محمد احمد الغريب عبدربه
الحوار المتمدن-العدد: 7703 - 2023 / 8 / 14 - 20:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
دريدا لما يكن الا المفكك الاكبر لكل ما هو عائق امام الوصول الي الحقيقة، او الشئ الاكثر صفاءا واخلاصا في المعرفة، ازاح كل شئ بمطرقة دريدية عتيقة من اجل الولوج الي نفق عميق الي نطقة لم يلتفت اليها احد من قبل، كان يفكر بالليل وهو يضع يده تحت ذقنه، اين هي الحقيقة، لا اريد زيفا، ويستعجب من نفسه، هل هو صوفي الهوي، صوفي المعرفة، يريد ان يفكك كل شئ امامه حتي يصل، انها مهمة مستحيلة وضعها دريدا لحد وفاته، كان مشغولا حزينا بازالة الزيف من المعرفة، عندما تقرا له، تشعر بحزنه المحفور في كلماته، تشعر ان كلماته تقطر دمعا من اجل حقائق اخفاها البشر خوفا من قول الحقيقة، البشر لا يريدون سوي مرور الوقت في حالة سلام وامان بعيدا عن الحقائق التي تسبب الالم، وكان دريدا متألما في كتاباته اشد الالم.
فقد ثقته في اشياء كثيرة لقول الحقيقة او القدرة علي التلفظ بمنطق في الفهم العام، منها اللغة والصوت والميتافزيقيا والدين، رأي ان الكلمات كلها التي تكون اللغة جاءت من سلطة الله، وبذلك لم تكن الا في قلب منطقية العالم التي يحكمها طبيعه الكون المعتادة والصراعات النسبية البشرية,ضرب مثالا بذلك في اسطورة ابراج بابل، وان اللغة كنت مصدر معرفة وقلق لشعوب بابل، فهل يمكن الثقة بها. وبالتالي فقد صلته باللسانيات وما هو لغوي، وفكك كل ما به حتي يجد شئيا يستند فيه للحقيقة ولكن هدفه ذهب الي سراب، غريبا هذا الامر فكل كلامنا ما هو الا لغوا وهباء ليس به حقيقة، نلعب بالكلمات مع الاخرين ومع انفسنا من اجل الخداع والهروب من الحقيقة وألم النقاء، لا احد يريد باللغة سوي اوعيه محكمة من الخداغ.
لم يجد سوي الكتابة منفذا اخري بعد تفكيك كل شئ، ولكنه اضع شروطا معقدة للوثوق في الكتابة لفهم المعرفة، استراتيجيات تفكيكية، تداخل النصوص مع بعضها البعض، البحث عن الاشياء التي لا تحضر في النص، عنصر الغياب، الهوامش والغياب في النصوص التي لا تتحدث الا عندما ينتهي دور المؤلف والنص، اليس غريبا ان يرفض الحضور كشئ بديهي في الحياه، ويضع ثقته في عنصر الغياب الذي يهابه الحميع، هو يريد بذلك لعبة الحضور والغياب ولعبة الحواشي والهوامش والاشياء الغير مهمة، كل ذلك يجده مهما في فهم النص والكتابة، فعندما يكتب المرء فعلا حتي لو كتابات شخصية لا يريد قول الحقيقة، فما هو حقيقي يكون غائبا للغاية، وهو ما يريده دريدا بكل قوة في تفكيك النص، وما يكتبه المرء في شكل هامشي يكون هو الحقيقي هو الدافع الرئيسي لافعاله، ولكنه يكتبه علي استحياء ويهمشه.
سلسلة من التصوف في كل شئ والتجريد الدائم والتفكيك اللانهائي والحزن الكتابي نجده في كتابات دريدا لا تتوقف، انه يلهث وراء نفسه الحزينة التي لن تشبع عن قول هذه المعرفة الصوفية القوية، متصوف زاهد في كتاباته حول سؤال الحقيقة وازالة الزائف.
#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟