|
متى يعي العراقيين الغرض من مخطط شحة المياه
عبد الكريم حسن سلومي
الحوار المتمدن-العدد: 7701 - 2023 / 8 / 12 - 16:23
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
المياه مـنـذ ان سكن الانسان الارض بدأ باستخدام المياه لمعيشته دون أي حدود فقد كانت المياه متوفرة ولم يكن يتوقع أنـهـا ستقل يوما ما بسبب ظروف طبيعية وتغيرات مناخيه او أي سبب أخر ففي الـمـاء ســر وجــود الـحـيـاة فـلا حـيـاة ولا وجـود بــدون الـمـاء فـكـم يـبـقـى الإنـسـان حـيـاً بلا ماء فبدون الماء معناه الفناء وـبـدون الـمـاء لا توجد زراعـة ولا صـنـاعـة و لا ينتج غذاء . فالـمـياه ثـروة عـظـيـمـة حبانا الله بها و يـجـب الـحـفـاظ عـلـيـهـا فالماء هو اغلى مورد وقد حث ديننا الاسلامي الحنيف على التعامل مع الماء بحكمه و بأساليب علميه واقتصاديه سليمه للحفاظ على هذا المورد الذي تتوقف عليه حياة الكائنات الحيه ويجب ان نعمل على ترشيد استهلاك المياه والتعامل معه بعقلانية ووفق تعاليم الاسلام واحاديث نبينا الكريم بشأن المياه خـلـق اللـه سـبـحـانـه وتـعـالـى الـمـاء قـبـل أن يـخـلـق الـسـمـاوات والأرض فـقـد قـال سـبـحـانـه وتـعـالـى بكتابه الكريم القرآن ( وهـو الـذي خـلـق الـسـمـوات والأرض فـي سـتـة أيـام وكـان عـرشـه عـلـى الـماء لـيـبـلـوكم أيـكـم أحـسـن عـملاً ). مـنتـهـى الـتشـريـف لـهـذا الـمـخـلـوق أن يـأتـي ذكـره مـقـترنـاً بـعـرش الـرحـمـن تتـحـمـل ميزانيات الدول حـالـيـاً مـبالـغ ضـخـمـة لـتـوفـيـر مياه صالحه لاستهلاك مـواطـنـيـهـا . لذلك يـجـب وضـع الـصـورة كـامـلـة أمـام الـمـواطـنـيـن وبكل صراحه للترشيد فـي اسـتـخـدام الـمـيـاه والـحـث عـلـى عـدم الإسـراف لـمـا لـهـذه الـنـعــمـة مـن أهـمـيـة قـصـوى لـن نـعـرف قـيـمـتـهـا الـحـقـيـقـة إلا فـي الـسـنـوات الـقـلـيـلـة الـمقـبـلـة أن الـواجـب الـديـنـي والـواجـب الــوطنــي يـطـالـبنـا بــعــدم الإســراف وعــدم الــتـبذيــر تــنـفيــذاً لـقـول الـلـه سـبـحـانـه وتـعـالـى فـي مـحكـم كـتـابـة الــكـريــم : ( وكـلـوا واشـربـوا ولا تـسـرفـوا إنـه لا يحب الـمسرفين ) سورة الأعراف آية31. و قــال الرسـول محـمـد صلـى اللـه عـليـة وآلة وصـحــبـة وسـلـم :( لا تسرف ولو كـنت عـلى نـهر جار ) . واقع الحال هو ان في العراق وعموم منطقة الشرق الاوسط تتولى الحكومات ادارة موارد المياه وتطويرها وتنميتها وتشغيل مشاريعها وصيانتها مما ادى ذلك لتحمل ميزانيات الحكومات نفقات كبيره بسبب هذا الامر ونتيجة لذلك اصبح هذا القطاع يعاني من التخلف نتيجة تحمل الحكومات كل النفقات لتقديم هذه الخدمات بصوره تكاد تكون شبه مجانيه او بأثمان بخسه جدا ونتيجة للظروف السياسية التي مرت بها بلدان الدول النامية عموما وبلدان الشرق الاوسط من اكثر من نصف قرن فقد تعرضت الدول فعلا لازمات اقتصاديه كبيره مما ادى ذلك لتراجع اعمال الصيانة وعدم توفير الموارد المالية ومستلزمات التشغيل لمشاريع المياه مما ادى ذلك لسرعة ((((((اندثار واستهلاك وتهالك البنى التحية للمشاريع ))) مما يعني انتهاء المشاريع قبل انتهاء عمرها الافتراضي وللأسف هذا هو حال اغلب البلدان العربية حيث انه بمجرد انشاء المشاريع وبداية تشغيلها يبدأ فعلا العد التنازلي لانتهائها مما ادى ذلك لقلة كفاءة ادارة المياه وضياع الكثير من كميات الموارد المائية للبلدان علما ان بلادنا العراق قد تولت الحكومات السابقة والحالية تكاليف انشاء مشاريع المياه عموما وتحملت تشغيل وصيانة هذه المشاريع أيضا ولم تساهم الشعوب عموما باي تكاليف ولم تسترد الحكومات تكاليف الانشاء ولا جباية مبالغ تؤدي لا دامة وتشغيل البنى التحتية للمشاريع ونتيجة لذلك بدأت تطرح الكثير من المفاهيم التي تطرح اليوم بالمؤتمرات والندوات من قبل المراكز البحثية لمعالجة التلكؤ والتخلف في اغلب الدول النامية بشان إدارة موارد المياه وتنميتها واهمها واخطرها هو مفهوم خصخصة قطاع المياه وذلك بحجة تخفيف العبء على كاهل ميزانية الدولة نظرا لحاجة هذا القطاع اليوم لا موال طائله من اجل تطويره مع العمل على اشراك القطاع الخاص للاستثمار والمساهمة في إدارة المياه لتحسين الخدمات وجعلها بشكل أفضل لان هذا القطاع اصبح متخلف بمعظم الدول النامية نتيجة اهمال اعمال الصيانة وادامة وتطوير المشاريع المختصة بالمياه وكثرة التجاوزات على المشاريع جعلها اقل كفاءة بإدارة مواردة المياه ولكل الاستخدامات ان مبدا مشاركة الجهات المستفيدة من موارد المياه (مبدأ جمعيات المياه)في ادارة مشاريع المياه اثبت كفاءته بالعديد من دول العالم خاصة في المشاريع الاروائية حيث اعتمدت بعض الدول على نهج المشاركة بإدارة مياه الري وكذلك المساهمة بتنفيذ البنى التحتية لمشاريع الري وبالتعاون مع المنظمات الفلاحية أو مع جمعيات مستخدمي مياه الري واثبت هذا المنهج نجاحه وكفاءته اكثر من تولي القطاع العام ادارة موارد المياه ان الحجج والاسباب الموجبة التي تطرح لتغير سياسات ادارة قطاع الموارد المائية هو انه بسبب اندثار او تهالك اغلب البنى التحتية لمشاريع المياه بالعراق وضعف الصيانة واكذوبة الاعمار التي عاشها العراق بعد احتلاله عام 2003 ولليوم ونحن بسنة 2023 واقعا اصبحت حالة اغلب المشاريع المائية ولكل المجالات شبه منتهيه ولا جدوى اقتصاديه منها اذا ما قورنت مع قيمة الوحدة المائية التي اصبح حالها الندرة ببلاد النهرين بفعل سياسات دول التشارك المائي بالمنابع وسوء الإدارة داخليا لذلك طرحت فكره الخصخصة بتشجيع من نظام العولمة الرأسمالي وكذلك من قبل المؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي كشرط لمنح القروض بحجة استرداد كلف انشاء وتشغيل وادامة المشاريع لذلك فان مفهوم الخصخصة طرح من اجل تحصيل موارد ماليه لغرض مساعدة ميزانية الدول على ادامة المشاريع(وهي حجه امبريالية) حيث ان اغلب ميزانيات الدول المتعلقة بموارد المياه وادارتها تعاني عجز كبير مع انها يجب ان تقدم خدمات لشعب يتزايد سكانه يوميا وبالاعتماد على مشاريع للمياه اغلبها اليوم بحالة سيئة لذا تعتبر الخصخصة من افضل الطرق لتحصيل المال وادامة المشاريع لتقديم الخدمات التي تكاد تكون شبه مجانيه من قبل الدولة كما إن الهدف من الخصخصة هو تنشيط القطاع الخاص للاستثمار في المشاريع المائية من اجل جني الارباح وكذلك دعم ميزانية الدولة وتخفيف الضغط عليها وكذلك تحسين الخدمات وزيادة كفاءة قطاع المياه وترشيد الاستهلاك المائي لتجاوز ظروف الشحة والندرة وتحمل المواطن لجزء من الكلف لمعرفة قيمة الوحدة المائية وايقاف تعامله معها بسلبيه ***بحقيقة الامر ان الخدمات بمجالات المياه التي تقدمها الحكومات بأغلب البلدان النامية ومنها العربية لم تكن بالكفاءة ولا العدالة و مما شجع ذلك المواطن باستباحة المياه واستهلاكها بلا مبرر و بكميات اضعاف ما يحتاجه فعلا ولذلك قلت كفاءة ادارة موارد المياه بالقطاعات الحكومية وشجعت المواطن على الاستهلاك غير المبرر والهدر لحين ما وصل الامر الى الشحة بغالب دول المنطقة كما اصبحت الخدمات العامة التي تقدمها الحكومات بالشأن المائي ليست ذات جوده ونوعيه وكميه جيده لذلك اصبح الخيار هو خصخصة قطاع المياه وادخال القطاع الخاص بمجالات ادارة المياه والذي اثبت كفاءته افضل من القطاع الحكومي بمجالات ادارة المياه بالعديد من دول العالم اليوم لكننا دوما نؤكد على ضرورة مراعاة حالة الطبقات الفقيرة بهذا المجال وعدم السماح للقطاع الخاص بتحديد اسعار كبيره مرتفعة بحجة استرداد الكلفة لكن على الدولة ان تسمح له بأن يسترد من خلال تقديمه خدمات جيده مع تحديد هامش ربحي بسيط ان خصخصة مياه الشرب وتحويل الماء إلى سلعة كارثة يواجها الكثير من بلدان الشرق الاوسط والمنطقة العربية بصورة عامه وهذا هو السلاح الجديد الذي يستخدم لتجويع وتعطيش بعض الدول بطريقة لا تعبر عن الاخلاق ولا الانسانية وهو سلاح التعطيش. ان الماء هبة الله لكل الأحياء في الكون لا يجوز تحويله إلى سلعة وهو حق من حقوق الانسان ولا يحق لأي حكومة أن تبيعه وليس من حق أي حكومة تسلم ادارة الماء للشركات الأجنبية فتوفير الماء حق المواطن على الدولة وهو حق لمورد يتشارك فيها الناس *****يقف الرأسماليون الأمريكيون خلف فكرة تحويل الماء إلى سلعة وفتح الطريق أمام الشركات متعددة الجنسيات و الشركات الأمريكية للاستثمار في هذا المجال الإنساني والتعامل مع مصدر الحياة كمنتج يكسبون من ورائه المليارات وتم تحويل الفكرة إلى استراتيجية وخطط يجري تنفيذها على النطاق العالمي. فقد أسندت الامبريالية العالمية المهمة للبنك الدولي الذي بدأ يروج لخصخصة المياه وانتزاعها من الحكومات منذ عام 1997 حيث يعقد منتدى المياه العالمي الذي تم تأسيسه لهذا الغرض (مؤتمرا كل 3 سنوات) لترويض الحكومات وتذويب المقاومة لخصخصة القطاع المائي ونشر معلومات مضللة ومبالغ فيها عن تزايد الطلب وعجز الحكومات عن تحمل تكاليف المشروعات المائية. وتقوم استراتيجية البنك الدولي على إلغاء دور الدولة تماما في إدارة وامتلاك المشروعات المائية وجعل مهمتها تقتصر فقط على الرقابة والمتابعة أي أن شركات القطاع الخاص هي التي تدير شئون المياه وقد تصل لإدارة الأنهار والسدود ويطلب البنك الدولي فرض التسعير الكامل لمياه الشرب والري ولامتصاص الغضب الشعبي بشكل مؤقت يقترح خبراء البنك أن تقدم الحكومات معونات مالية للجمهور بشكل مباشر لقد تخلت حكومات عديدة عن دورها المجتمعي وتسليم مرافق الدولة للشركات الخاصة ومؤكد مستقبلا سيتم تسليم البنى التحتية للخدمات كلها للخصخصة ( مياه شرب وصرف وكهرباء وطرق واتصالات ومستشفيات ومدارس وكل الخدمات) سيؤدي تسليم الشركات حق بيع الماء إلى فرض نظام الحصص للمواطنين مثل ما يجري في بطاقة التموين ويكون الاستهلاك يعمل بنظام الشرائح كما في عدادات الكهرباء ويقول مسئولو بعض الحكومات العربية أن الدول ستدفع دعما نقديا أسوة بما يتم مع رغيف الخبز في البطاقة التموينية. وستقوم الشركات التي ستبيع الماء لضمان أرباحها بتركيب عدادات سابقة الدفع بكروت شحن مثل الموبايل أي التحكم في الاستهلاك من مصدر الماء وستحدث بذلك مشكلات وأزمات غير متوقعه ومعاناة كارثية تقلب حياة المواطن الذي لم يعد قادرا على مواجهة تكاليف المعيشة إلى صراع من أجل البقاء. ومن المؤكد ستتبع خطوة مياه الشرب تثمين مياه الري رغم اننا كمختصين نرى الفرق الكبير بين مياه الشرب واهميتها للإنسان ومياه الري وستقوم الشركات بنفس الأمر بالنسبة لري الأراضي الزراعية التي ستخضع هي الأخرى للتسعير بعد تسليم الحكومات لمشاريع الري الزراعية للشركات و ستكون الطامة الكبرى على الفلاحين ومجمل النشاط الزراعي. ففي العراق على سبيل المثال لم يعد الفلاح قادرا على الصمود والاستمرار امام ارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة من بذور وأسمدة ووقود لمعدات الري ومصروفات النقل وغيرها وهو بالتأكيد سيتوقف عن الزراعة إن باعت الحكومة للمستثمرين حق إدارة وتوزيع مياه الري. لكننا سبق وان قدمنا بالعراق نموذج ناجح لا دارة مشاريع الري وهو (الادارة الذاتية) حيث يتولى الفلاحون بأنفسهم ادارة وتشغيل وصيانة مشاريعهم بأشراف بسيط من دوائر الحكومة المختصة بشؤون الري قبل ان يصبح الامر اجباريا حتى على الحكومات من دوائر اممية مرتبطة بصورة كبيره بالنظام العالمي الرأسمالي (نظام العولمة الامبريالي) إذا نجحت خطة البنك الدولي وتم إبعاد الدولة عن إدارة مشروعات المياه وسيطرت الشركات الاجنبية ومتعددة الجنسيات والمحمية من المنظمات الاممية المالية (الامبريالية) على ادارة المياه فلن يكون مستغربا أن تتولى هذه الشركات ومن يقف ورائها من إعادة توزيع الحصص وتوصيل الماء إلى خارج حدود الدول ومنها طبعا الكيان الصهيوني بدون الرجوع إلى اية حكومة وهذا لعمري هو الهدف الاهم والاخطر من اجل الخصخصة لا عمال ادارة المياه ****لقد بدأ ادخال مفهوم التجارة بمجالات ادارة موارد المياه بحجة الحد من الهدر بهذا المورد ومن هنا ظهرت بوادر تجارة المياه ولقد بدأت فعلا بعض دول العالم والتي تمتلك مصاد ر مائية وانهار وطنيه بإدخال مفهوم بيع المياه للمزارعين والمواطنين وحجج هذه الدول هو ان تخلف طرق الري والزراعة المستخدمة بأغلب الدول النامية يعتبر من الاسباب الكبرى التي ادت لشحة المياه والغذاء نتيجة لاستهلاك كميات كبيره من المياه ومع دخول اكثر بلدان المنطقة بموجات جفاف لا كثر من موسم واستمرار تزايد السكان الذي زاد من الاستهلاك المائي ومع تخلف ادارة المياه للدول وضعف وتهالك البنى التحية للمياه كل ذلك زاد من تعقيد مسالة ادارة المياه بكفاءة وعلى سبيل المثال تمتلك تركيا اليوم موارد مائية كبيره ولديها أحواض مائية سطحيه وجوفيه داخل حدودها اليوم كثيره وعديدة ومتنوعة لذلك طرحت مشروعها المسمى (( أنابيب السلام)) في ثمانينات القرن ال20 الماضي والذي يتضمن مد شبكة من الأنابيب إلى كل من دول الخليج العربي عبر العراق والى كل من إسرائيل والاردن وفلسطين عبر سوريا لبيع مياه نهري سيحان وجيحان اللذان ينبعان من وسط تركيا ويصبان في البحر المتوسط لكن هذا المشروع لم يلقى المقبولية من دول المنطقة لاعتبارات عديده اغلبها سياسي وأيضا طرحت تركيا بيع المياه لكل من قبرص واليونان وقد بدأ العديد من الدول بالعالم يطرح مفهوم تجارة المياه وكل ذلك تم عن طريق ترويج المنظمات المالية العالمية بظل العولمة لمفهوم تجارة المياه وتحويل المياه كسلعه وقد بدأ ساسة اتراك بالتصريح علنا عن تجارة المياه من انهار تنبع وتصب داخل تركيا اولا علما ان فيها انهار تتشارك بها مع دول عديده بالمنطقة ومنذ ذلك الحين جرت محاولات عديده لبيع المياه نجح بعظها وفشل الاخر لا سباب عديده ومختلفة لكن المنظمات المالية الدولية شجعت والزمت الكثير من الدول على خصخصة ادارة الموارد المائية وكذلك شجعت على تجارة المياه باعتبارها مورد اقتصادي لبعض الدول واعتبرته كشرط ملزم من اجل منح القروض علما ان تجربة تركيا ببيع المياه قد فشلت ولم تلقى القبول من دول المنطقة ولازلت هي تستخدم ورقة المياه كسلاح سياسي اكثر منه اقتصادي *** وبغية الحد من الهدر بمجالات المياه يتطلب ذلك جملة من الاجراءات العلمية والعملية واولها استخدام التقنيات الحديثة بمجالات ادارة المياه والعمل على استرداد تكاليف اعمال ادامة المشاريع من تشغيل وصيانه سواء من المواطنين ام المزارعين وذلك بإعطاء قيمه للوحدة المائية عن طريق تسعيرها وفق استعمالاتها وللأسف نتيجة لكون ثمن الوحدة المائية اقرب للمجان وخاصة للأغراض الزراعية فان سياسية تسعيرة مياه الري لم تحقق النجاح بأغلب البلدان النامية ومن ضمنها العراق كون مبلغ الوحدة قليل وقد توقفت عملية جمع رسوم السقي من عقود ولكن بعض الدول حققت بعض النجاح بهذا المجال كالأردن الذي نفذ هيكلية جمعيات مستخدمي المياه علما اننا نفذنا بالعراق تجربة ناجحة قبل الاردن بأكثر من عشر سنوات وهي بمفهومنا سابقا (الادارة الذاتية)التي اثبتت نجاحها بأحد مشاريع العراق الاروائية ان كثرة التجاوزات على منشئات المياه عموما والفساد المستشري بين مؤسسات ادارات المياه ولكل الاستخدامات وعدم اتباع التعليمات بتشغيل المشاريع ادت لا ضرار كبيره للمشاريع مع هدر كبير للمياه مما يتطلب ذلك تشريع قوانين وفرض غرامات تحد من الهدر كما ان اغلب المجاري المائية ترمى بها الملوثات وهذه تحتاج لمبالغ كبيره للتخلص منها فتتحملها الحكومات بالغالب وبعض الدول لا تقوم بالتخلص من الملوثات بل بعض مؤسساتها ترمي ملوثاتها مباشرة بمصادر المياه فتلوثها وبذلك تنتشر الامراض كما يحدث بالعراق مثلا وبسبب غياب التشريعات القانونية التي تساهم بالحفاظ على مصادر المياه والبيئة كذلك ان الاستخدام الدائم الى المياه الجوفية دون معرفة حجم التغذية للخزانات الجوفية ادى لنفادها وتلوث البعض منها مما ادى لانتشار التصحر بالمناطق المعتمدة على الري الجوفي للأسف ان اغلب المزارعين لا يمتلكون المعرفة الكافية لحاجات النبات الفعلية للمياه ومقدارها مما ادى ذلك بالاستخدام المفرط للمياه مما يؤثر هذا سلباً على مصادر المياه بكافة انواعها ولضمان عدم الهدر من قبل المزارعين التي هي صفه وحقيقة منتشرة بالعراق بدأ يطرح افكار لتقليل الهدر عن طريق تسعير مياه الري ويتطلب تشريع قوانين وفرض غرامات لدعم مبدأ الترشيد والحقيقة التي نراها كمختصين بمجال المياه هو و للأسف سلوكيات المزارعين العراقيين بالتعامل مع مياه الري والتي تجبرنا كمختصين ان نطلب من ادارات الموارد المائية والحكومات بتسعير مياه الري وفق كمياتها المستهلكة لزيادة كفاءة ادارة موارد المياه والحد من الهدر مما يحافظ ذلك على خصوبة الاراضي لكي يتم فرض رسوم على تجهيز مياه الري مما يتناسب لتغطية تكاليف التشغيل والصيانة فهذا لن يتم الا بتشكيل جمعيات مستخدمي مياه الري وهذا يساعد على تطوير وزيادة كفاءة إدارة المياه وكل ذلك يجب ان يتم بأشراف حكومي حازم كما ان استخدام المياه الجوفية بالري يجب ان تكون له تشريعات وتسعيره خاصه وبالذات للأحواض الجوفية التي تستهلك بإفراط وغير متوازن مع التغذية للحوض **وعلى كل حال نحن نرى انه يجب ان لا ينظر الى المياه كسلعه خاضعه لمبدأ التجارة الحرة وفق العرض والطلب ويجب ان تبقى سلعه عامه لكنها تخضع لضوابط معينه تتناسب مع طبيعة كل مجتمع وحالته الاقتصادية لان المياه تعني الحياة ولكل مواطن الحق بالمياه كما هو الهواء و لابد للعراقيين اليوم من الانتباه لأزمة المياه التي اصبحت ملامحها ومخاطر ها واضحه بالعراق في سنة 2022 وصيف 2023 وهي الاشد خطورة لذا عليهم ان يعملوا على تحسين إدارة المياه والعمل على مواجهة الأخطار ومراقبة الاستنزاف المتزايد لموارد المياه بأوجه استخدام ليست بالأهمية الكبرى علما ان موارد المياه اصبحت شحيحه اصلا بسبب سياسات دول التشارك المائي مع العراق فيوم عن يوم تزداد التحديات المتعلقة بالمياه بالعراق وتصبح اكثر تعقيدا فسوء الإدارة داخليا للمياه وسلوكيات دول التشارك المائي مع العراق علاوة على ما يتعرض له العراق من الجفاف بسبب تغير المناخ والزيادة السكانية وقلة واردات المياه المتاحة تجعل امور شحة المياه خطيرة ومعقدة ولكن يبقى اخطر التحديات هو سلوك دول التشارك المائي بالمنابع ورغم كل هذه التحديات للأسف لا نجد أي مسعى حكومي حقيقي للتحرك لمواجهة هذه الكارثة التي عطلت التنمية ودمرت البيئة والحياه بكل البلاد ان مشكلة المياه بالعراق تتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات فوريه وسريعة لتحسين ادارة المياه داخليا وعلى كل مجالات الاستخدام والأصعدة واعتماد اسلوب الإدارة المتكاملة للموارد المائية مع ضرورة التعايش مع تغير المناخ وتقليل اثاره بتظافر الجهود وادخال الاستثمار الوطني التوجه في مجالات المياه كافه والا ستكون هنالك كارثه اجتماعيه وبيئية وصحيه وحياتيه لن تستطيع أي حكومة مجابهتها بسبب تهالك وتدمير البنى التحتية وتراكم الاخطاء وما مسألة استفحال ظاهرة التجاوزات على مشاريع المياه وقلة الصيانة الحقيقية الا دليل قاطع على موت حياة اغلب المشاريع المائية ويزداد الوضع سوءاً اذا علمنا أن نسبة المياه العذبة المتوفرة بالطبيعة والقابلة للاستخدام لا تتعدى 0.5 في المائة من المياه على الأرض. لذلك تبقى الإدارة المتكاملة للموارد المائية من اهم الحلول الحيوية والفعالة لمجابهة التحديات بالشأن المائي من اجل تحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على المدى الطويل. ولكن بالرغم من إحراز بعض التقدم بمجالات الإدارة المتكاملة لكن لا تزال اغلب الدول العربية ومنها العراق خارج المسار الصحيح نحو تحقيق الإدارة المستدامة لمواردها المائية ولابد اليوم أن يكون هنالك دور للأعلام والمؤسسات الدينية وبكل قنواتها واساليبها العمل على تثقيف المواطنين وتوعيتهم بالشأن المائي وحثهم على التعامل مع هذه المادة الحيوية بكل احترام وقدسيه كما اوصانا الرب والرسل. **لقد حان الوقت بالعراق للعمل على تغير اساليب ادارة الموارد المائية والعمل على ادارة المياه بمثاليه وكفاءه واقتصاديه لتجاوز محنة الشحة والندرة التي ضربت بعض الدول بالمنطقة لا سباب واضحه اغلبها نتيجة سياسات دول المنابع ومن الافضل ان تتخلى الدولة عن ادارتها المركزية لموارد المياه وان يكون العمل على اشراك المناطق والتنسيق معها وان يكون دور جمعيات مستخدمي المياه او المستفيدين من المياه دور فعال بإدارة مشاريع المياه وصيانتها لإدامتها وان يكون للمستخدمين دور بصنع القرارات وانجاز الخطط الاستراتيجية بشان ادارة موارد المياه حاضرا ومستقبلا وان يتم فعلا إقامة جمعيات مستخدمي المياه بمشاريع الري تتولى فيه هذه الجمعيات ادارة جزء من المشاريع بالكامل وبشرط المحافظة عليها واعتماد توجيهات المؤسسات الحكومية التي تشرف على هكذا جمعيات على ان تكلف جمعيات ( مستخدمي المياه ) باستخدام التقنيات الحديثة بالري وقد يتم الاستفادة بهذا المجال من اشراك مستثمرين بمجال تجهيز هذه التقنيات من اجل ترشيد الاستهلاك واخيرا نقول و للأسف لازال و لليوم العراقيين لم يعوا لحد الان الغرض من شحة المياه ومن يقف ورائها ولم يغيروا اساليب ادارتهم لمواردهم وثرواتهم الطبيعية فيعيشون دوما في ازمات واصبح ليس لهم الا رحمة الله
المهندس الاستشاري عبد الكريم حسن سلومي الربيعي 10-8-2023
#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوء ادارة الخزين الاستراتيجي للمياه بالعراق من اسباب شحتها ا
...
-
المنظمات الماليه الدوليه ودورها الخطير في ازمات المياه
-
زراعة العراق وتأثيرها على الامن المائي والغذائي للبلاد
-
هل المياه ستصبح السلعة الاغلى بالقرن 21 الحالي
-
واقع المياه بالعراق(الواقع والتحديات ومقترحات الحلول)
-
رسالة مفتوحه لوزير الموارد المائية المحترم (السيد مهدي رشيد)
-
العراق والماء واقع مرير وسياسات خاطئة ومستقبل كارثي
-
العراق وبناء السدود الضخمة بين المنافع والاضرار
-
الإمبريالية واستغلالها لمشاريع السدود بالمنطقة العربية
-
العراق والمياه والقانون الدولي
-
استخدام مياه الفضلات والصرف المعالجة بالزراعة عامل مهم لتنمي
...
-
الزراعة الملحية ضرورة ملحه حان وقت استخدامها بالعراق
-
المياه البديلة ودورها بمستقبل العراق المائي
-
العراق والري
-
مستقبل العراق المائي
-
الملف المائي العراقي التركي المتجمد هل من حلول ؟
-
الاهوار بجنوب العراق عالم طبيعي وكنز تراثي قد يزول مستقبلا
-
مقارنه بين اساليب وطرق توزيع المياه بري العراق واختيار افضله
...
-
السياسة المائية التركية واثرها على العراق مستقبلا وكيفية موا
...
-
إدارة الموارد المائيه و مشكلة العجز المائي بالعراق
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|