|
معركة اليمين واليسار في الهجرة الى الشمال
لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل
(Labib Sultan)
الحوار المتمدن-العدد: 7697 - 2023 / 8 / 8 - 15:11
المحور:
المجتمع المدني
1. اوربا: اليمين واليسار في معركة الهجرة للشمال اصبحت مشكلة الهجرات المليونية من الجنوب الى الشمال الاوربي (من اسيا وافريقيا والشرق الاوسط ) واحدة من أهم المشاكل الاجتماعية الحادة التي تواجه القارة العجوز ( خصوصا وان معظم دولها اليوم صغيرة محدودة السكان ، ولم تكن يوما مقصدا او مُرَحِبّا بالهجرة مثل اميركا وكندا واستراليا التي تعودت عليها تاريخيا) ، فهو حدث مفاجئ وطارئ عليها منذ عقود قليلية ثلاثة او اربعة فقط. ان اصل المشكلة يمكن ارجاعها الى التذمر و"الخوف الاجتماعي" الذي تعيشه المجتمعات الاوربية من هذا الاجتياح، وتمت ترجمته الى سياسة "التخويف الاجتماعي ّ" الذي يمارسه اليمين القومي، مدعيا ان ثقافتها باتت مهددة، وهي شعوبا صغيرة متفردة تخاف على اصولها ، وعلى اعتزازها بانجازاتها على مدى القرون الاخيرة حيث نالت استقلالها عن الامبراطوريات وتمتد بثقافتها الى الاصول العلمانية المتجذرة فيها مع قيم التحضر وثقافة العمل وثقافة الحريات. ان الخوف العام فيها ناتج من شعور عام متنامي بانها قد غزيت دون دراية وبطيب قلب ولكنها اليوم فهي معرضة لفقدان الهوية الثقافية والوطنية بمرور الزمن مع تعاظم حجم الزحف من الجنوب الى الشمال، وتعاظم حجم النازحين في مجنمعاتها ، فهم كثر التوالد والتزاوج بينما هم مشغولون بالعمل والاعمال. ان هذا الخوف لايرجع بالضرورة الى جذور واصول فكرية عنصرية كما يعتقدة البعض ، فثقافة هذه المجتمعات هي عكسه ، ليبرالية ومشبعة بالقيم الليبرالية والانفتاح التي قام اليسارالليبرالي بترسيخها على مدى عقود، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية. انما خوفها هو ردة فعل بدأ يتراكم من زيادات سريعة في عدد النازحين والسكان الاجانب في المجتمعات الاوربية (بلغت نسبتهم اليوم في بريطانيا 24% ، في السويد 20% ، وهولندا 17%، المانيا 15%، وفرنسا 8.5 % ، اسبانيا 8%) . والقضية الاخرى ان طروحات اليسار اليبرالي بامكانية الاندماج وخلق مجتمعات متحابة ومتعددة الثقافات قد بدت لهم انها قد خدعتهم. حيث يرى الاوربيون ان اغلب النازحين يرفض الاندماج وتقبل ثقافة مجتمعاتهم الجديدة بقيمها العلمانية والليبرالية ، بل عكسه يرون ان مجتمعات النازحين تعاديها وتصفها انها دون قيم وإلحاد ودون اخلاق ولا دين ، وبعضهم يكفرها واخرون يتهمها انها استعمارية وامبريالية واستغلالية، وكل يسبها ويشتمها بما يروق له، ولكنه بنفس الوقت يعيش بين ظهرانيها ويسكن بيتها ويتنعم بمساعدتها وحمايتها الاجتماعية. ويضخم اليمين القومي هذا الامر ويجعله خطرا ماحقا ويحاول استغلال كل صغيرة وكبيرة ، تبدر من عدد قليل من النازحين ليقول انظروا لجرائمهم ، لزيادة التخويف ، ومنه للحصول على مكاسب انتخابية سياسية لصالح عقائده وطروحاته القومية، خصوصا ان اليمين القومي المتعصب لم يحصل على فوز على مدى عقودا طويلة ودوما عانى الهزيمة ( منذ الحرب العالمية الثانية ) ، حيث ساد خلالها النهج المعتدل الليبرالي المتفتح في المجتمعات الاوربية الغربية، حتر اتى يومه لينهض وينادي ان شعوبنا وتراثها القومي في خطر. نعم انه بسبب سياسة الهجرة بدأ اليمين القومي يستعيد عافيته ، وذلك بعد ان كان مهزوما على مدى عشرات السنين . وتراه اليوم ، ولاول مرة ومنذ الحرب الثانية ،يفوز في السويد مثلا ، وفي فرنسا يتجاوز نسبة 18% من مقاعد الجمعية الوطنية بعد ان عجز لعقود طويلة ان يتجاوز 5% فيها، وفاز اليمين القومي في الانتخابات العامة في ايطاليا مؤخرا ، ويتوقع صعود اليمين القومي الذي اصبح يسمى نفسه "التيار الوطني " في اكثر بلدان العالم ليبرالية في العالم وهي البلدان الاسكندنافية والمانيا، ناهيك عن بلدانا اقل ليبرالية مثل ايطاليا واسبانيا واليونان حيث يتوجه اغلب اللاجئين اليها اولا قبل الانتقال لالمانيا واسكندنافيا وبريطانيا حيث سياسات الرعاية الاجتماعية اكثر بذخا.
اليوم بدأ الوضع يتغير تدريجيا لصالح اليمين القومي، ويستغله بحجتين الاولى اتهام اليسار الليبرالي انهم بسياساتهم الانفتاحية قد ادوا لغزو النازحين ، وانهم سيمحون الثقافات القومية للشعوب الاوربية (وهي حجة اليمين القومي في كل العالم ابتداء من ترامب الى بوتين الى ماري لوبان ، وكل اليمين القومي في اوربا ، والعقيدة ، أو " العقدة " القومية هي نقطة اللقاء المشترك بينهم. والثانية هو مايكرره اليمين القومي يوميا "ان الزاحفين يكرهوننا، ويكرهون ادياننا " ، وثقافة مجتمعاتنا ، انهو يعادونها وينعتونها بشتى الاوصاف، وهم كمن يحل عليك ضيفا فيشتمك اولا ، وسينتهي الامر ان يهدم بيتك ومن داخل بيتك لا من خارجه، كما كان الامر مثل غزوات جنكيزخان في القرون الوسطى. ولكي ندرك مدى خطورة وأهمية قضية النازحين في اوربا يجب ان نذكر ان سياسة الرئيس بوتين الاوربية تركزعليها بشكل خاص وتضع تعميقها كأولى مهامه لتحقيق هدفه الاستراتيجي في تفتيت الاتحاد الاوربي وارجاع كيان الدول القومية ،وليس غريبا ان ماري لوبان ، حليفة بوتين في فرنسا ، اعلنت في حملتها الانتخابية الرئاسية الأخيرة ( وجاءت ثانية بعد ماكرون) في برنامجها العريض وبشكل واضك انها لو فازت فستعمل على اخراج فرنسا من الاتحاد الاوربي مالم يغير سياسة الهجرة واللجوء ( وبرنامجها سيؤدي لطرد مايقرب من نصف النازحين من فرنسا ) . ومثل توجه لوبان هذا تجده تقريبا مع كافة قادة احزاب اليمين القومي الاوربي انهم يتبنون الخروج من الاتحاد والتخلص من سياساته الليبرالية، خصوصا تجاه النازحين. انه هو نفس الهدف الذي يسعى اليه الرئيس بوتين، ومنه التحالفات القائمة بينه وبين معسكر التيارات القومية اليمينية الاوربية الصاعدة ، جميعهم يصطف لانشاء قطب دولي جديد مضاد لليبرالية في العالم . ان الرئيس بوتين يرى في تفتيت الاتحاد الاوربي طريقا سيسمح له بارجاع امبراطورية روسيا القومية القوية، وما يقف امامه تجاه تحقيق ذلك هو الاتحاد الاوربي بما يمثله بقوانينه وسياساته التي تمثل ثقل وحجم الليبرالية الاوربية الموحدة ، فيجب التخلص منه بتفتيته من الداخل لاقامة القطبية القومية العالمية ضد اللببرالية ،ومنها اعادة انبعاث الامبراطوريات القومية وانهاء الليبرالية وحقوق الصغار من القوم انهم دولا وامما. وعدا الوضع الداخلي الحاد فالرئيس بوتين يسعى لتفتيت الاتحاد الاوربي ليس من داخله فقط ، بل بالعمل على دفع ملايين النازحين الى حدوده لاقتحامها ، وهاهي انقلابات في افريقيا في افقر بلدانها ستدفع بالملايين شمالا ، من مالي والنيجر وافريقيا الوسطى والسودان ، وفي جميعها تجد طبعات اصابعه ، وكما هرب 5 ملايين سوري الى تركيا ، قبلت ميركل مليونا منهم ، سنجد خمسة ملايين منهم في شمال افريقيا قادمين من جنوب القارة بزحف اوسع واكبر وأشمل ، انه زحف الجياع والمشردين والهاربين من الحروب الاهلية والانقلابات وعصابات فاغنر من بلدان افريقيا والعالم العربي. تشير التوقعات الاوربية ان هناك قرابة مئة مليون ، يمثلون 20% من سكان افريقيا والعالم العربي ،على الاقل، يخططون فعلا للنزوح شمالا وغزو اوربا هربا من جحيم القمع والفقر وانعدام فرص العمل وشروط الحياة الامنة المستقرة ( وهو ربما يبدو رقما كبيرا ولكنه واقعيا ربما حتى متواضعا). ان كل ما يحتاجونه هو وسيلة الوصول سواء من تركيا الى اليونان او قبرص ، او من احدى البلدان العربية في شمال افريقيا الى ايطاليا او اسبانيا. يصورهم اليمين القومي الاوربي انهم ربما يتمكنون بسياسة الليبرالين ، بأسم الاخاء الانساني، من الزحف على اوربا كالجيوش الغازية التي اجتاحتها في العصور الوسطى، وهو امرا يجعل قلوب الاوربيين ترتجف خوفا. ان ادعائات اليمين القومي الاوربي ضد الليبراليين، بعضها حق وبعضها باطل. ويواجه اليسار الليبرالي ضغطا كبيرا وتراجعا في المجتمعات الاوربية . انه يواجه اتهاما انه كان سببا رئيسا في تعاظم اعداد النازحين واللاجئين من خلال سياساته المنفتحة عليهم ، ومارسها لعشرات السنين، والثانية يبدو وكأنه قد خدع مجتمعاته في طروحاته بالانفتاح على ثقافات الشعوب الاخرى مما يغني ثقافتها نفسها وجمالية عيشها المشترك، وضرورة قبول واكرام اللاجئين كونهم ضحايا النظم الديكتاتورية، وحتى لو كانت هجرتهم اقتصادية فمرحبا بهم ، فهم سيسعون في مجتمعاتهم الجديدة وسيعملون بتفاني ، كالاخرين، لكسب عيشهم ، وعلينا مساعدتهم وهم سيساهمون بتطوير الاقتصاد ( والمشكلة ان الكثير من اللاجئين والنازحين بقي يعيش على المساعدات الاجتماعية ولم يستوعبوا ثقافة العمل السائدة في المجتمعات الغربية). والقضية برمتها وحِدَتِها اليوم ان المجتمعات الاوربية اعتبرت ان طروحات اليسار الليبرالي كانت خادعة لها ووهمية وطوباوية. فلا تَقبُل لثقافة الاخر قد حدث، ولا اندماجا انسانيا قد حصل، ولا رغبة للمهاجرين اساسا للمساهمة فيه ، بل رأت العكس انهم متعصبين ضدها، ومستعدين حتى لممارسة الارهاب في مجتمعات متسامحة ذات قيم وثقافة ليبرالية الطابع . ان هذا الوضع قد خلق ازمة ثقة مع اليسار الليبرالي بتعاضم عدد النازحين ورفضهم التام لثقافة هذه المجتمعات التي أُتخِمَت بالليبرالية منذ سن التعليم في المدارس ( يجب الاشارة الى ان لليبراليين في اوربا واميركا نفوذا كبيرا في صياغة سياسات التعليم، وهم من قاد اصلاح مناهج التعليم في المدارس منذ السبعينات صوب الانفتاح على الثقافات الاخرى، وكانت طبقة المعلمين والاساتذة الجامعيين هم دوما اكثر الطبقات ليبرالية في المجتمع ، لمواجهة التيارات الدينية والقومية المنغلقة ، وذلك يرجع لتراث علماني تاريخي ان الجامعات هي من وقف الى جانب التحرر من سطوة الدين والكنائس والتيارات القومية المحافظة في اميركا واوربا الغربية ، ودوما كانت الجامعات مراكز للعلمانية ضد الدينية وبقيت هكذا ولليوم تمثل هذا الرمز، وهذه الطبقة تمثل قيمها وافكارها). بدأ اليمين الاوربي استغلال مشاعر الاستياء المتصاعدة في المجتمعات الاوربية ضد النازحين، يضخم كل صغيرة لتعظيمها وبدأ ينجح ، منذ قرابة عشرة سنوات بشكل واضح. وامام تراخي الليبراليين واصرارهم على مواقفهم وطروحاتهم التقليدية، بدأ الدعم لهم يتراجع تدريجيا.خصوصا من الطبقة المتوسطة، وهي طبقة الاغلبية في المجتمعات الاوربية اليوم. اما دعوات اليمين فاصبحت تلاقي كسبا من هذه الطبقة نفسها ، اضافة لليمين فيها ، بل وحتى كسب الطبقة العاملة ، وهي الاقل ثقافة وتعليما ويسهل خداعها من اليمين القومي بدعواه ان المهاجرين ينافسوهم على فرص العمل، ويقبلون باجور اقل،وستحل بهم البطالة. والسؤال المحرج الذي يواجه اللببراليين هو الخيار بين الوقوف مع المبادئ الاجتماعية التي يؤمنون بها ، والواقعية التي يتطلب العمل بها لفهم مخاوف مجتمعاتهم من الهجرة التي يرونها كمن يدخل بيتك لطلب الحماية وبعدها يبدأ بسبك وشتمك واتهامك انك كافر ( شخصيا سمعتها لأول مرة عام 1995 من شاب لاجئ عراقي الى كندا مُسِكَ وهو يسرق ساعة من متجر، وكوني كنت مع عدد من ابناء جاليتنا نتطوع لمساعدة لاجئينا ، حضرت لمركز الشرطة ، وعندما سألته عن السبب وكندا تغطي كل مصاريفه بسخاء ، قال لي وانا احاول مساعدته " انهم كفار وسرقتهم حلال"، وصعقت ، لماذا لم تذهب لبلد مؤمن وجار حميم مثل طهران؟ ولابد من الذكر للقارئ ان الجالية العراقية قد فازت عام 1990 بالمركز الاول كانظف جالية في كندا من ناحية خلوها من الجنايات ، كون اغلب العراقيين كانوا من المثقفين وابناءهم من المتفوقين ويتمتعون بسمعة عالية كجالية مثقفة وناجحة حتى ذلك الحين ، ومنه توصلنا مع الحكومة الكندية لاستثناء العراقيين من اجراءات اللجوء للقادمين الهاربين من النظام الصدامي ليتم اقرارها بنفس اليوم الذي يصل فيه اللاجئ الى كندا، ولكن بحلول عام 1995 ،وبوصول الالاف ، تراجعت الجالية من المرتبة الاولى الى المرتبة 86 بين جاليات كندا، جلهم من امثال هذا الشاب الذي لم نستطع فهم مقولته اعلاه وقتها ، كوننا جميعا لم نكن نعرف انذاك مدى انحدار الثقافة والوعي في العراق تحت حكم صدام ، وبعدها اصبحنا نعرف ان انهيارا شاملا وكبيرا قد وقع). بالطبع لابد لليبراليين ان يفهموا ان الامعان في سياستهم التقليدية سيؤدي الى عكسه بزيادة وزن العنصرية ،فان نجحوا خلال العقود السابقة في ردع العنصرية القومية وردمها ،لاسباب اعتبرها غالبية الاوربيين وقتها مقبولة من وجهة نظر انسانية ، وان ثقافة التنوع هي اغناء لثقافة المجتمعات نفسها بما فيها المجتمعات الاوربية، فهي اليوم بدأت بالتراجع عن الايمان بهذه الطروحات وتطالب بايجاد حلول للاجئين من خلال اصلاح الاوضاع في بلدانهم ، وهذه لحد اليوم لا يعلم لا الغرب ولا حتى احد كيف يمكن القيام بها، وهل فعلا هناك حلولا لهذه المشكلة ، وهو ما سنناقشه لاحقا .
2. الموقف في اميركا زمن الهجرة الى الشمال في اميركا الوضع أهون اجتماعيا من اوربا، رغم تواجد قرابة 10 ملايين شخص دون اقامة قانونية دخلوا ويقيمون في اميركا اليوم كونهم دخلوها تهريبا وبطرق غير قانونية ، قرابة مليونين الى ثلاثة ملايين يدخلون سنويا (عام 2022)، ومثلهم ينتظرون اليوم على الحدود للعبور ( منهم 200 الف صيني وقرابة 400 الف فنزويلي). واصبح السكان اللاتين يشكلون اليوم نسبة الاغلبية السكانية وبعدهم تأتي ترتيبا الاوربية في اهم ولايتين اقتصاديتين في اميركا هما كاليفورنيا وتكساس ( بنسبة 37 % ، والاوربيين 34 %) ، ويتوقع ان تلحق ولايات اريزونا ونيومكسيكو وفلوريدا بهم خلال قرابة 10 الى 20 عاما. ولكن رغم ذلك لم تظهر لليوم احتقانات اجتماعية حادة ، كما الحال في اوربا ، وذلك يعود ربما ان المجتمع الاميركي متعودا على الهجرة و المهاحرين اصلا، والاقتصاد الاميركي يستوعب الايادي غير الماهرة، اضافة ان السكان اللاتين لايحملون افكارا متطرفة او كرها ثقافيا تجاه الثقافة المحلية الاميركية كما حال النازحين والمهاجرين الى اوربا من اصول افريقية وعربية مسلمة. ولكن اليمين القومي الاميركي يمارس نفس سياسة اليمين الاوربي في تخويف السكان ان ثقافتهم ستمحى في اميركا وتحل ثقافة اللاتين محلهم اذا استمر الوضع على هذه الشاكلة. ورغم عدم حدوث اية اضطرابات اجتماعية او احتجاحات على اللاتين ،واثبت المجتمع الامريكي انه فعلا متشبعا بتعدد الثقافات ويعتبرها احدى حقائقه وانجازاته الواقعة ( فهي ليست كما في اوربا مفروضة عليه ليبراليا بل هي واقعا ليبراليا معاشا) ، ورغم ذلك فقد جعل منه اليمين المحافظ والمتطرف احدى اهم طروحاته التي وقفت وراء صعود ترامب في انتخابات عام 2016 بوعده ببناء جدار على طول الحدود مع المكسيك للحفاظ على ثقافة اميركا وعلى الوظائف للطبقة العاملة الغير ماهرة ( البروليتاريا ) والتي فعلا صوتت له بنسبة تقرب 85% خلال انتخابات ذلك العام في المناطق الصناعية الداخلية من اميركا. وبنفس اسلوب اليمين الاوربي ، يتهم اليمين الاميركي الحزب الديمقراطي بانه يعطي حق المواطنة والتجنس لخمسة ملايين لاتيني بعد كل فترة حكم كل رئيس ديمقراطي ( مثلما فعل اوباما عام 2016 وقبله كلينتون عام 2000) وذلك لزيادة وزنهم الانتخابي من خلال زيادة عدد اللاتين الذين يصوتون عادة للديمبراطيين، ومنه يحاول اليمين تجميع السكان البيض الاوربيين الاصل حوله ، وهو ينجح دوما مع الرجال البيض ( 70 % منهم يصوت له)، ولكنه ايضا فشل كليا مع النساء البيضاويات الجميلات حيث يصوت 70% منهن للديمقراطيين الليبراليين). ورغم ان دعوات اليمين لم تلق صدى واسعا في المجتمع الاميركي لحد اليوم مثل اوربا، ولكن اليمين يحاول تصعيدها واستغلالها باسم الحفاظ على التراث والقيم الاميركية الاوربية الاصل التي يعتبرها انها باتت مهددة تماما . انها مشكلة عسيرة امام اليسار الليبرالي في العالم سيواجهها ، فهو يعاني من التناقض بين حدة الواقع وبين المبادئ التي يتبناها. فاذا وقف ضد الهجرة اتهم انه خالف مبادئه ، وان استمر بها ، سيخسر وزنه في المجتمعات التي تطالب بالحد من الهجرة، وكما في اوربا ربما سيعيد الامر نفسه في اميركا ويستغل اليمين غباء وسوء خطاب اليسار وكلامه النظري الذي ماعاد يلقى صدى لدى الشارع الذي يطالب بوضع حد لغزو الجنوب، ولا لملاقاة شكاوى الطبقة العاملة ومنه جعلها تصوت لترامب، واكتفي اليسار الليبرالي بالتعليق ان انصاره من الطبقة الغير متعلمة ( ربما فعلا يدهش المرء كيف اعتبرهم ماركس الطبقة الاكثر تقدمية في المجتمع وخمسة وثمانون بالمئة منهم صوتوا لترامب مثلا، وهو يمثل اليمين القومي المتعصب بدون رتوش، الا من كان اعمى العقل والبصيرة ولا يمكنه التمييز، رغم اطلاق التقدمية عليهم دون اي مستند يدعم المقولة الطوباوية العجيبة ومن اين اشتقها وعلى ماذا استند لها ماركس غير الفنطازيا الفلسفية للقرن 19). طبعا ان هذا لايبرر فشل الليبرالين في كسبهم واقناعهم، فهم كاليسار في العالم العربي يتكلمون بقضايا نظرية ، بينما ترامب وقبله هتلر، اوعدهم انه سيعيد الصناعة لاميركا وان لاعمال اجانب سينافسونهم وان وظائفهم هي اهم ما سيقوم عليه. كان هذا نفس خطاب هتلر ومنه كسب الاصوات ، بينما كان اليسار الالماني يتكلم لهم عن اهمية التضامن الاممي.
3. قراءة في حلول مشكلة النزوح وموقع العالم العربي منها لاشك ان قضية النزوح الجماعي الى الشمال هي مشكلة كونية عامة ، والقدرة على حلها ليس بطاقة اية دولة مهما كانت كبيرة، او تجمع دول كالاتحاد الاوربي، عدا ان حلها اساسا هو داخليا وليس خارجيا. ولكن تطورها المستقبلي ربما سينتهي بتشكيل موقف كوني يطرح حلا يفرض من الخارج، وهذا ربما سيحدث عند زحف عشرات الملايين من الجياع نحو الشمال ، وتضرب الازمات الداخلية الجميع ، شمالا وجنوبا. ان مايعيق طرح حل كوني لهذه الازمة اليوم يعود لسببين اولهما ان الدول وبكل اصنافها تركز على مصالحها الوطنية لاغير، ولم تتجاوز الانانية كأحد اركان سياساتها الخارجية منذ قرون، والثانية هناك منهجا مضادا لتعميقها واستغلالها لخلق ازمات ومصاعب متفاقمة لدول الجنوب، لزيادة الهجرة والنزوح بالملايين لتحقيق اهداف استراتيجية مثل تقويض الاتحاد الاوربي ، مثلما يحاوله بوتين مثلا في تأجيج الانقلابات في افريقيا او فتح حدود بيلاروسيا لضخ الاف اللاجئين الى الاتحاد الاوربي لزعزعته داخليا، او لارساله مجموعة فاغنر لدعم انقلابات وانظمة ديكتاتورية في القارة السوداء وسوريا وليبيا. والسبب الثالث لفشل الحلول الخارجية هو فشل ماقامت به اميركا في افغانستان والعراق بغزو لاقامة نظم ديمقراطية انتهت بفشل ذريع وسيطرة طالبان وميليشيات بدل اقامة نظم الاستقرار ولتنمية والديمقراطية. ان اسباب الهجرة والنزوح ليست مبهمة ، بل هي معروفة جيدا وهي ثلاثة: استبداد وقمع وفساد انظمة الحكم في دول الجنوب المصدرة للهجرات، غياب العيش المستقر الامن للسكان ، وفقر المجتمعات الناجم عن سوء الادارة وانعدام التنمية الاقتصادية . ان الديكتاتورية والفساد السلطوي وانعدام التنمية وتوفير فرص العمل للشباب هو الذي يدفعهم لتحمل المخاطر والهجرة باي ثمن ، دعك عن الهروب من الاضطهاد والقمع السلطوي. كما ان الحلول لهذه القضية المعقدة المركبة ليست ايضا طلسما، بل هي واضحة وتتلخص بعكس الاسباب الثلاثة التي تقف وراء النزوح الجماعي والهجرة. فالمعالجة الجذرية تطرح تتطلب انجاز ثلاثة امور داخلية صرفة في بلدان الهجرة والنزوح، وهي : توفير الاستقرار السياسي من خلال نظم حكم تُنتَخب وتتعاقب سلميا وديمقراطيا، وتوفير العيش الامن والاستقرار وانهاء القمع السلطوي والديكتاتوريات، ومنهما يتم طرح نماذج للتنمية الاقتصادية لمحاربة الفقر وتوفير فرص العمل للشباب. ويفترض بتوفر هذه الشروط انه سيتم جذب الاستثمارات والخبرات الوطنية والاجنبية لتساهم ببناء الاقتصاد الوطني ( هنا تبدأ المساعدات الخارجية للبناء بديل التدخل الخارجي)، ومنها امكانية انقاذ هذه المجتمعات من الفقر ومن الديكتاتورية بان واحد، وانقاذ اوربا من الزحف القادم. ان هذا الحل ( أي توفير الشروط الثلاثة اعلاه ) بقدر ما يبدو منطقيا وعقلانيا وعمليا، ويدعمه النجاح في عشرات البلدان منها الهند واندونيسيا وتركيا وماليزيا وكوريا ونيجيريا وجنوب افريقيا والبرازيل وحتى الصين ( ولو بنظام مازال ديكتاتوريا) ، كما وفي عشرات البلدان في العالم ، سواء في اميركا اللاتينية اوجنوب شرق اسيا وافريقيا ودول الخليج ايضا التي كانت صحارى قبل اربعة عقود. ولكن المشكلة هي رغم انه يبدو حلا جذريا وعمليا ومنطقيا، ولكنه حلا نظريا بحتا . انه الحل الواضح ولكنه الممتنع ايضا. دعونا نناقش العوائق امامه . ان مايجعل طرح اي حل كالذي اعلاه مهمة عسيرة، ان لم تكن مستحيلة ،وهو الحل القائم على اسس العلم والتجربة ويطرحه العالم ، هو معالجة قضايا داخلية مرتبطة بثقافات وتقاليد وامورمتراكمة لايستطيع العلم ولا العالم ان يتجاوزها بمجرد طرح حلولا عملي وعلمية ومنطقية. لنتصور ان الامم المتحدة او اميركا او الاتحاد الاوربي قاما معا بطرحه، وتخصيص ميزاتية خرافية لتحقيقه ومساعدة بلدان الهجرة والنزوح للتحول للديمقراطية وتبني سياسة تنموية اقتصادية علمية ، فسنرى سرعان مايلتئم شمل الديكتاتور والسلفية الدينية واليسار والمافيات والفساد جميعا في جبهة واحدة موحدة لمجابهة هذا الحل، المتدينون سيدعوون بالتشبث بالاسلام ومحاربة الصليبية ، واليسار العربي مثلا انها اطماع الامبريالية المستعمرين لنهب خيرات بلداننا ونهبها ( أود هنا ان ارد على سخافة طرح اليسار وطرح بوتين معه ان الغرب ينهب دول الجنوب. لنستعرض بعض الحقائق مثلا عن اقتصاد ولاية كاليفورنيا ، فالناتج والدخل القومي لها هو 3 ترليون دولار ، اي مايعادل ضعفي الناتج القومي لروسيا الاتحادية بكاملها ، او يعادل اقتصادها مع كل الناتج القومي للقارة الافريقية معا ، معىالعلم ان مساحتها وسكانها تماما كالعراق ، اربعون مليونا ، منهم 12 من اصل مكسيكي ، وحوالي 20 بالمئة من سياراتها اليوم كهربائية او مهجنة ، وعام 2035 ستعمل كل سياراتها بالطاقة النظيفة ، فهي لا تحتاج لا لغاز روسيا ، ولا ذهب ساحل العاج ، ولا قطن مصر ، ولانفط العراق ، ولا يورانيوم النيجر كي تنهبها. انها انجزت كل تقدمها على اسس اقتصادية وعلمية لاغير ، لا نهب ولا سلب ولا ايديولوحيات تدعي تقيم العدل ، ومنه لايسعني غير تسمية هذا النجاح انه نهبا لثروات الدول الفقيرة غير ضحكا على ذقون شعوبنا ودجل يمارسه المعممون الدينيون والمعممون الماركسيون معا ). رجوعا للمشروع الكوني ( من الامم المتحدة او الغرب ، او اية جهة في العالم ) للتدخل مباشرة في بلدان الهجرة والنزوح لاقامة ظروف مؤاتية توقف الهجرة والنزوح ستفشل . ان خير مثال على ذلك هو فشل اميركا في افغانستان والعراق، وفشل تدخل دول اوربا الغربية في ليبيا ، وحتى فشل ثورات داخلية كما في سوريا ، وغيرها من الامثلة التي ربما حلم الغربيون يوما انه بالقضاء على الديكتاتوريات واقامة شكل من اشكال الديمقراطية عن طريق التدخل الخارجي او ثورات الربيع العربي ( بدأت ليبرالية وانتهت أخونجية ) سيوفر فرصة لبناء نظم ديمقراطية وتوفير استقرار اجتماعي ، والانطلاق منهما نحو التنمية وخفض الضغط النزوحي الى الشمال، فهذا لم يحدث، بل حدث العكس، وشهد نزوح ملايين جديدة ، وتمدد الميليشيات وتكريس الديكتاتوريات. من هذه التجارب اصبح واضحا لدى العالم ( على الاقل لأميركا و للحكومات الغربية) ان التدخل الخارجي لايمكن ان يكون حلا بعد اليوم، وهذا بحد ذاته كبوة في مجابهة النظم الديكتاتورية التي انفردت بشعوبها التي لاتستطيع مجابهة قسوتها وسطوتها واستبدادها ، كالنظام الصدامي في العراق وطالبان في افغانستان. بالمقابل اصبح واضحا ان على الشعوب في هذه البلدان ان تجد طريقها بنفسها ولا تتوقع ان يتكرر سيناريو افغانستان والعراق وليبيا بتدخل غربي ، مثل توقعها بظهور الامام الحجة لينقذها ( يقول المعممون ان اميركا تسابقت معه وغزت العراق كي تعطل ظهوره، وتقول لهم اميركا اليوم سوف لن نتسابق بعد اليوم ولن نعيدها ، وانشاء الله يظهر ليرينا مالحل، وربما من اولى خطواته سيكون كنس العمائم، وهنا نستطيع التفاهم معه وسندعمه بالمال والسلاح الليزري في حملته على الديكتاتوريات والعصابات والميليشيات ومافيات الفساد التي تتحدث باسم الله وبأسم الوطن وبأسمه ) وبقدر ان اي حل حقيقي لمشكلة الهجرة الى الشمال لن يتم دون اصلاح شؤون امر الدول التي يهجرها اهلها هربا للشمال، وهي كما اعلاه ثلاثة في اصلاح نظم الحكم والحكومات لتتحول الى التنمية وخلق ظروف الاستقرار وتوفير الفرص للعيش الامن الكريم، فان اهم مشكلة يواجهها هذا الحل هو غياب فهم المصلحة اولا، ثم سيطرة الايديولوحيا على العقل والمصالح، والذي لايعي مصلحته لايمكن علاجه ، وهذه هي في الحقيقة اهم مشكلة تجابه اي حل لمشاكل بلدان النزوح. حيث سيخرج اليك المتأدلج الديني المعمم ليحاربك باسم الاسلام ، ويخرج اليك المعمم الماركسي ليحاربك باسم الطبقة العاملة والنضال ضد الامبريالية ، ولن نسمح بعودة الاستعمار ، ويخرج اليك لافطي المال العام وفوقهم جميعا الحكام الديكتاتوريين ليتكلموا باسم الاستقلال الوطني، سيخرج ضدك الجميع ويلتئمون معا كجبهة متراصة ضد اي حل يطرحه العالم الغربي الاوربي مثلا ،لدرء خطر النزوح عليه ، بعلمه وعقله المنهجي، انه سيجابه من الجميع في مباراة ايديولوجية دينية وحتى يسمونها وطنية وضد الاستعمار. وعموما يمكن القول ان الظروف الداخلية اليوم غير مهيئة لطرح حلولا علمية ومعقولة سواء من الغرب او من عقلاء القوم اينما كانوا، لأنها ستأتي مضادة لطروحات المعممين واليساريين والديكتاتوريين ولافاطي المال والفقراء معا ، ويبدو انه بسهولة يمكن زج الجميع ، المجرم والضحية ، الفاضل والسافل ، الحرامي والمسروق، اليميني واليساري ، خصوصا في بلداننا العربية ، فلا علم ولا عالم ينفع في مجتمعات تسود فيه الايديولوجيات على العقل ووعي المصلحة، ومن لايعي مصالحه فلا عقلا ولا مصلحة ولا منطقا ينفع. لنتوجه لطرح حلولا اخرى غير كونية. بلاشك انه ولابد من خوض معارك داخلية مع السلطات والمافيات والميليشيات للاصلاح، وككل معركة اجتماعية تحتاج لقوى داخلية لخوضها ويجب ان تتوفر لها رؤيا ولها برنامجا تخوض على اساسه هذه المعارك الاجتماعية . والمشكلة الحقيقية التي تواجهها مجتمعاتنا العربية تحديدا هو غياب مثل هذه القوى ومثل هذه البرامج العملية التي تعبئ السكان او تخرطهم فيها ( مثل طرح برامج للتنمية والتشغيل وخلق فرص العمل ، او برامج الاصلاح الديمقراطي المؤسساتي للدولة وفرضه عليها شعبيا، او برامج لحل مشاكل السكن وتحسين الظروف الحضرية والبيؤية في المدن وغيرها يمكن ايراد العشرات من البرامج الداخلية والمبادرات التي تجعل المجتمع على دراية ومساهمة فعالة في الوقوف الى جانبها وجانب طارحيها) . نعم لاتجد في المجتمعات العربية تحديدا هذه القوى، ومنه فالتغيير شبه ميؤس منه . واذ عادة مايخوض اليسار الوطني في كل المجتمعات هذه المعارك ويطرح الحلول والبرامج ، فاليسار الذي في بلداننا هو يسارا بلاغيا وخطابيا موجها لمحاربة الامبريالية وخوض معارك خارجية ايديولوجية ، وليست داخلية ، وخطابه اغلبه ذو طابع ايديولوجي يتهم فيه الغرب والرأسمالية بالمآسي التي تعيشها شعوبنا ودولنا، ولا تسمع منه غير ان تخلفنا وفقرنا وتحكم العصابات والميليشيات الا ناتجة عن تأمر الامبريالية ، وموجز الامر ان على شعوبنا ان تنتظر حتى يتم اكمال مهمة القضاء على هذه الامبريالية ، ليتم بعدها امكانية قيام نظم وطنية لتتفرغ لمعارك داخلية تقيم العدل الاجتماعي ومجتمع الاخاء الطبقي. انها حقيقة شبيهة بدعوة المعممين الولائية بانتظار ظهور الحجة ليقيم العدل ، وكلاهما يقول للناس انتظروا حتى حلول الفرج. ربما سيتم يوما ، وعندما تتعاظم مشكلة الزحف من الجنوب لتصل الى الملايين الجائعة على حدود القارة العجوز ، فربما ستلجأ للامم المتحدة لتتبنى قرارا بتجريم النظم الديكتاتورية وازاحتها بالقوة ، وفرض وصاية دولية تسمح باقامة مؤسسات وحكومات ديمقراطية وتنموية لقرابة عشرين دولة وبلدا عربيا وافريقيا ولاتينيا على الاقل من مصدري النازحين والهجرة ، وبقدر ما هو حلا لايفكر به احدا اليوم، ولكن مع تفاقم الازمات ووجود نصف مليار انسان هاربا على ابواب اوربا واميركا ربما سيمهد لطرحه مستقبلا. ولكن الاصح والاسلم لشعوبنا هو وعي ان الدول مصالح ، وليس بوتين احسن من مايكرون ، او كلاهما خير من بايدن ، فالمسألة التي عليها حلها هي خوض معاركها الاصلاحية داخليا ، وان تجد طريقها خارج الطرح الايديولوجي ديني ، قومي، بروليتاري ، وفرز يسارا اجتماعيا قادرا على طرح برامج عملية يفهمها الناس ، وهو ممن لايدعي الثقافة والمعرفة بوضع ماسيها على الغرب وعلى العولمة والنيوليررالية هي طروحات ايديولوجية فارغة المعنى لتناول مشاكل شعوبنا ، لاتغني ولاتسمن ولا تحل لها لا مشكلة للسكن ولا مدرسة للتعليم ولا توفر فرصة للعمل ولا اراضي تستصلح ولا مصنعا يقام ولا شابا يحصل على عمل . ان على شعوبنا ومثقفينا خوض معاركها الداخلية وخلق ظروفا على الارض ببرامج عملية تتجاوب مع حاجة الناس لكسبهم لمعارك صغيرة لتكبر تسعى لاقامة نظما وطنية توفر الاستقرار ومؤسسات حكومية كفوءة غير فلسدة وتوفير ظروف التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات والخبرات الى القطاعات الانتاجية والخدمية لتطوير الاقتصاد الوطني وتشغيل الشباب. ان الحل الحقيقي هو محلي ووطني ، ووفق قاعدة " لايحك جلدك الا ظفرك "، واذ انه ضعيف القوة اليوم امام تحكم الديكتاتوريات وفكر السلفية ، وطروحات اليسار الطوباوية الذين يخوضون معارك ايديولوجية خارجية ضد الامبريالية ، بدل خوض معارك داخلية ذات الحلول التنموية والاقتصادية، وبدل مناصرة بوتين بفتح حدود بيلاروسيا لارسال لاجئين عراقيين وسوريين الى بولندا ،عليها وبقدراتها الذاتية طرح برامج لتأهيلهم ولتشغيلهم بدل الرحيل للبلدان الامبريالية الرأسمالية الشمالية. ان اليسار الكاشخ بالمصطلحات ومعرفة العولمة والنيوليبرالية والمكنزية والديالكتيكية والمادية ،فهؤلاء لايملكون حلولا كون اليسار الحقيقي هو من يطرح برامج عملية وعلمية لحل القضايا الداخلية لشعوبه، وليس بخوض معارك خارجية اصطلاحية فارغة، فها هو اليسار في العالم ، الاميركي، والاوربي ، الهندي والافريقي ، غاندي اومانديلا ، جميعهم يخوضون معارك داخلية وليست مصطلحاتية خارجية كيسارنا العربي العاجز والمجتهد فقط بخوض معارك مصطلحاتية وخارجية لا احد يعرف ماقيمتها امام مشاكل مجتمعاتنا الداخلية المتعاظمة التي تهدد مصير وتواجد دولنا وشعوبنا امام التصحر والفقر والنهب والسلب والقمع والقهر . ان معركتنا بلا شك مشاكل داخلية وتحتاج لقوى متنورة وطنية غير مؤدلجة داخلية. د. لبيب سلطان 07/08/2023
#لبيب_سلطان (هاشتاغ)
Labib_Sultan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فهم اليمين واليسار في عالمنا المعاصر
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
-
فهم تجربة الصين وأهميتها للعالم العربي (فهم العالم المعاصر ـ
...
-
فهم الرأسمالية وعلاقتها بالليبرالية ( فهم العالم المعاصر 2)
-
في فهم العالم المعاصر1 علاقة الايديولوجات بالاقتصاد ونظم الح
...
-
لائحة اتهام 3
-
لائحة اتهام لثلاثة ايديولوجيات دمرت اربعة دول عربية ـ2
-
لائحة اتهام لثلاثة ايديولوجيات دمرت اربعة دول عربية ـ1
-
القوانين الثلاثة لبناء الدول المعاصرة والامم الناجحة
-
جذورتحول الجمهوريات الثورية الى ميليشياوية
-
في علاقة النظم السياسية بنظم الذكاء الاصطناعي
-
الغزو الاميركي للعراق ـ3
-
الغزو الاميركي للعراق 2
-
الغزو الاميركي للعراق ـ1
-
في رحيل الاخ الصديق ابراهيم الحريري
-
نحو خلق ثقافةعربية علمانية جديدة متحررة -2
-
نحو خلق ثقافة عربية علمانية جديدة متحررة من العقائدية
-
فهم الله وألدين والعلمانية اولى خطوات الاصلاح العلماني العرب
...
-
العوامل الدولية في اخماد انتفاضة اذار 1991 الخالدةـ وفق دفات
...
-
فهم الله اولى خطوات الاصلاح العلماني العربي-1
المزيد.....
-
تركيا: اعتقال مطلوب دولي بشبهة الانتماء إلى -داعش-
-
تحت ضغط أميركي.. سحب -تقرير المجاعة- بشأن غزة
-
-سوريا الجديدة-.. كيف توازن بين ضبط الأمن ومخاوف الأقليات؟
-
إنفوغرافيك.. اللاجئون السوريون يعودون إلى وطنهم
-
ارتفاع وفيات المهاجرين لإسبانيا عبر الأطلسي في 2024
-
مصدر أمني: ضبط أجهزة تجسس بين خيام النازحين في غزة
-
شاهد.. لماذا يعرقل نتنياهو صفقة تبادل الأسرى مع حماس؟
-
من يكون محمّد كنجو الحسن مسؤول عمليات الإعدام في سجن صيدنايا
...
-
المرصد: إيقاف المسؤول عن عمليات الإعدام في سجن صيدنايا السور
...
-
واشنطن: سعي هونغ كونغ لاعتقال معارضين يهدد السيادة الأميركية
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|