أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ثائر دوري - في مديح البرتو فرنانديز















المزيد.....

في مديح البرتو فرنانديز


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 10:38
المحور: الصحافة والاعلام
    


- 1-
كانت بضع كلمات نطق بها البرتو فرنانديز،الغني عن التعريف،على قناة الجزيرة كافية لتنطلق مشاعر الحب المكتوم التي يكنها بعض المثقفين العرب له، فالرجل قضى جزءاً كبيراً من حياته في دمشق و عمان كملحق ثقافي و أشرف ، على ما يبدو، على نسج علاقات واسعة في الأوساط الثقافية و مع المثقفين عبر الزيارات الدورية التي كان ينظمها لهم إلى الولايات المتحدة تحت مسميات و حجج مختلفة . و قد رأينا نموذجاً من المديح الذي انهال على الرجل في مقالين نشرتهما جريدة القدس العربي يوم 31/10/2006
فقد كتب الكاتب العراقي علاء الدين الأعرجي يتغزل بذكاء الرجل و يشيد بتعاطفه مع الهموم العربية ، و يجد العذر له لأنه لا يستطيع أن يبوح بحبه للعرب ، فيقول :
((ان هذا الرجل في غاية الذكاء، وهو بالاضافة الي ذلك، يتعاطف مع الهموم العربية ويقدرها حق قدرها، ولكنه لا يتمكن من البوح باكثر مما قال بحكم منصبه الحساس . هذا ما قلته لزملائي ونحن في طريق عودتنا الي نيويورك، معلقا علي المقابلة والحوار معك بعد ان تفضلت باستقبالنا في مكتبك في وزارة الخارجية الامريكية، في واشنطن مع الزميل عهد البكري ، مدير صحيفة الشرق في الولايات المتحدة.))
لكن الصّب تفضحه نظراته أو كلماته ، و قد فضحت كلمات فرنانديز حبه لنا و لقضايانا ، و كل ذلك حسب علاء الدين الأعرجي . لذلك لا يجد الأعرجي بداً من أن يهنأه من كل قلبه ، و يعده بوصل قريب ، ثم يخبره أن أرواح ستمائة و خمسون الألف عراقي قد ارتاحت لكلماته ، لذلك فهي ترقد في قبورها راضية مرضية ، فقد وصلها حقها ، على ما يقولون بالعامية الدارجة . يقول الأعرجي :
((لذلك أهنئك من اعماق قلبي بالنيابة عن الملايين الذين استمعوا اليك وصفقوا لك. اما الاعتذار فما هو الا شغاف شفاف وضعتـُه علي ذلك الجسد الرائع لتلك الغادة الحسناء المعروفة باسم الحقيقة ، فزادها جمالا وسحرا وتألقا، فتضاعف شوق الملايين من ارواح القتلي الذين قضوا في هذه الحروب المدمرة، ومئات الملايين من البؤساء والمشردين والمظلومين والمحتقرين، الي رفعها علي الرؤوس، كآلهة تبجل بل تعبد.))
ثم يسهب الأعرجي بفضائل هذا الاعتراف الفرنانديزي ، فيفحصه من كافة جوانبه النفسية و السياسية و الاقتصادية حتى كاد أن يؤلف كتاباً حول ما قاله فرنانديز ، و ربما يفعل ذلك في المستقبل !
أما المقال الثاني فهو لكاتب أردني اسمه مالك العثامنة و قد نشرته القدس العربي في نفس اليوم 31/10/2006 في بريد القراء حتى أنه يجوز تسمية عدد القدس العربي لذلك اليوم بـ " عدد فرنانديز "!
يقدم مقال العثامنة صورة (( كلوز آب)) ، بالتعابير السينمائية ، للسيد فرنانديز ، لأن مالك العثامنة تربطه ، على ما يقول ، صداقة بالسيد فرنانديز ، فالرجل ، حسب العثامنة ، ولد في هافانا عاصمة الدكتاتوريات في العالم ، و لأن "المجرم" كاسترو أعدم جده المفوض في جهاز البوليس الخاص بالحاكم الحداثي ، الديمقراطي ، الوطني باتيستا ، فلم تعد الجزيرة التي حولها كاسترو إلى سجن تتسع لعشق فرنانديز للديمقراطية ، فهاجر إلى فضاء الحرية و التعدد و حامية حمى الديمقراطية ، نعني الولايات المتحدة الأمريكية ، و هذا هو سر عشق فرنانديز للديمقراطية و كرهه لأي نظام دكتاتوري ، و مالك العثامنة للأسباب السابقة الذكر يصدق كل ما يقول فرنانديز ( يجب أن نلاحظ هنا أن نظام باتيستا الذي كان جد فرنانديز يعمل بخدمته نظام ديمقراطي جداً ، كما أن جيشه و مفوضي بوليسه لم يرتكبوا أي مجازر بحق الطلاب و الفلاحين ) . و يتابع العثامنة رسم صورة فرنانديز ، إلى حد يصح معه أن نسمي المقال بورتريه شخصي لفرنانديز ، فيقول :
((وكدارس للغة العربية، تبحر فرناندز في تاريخ العصور الوسطي للعالم الاسلامي، وهو من المثقفين بكثافة فيما يتعلق بتاريخ الحروب الصليبية، وعصور المماليك، وقارئ جيد للتاريخ العربي، اضافة الى شغفه الآخر بالسينما الكلاسيكية الراقية، مما يعكس شخصية ذواقة للفن الرفيع.))
هذا ما يعمله فرنانديز في حياته الخاصة . أما ما يعمله في خدمة بلده فأمر آخر ، ولحسن الحظ فإن العثامنة كان صريحاً جداً ، فيقول :
((لكن اكثر ما يميز البرتو فرناندز كشخص، هو ايمانه المطلق بالتغيير الممكن، وتجاوزه لحدود ما يمكن اعتباره مستحيلا لفرض نظريته حول امكانية تغيير الافكار المتطرفة، ومواجهتها بذكاء انساني، لترتد الافكار المتطرفة علي ذاتها وبذاتها، فتتغير (( .
و بالطبع فإن الأفكار المتطرفة التي يغيرها فرنانديز هي من نوع : التمسك بالحقوق الوطنية ، رفض السياسة الأمريكية في فلسطين و العراق ، دعم الفكر التحرري المقاوم ، الدعوة إلى مقاومة الهيمنة الأمريكية .......الخ ، و كي لا يتركنا العثامنة نخمن يقدم مثالاً عملياً عن بعض ما أنجزه فرنانديز ، فيقول :
((ذات مرة، ارسل البرتو شابا موهوبا، الي الولايات المتحدة في دورة دراسية، هذا الشاب، كان مرتبطا بحزب التحرير المتطـــــرف، وبوساطة مني وعلي غذاء في عمان، قابل البرتو الشاب، وصمــــم علي ارساله الي امريكا (متشيغان)، واسر لي البرتو حينها ان الشاب موهوب ولامع وذكي، ومن الخسارة ان يبتلعه التطرف، ورؤيته تكمن في ان الشاب لا بد ان يـــــري الشيــــطان الاكبر كما هو، وهو مــــتأكد ان قناعاته ستتغير لوحدها. هذا الشاب، عاد الي الاردن، وهو الآن من اهم كتابها الاسلاميين التنويريين والليبراليين.
وبعد خدمته في الاردن، تم نقل البرتو الي افغانستان، وما فعله هناك، كملحق اعلامي وثقافي، انه كان يرسل المتطرفين المقربين من طالبان الي امريكا نفسها في زيارات دولية، ليعودوا بنمطية جديدة في التفكير، اكثر عقلانية واكثر اتزانا ..))
أي أن ما يعمله فرنانديز في أوقات دوامه الرسمي ليس مشاهدة السينما ، بل غسل أدمغة الشباب و المثقفين عبر الزيارات التي ينظمها لهم ، و عبر المنح التي يمنحها لهم . و قد صدق العثامنة في كل ما قاله ، و لا أظن أن صديقاً من أصدقاء فرنانديز في سوريا و لبنان و الأردن و أفغانستان يجرؤ على كتابة ما كتبه . رغم أننا بحاجة لأمثال هذه الشهادات حتى نعرف عن الرجل أكثر ، فنعرف أي دور أداه في التحولات الفكرية التي تشهدها أوساط المثقفين ، و ما هي حجم العلاقات التي نسجها في مجتمعنا ، و كم من الأفكار "المتطرفة " تغيرت على يديه ، و من هؤلاء الذين تغيروا ، و ماذا يفعلون الآن . هل تحولوا إلى ليبراليين تنويريين ، كما تحول الشاب الذي تحدث عنه العثامنة
-2-
لي صديق يعمل في مجال التسويق و قد سيطرت مهنته على حياته فهو يعتقد أن كل ما يصرح به السياسيون الغربيون مستمد من مهنة التسويق ، كما يعتقد أن كل مانراه على شريط الأنباء من أخبار هو من صناعة خبراء التسويق ، و ضرب لي مثلاً . قال :
- عندما تريد أن تسوق منتجا، أو عندما تكون مندوب دعاية لمادة ما لا يجوز أن تعترض على أي انتقاد يوجهه المستهلك لمنتجك ، فإن قال لك إن منتجك يعاني من مشاكل .لا يجوز أن تجيبه : لا إن منتجي جيد و خال من العيوب ، و كلامك غير صحيح . فبهذه الطريقة ستنفّر الزبون و تخسره ، إنما تجيبه بالقول : أنت محق . نقطة . لكن ....
و بعدها تعود للحديث عن فضائل منتجك متجاهلاً كل ملاحظات المستهلك ، و بهذه الطريقة تكون قد مسحت كل ما قاله المستهلك و تركته سعيداً في الوقت عينه .
و ما تقوم به الإدارة الأمريكية ممثلة بالسيد فرنانديز هو تطوير لهذا النهج التسويقي ، فمندوبو تسويق سياسة الإدارة أمثال السيد فرنانديز لا ينتظرون أن يقول لهم المستهلك العربي إن سياستهم غبية ، و سيئة ، و تتسم بالعنجهية . بل يسبقونه لقول ذلك فيسحبون الأوراق من يده بأن يقولوا هم كل ما كان ينوي قوله . يقولون :
- أعترف أن سياستي كانت غبية و سيئة و تتسم بالعنجهية.......الخ .
و لا مانع أن يقول أحدهم بسياسة بلده ، أمريكا ، ما لم يقله مالك في الخمر ، ثم نقطة ، و بعدها لكن ....... و بعد لكن هذه تتابع كلامك ، فتقول: إن أمريكا بلد ديمقراطي يستطيع أن يصحح مساره و ما عليك أيها العربي إلا انتظار الانتخابات النصفية ، فإن لم تفلح بتغيير المسار فانتظر انتخابات الرئاسة الأمريكية ، فلا بد أن يأتيكم الحل و على طبق من ذهب ، و بعدها ستنتش بذور الديمقراطية و الرخاء في العراق . ...الخ . عندها يبتسم المواطن العربي المسكين بارتياح لأن فرنانديز نطق بلسانه ، و وعده بالحل الآتي على جناح الكونغرس الديمقراطي أو عبر رئيس جديد ، و بعدها سينفجر الحب المكتوم في أوساط المثقفين على طريقة العثامنة و الأعرجي .
أما السؤال البديهي عن شرعية العدوان و الغزو فسيضيع في النقاش حول أخطاء أمريكا التي يستفيض الأعرجي بشرحها .و ها أنا أسأل :
- على فرض أن أمريكا أثناء غزوها العراق لم تقتل، و لم تدمر الدولة العراقية ، و لم تقم بحل الجيش (على فرض حدوث هذه الأمور مع استحالة حدوثها لأن من طبائع الغازي أن يسلب و ينهب و يدمر الدولة التي غزاها ) على فرض حدوث هذه الأمور ، التي كما قلنا لن تحدث لأن للأشياء طبائع ليس لها تبديلاً . على فرض حدوث كل ذلك ، هل كان الأعرجي سيقبل أن تحكم أمريكا العراق ؟
فرنانديز موظف متوسط المرتبة في الإدارة الأمريكية ، و بالتالي فهو جزء من هذه الآلة الضخمة ، فلا يمكن له أن يجتهد أو أن يعبر عن رأي مخالف لرأي إدارته ، بل لا يمكن له أن يفكر مجرد تفكير برأي مخالف و إلا لاستقال على الفور . و تصريحاته تندرج ضمن سياسة التسويق الجديدة التي تتبعها الإدارة الأمريكية لسياستها ، والتي عبر عنها بوش بالحاجة إلى تغيرات تكتيكية أما الأهداف الإستراتيجية فثابتة . أي أن المنتج سيبقى نفسه لكن التغليف سيتغير.



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجديد الثقافة الوطنية و معركة التحرر من التبعية
- عصر الدكتاتورية العالمية يتمدد إلى علم التاريخ
- عزمي بشارة ونووي كوريا الشمالية
- تصريحات بابا روما من زاوية أخرى
- مساخر فكرية سورية
- هل هناك ما يمنع أن يكون المرء عاطفيا و عقلانيا في الوقت عينه ...
- التفجع على خمسينيات القرن العشرين
- خمس قوى في مركب واحد
- معنى استعادة قناة المنار لنشيد -الله أكبر فوق كيد المعتدي -
- المقاومة تعيد الاعتبار للإنسان أمام الآلة
- الفرق بين الصيد في المياه العكرة و المياه الصافية
- استبداد أم احتلال ؟
- من سيحاسب من في لبنان ؟
- مع المقاومة تحت أي راية كانت
- ولادة العربي الجديد
- قنابل نووية يدوية الصنع
- الإرهابي هو كل من يعارض مصالحنا
- تلفيقات فكرية سورية
- تيمور الشرقية قصة نفطية نموذجية
- خرافة الاستعمار الجيد


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ثائر دوري - في مديح البرتو فرنانديز