أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب خليل - الحكم على صدام, فرحة نصر وتفاؤل حذر















المزيد.....

الحكم على صدام, فرحة نصر وتفاؤل حذر


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 10:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين مصدق عينه وبين مكذب, استمع العراقيون الى القاضي وهو ينطق بحكم الإعدام على الدكتاتور السابق صدام حسين الذي اذاق شعبه المر والهوان. تنفسوا الصعداء, لكن العراقيون تعودوا ان يقلقوا حتى في لحظة الإنتصار, فما مر بهم حتى بعد ان وضع الطاغية في القفص, لايدعوا الى التفاؤل والإحتفال. فالرجل مازال حياً, رغم انه اقترب من قبره خطوة كبيرة, لذا يقرأ العراقيون وهم محقون, ما بين السطور بقلق.

وأول المقالق هي ان تكون هذه واحدة من التمثيليات الأمريكية, قد يتم التراجع عنها بعد ان تكون ادت غرضها في انتخابات الكونكرس بعد يومين. لقد تناقلت الأنباء قبل فترة تأجيل الحكم على صدام حتى قبل يومين من انتخابات الكونكرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ ( حيث سيتم التصويت لثلث المقاعد) والنواب حيث سيتم التصويت لإنتخاب جيمع النواب, اضافة ال انتخاب حكام 36 ولاية. بشكل خاص ركزت على الموضوع وسائل اعلام الحزب الديمقراطي, الذي اشار البعض من كتابه بحق الى ان "المصادفة" التي تستدعي بلا شك كتابة بعض المقالات, لم تحظ بأي اهتمام اعلامي يذكر من قبل وسائل الإعلام المعروفة
مدير الحملة الإنتخابية للحزب الديمقراطي, جيم جوردان كتب في مجلة "الأمة" اليسارية: "من الواضح تماما ان الإدارة قد وقتت المحاكمة للتأثير على الأنتخابات النصفية, ولإشغال الناخبين عن الفشل الإقتصادي والسياسة الداخلية المكروهة".

وحول تأريخ التوقيت الإعلامي الأمريكي للأحداث لاحظت (Media Matters ) ان الإعلام كان صامتاً تقريباً كذلك عن تقرير مجلة "لوس انجلس تايمز" في 11 اكتوبر 2004, والذي اشار الى ان ادارة بوش كانت تخطط لتأجيل العمليات العسكرية ضد مراكز المسلحين في العراق حتى ما بعد انتخابات الرئاسة عام 2004, خوفاً من سقوط اعداد كبيرة من القتلى الأمريكان فيها (*1).
وفي مقالة نشرت في (Media matters ) في 19 تموز 2004, اشير الى مصدرين من الأمن واخر من وزارة الداخلية في الباكستان قالوا بأن ادارة بوش كانت تضغط على المسؤولين الباكستانيين ليقوموا بألقاء القبض على ما يسمى " اهداف عالية الأهمية" خلال فترة انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 2004, وبالفعل اعلنت الباكستان في 29 تموز, وقبل ساعات من استلام جون كيري ترشيحه للرئاسة من قبل الحزب الديمقراطي, اعلن القاء القبض على احمد خلفان كيلاني, احد المتهمين الرئيسيين من منظمة القاعدة في تفجير السفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا عام 1998, ثم تبين فيما بعد ان السلطات الباكستانية كانت قد اسرت الكيلاني قبل اربعة ايام وأجلت اعلان النبأ الى ذلك الحين. (*1)

وكذلك اشارت محامية صدام بشرى خليل الى مشكلة التوقيت, وقالت بلهجة تهديد واضحة, ان الحكم بتجريم صدام سيجعل من العراق مركزاً للعنف, وقالت من بيروت ان الحكم بالموت على صدام سيفجر المنطقة, وسيشتعل الجحيم على الجيش الأمريكي, وان تأجيل الحكم الى هذا الوقت يدل على استخدام الإدارة الأمريكية للمحكمة كاداة اعلامية (*2).

بالمقابل اشار البعض الى ان استفادة الجمهوريين من الحكم على صدام ليس مؤكداً باعتبار ان اية اثارة لموضوع العراق لن يكون في صالحهم. لكن من المشكوك به تماماً ان يكون هذا الموضوع غائباً عن ذهن اي ناخب. مثال ذلك ملاحظة كارول دوهيرتي (Carroll Doherty ) من معهد (Pew Research Center ) : "كل ما استطيع ان اقوله هو ان موضوع العراق سيكون الموضوع الرئيس في الحملة, وانه سينشط اصوات الديميقراطيين". أما ستيفان هيس (Stephen Hess) من معهد بروكلنكز في واشنطن فيرى ان تأثير مثل ذلك الحكم سيكون متواضعاً باعتبار ان اغلب المصوتين قد اختاروا موقفهم من العراق, لكنه اضاف ان ذلك يمكن ان يؤثر على الناخبين المترددين, وانها ستستخدم من قبل الجمهوريين لتذكير الناخبين بالهدف الذي دخلت اميركا من اجله العراق.

من الصعب اعتبار ذلك صدفة في تلك الدقة في التوقيت, خاصة وان ادارة بوش كان لها تأريخ غني في توقيت الأمور المتعلقة بالأمن القومي والعراق بشكل يتلائم مع الأجندة السياسية والإنتخابية. بل ان الأمر تعدى ذلك الى توقيت بعض العمليات الحربية مثل الإنزال في الصومال الذي تأجل لكي يمكن نقله حياً الى التلفزيون الأمريكي.
ليس هناك ما يدعو الى الإعتقاد الى ان الأمر كان عكس ذلك هنا. ورغم انه من الممكن المناقشة بأن اي توقيت كان سوف يستخدم بلا شك لنفس الحجة, لكن التوقيت كان دقيقاً للغاية ليكون الخبر ساخناً جداً وبنفس الوقت يأخذ وقتاً كافيا قبل الإنتخابات لضمان اطلاع معظم الناس عليه. ولكن إن كان التوقيت مدبرا فهذا لا يعني ان الحكم مدبر بالضرورة لنفس السبب, فحكم بالسجن المؤبد كان سيعطي نفس المردود في اميركا: صدام تمت محاكمته وحكم عليه, لذا فأنا اعطي الحق لمن يشكك في التوقيت, لكن لادليل هناك على تأثير ذلك على الحكم نفسه.

"عندما تنظر الى استطلاعات الرأي" كتب سكوت هورتون, رئيس لجنة القانون الدولي في مجلس مدينة نيويورك, " فستجد ثلاث قمم واضحة. الأولى حين القي القبض على صدام, والثانية حين جرت الإنتخابات العراقية, والثالثة عند مقتل الزرقاوي. واستناداً الى هذه النقاط الثلاثة فيمكن بسهولة ان نتوقع ان يحصلوا على رفعة صغيرة من هذا الموضوع. هذا لا يمكن ان يكون صدفة, كما ان ليس هناك اي امر في السياسة حول العراق قد ترك للصدفة". يؤكد مثل ذلك مايكل كوردون في كتابه "كوبرا 2" حيث يبين ان كل معركة للجيش الأمريكي حول بغداد كانت قد كتبت بعناية من اجل الإستهلاك الإعلامي. (*3)

من كل هذا, ومن تأريخ العلاقة الأمريكية العراقية يمكن القول بثقة ان كان هناك تأثير على التوقيت لإصدار الحكم, وانه تأجل من اجل فائدة بوش الذي يعاني من وضع شديد السؤ في بلاده, حيث اشار احد الكتاب الى ان بعض المرشحين من الحزب الجمهوري لم يعلنوا انتمائهم له في اعلاناتهم الإنتخابية.
هذا امر مؤسف بالنسبة للعراقيين, خاصة وان تذكرنا ان الكثير من العراقيين قد قتلوا من اجل اظهار العراق كبلد قانون يحاكم بشكل نظامي حتى امثال صدام حسين ويمنحهم فرصة للمحاكمة العلنية, وهو وإن كان تحت تأثيرات كثيرة فانه بلا شك افضل بمئات المرات مما كان صدام حسين يسمح به لخصومه. لقد كلفت هذه الصورة الإيجابية عن العراق لحد الآن العديد من الناس الذي قتلوا بسبب المحاكمة وطولها بشكل مباشر, وعدد كبير جداً بشكل غير مباشر, لذلك فقد كان واجباً على الساسة العراقيين والمحكمة العراقية ان لا تسمح بتوقيت اصدار الحكم بشكل يشوه تلك السمعة الغالية الثمن ولو بشكل جزئي.

كذلك مايزال هناك بعض القلق من ان الحكم قد لاينفذ, فهناك ما زال الإستئناف وامكانية الإعتراض على الحكم بشكل قضائي او النقض الإجرائي. وحول هذه النقطة الأخيرة اشار احد القضاة في قناة العراقية الى ان القاضي اخطأ حين لم يبلغ المدانين ان اوراقهم ستحال الى الإستئناف حتى دون طلب منهم, وهو الإجراء القانوني الصحيح. اضافة الى ذلك سيحاول المحامون بلا شك الطعن في نزاهة المحكمة والإشارة الى الضغوط التي سلطت عليها. ومما لاشك فيه ان ابسط الأخطاء ستستخدم حجة للضغط لتغيير الحكم او تأجيله واعطاء فرصة اكبر لكي يفرض العنف اجندته على القانون في الموضوع.

إضافة الى ذلك فسوف يتوجب إنتظار توقيع الرئيس على الحكم, وهو امر اثار الرئيس الطالباني المقالق بشأنه قبل فترة. ولكن مما لاشك فيه ان الناس لن تصدق اي حجة او قصة لعدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق صدام وبرزان على الأقل, وستعتبر اي تغيير فيهما مؤشرا الى ان الموضوع كله كان لعبة امريكية لتمرير الإنتخابات ثم الغاء الحكم, والناس محقة في ذلك تماماً في وضع العراق شديد الإبهام. لكن ثمن ذلك سيكون غالياً ولن تتمكن اية حكومة من اقناع الناس اطلاقاً, مهما تحدثت عن استقلال القضاء وعدم امكانية التأثير فيه. في هذه الحالة قد يتوجب لحل هذا الإشكال حدوث انقلاب, او تمثيلية انقلاب, والمجيء بـ "حكومة انقاذ" تكون نظيفة من مسؤولية ما حدث, لكنها ستقبل الأمر الواقع على اساس انه حكم قضائي. هكذا سنحصل على حكومة بريئة نسبيا من التهمة, وبذلك اكثر قدرة على التعامل مع الناس, ولكنها في نفس الوقت معتمدة في وجودها تماماً على الوجود الأمريكي, لذا سيتم في هذه الحالة فرض الأجندة الأمريكية بشكل تام, من عقود مشاركة انتاج النفط وقواعد عسكرية طويلة الأمد واقتصاد سوق حر اشد كثيراً في قسوته مما هو في اميركا تماماً كما حدث عندما قتل السادات في مصر, وجاء مبارك, نظيفاً من العار الذي الصقه السادات بنفسه, ولينفذ نفس سياسته, وهكذا تحقق اميركا كل امانيها في العراق.

على اية حال, لنفترض اننا قد ذهبنا بعيداً في تشاؤمنا,و لنأمل خيراً ولنمتنع عن تخريب التفاؤل بما تحقق لحد الآن. فالحكم على صدام يعتبر انتصاراً وخبرا مفرحاً للعراقيين بعد سلسلة طويلة من الأخبار المحزنة وخيبات الأمل والخوف والمعاناة التي لم تنته بعد, ولعل هذا الإنتصار يكون فاتحة خير تحث الأمل من جديد في هذا الشعب الذي طال عذابه. فالحكم على صدام رمز كبير للحكم على الظلم والدكتاتورية الطاغية البشعة, وسيبقى هدف العراقيين الحفاظ على هذا المكسب واخراج قوات الإحتلال دون التنازل عن الديمقراطية. الأشهر القليلة القادمة ستقول الكثير عن مستقبل العراق لعشرات السنين.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم على صدام, وتفاؤل حذر
- أمسك خصمك متلبساً بقول الحق وامتدحه!
- كيف عادت -صدام حسين يلوك النه-؟
- نظرية بابل*
- أحداث العراق الجسيمة: غزلان وتماسيح
- غيلان: تعويذتنا الواقية من الإنهيار
- برلمانيوا العراق كقدوة حسنة
- اللصوص تشكر حماتها علناً
- إنه يبكي، ذلك القاضي الذي اسعدكم!
- أبي يجد جواباً لحيرته: بحث عن الحقائق في موضوع العنف في العر ...
- وجيهة الحويدر إمرأة تخاف ظلها
- أبي يفتش عن جواب لحيرته : بحث عن الحقائق في موضوع العنف في ا ...
- العراق المترنح بين فدراليتي الإبتزاز والجبن
- ملاحظات حول وثيقة المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
- العلم العراقي: المشكلة والحل
- قرار الرئيس
- النفط والفدرالية
- الحكام العرب أسلحة دمار شامل اسرائيلية
- النفط العراقي وتساؤلات حول الخصخصة والإستثمار وعقود الشركات ...
- هل تحمي الديمقراطية نفط العراقيين؟


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب خليل - الحكم على صدام, فرحة نصر وتفاؤل حذر