|
النظام السوري وحكومة الوحدة الوطنية !!؟
بدرالدين حسن قربي
الحوار المتمدن-العدد: 1726 - 2006 / 11 / 6 - 07:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النظام السوري يُظهر على الدوام حرصه على لبنان الشقيق باعتباره الشقيقة الصغرى، وحرصه فيما نعتقد له مبرراته وأسبابه. فهو يحب أن يُبقيَ على الورقة اللبنانية بيده، يبيع فيها ويشتري في (بازارات) السياسة، وهي مابين هذا وهذا باب من أبواب التشبيح والنهب، و(سبّوبه) تتدفق منها ثروة هائلة على الرفاق الصامدين والشبيحة المناضلين.
وكلما اقترب موعد المحكمة الدولية تحضيراً وتحقيقاً وتشكيلاً وإعداداً ترتعد فرائص النظام السوري، ويتحرك لعملٍ ما على مبدأ كاد المريب أن يقول خذوني، علماً أن لاعلاقة له البتة بمقتل الرئيس الحريري جريمةِ الجرائم حسب روايته. أمّا عن هذا الخوف والهلع والرعب فالنظام يرى مالا يراه الآخرون، وله في هذا قراءته وتحليله وسلوكياته التي يريد إقناع الناس بها وإن كانت متهافتة. ومن ثمّ فإن كل اضطراب وخلل في الوضع الداخلي اللبناني يساعده ويخدمه في تعطيل مسار التحقيقات والمحكمة الدولية التي يُحِسُ أنها ماضية لقطاف رؤوسٍ قد أينعت إجراماً وقتلاً وإرهاباً، ودفعِ فواتيرَ حَانَ أجلها.
فأنْ يتحدث بعض الفرقاء اللبنانيين عن حكومة وحدةٍ وطنيةٍ قبل الحرب وبعدها أمر يدخل في دائرة اختصاصهم ومعاشهم وحقوقهم الديمقراطية. أما أن يتكلم النظام السوري فهو كلام له معنىً آخر، وأقل مايقال فيه: حق يراد به الباطل. يتحدث الفرقاء عن حكومة وحدةٍ وطنيةٍ، ويهددون بالمظاهرات المليونية والاعتصامات السلمية وحصار مؤسسات الدولة والحكومة حتى تحقيق الغايات. ونسمع كلام وزير الدفاع اللبناني ونائب الرئيس السنيورة السيد/الياس المر وهو يقول: حقوق مئات الألوف من المتظاهرين في التعبير والخروج إلى الشارع والاعتصامات مصانة وعلى راسنا من فوق، وسيكون الجيش في الشارع لحماية المتظاهرين والمؤسسات من أن يعبث بها العابثون أوممن يريد السوء. حقيقةً تسمع الكلام فتعرف أن قائله رجل دولة ديمقراطية بأي معنىً حُلِّلَتْ، وكيفما أُدِيرَتْ وبأي عملة صُرفت وتبقى مثل هكذا تصريحات في مكانها ومدعاةً للتقدير والاحترام لأصحابها.
على الجهة المقابلة عند الشقيقة الجارة، فالمطالبة أو حتى الحديث عن تغييرٍ في الحكومة أو شيءٍ منه هو أقرب إلى الخيانة العظمى التي تُخلّ بالشرف والوطنية والمواطنية، وهو لاشك نوع من أنواع التعامل مع العدو الصهيوني-والعياذ بالله- في ظلّ حالة الطوارئ التي لايجوز أن يعلو فيها صوت على صوت المعركة، والمعركة مستمرة (وهات يامعارك)، ثمّ مامن اعتصام أو اجتماع أو تظاهرة على الخفيف (بضع عشرات) يدعو إليها بعض الناشطين الحقوقيين والمدنيين في مجالات حقوق الإنسان، عتادهم فيها مخ ولسان، يسعون من خلالهما للتغيير في البلد والسير بها في مسار التحضر واحترام قيم الإنسان وتوقيف السلب والنهب و(الشفط) وإلغاء حالة الطوارئ الممتدة لأكثر من أربعة عقود. نعم ..!! مامن مرةٍ يحصل شيء من هذا إلا وتخرج عصابات النظام مسلحةً بالعصي والسكاكين سواءً كانوا رجال مخابراتٍ بلباسٍ مدنيٍ أو عصاباتٍ أخرى ممن رباها النظام على عينه لتفريق هذه التجمعات وإنهاء هذه الاعتصامات والاحتجاجات بعصيهم وحبالهم وسكاكينهم فضلاً عن الاعتقالات المتواصلة للناس بسبب آرائهم وتوجهاتهم السياسية مؤكدةً ديمقراطيةَ النظام وإيمانَه بالحوار والمحاورة. وأحداث مارس/ آذار وتشرين الأول/ أكتوبر 2006 واعتقالات الموقعين على إعلان دمشق – بيروت شاهد ودليل على طريقته التي مثلنا لها بما كان أمام مبنى حكومة الوحدة الوطنية (تبعهم) وأمام مبنى قصر العدل(بتاعهم). لبنان وهو الخارج من حرب ضروسٍ وحشيةٍ ومدمرةٍ، أكّد ويؤكد عبر حكومته - رغم كل مايقال عنها ويُخَطَطُ لها مكراً وكيداً - قوته بفضاءات الحرية المتاحة، وإيمانه بحرية الكلمة، ورفضه لحوار الآخر على طريقة التيوس التي تحاور بقرونها فتنطح وتشطح وتبطح، فَنُعجب بشكل هكذا حكومة متحضرة لم تعلن حالة الطوارئ رغم الحرب الدموية الظالمة، بل هي فوق كل مراراتها وعذاباتها وآلامها ودموعها تفتح ذراعيها لترعى أكبر تظاهرةٍ في تاريخ لبنان – على ذمة أصحابها - ضد الحكومة أو حتى إسقاطها، هذا مع ملاحظة أنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه التظاهرات أو قريباً منها. وبهذا أظهرت وتُظهر حكومة السيد/ فؤاد السنيورة قدرةً ومهارةً حقيقيةً في التعامل مع الحرب ومنتجاتها وإفرازاتها كما في السلم وفي متابعة قضية المحكمة الدولية ومتعلقاتها. نترك للعقلاء أن يفكروا ويحللوا في سعي الساعين من دول الجوار اللبناني لتصحير هذه الواحة الديمقراطية في المنطقة والعمل بكل جهدهم ألا تقوم لها قائمة وألا يرتفع لها راس. حكومة لبنان المنتخبة ديمقراطياً والممثلة لغالبية الشارع اللبناني، والتي أظهرت أداءً ديمقراطياً وطنياً في سلمها وحربها نال كل التقدير والاحترام المحلي والإقليمي والدولي، يتوجه الآخرون إليها من الأشقياء الذين يغيظهم أشكا ل هكذا حكومات باعتبارها لاتمثل الشعب كله ولا المقاومة وليست حكومة وحدة. وحتى لايتيه الناس في لون وشكل (هالوحدة) التي كثر عنها وعليها الحديث في بلاد الصمود والممانعة، فقيدوا هذا النوع بمواصفات من الوحدة بطريقة بني اسرائيل في بقرتهم ثمّ قالوا: هذه هي حكومة الوحدة الوطنية التي نريد. ولكن عن حكومة الجارة العاذلة، فنقابل حكومةً بدون توصيف ولكنها متميزة، تميزت برؤساء ربنا أكرمنا فيهم عبر أكثر من ثلاثين عاماً، يُختم لهم – والعياذ بالله - بخاتمة السوء وعاقبةِ اللصوص والشبيحة من السيد/الزعبي إلى السيد/ ميرو، وحازت على توصيفها رسمياً (وبجلاجل) باتهامها بالنهب والسرقة والفساد، حكمت بقوانين الطوارئ، وماحاربت يوماً ولاقاومت عدواً، وفرّطت بالأرض، ونكّدت على الناس عيشتهم، وأوصلت البلاد والعباد إلى حالٍ من الفقر والفساد والجوع وفقدان الأساسيات أنطقت الرئيس الأسد نفسه في حديثه الأخير إلى محطة بي بي سي ليقر ويعترف عن هكذا حكومة، ثم فوق ذلك هم يقولون: لازم حكومة وحدة وطنية عند الجارة الصغرى ونحن مع هذا التوجه. ياجماعة ..! اتركوووهم (وحلّوا) عنهم..!! وهم بألف خير، ويعرفون جيداً تدبير أمورهم من دون وصايةٍ منكم أو (مَعْـلَـمَة)، واستحوا على أنفسكم (وانطموا) واسكتوا، وكفاية (خرط) ومحاضرات على ناس في الوطنية والوحدة والمقاومة هم فيها أساتذة كبار. فالبقاء لمن يحكم بالديمقراطية ويشيع بين مواطنيه مناخات الحرية والحوار، ويؤمن أن بقاءه واستمراره بديمقراطيتة وحريتة وتحاوره، وليس لمن يحكم بالقمع والقتل ويعتقد أن بقاءه واستمراره بالسجون والمعتقلات، وأن أدوات حواره مع مواطنيه سكاكين وعصيّ وقرون. نقول هذا القول ويقيننا أن لبنان باقٍ .. باقٍ .. باقٍ والمحكمة الدولية قادمة، وويل يومئذٍ للمجرمين.
#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام السوري والمحكمة الدولية !!؟
-
حال الطوارئ مع الوزيرة / شعبان
-
هكذا تَكَلّمَ الرئيس (2 / 2 )
-
هكذا تَكَلّمَ الرئيس 1 / 2
-
هل تصريح السيد( أبوصالح) صالح..؟
-
إنّه فكّر وقدّر
-
لقد صدق وهو كذوب
-
من تدمر إلى قانا 2 هل تسمعني؟ حوّل ..!!
-
من أسر المواطن إلى أسر الوطن
-
عادت (مي) والعود أحمد
-
أمَ المجازر..!؟ مجزرة تدمر
-
ليالي الصالحية أم الليالي التدمرية..!!؟
-
هلوسات في الفكر والسياسة
-
السادس من أيار/مايو بين لوائنا السليب وجولاننا المحتل (قراءة
...
-
عن خطابٍ خشبي سألوني!!
-
بشهادة « الحُص» ، الحق حَصْحَص..!؟
-
قنطار لبنان أم قناطير الشام !!؟
-
السادس من أيار/مايو يوم شامي متجدد
-
محطات شامية
-
اختر الإجابة الصحيحة، أو هاتها من عندك!!!
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|