|
أحبائي الشيعة .. الأسلام السياسي الشيعي فشل في حكم العراق
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 1726 - 2006 / 11 / 6 - 07:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في البداية احدد موقفي كعراقي مسيحي كلداني مستقل ، وبأنني لا أفرق بين سني وشيعي وعربي وكردي وأحيي رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء إن كان سنياً او شيعياً ، كردياً او عربياً او تركمانياً ، طبعاً لا يمكن ان يكون مسيحي كلداني او سرياني ، أو آشوري او يزيدي او مندائي او أرمني او شبكي او يهودي ، ولهذا لا داعي أن أذكر الأقليات العراقية . قبل فترة كتبت مقالاً تساءلت فيه : هل الشيعة مؤهلين لحكم العراق ؟ ويبدو ان السؤال كان عاماً فمن المؤكد ان الشيعة مؤهلون ، لكن اليوم استطيع القول ان الأسلام السياسي الشيعي أخفق في حكم العراق . لا أحبذ استخدام المصطلحات الدينية والمذهبية بديلاً للأنتماء العراقي الأصيل والهوية العراقية الخالدة ، لكن الواقع المرير الراهن يفرض علينا استخدام هذه الأنتماءات والوشائج لكي نسير مع السائرين في مستنقع الفصل الطائفي المقيت . لقد كان لنا روابط اجتماعية وتجارية وثقافية تفرضها الحياة اليومية في عراق الأمس ، وسأذكر في هذا المقال العراقيين الطيبين من الشيعة . كان السائد لدى هذه الطبقة من العراقيين ان الظلم يطالهم في مفاصل كثيرة من الحياة ومنها ما يؤشر الى جهة التهميش السياسي . في 9 نيسان أُسقط نظام صدام تحت الضربات الأمريكية والقوات المتحالفة معها ، ونتيجة للعملية الديمقراطية التي استنبتتها الولايات المتحدة فاز التحالف السياسي الشيعي في اغلبية تؤهله لتشكيل الحكومة . واصبح نفوذ الأحزاب السياسية الدينية الشيعية هو الفاعل في الساحة السياسية العراقية ، وسجل الخطاب السياسي الليبرالي الديمقراطي العلماني تراجعاً كارثياً امام التيار السياسي الديني إن كان سنياً او شيعياً . أجل بلغ الأسلام السياسي الشيعي ذروة الهرم السياسي العراقي ، لكنهم مع الأسف فشلوا في تشكيل طبقة سياسية عقلانية ناضجة لأدارة دفة الحكم ، حينما أوصلهم الناخب العراقي الى مبنى البرلمان ليحكموا العراق . كيف تصرف الأسلام الشيعي السياسي ؟ من نافلة القول أن الشيعة في العراق فيهم الطبيب والمهندس والعالم والخبير في السياسة ، والفيلسوف والكاتب والشاعر والأديب والفنان .. مع القدرات البشرية الهائلة والخبرات والكوادر بكافة الأختصاصات ، مع هذه الأمكانات الكبيرة كان ينبغي على الشيعة أن يسلكوا مسلكاً براغماتياً عقلانياً في حكم العراق . ـ كان ينبغي على الأسلام الشيعي السياسي حينما وصل الى سدة الحكم ان يباشر بتعزيز دور الدولة العراقية وإرساء مبدأ تطبيق النظام والقانون على رقاب الجميع دون استثناء ، مع إعادة تشييد ما هدم من كيان هذه الدولة . كان عليه ان يبني جيشاً عراقياً قوياً يصون وحدة العراق ويذود عن حدوده . لكن بدلاً من ذلك لجأت الأحزاب الشيعية التي يغلب عليها الطابع الديني ، الى تكوين ميليشيات مسلحة موالية لها وتفرض اجندتها على المواطن العراقي المسكين ، ويكون ولائها للممول وليس للدولة العراقية ، وطفقت هذه الميليشيات تزرع التهديد والرعب بين الناس بدلاً من ان يكون منتسبيها جنود في الجيش او الشرطة العراقية وتفرض هيبة الدولة وتدعو الجميع الى الرضوخ للقانون . لقد كان موضوع مكافحة الأرهاب منوطاً بالحكومة ، وكان ينبغي على الأحزاب السياسية الشيعية ، ان تساند الحكومة وتشد من أزرها لتستطيع بسط القانون والنظام ، وتقدم من يمارس الأرهاب بحق الشعب العراقي للعدالة ليأخذ جزاءه . لكن هذه الأحزاب وميليشياتها المسلحة بدأت هي ايضاً تمارس الأرهاب ، وانقلب الأمر الى عمليات ثأرية دموية يومية ، وأخذت صيغة الصراع المذهبي الطائفي ، لقد كان هناك حلول عسكرية وسياسية لوضع الحد للعمليات التي كانت قائمة ، لكن تورط وانجرار الأحزاب السياسية الشيعية لردود الأفعال الآنية ، وسرعان ما وجدت نفسها متورطة في مستنقع العنف ذاته والذي تريد القضاء عليه . وأصبحت الميليشيات طرف اساسي في العنف الدموي اليومي . وباتت مظلة لكل الجرائم والمخالفات التي ترتكب باسمها . ـ بدلاً من وضع خطة وطنية لاستخراج النفط واستثماره وصرف وارداته لبناء العراق المنكوب ، فقد شكلت هذه الأحزاب شبكات معقدة لسرقة النفط وتهريبه ، ووضع هذه المداخيل لمصلحة فئات محدودة بعيدة عن المصلحة العامة للوطن العراقي . ـ كان ينبغي وضع خطة وطنية شاملة لعودة المهاجرين والمهجرين لأنهاء معاناتهم والأستفادة من خبراتهم ومن رؤوس اموالهم . فطبقت الأحزاب الشيعية الحاكمة وأذرعها الميليشيات المسلحة ، سياسة الفصل المذهبي فقسمت المناطق والمدن الى مناطق سنة وأخرى للشيعة ، وهكذا طفرت اعداد المهجرين العراقيين سواء الى داخل الوطن او الى خارجه بمئات الآلاف ، وزادت معانات الأنسان العراقي إن كان من السنة او الشيعة او من الأقليات . ـ كان يجب على الحكومة التي يقودها الأسلام السياسي الشيعي ، ان تبعث في الوطن ثقافة التسامح في الدين والمذهب ، وأن ترفع لواء الهوية العراقية ، لكنها عملت على شحن العواطف الطائفية والدينية ، وهي تذكي المواقف الوجدانية والتي ليس لها علاقة بحقيقة تهدئة الأوضاع في الشارع العراقي وذلك بالدعوات المتكررة للمساهمة الفعالة في المناسبات الدينية ، وهذا الشحن الديني والطائفي الغير مبرر قد سبب في ترهيب أبناء الأقليات الدينية من قبل الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب التي تشكل الحكومة ، وأدى بالمقابل الى توسع مساحة الوجدان الطائفي للسنة ايضاً ، وهكذا كان الأنتقام والتهجير يطال السنة كما الشيعة والأقليات غير المسلمة . لقد كان السنة معظم القرن الماضي يحكمون العراق ، ولكنهم لم يوصلوا العراق الى تخوم الحرب الأهلية . صحيح ان حكم البعث الذي دام حوالي 35 سنة قد اوقع العراق تحت حكم دكتاتوري ، لكن لم يصل العراق يوماً الى ما وصل اليه اليوم . نصيحتي لكم في الأحزاب الدينية للسنة والشيعة على حد سواء ، ان تتركوا الحكم السياسي للعلمانيين الديمقراطيين من التكنوقراط ، حيث الجميع متساوون أمام القانون ، ولا يمكن لشيعي ان ينفي السني ، ولا السني ان يهجّر الشيعي .
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وبعد مبايعة كنائسنا للسيد سركيس آغاجان .. ما العمل ؟
-
الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية الح
...
-
الأب يوسف حبي وعظمة بابل
-
الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية / ا
...
-
معذرة استاذ سركيس آغاجان دمج تسمياتنا يفقدها إصالتها التاريخ
...
-
ابن القوش .. ابن العراق الشهيد فلاح زرا .. لماذا يقتل ؟
-
قراءة نقدية لثلاث محطات من برنامج الحزب الشيوعي العراقي
-
قداسة البابا والعالم الأسلامي وجدلية حرية الفكر
-
حكومتا العراق وأقليم كردستان معنيتان بمنح الحكم الذاتي لمسيح
...
-
تسييس الدين وأخطار الحكم الثيوقراطي في العراق
-
عسى ان لا تكون قرارات الحركة الديمقراطية الآشورية حبر على ور
...
-
تهجير المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى من العراق .. ما الع
...
-
الكلدانيو او السريانية لغة واحدة لشعب واحد
-
ملامح العلاقة الأخوية بين الكلدان وكردستان
-
الأب يوحنان جولاغ فارس القوشي في رحاب الأدب والتراث - 2 2
-
ديمقراطية بوش ام ديمقراطية بوتين ترياق الوضع العراقي ؟
-
الأب يوحنان جولاغ فارس القوشي في رحاب الأدب والتراث 1-2
-
بطريركية بابل على الكلدان مسيرة حكيمة أيام السلم والحرب - ال
...
-
أقليم كردستان وتعايش اللغات الكردية والعربية والسريانية ..
-
فوبيا النقد والحوار .. ( الزوعا ) نموذجاً
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|