة على حياة الناس، أولهما توفير مياه الشرب على مدار العام لجميع المناطق لاسيما في فصل الصيف، والامر الآخر تنظيم توزيع المياه على المساحات الزراعية بتحقيق مياه نظيفة غير راكدة، ويمكن أن ندرج تحسين الرعي وتطويره ضمن هذا السياق، بتوفير الماء غير الملوث للحيوانات الأليفة.
والعراق بصفته بلد الرافدين كان أولى بمسؤوليه المعنيين أن يلتفتوا إلى هذه الناحية، وان يستفيدوا من كميات المياه المتواجدة في موسم تساقط المطر، بدلا من أن تتسرب المياه من مجاري الانهار إلى الخليج في جنوبي البلاد ويذهب الماء هباء، وأولى الأمور التي يتوجب العمل عليها هي انشاء الخزانات والسدود في المناطق الملائمة لذلك، للاستفادة من المياه المخزونة في وقت الحاجة.
يتذبذب الموسم المطري في العراق عادة، وفي موسمي الخريف والشتاء الماضيين كان الأمر جيدا، وحدث تساقط جيد للأمطار، وفي بعض الأماكن وقعت سيول وانجرف الماء من دون جدوى في التربة، ولم توجه المياه إلى الأماكن المطلوبة في مناطق كثيرة، لاسيما في مناطق بدرة وجصان وزرباطية مثلا؛ لانعدام تواجد السدود في تلك المناطق، وكان يفترض من الجهات المعنية المباشرة في إنجاز بناء السدود والخزانات في تلك المناطق وغيرها، لاسيما أن السكان يعانون من الجفاف وشحة المياه الصالحة للشرب في كل موسم صيف، ولا نعرف مسوغات الاصرار على التقاعس عن إنشاء السدود لحفظ المياه، اذ لا يجب أن تتواجد مسوغات لذلك التقاعس، فليس من المنطقي أن نتهاون في إجراء ذلك الأمر لمجرد أن الموازنة تأخر إقرارها مثلا، اذ ان نتائج ذلك وخيمة ويدفع نتائجها السكان من دون أدنى شك.
ان معظم السدود الحالية إذا لم نقل جميعها جرى بناؤها في الحقبة الماضية، ولم تعد تفي بمتطلبات المواسم المتغيرة أو بالتعامل مع كميات المياه الزائدة في بعض الأحيان، وتلك هي مسؤوليتنا، وبهذا الصدد لم تعد المبررات بشأن قطع تركيا او إيران للماء مقنعة، اذ ان المسؤولية تقع على عاتقنا؛ صحيح أن التفاوض مع تلك البلدان لإطلاق حصص العراق المائية مسألة مهمة، ولكن من الصحيح أيضا أننا يجب أن نسارع إلى إنشاء المقدمات والأسس الضرورية للمحافظة على المياه بمشاركة جميع المعنيين سواء في وزارة الموارد المائية او الزراعة أو الإعمار والإسكان والبلديات وغيرها من الجهات، فمن دون ذلك لن نتمكن من حفظ مصادر المياه والمحافظة على التوازن البيئي المائي المطلوب.
فمثلما تسعى الدول المجاورة إلى الحفاظ على مواردها المائية ببناء السدود وان جرت المبالغة في ذلك، فإن علينا واجبنا تجاه سكان العراق ببناء منشآت خزن المياه اولا، ومن ثم مفاوضة تلك البلدان على خصصنا المائية المطلوبة على وفق القوانين الدولية التي تنظم تبادل مصادر المياه بين بلدان المنبع وبلدان المصب، مثلما يحدث في حالة حوضي دجلة والفرات ومنابعهما؛ ومن دون تلك الاجراءات وغيرها يكون عملنا بغير جدوى.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟