أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - الانسان.. ذلك الحيوان النرجسي، والتافه..














المزيد.....

الانسان.. ذلك الحيوان النرجسي، والتافه..


محمد اسماعيل السراي

الحوار المتمدن-العدد: 7701 - 2023 / 8 / 12 - 13:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما الذي يميزنا عن بقية انواع الحيوانات الاخرى في المملكة، او ما الذي يجعلنا نصنف انفسنا كنوع مختلف عنها..؟ في الحقيقة لا شيء ذو أهمية كبيرة يميزنا عنها.. فنحن نشبهها حد التطابق، بل نحن جزء لا يتجزأ من هذه المملكة الحيوانية. الشي الوحيد الذي يميزنا اليوم، كجنس، هو الثقافة فقط. بايولوجيا، وربما حتى سيكولوجيا واجتماعيا، فان الشبه بيننا وبينهم كبير جدا.. على طوال التاريخ البايلوجي القديم، منذ ان كنا انواعا غير مميزة تتنقل في ظهور الاسلاف، او فوق الارض، ونحن مجرد حيوانات عادية جدا، ربما اقل شأننا من حيوانات كثيرة اخرى تمتلك قدرات عالية؛ كالرشاقة عند السنوريات، او القدرة الجسمانية الهائلة لدى المفترسات، او رهافة السمع والشم عند الكلاب مثلا، او التخاطب عن بعد عند الحشرات، او حتى قدرة الفتك عند الفيروسات. تقريبا، كنا حيوانات ضعيفة جدا، وقمامة، وفضولية، وجبانة، وفريسة سهلة للآخرين من المفترسات الجبارة. لم نكن نختلف كثيرا في مرحلة الاسلاف المشتركة عن بقية اقاربنا في مملكة الحيوان. اذن متى اصبح هنالك فاصل بيننا وبينها؟ فحق لنا مع هذا الفاصل، ان نصنف انفسنا كجنس مختلف، او لنقل كجنس له ميزاته الخاصة به؟ حصل ذلك في بداية العصر الحجري القديم فقط، قبل ربما ٣ ملايين او مليونين وثمانمائة عام او في هذه الحدود. كيف ذلك؟ حصل هذا عندما استخدم اسلافنا الاداة. وما كانت الاداة؟ كانت الحجر طبعا. استخدام الاداة، او بصورة ادق تصنيعها، هو ما جعل لنا ثقافة. والثقافة ربما يسميها البعض حضارة، واعتقد انها تعطي نفس المعنى!! هنا فقط اصبح لدينا شيئا مختلفا عن اقربائنا في المملكة الاحيائية، واصبحنا ندعوا انفسنا بجنس الانسان او البشر.
اليوم، يجلس الانسان العصري والمهذب في مطعم فاخر، الى طاولة فاخرة، ويقدم له اللحم او البروتين اللذيذ المشوي والمتبل، في صحون او اطباق فاخرة ونظيفة. يتناول طعامه بكل سرور وطمأنينة وتمدن وتلذذ، وبضمير مرتاح ونرجسية عالية. ربما يصدف حينها انه يشاهد على شاشة ما، فلما وثائقيا عن ذئب يفترس شاة في مزرعة ما بلا رحمة او شفقة. فيقول هذا الانسان المتحضر في نفسه، وهو متألم ومتأفف: كم هو شرير هذا الذئب وعديم الرحمة ومتبلد المشاعر. وربما يحمد الله كثيرا انه خلقه انسانا، نقي القلب، ورحيما ازاء تلك الكائنات الاخرى الضعيفة. لكن لم يدر في خلده ابدا، وهو يتناول طعامه الفاخر هذا، ان هذا اللحم الذي يفترسه الان لربما كان لإحدى الشياه التي افلتت يوما من انياب ومخالب ذلك الذئب الشرير الحقير، ليسوقها حظها العاثر- مصادفة- الى طبقه الفاخر، وتحت رحمة شوكته وسكينه المسنونة.
فهل اختلف الامر بيننا وبين ذلك الذئب، ام ان الاختلاف يكمن في طريقة الافتراس فقط!!!؟؟
يحكي لي صديق ما، انه يشعر بالقلق ازاء سلوك ابنه ذي الاربعة اعوام. فيقول: انه يسلك سلوكا غريبا نحو الحشرات، فاين ما وجدها قام بسحقها بعنف. فقلت له: وما الغريب في ذلك السلوك؟ فقال محتجا: الرحمة!! ابني لا يملك اي رحمة ازاء هذه الكائنات الضعيفة، وكم نصحته ومنعته لكنه لم يرتدع!! فقلت له: ان الامر لا يتعلق بالرحمة كثيرا، ولكنه يكمن في التالي؛ ان ابنك يسلك سلوكه هذا بدافع الوراثة، بينما تسلك سلوكك انت اتجاهه بدافع الثقافة!! فقط لأنك تعودت وتعلمت في مجتمعك المحلي، ان تناول هذه الحشرات كطعام امر مقزز ويثير الغثيان. لو كانت ثقافة مجتمعك المحلي تبيح اكل الحشرات، لما رحمتها ابداا...
في يوم ما من الايام القديمة، عاش اسلافنا على تحصيل البروتين من خلال التهام هذه الحشرات بكثرة، والتي كانت تدب على ارض الغابة او على جذوع وفروع الأشجار، حينما لم يكن اسلافنا قادرين حينها على تحصيل كمية ضرورية من البروتين من غير اصطياد وتناول هذه الحشرات، او تحصيله من بقايا قمامة الحيوانات المفترسة او الجيف التي تخلفها وراءها حين تشبع من فريستها.
الفارق اذن يكمن في كوننا حيوانات مثقفة او متحضرة، وليس غير ذلك.
والفارق الاكبر اننا اختلقنا المقدس، ثم جعلنا انفسنا جزءا من هذا المقدس، وظننا اننا نوع سامي وصنف منفصل.



#محمد_اسماعيل_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنسان العراقي.. الديموغرافيا والتاريخ....
- مقولات
- الهويات الفرعية ومعضلة الهوية الوطنية العراقية
- آلية التفكير البشري.. الاسطورة.. واصل الحقيقة..
- الصراع الوجودي للانسان.. ببن اصالة الشر وصناعة الخير
- شر الانسان.. مابين الظرف الطبقي والحضاري والشخصي
- مثول الماضي في قعر شخصية الفرد العراقي..ما الاسباب؟
- الشريحة المتوسطة من اصحاب الكفاءات والخبرات المتوسطية، واسبا ...
- تكالب وقتال على عرش النبي المتوفي
- سسيولوجيا الشر..
- تبدل القيم..
- متى نتخلص من معضلة ازدواجية اللغة في مجتمعاتنا العربية؟
- السجين..بين نير العقاب ونعمة الإصلاح..
- البدو والحضر..وظاهرة تقديس الاضرحة والمزارات...
- دائرة الحمار المفرغة، بين خدمات قطاعية حكومية بائسة واسعار خ ...
- الظاهرة السجنية
- أسطورة الدم النقي، والأصل او المنحدر الواحد للشعوب العربية..
- اشتراكية الطعام والسكن والجنس، لدى انسان ماقبل التاريخ ..
- العقل العربي لا يتعامل مع الحقيقة بالمنطق العقلي ..بل بالمصد ...
- العنف، الجماعة، والتطور المجتمعي...


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد اسماعيل السراي - الانسان.. ذلك الحيوان النرجسي، والتافه..