|
المعتقدات وتضليل العقول
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 7702 - 2023 / 8 / 13 - 00:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا أحد ينكر أن المعتقدات تسيطر على مجتمعاتنا والتى تشكل للأفراد ثقافتهم الجمعية وهذه الثقافة هى المرجعية التراثية، فمنظومة العادات والتقاليد والمعتقدات هى التى تتحكم فى عقول البشر ولا تترك لها مساحة ما للتفكير فى الأمور البسيطة بل المعتقدات الدينية تعطيه كل الإجابات وعلى المؤمن أن يسأل ويطلب من رجال دينه ليعطوه الإجابات والحلول على مشاكله، المعتقدات هى التى تحد إتجاهاته وتوجهاته الدنيونية التى لا يجب أن يخرج عنها أو عليها، وهذه المنظومة العقائدية تسرى على الجميع والخروج عنها هو خروج عليها يعاقبه رجال الدين التابعين للسلطة السياسية، ليس هناك رؤى جديدة للماضى والحاضر والمستقبل بل هى رؤى ثابتة تأتى من تراث الماضى لتفرض نفسها على الحاضر والمستقبل.
هذا الإنسان لا يتفاعل مع الواقع لأنه مشبع بأفكار وصور الجنة وحورياتها أى حياة ما بعد الموت، حياة غيبية تتغلب على قدرات وإرادات البشر فى تغيير بوصلة حياتهم للأحسن لأنهم فى إنتظار تحقيق الوعد العقائدى، ومن هنا توجد الكثير من العقائد القاتلة لكل فكر وإبداع إنسانى ولسان حالهم: ليس فى الإمكان أبدع مما كان، وتصور للإنسان الإعتقادى عدمية المنطق وكما أستطاع فهمه من حياته قال فى سفر الجامعة النبى سليمان الحكيم: " باطل الأباطيل الكل باطل ...كل شئ باطل وسعى وراء الريح ولا منفعة تحت الشمس" !
أى منطق هذا الذى يجعلك وأنت كما يقول المعتقدين فيك إنك ملك وحكيم زمانك تلخص لهم تجربتك بعدمية الحياة وأن الكل باطل! أية حكمة عقائدية هذه التى من أجلها تركت ملكة سبأ مملكتها ورعيتها وجاءت إليك لتتعلم منك كلام المعرفة والحكمة الحقيقية؟ لماذا كل هذا التنكر للحياة ومنافعها ومباهجها وعلومها وأنت الذى ورثت الغنى والملك وكنت الحاكم العظيم الذى أمتلك كل شئ، أى خطأ أرتكبته الحياة فى حقك حتى تخاصمها وتنفى عنها أى منافع صنعتها لك الحياة أو لشعبك ولبقية شعوب الارض؟؟
يا لك من كاهن وملك شرير تكشف عن جذور حكمتك الشريرة التى لا نفع منها التى كنت تهذى بها أمام شعبك، وكنت ملك أوهمتك عقائدك بأنك عاقل حكيم لذلك ظل شعبك فى تخلفه وفقره العقلى، ولم يرى أحداً أى عمل أو مشروعات تفيد شعبك بل العمل الوحيد الذى أشتهرت به بحكم عقائدك التى سجنت نفسك فيها هو: هيكل سليمان!!
إنها الحياة التى تكشف لنا طبيعة الناس وخصائص شخصياتها وما تملكه من قدرات ومواهب على الأنتفاع بالحياة أو قتلها، وهذا ما رأيناه بمرور الزمن أستطاع بنى أسرائيل أحفاد داود وسليمان أن يورثوا عقائدهم لأولاد عمومتهم العرب، وبدأوا فى أكتشاف عبقريتهم وذكاءهم الحقيقى كما نراهم اليوم، الكثير من العلماء والأغنياء وأصحاب البنوك وغيرهم من شعب بنى إسرائيل رغم عددهم القليل فى العالم، بينما العرب يتعايشون على العقائد ويحكمهم التراث الماضى الثابت وقصور قدراتهم على فهم الفرق بين الماضى والحاضر، وسيظلون عبثاً يبحثون عن ضرورة صنع دولة العقائد القبائلية بدلاً من دولة المدينة الحديثة والمتقدمة.
أتذكر رمزاً وعالماً مصرياً كبير هو الدكتور فاروق الباز له كل الأحترام حيث رفع رأس مصر بعلمه من خلال عمله فى وكالة ناسا للفضاء، وفى تقديرى كان يستحق جائزة نوبل عن أعماله وإنجازاته الكبيرة لكن كلنا نعرف أن السياسة تحرك كل شئ، المهم أنه رغم وصوله إلى قمة المعرفة والعلم وحفر أسمه فى الفضاء، إلا أنه أثناء الأستعداد لإقلاع رحلة أبولو وكان من بين رواد سفينة الفضاء نيل آرموسترونج الذى كان بجانب الدكتور فاروق الباز وأثناء حديثهم شعر بخوفه من الرحلة، فما كان من الباز إلا أن أخرج سورة الفاتحة وأعطاها لنيل آرمسترونج لتحميه ويكون الله معه!!
لم تغيب صورة الملك سليمان الحكيم القديمة قبل الميلاد، وصورة العالم الكبير فاروق الباز الحديثة عن ذهنى، هذه الصورة البلاغية المعبرة عن ألف وأربعمائة سنة، المعبرة والتى تجيب مع صورة سليمان عن ملايين الأسئلة والمقالات والأبحاث والكتب التى مازالت تبحث عن إشكالية غزو التراث العقائدى لعقل البشر والتحكم فى أفكارهم وسلكوياتهم، والتسليم العقائدى بدون قيد ولا شرط ويصبح هذا التسليم من ضمن القواعد والمبادئ الراسخة التى لا تقبل المناقشة والمسيطرة على مساحة كبيرة من حرية الإنسان العقلية، وبالتالى يظلون فى قصور الجنة ينعمون بها بينما الكفار يستهلكون عقولهم فى البحث العلمى والإختراع!!
إخوتى فى العقل, أرجو أن تكون الفكرة واضحة وأختصرتها حتى لا تتشعب الأفكار وافقد الهدف من توصيل الفكرة لكل قارئ، وان نضع أيدينا معاً للخروج من سجن العقائد وأن يعتقد كل فرد فيما يريد الأعتقاد لكن دعونا نحيا بأسم العقل والعمل من أجل إستصلاح وتعمير المساحات الصحراوية التى تعطل العقل عن الإبداع والتفكير البنّاء وشكراً
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زلزال إله الأديان
-
أستنزاف الإنسان المصرى
-
أزمة الإنسان العربى
-
بسنت حميدة ضد وحوش الدين
-
شهود يهوه وتهمة الصهيونية
-
نهاية العالم لماذا؟
-
معتقدات الله بشرية بجدارة
-
الإنسان هو الحل الوحيد
-
الإنسان والشيطان أمام الله
-
الله ليس هو الحل
-
التنوير وإزدراء الأديان هو الحل
-
بؤساء الحداثة والتراث
-
وين الملايين يا لبنان
-
الكتابة على أمواج الإسلام الملتهبة
-
سقطت السياسة وعاشت كورونا
-
عالمنا واحد قبل وبعد كورونا
-
السماء التى لا وجود لها
-
الله أم صورة الله البشرية؟
-
الله يكذب قصصه السحرية
-
تعرية الله من الألوهية
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في
...
-
الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|