الحركة النقابية منظمة عالمية جديدة

ليرك بورو

الحوار المتمدن-العدد: 1726 - 2006 / 11 / 6 - 10:52
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

يوم 1 نوفمبر يبدأ في فيينا بالنمسا مؤتمر تأسيس أممية نقابية جديدة. ستكون الكونفدرالية النقابية العالمية CSI نتاج اتحاد تجمعين نقابيين عالميين رئيسيين ومنظمات وطنية عديدة غير منخرطة، مثل الاتحاد العام للعمل CGT الفرنسي. أهي خطوة جديدة نحو التكيف مع الراسمالية أم اداة جديدة للنضالات؟ هذا هو البديل المطروح على الحركة النقابية العالمية.

--------------------------------------------------------------------------------



تعود الخطوات الاولى لهذا المشروع الى العام 2000 عندما دشن الامين العام الجديد للكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة CISL غي ريدر النقاشات الاولى مع قادة الكونفدرالية العالمية للعمل CMT من اجل تحقيق تظافر في تحركات المنظمتين. وتسارعت عملية التقارب في العام 2003 خلال لقاءات منظمة في بورتو اليغري بمناسبة المنتدى الاجتماعي العالمي وتاكدت اخيرا في 2005. وفي نهاية اكتوبر كان على مؤتمرات الكونفدراليتين ان تسجل موافقة منظماتهما الوطنية، وحلها والانخراط في العملية النهائية للتقارب. وفي تصريح 30 مارس الاخير ابدت 7 منظمات مستقلة (CTA بالارجنتين و PIT-CNT بالاوروغواي و CGT بالبيرو و CGT بفرنسا و OPPZZ في بولونيا و CDTN في النيجر و FISEMA في مدغشقر) رغبتها في الانضمام الى هذا التجميع منذ انطلاقه. وكان مؤتمر نقابةCGT الفرنسية الثامن والاربعون نهاية ابريل قد وافق مبدئيا، واكد ذلك اجتماع لجنة كونفدرالية وطنية يوم 27 سبتمبر فاتحا بذلك امكان ان تصبح CGT عضوا مؤسسا للكنفدرالية النقابية العالمية. وتبقى في منأى عن هذا التجميع النقابات التي لا تزال منتمية للفيدرالية النقابية العالمية FSM ومنظمات وطنية مثل Solidaires او COBAS بايطاليا التي لم تنظم بعد لحد الآن الى بنيات اقليمية او دولية.

ورغم انعقاد هذا المؤتمر بعيدا عن الانشغالات الآنية لاعضاء النقابات، حيث ان قلة منهم فقط عبرت فعلا عن رأيها، فانه يمثل حدثا. لقد سجلت الحركة النقابية، التي تشكلت اغلب مكوناتها في الآن ذاته على قاعدة تاريخ وطني وتصور اممي لدورها، تأخرا كبيرا بوجه تطور العولمة الراسمالية. ورغم ارساء اقطاب اقليمية، تظل التحركات والمطالب الدولية بعيدة عن الاستجابة للرهانات وللتدويل المتنامي لمراكز اتخاذ القرار. ان بلورة مطالب عالمية، ولاسيما اقتراحات تحركات نضالية ضد عولمة الاستغلال، سيكون من شانه اعادة مد عمال وعاملات العالم برمته بالثقة في قدراتهم على المقاومة. كما سيتيح رفع شأن حركة نقابية لا تستجيب حقيقة لتطلعات الطبقات العاملة، هاته التي غالبا ما تدرك ان القرارات ُتتخد على مستوى آخر: في مجالس ادارة الشركات متعددة الجنسية، او المنظمات فوق الوطنية، من قبيل صندوق النقد الدولي و البنك العالمي و المنظمة العالمية للتجارة او اللجنة الاوربية، التي تعمل كلها لحساب الحكومات الامبريالية.

دفعة قوية من العولمة

اتبث تطور حركة العولمة البديلة والتعبئات الرائعة التي شقت الاجماع الليبرالي بتحقيق نجاحات ضد الهيئات الدولية، إمكان ان يكون تحرك عالمي فعالا. و على نحو بناء جرى احتلال المساحة التي تركتها الحركة النقابية فارغة. وجلي ان لذلك اثر على قرار التقدم في عملية التوحيد العالمي هذه. لقد ُصدمت الكنفدراليات الدولية بالراديكالية المناهضة لليبرالية وبنشاط الحركة من اجل عولمة بديلة التي نازعت بالممارسة فائدة الحركة النقابية وفعاليتها. ووجدت نفسها مجبرة على المشاركة في المنتديات الاجتماعية وفي الانشطة ضد الدول السبعة الكبرى G7 . لا سيما انه كان من اعضائها منظمات مثل CUT البرازيلية و COSATU من افريقيا الجنوبية. وتمثل هذه البلدان سكانا يتعرضون على نحو جسيم لمساوئ العولمة. لهذا انخرطت في الاجتماعات الدولية لمقاومة النظام الامبريالي. كما شاركت في التحركات التي قررتها بعض الفيدراليات المهنية الدولية (مثل الاضراب الاوربي لعمال سكك الحديد)، في النقاش حول الانخراط في التعبئات العالمية. وقد شهدت هذه الفيدراليات المهنية تطورا أسرع من تطور التجمعات متعددة المهن. وهي تمثل حاليا القوة الحقيقية للحركة النقابية العالمية، وانغراسها الاجتماعي. لكن الاجهزة النقابية تجد صعوبات في الارتياح لحركة مهتاجة وغير قابلة للتحكم والتي لا يسعى قسم منها الى المصالحة مع المؤسسات. وهذا ما يوضحه جيدا مثال التعبئات الاوربية ضد توجيه بولكشتاين حيث رفضت نقابات الكونفدرالية الاوربية للنقابات CES اطارا مشتركا مع الجمعيات والاحزاب. اذن تسعى الكنفدراليات من خلال التوحيد والمشاركة في التحركات الدولية الى الظفر بنفس جديد وشرعية جديدة، وايضا الى وسيلة لاستعادة التحكم بالنضالات المفلتة منها.

أهداف نضالية

ليس بوسع أمميين مثلنا الا الابتهاج لهكذا حركة. ان العمل من اجل وحدة الطبقة العاملة العالمية هو فعلا الرد المناسب على الطور الراهن من التطور الراسمالي. إن الشروع في حملات دولية من اجل خفض مدة العمل، وضد عمل الاطفال، وضد الجوع، والديون والحروب، ومن اجل بناء تنسيقيات نقابية في الشركات متعددة الجنسية، وضد التسريحات وترحيل الصناعات، ومن اجل احداث فرص عمل، والدفاع عن الخدمات العمومية وتوسيعها على نطاق عالمي، سيكون فعلا دور حركة نقابية ذات منظور تغيير اجتماعي. لكن اهداف المنظمة الاممية الحالية بعيدة عن التطابق مع هذا الطموح. توجد في اعلانات المبادئ وفي الاهداف المقترحة لتصويت المنظمات محاور مطلبية عديدة مثل النضال ضد اشكال الميز، والغاء ديون البلدان الفقيرة، والتنديد بالحرب، او نوع من ضريبة توبين، لكن المنظورات العامة تظل في اطار نظام ليس مرفوضا او لم يعد مرفوضا من قبل الكنفدرالية النقابية الدولية الجديدة وكذا اغلب المنظمات المكونة لها. هكذا تنوي النضال من اجل "حكامة ديمقراطية" لاقتصاد يجب ان يكون تطوره "منصفا" للعاملات والعمال. وتعبر عن "دعمها الدائم لمبادئ منظمة الامم المتحدة ودورها" التي تمثل شرعيتها وسلطتها،بنظرها،" ضمانة فعلية للسلام والامن والتنمية". لا يمكن للكنفدرالية النقابية الدولية ان تتحرك بهكذا مسلمات سوى لممارسة ضغط lobbying ازاء المؤسسات الدولية. ولا شك ان البيروقراطيات النقابية ستجد في الامر مصادر جديدة للتمويل و مناصب عديدة وليس توجه نضال طبقي. ومن جهة اخرى تتبث تجربة الكنفدرالية الاوربية للنقابات ان السعي الى الاضطلاع بدور المخاطب المفضل لارباب العمل والدول ُينسي الحركة النقابية علة وجودها الاصلية أي الدفاع الحازم وباستقلال تام عن مصالح الاجيرات والاجراء. ويكشف تصويت كنفدرالية النقابات الاوربية المصادق على مشروع الدستور الاوربي مستوى اندماج الحركة النقابية وابتعادها عن مفوضيها. ولم تفلت CGT الفرنسية من قوة جذب التكيف سوى بفعل التمرد الداخلي لاطرها الوسيطة وضغط الحركة المناهضة لليبرالية بفرنسا.

مرحبا اذن بهذه العملية التوحيدية، لكن لماذا لا تشمل الفدرالية النقابية العالمية FSM ، ويبقى تحديد جدواها الحقيقية مطلوبا. لا شك ان حركة نقابية موحدة على نطاق عالمي، تضع هدفا لها محاربة السيطرة الراسمالية بحملات دولية ونضالات منسقة بارتباط وثيق مع الحركة من اجل عولمة بديلة، ستشكل تقدما. يفترض هذا ايصال هذا الاقتراح الى كل المستويات التي يمكن ان يناقش بها. وبعكس انطواء قائم على الحنين الى فدرالية نقابية عالمية FSM ممثلنة، او حركة نقابية وطنية مفصولة عن حركات التجذر الدولية، يجب على الوحدويين ان يعملوا من اجل تلاقي التحركات، في البنيات العالمية او في كل المنظمات النقابية المستعدة لذلك منخرطة كانت او غير منخرطة.

ليرك بورو

*******************

بعض معالم الحركة النقابية العالمية

ولدت الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة CISL في 1949 بانشقاق من الفدرالية النقابية العالمية FSM نُظم بدعم مالي من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكة CIA من اجل محاربة الشيوعية. تدعي CISL ان لديها 241 منظمة منخرطة في 156 بلدا و 155 عضو منخرط 40 % منهم نساء. وتتشكل من 3 اقطاب اقليمية ( اسيا والمحيط الهادي،افريقيا، القارة الامريكية)، ولها ايضا صلات بالكنفدرالية الاوربية للنقابات (CES التي تضم كل منخرطي CISL الاوربيين) ومع الفدراليات المهنية الدولية التي تجمع النقابات الوطنية لفرع او صناعة على صعيد دولي. في فرنسا كانت نقابة القوة العمالية FO عضوا بـ CISL من تاسيسها وcfdt منذ 1989 بعد مغادرة CMT .

الكونفدرالية العالمية للعمل CMT : تضم 144 منظمة في 116 بلدا. وبها زهاء 26 مليون عضو. كانت الكنفدرالية الدولية للنقابات المسيحية CISC قد عُمدت في 1920 وتخلت عن طابعا الطائفي وغيرت الاسم الى الكنفدرالية العالمية للعمل في 1968. وبقيت CFTC عضوا بها.

واخيرا الفيدرالية النقابية العالمية FSM التي ظهرت في 1945 بصفتها امتدادا للفيدرالية النقابية الدولية FSI التي تاسست في 1913. رفضت الكنفدرالية الدولية للنقابات المسيحية هذا التقارب وبسرعة نظمت النقابات التي اسست الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة القطيعة تاركة لوحدها نقابات بلدان الشرق او التي يقودها ستالينيون. بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي غادرت نقابات عديدة (CGT الفرنسية عام 1995). وخلال مؤتمرها الاخير في ديسمبر 2005 كان المندوبون يمثلون 100 منظمة و46 بلدا.

تعايش غريب

تؤكد الكنفدرالية النقابية الدولية في اعلان مبادئها انها مع الدفع بالديمقراطية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. وانها توجد من اجل " توحيد وتعبئة القوى الديمقراطية والمستقلة للحركة النقابية العالمية..." وان مهمتها تتمثل في :" مواجهة الاستراتجيات الاجمالية للراسمال المالي باستراتيجيات اجمالية للرأسمال البشري". ان من يأخذ هذه المبادئ حرفيا سيفاجئ بمعرفة ان منظمة CISL تضم بين اعضائها ( وبالتالي من اعضاء الكنفدرالية النقابية العالمية المقبلة) كنفدرالية عمال فنزويلا CTV . كانت هذه المنظمة، الشهيرة بفسادها، تملك بنكا واصبحت في سنوات 1980 رابع مجموعة اقتصادية بالبلد. وشاركت في تسيير الاقتصاد الفنزويلي وكانت حليفا للحكومة طيلة 40 عاما. ومنذ انتخاب تشافيز شاركت CTV بصراحة في انقلاب 2002 وفي الاضراب-الاغلاق في ديسمبر2002 ويناير 2003. وكان امينها العام كارلوس اورتيغا يدعو الى اطاحة تشافيز" بكل الوسائل"، ويظهر كل مساء في التلفزيون يدا في يد مع ارباب العمل الفنزويليين... ستوجد اذن بالكنفدرالية النقابية الدولية منظمات تخوض صراع الطبقات ... لكن ليس من نفس الجانب.

اسبوعية روج

العدد 2179 – 3 نوفمبر 2006

تعريب المناضل-ة

#ليرك_بورو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات