شاهر أحمد نصر
الحوار المتمدن-العدد: 7706 - 2023 / 8 / 17 - 20:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عرف تاريخ الشعوب كثيراً من التجارب التي ساهمت فيها النخب الحاكمة في انهيار الدول، ربّما كانت تجربة انهيار الاتحاد السوفيتي خير مثال على ذلك، إذ تربى في صفوف الحزب الشيوعي قائد الدولة والمجتمع مجموعة من الانتهازيين ترقوا في مناصبهم حتى أصبحوا أعضاء في اللجنة المركزية للحزب ورؤساء الجمهوريات والحاشية التي تتراقص حولهم، وكان واضحاً لكل مراقب من الداخل كيف عاشت تلك النخب في النعيم (الجنة) بينما العمال والفلاحون والإنتيليجنتسيا استمروا يضحون ويعيشون حياة متواضعة خدمة للدولة في صراعها مع القطب الرأسمالي المعادي لها...
ولمّا حان الوقت لتقول تلك النخبة المنعمة كلمتها للحفاظ على الدولة وتوقيع المعاهدة الجديدة لبناء الاتحاد السوفيتي عام 1991، حينما كانت جميع شعوب الاتحاد السوفياتي في حاجة إلى الحفاظ على الروابط الاقتصادية والثقافية القائمة، على الرغم من ذلك، فإنّ رؤساء هذه الدول، ونخبة الحزب الشيوعي قائد الدولة والمجتمع عموماً، وضعوا مصالحهم الشخصية في المقام الأول، وبعضهم أصبحت تربطه مصالح اقتصادية مع رساميل أجنبية، وفككوا الدولة كي يتربعوا زعماء عشائر في اقطاعياتهم وكازياتهم الجديدة...
أجل، ثمّة خطر من أن تساهم النخب الحاكمة في تدمير دولها، إن لم تبنَ دولة المواطنة على أسس ديمقراطية تداولية سليمة تسمح لأبناء الشعب بمراقبتها مراقبة حقيقية، ومحاسبتها ايضاً، لا سيّما إذا ارتبطت مصالح أعضاء تلك النخب مع دول لديها مشاريع معادية لدولتهم في ظل بنية اقتصادية من أكثر البنى الاقتصادية ضيقاً وانسداداً للأفق تلك البنية التي يختلط فيها اقتصاد النخبة الحاكمة مع اقتصاد الدولة، ولا سيّما حينما يصبح المهيمنون على السلطة والاقتصاد غير مستعدين لمراعاة أي قانون ولا ضبط أنفسهم واحترام حتى تلك القواعد والأعراف التي يعلنونها هم أنفسهم للمجتمع ولرجال الأعمال والاقتصاد...
وقد أثبتت التجارب أن الحماية من خطر تلك النخب، وحلّ الأزمات السياسية والاقتصادية المستفحلة والخانقة التي تسببها سياسة تلك النخب تتطلب معالجة سياسية وتشريعية بنيوية وانقاذية تفتح أبواب الحريات الواسعة، في بنية سياسية ديمقراطية مرنة ومتطورة وتضع اقتصاد ونشاط تلك النخبة تحت رقابة الدولة والمجتمع، وتحد من الفساد ومن سوء استخدام السلطة من قبل النخبة الحاكمة وأقاربهم، والحد من تدخلهم في الاقتصاد... واعتماد آليات تنفيذية تحمي مصالح الشعب والرأسمال الوطني والمستثمرين الحقيقيين... ونهج سياسة دولية متزنة تحمي مصالح الشعب والبلاد واستقلالها ووحدة أراضيها..
#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟