|
فُرض التخطيط السياسي والاقتصادي الامريكي على الشعب العراقي
خالد عيسى طه
الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 09:04
المحور:
الادارة و الاقتصاد
■ غرف مغلقة في امريكا ضمت عدداً من الامريكين وعدداً من العراقين المغتربين قبل بدء غزو العراق ، لدراسة وتحليل وطرح المقترحات وتقديم وصياغة كافة القوانين لرسم خطة تجعل العراق تحت المظلة الامريكية وجزءاً من الولايات المتحدة والولاية التاسعة والاربعين وبالتالي يكون عضواً مرتبطاً باسرائيل وأهداف اسرائيل ليشكل الشرق الاوسط الكبير يضم كافة دول المنطقة مع تواجد فاعل لاسرائيل. أتفقت أمريكا مع بعض الدول الاوربية وبمساعدة ومساندة عراقي المهجر ، بقصف العراق صباح يوم 20 آذار وانتهى باحتلال بغداد ولم تستمر الحرب سوى ثلاثة اسابيع وسقط نظام صدام الذي انهك العراق طيلة 35 عاماً وشمل الدمار ليطال جميع البنى التحتية للدولة العراقية بعد حل المؤسسات العسكرية والامنية وتحطيم منشآتها الاقتصادية والحيوية. أعلن الرئيس بوش بانتهاء العمليات العسكرية في العراق في 1 من أيار ، وأعلن بتصريح خاص في 8 ايار بمسؤوليته كقوة احتلال . وفي 22 ايار 2003 صدر القرار 1483 الذي " شرعن الاحتلال " واعترافه بالواقع وأصبحت بموجب هذا القرار قوات إحتلال تنطبق عليها إتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977. وتحولت القوات الامريكية من مفهوم قوات "تحرير" الى مفهوم قوات "احتلال". القوة الامريكية – الاسرائلية بدأت العمل بتطبيق خطتها التي رسمتها لتدمير البنية التحتية للعراق وهذا ماحدث على أرض معركة الاحتلال من دمار شامل شمل : قصفت الطائرات الامريكية بمساعدة ومساندة الصواريخ التي تنطلق من المنصات المتواجدة في الخليج وفي الكويت حصرياً ، وأصرت على تدمير كل ما بناه العراقين عبر عدة عقود وعقود ، كان التدمير بقسوة وتعمد للتساوى الابنية الشامخة ومعالم الحضارة مع الارض ، فهدمت البنايات العالية الضخمة مثل بناية البريد في الباب الشرقي وتكرر القصف عليها ثانية لتدميرها كاملاً ولم يكن هذا من ضمن الاهداف العسكرية التي تتطلبها معركة الاحتلال ، استمر القصف حتى جعلت بعض المناطق المدنية في العراق أثراً بعد عين ، هذا التدمير المتعمد الغير مبرر كان هو هدف الشركات العملاقة لتساهم بطلب من سلطة الاحتلال لاعادة اعماره وتقاضي ثمن هذا الاعمار من فائض اسعار النفط ، مهما ارتفعت اسعار كلفة هذا البناء وأخذ الارباح الاسطورية من التعامل التجاري في الشركات الامريكية وكان الهدف الاخر الخفي من هذا الدمار هو اضعاف قدرة العراق الاقتصادية وارجاع نمو معدلات نموه الى الصفر ، الامريكان لم يتركوا شيئاً للوصول الى تدمير العراق وتمزيقه إلا وأتوا به اثناء القصف ، فسرقوا المتاحف وفرغوها من الاثار التي ترمز الى حضارات عميقة في القدم منها الكلدانية والاشورية والبابلية وهذا خرقاً لاتفاقيات جنيف وخاصة الاتفاقية الرابعة. وهكذا بدأ مسلسل التخريب والتدمير ولم يقف ذلك على بغداد بل ازداد قسوة قصفوا الجسور بدون مبرر دكوا بنايات العراق دكاً مريعاً لاكمال المخطط الذي رسم بتقديم العراق خراباً ويبدأ من الصفر ليصبح ورشة عمل للشركات الامريكية والشركات متعددة الجنسية لغرض سحب ثروة العراق النقطية ، الامريكان استعدوا على هذه الخطة خاصة بعد ارتفاع سعر النفط بمعدلات غير متوقعة ووصل الى 60 دولار للبرميل الواحد من المعلوم ان استمرار هذه الحالة تحتاج الى اعادة تنظيم ووضع نظام اقتصادي سياسي يستطيع الاحتلال ان يبرهن وجوده ويشرعن تواجده ليقنع الرأي العام العالمي والمحلي محرراً للعراق وليس محتلاً وجاء لينشر الديمقراطية وليس ليوزع الارهاب وجاء ليمنع صدام من القتل والدكتاتورية. هذا التصور الذي كان يريده الامريكان والذي روج له حشّد من الاكاديمين العراقين بقيادة نفر منهم اقطاب مروجي سياستهم والرافضين بالاحتلال المستعدين الاجنبي للانقضاض على تربة الوطن بحجة التخلص من نظام صدام حسين ، اني عى قناعة ان الكثير من الاكاديمين ذوي الخبرة ساهموا في دورات وحضروا ورشات عمل في امريكا مقدمين خبرتهم سواء أكانت قانونية او اقتصادية أو أي مجال آخر كان بحسن نية ورغبة في خدمة البلد ومساعدة الشعب العراقي والرغبة في تقديم كل ما يخدم الوطن الذي أحبوه وتشردوا بسبب هذا الحب وذاقوا طعم الاغتراب بسبب كراهية صدام حسين لكل مخلص غيور يحب البلد.هكذا وجد العراق أكوام من المطالعات ومسودات القوانين وأحدث ما يكتب بالاقتصاد دبجتها أقلام كفوءة فيها الكثير من الروح الوطنية ، أعتقدوا ان الامريكان يقصدون ما يعلنون من تحقيق الديمقراطية وتحقيق العدالة والرفاه ضد حكم ظالم أرهابي شمولي كان صدام قد فرضه على العراق في ثلاثة عقود. قد ذهب كل هذا الجهد العظيم الهائل مع الريح لان الامريكان لم تصفوا مشاربهم ولم يصدقوا القول بل ان أجندتهم هي غير الذي اعلنوها وهكذا أتخذ الامريكان الخطوات التالية من أجل اضفاء الشرعية على وجودهم بعد ان خسروا ذلك وخسروا تبريرهم للاحتلال بسبب عدم مصداقيتهم في تبريره وكون صدام حسين يملك علاقة ما مع اسامة بن لادن والقاعدة ، وان لديه طاقة نووية مدمرة يمكن ان يدمر بريطانيا خلال ثلاثة دقائق ونصف حسب ادعاء رئيس الوزراء البريطاني وانه حتى ورغم تأكيد اصحاب الشأن المسؤولين على التفتيش ان صدام لا يملك هذا ولا يملك ذاك ونفيه من قبل الخبير البرادعي النفي المطلق. قام الامريكان بتعين عدد من اتباعهم وأكثرهم يحمل جنسيتين ومنهم من حمل ثلاثة جنسيات (امريكية – بريطانية – عراقية) شحنوا هؤلاء من امريكا واوربا وجاءوا الى السلطة حاملين مفاتيح القرار في جيبهم ، شكلوا مع الغير المجلس الوطني المؤقت ولم يكن هذا المجلس سوى في نظر الشعب العراقي طير ملون "ببغاء" يردد ما يطلب منه بول بريمر الحاكم الامريكي هذا الانسان الكل في الكل هو الحاكم والمشّرع وهو الذي يوزع المال والعمل والفرد العراقي لا يحصل على شئ الا ما شاء هذا الحاكم فأخذ العراقيون في معظم فئاتهم يتذمرون عكس الذين روجوا لافكاره والمستفيدين من تصرفاته القائمين بما يطلب منهم هؤلاء كانوا رضاه كما يطلب المسلم المؤمن والمقدس والبابا رضاء الله ..!! . حكم بول بريمر العراق يعجز التأريخ المعاصر عن وصفه ثم ذهب بريمر وذهبت معه مليارات التي أهدرها ووزعها على الشركات الامريكية وقدم العراق الاف الارواح وفقد العراق كل ما هو مفيد وكل ما بناه على مدى أجيال وأجيال ، انقطع الكهرباء وجف الماء واصيب الزرع والضرع بالضرر والشعب يقدم حياته فاقد الامن والامان والاستقرار بفضل وجود الاحتلال.حاول بريمر ان يكون ذا أثر في التاريخ العراقي الحاضر إذ قام باصدار 96 تشريعاً ولا أدري وانا أمتهن المحاماة على مدى ستة عقود متمرساً بين شارحاً ومطبقاً له مع هذه الخبرة لم أجد في تشريعات بريمر مصلحة كبيرة للعراق هي على الاكثر تخدم المشروع السياسي الامريكي الخاص بالشرق الاوسط الكبير خاصة في قانون الاستثمار وقانون شركات وتسجيل فروع الشركات الاجنبية وكلها تصب في مصلحة العولمة ورأسمال الاجنبي ورأسمال المزدوج الجنسيات ومع صدور هذه القوانين من قبل سلطة الاحتلال فان نفس السلطة خالفت القوانين وخاصة في مرحلة صياغة الدستور وغاب عن العراق روح العدالة ونفوذ القضاء والحماية الامنية للافراد العراقين وفي المقابل أندفع المتعاونين مع الامريكان في خدمة مصالحهم الشخصية وتعين ابناء طائفتهم والمحسوبين عليهم مكرسين الطائفية والعنصرية والمحاصصة التي تؤدي من حيث النتيجة الى تقسيم العراق . العراقيون لا ينامون على ضيم العراقيون يأبون ويكرهون وجود الامريكان فتعالت صرخات الغيارى وتراصف الوطنيون بقوس رائع الملامح ضمّ الكثير من الفئات العراقية التي وقفت ضد التقسيم والطائفية والعنصرية عليه جاء الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وكان في مهمته مدعوماً من دول الاقليم ومن البانتوكون وجاء برغبة من الامريكان ليضع العراق امام حالة من الاستقرار وإلا فان كارثة الحرب الاهلية قاب قوسين أو أدنى. كل الغيارى يصلون من أجل نجاح عمرو موسى في مساعيه. كل الطيبين يسجدون الى الباري عز وجل داعين الاستقرار والديمقراطية الى عراقنا الحبيب.
#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدستور العراقي : العيوب القاتلة !!
-
المظاهرات الاحتجاجية هي الوسيلة الناجعة لطرد الاحتلال
-
تيسير علوني : استقاء الخبر وحرية الصحافة !!
-
احتمالات نفوذ الغير في الاعلام العربي
-
لماذا...... وما سبب الزيارة المفاجئة لوزيرة الخارجية الامريك
...
-
المغزى الحقيقي لجعل صدام حسين أسير حرب
-
الديمقراطية سلعة نسوقها لمصلحتنا .. فقط
-
الارهاب : بين قوة التحدي وقوة الاحتجاج
-
الفوضى الامريكية الخلاقة
-
العراق يواجه سياسة الارض المحروقة
-
الشعب العراقي تحت مطرقة القوات الامريكية والمليشيات
-
غرقنا جميعاً في داء الطائفية !!
-
المغتربون لماذا يترددون في الرجوع ؟
-
يومنا مثل أمسنا...والعراق واحد
-
ابطال العراق بين الوهم والحقيقة
-
عراق بدون بعث .... أو بعث بدون دولة العراق
-
هل وضع العراق ... الامني .. والاجتماعي يتحمل المزيد من اللعب
...
-
حان الوقت على التعريف المحدد للإرهاب
-
هربت بجلدي.. من العراق الوطن الغالي لان أسمي عمر...!!
-
الشعوب لا تؤخذ بالتضليل الشعب العراقي... والفرنسي ..نموذجاً.
...
المزيد.....
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
-
-كورونا وميسي-.. ليفاندوفسكي حرم من الكرة الذهبية في مناسبتي
...
-
السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت
...
-
وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا
...
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|