|
قريبا على شاشتكم تمثيلية برلمانية
هشام الصميعي
الحوار المتمدن-العدد: 1725 - 2006 / 11 / 5 - 08:13
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
قريبا ستشرع الحكومة و بمشاركة نخبة من ألمع الممثلين بالبرلمان ، في أداء تمثيلية جديدة من صنف الكوميديا السوداء ، و سيتم كما جرت عليه العادة نقل حلقاتها المملة مباشرة عبر الشاشات .وحسب النقاد من المتوقع أن لا تخلو مشاهدها الخارجية من انخراط الجمهور وفي أجواء المتابعة ، بموجات من الحسرة التي قد تكون مصحوبة بالسباب و اللعنات ، خاصة عندما سيقتحم بعض الممثلين بكروشهم التقيلة ، وأوداجهم المتورمة ، بيوتا مكلومة بالزيادة في الأسعار على حين غفلة ، أو عندما سيصادف آلاف المعطلين المنشورين على المقهى هده الوجوه على الشاشة فلا يبخلوا في امطارها بألوان من السخط و الهجاء.
كل الممثلين سيؤدون أدوارهم وكما جرت عليه العادة بالتناوب متقنين فن الكلام ، المصحوب في بعض المشاهد الحرجة بالضرب على منصة المجلس ، و بالتشمير على المرافق.وتقطيب الحواجب تارة أخرى متفيقهين ، ومترترين الى أبعد الحدود.
و المناسبة هنا هي مناقشة القانون المالي الجديد ، أو العصى السحرية الأخيرة للحكومة . وحسب السيناريو سيحاول الوزير الأول بطل التمتيلية في أول لقطة إخراج العصى من تحت إبطه سليمة ،من غير سوء ، ليلقي بها فيما بعد على الجمهور شاقا أسماعهم بأرقام ،و تخمينات ،كما سيتلوعليهم آمالا دسمة تزخر بشتى بهارات التسويف من نوع و سنعمل على.. و سنقوم ب.. و سنشغل كدا... دون أن ينسى في الأخير تقديم سلطات معجونة بالأحلام لتسهيل هضم الوجبة ، من قبيل وقد فتحنا و قد ارتاينا وقد قدد ... هكدا سيألهنا الوزير أيما وله ، ونحن نتملى بصلعته البهية ونلقي الأسماع الى زفلكاته ، وسيسبغ علينا ما جادت به قريحة حكومته من أسجاع الجمل ، و المفردات ، في هده الميزانية ومن آمل و مأمول ، يلقيها بردا و سلاما على مسامع الكادحين الماسكين في حيرة من أمرهم على القلوب.
واليكم بعض أرقام السكتة القلبية في ميزانية السنة المقبلة حسب قانونها المالي 6700 منصب شغل فقط على مدار كل السنة ، أي ما يعادل 2.25 من طلبات الشغل التي تبلغ 300 ألف طلب سنويا ببلادنا ،عشرات الشركات لازالت تتملص من الضرائب و لا يطالها القانون هده لن تأتي في كلام الوزير ، عشرات الملاكين العقاريين الدين ينعمون في خيرات المغرب يمينا و شمالا لا يؤدون الضرائب هده الأخرى سرية سيمضغها الوزير ، التروات السمكية يعبت فيها العابتون هده كدلك محجوبة على الجمهور.... هدا فيما ارتفع معدل الضريبة على القيمة المضافة التي يؤديها المواطنون بسبب الزيادة في الأسعار من7 الى 10 في المائة ،و طارت بعدها من 14 الى 20 في المائة برسم ميزانية 2006 ،وكنتيجة لافلاس صناديق الضمان الاجتماعي بسبب النهب سيرفع الوزير سن التقاعد الى 64 سنة يعني حتى يشدك بوتفتاف ، مع الرفع من اقتطاعات الصندوق يعني هم سارقون ناعمون و المسحوقين يؤدون....
و لو أن لي طلب للوزير الأول هنا و بما أننا في دولة اسلامية بحسب الدستور ، وبما أن لنا معارضة اسلامية صامتة كالحجر في القبة الميمونة كم سأكون فخورا بأن يختم السيد جطو تقديمه للميزانية بدعاء قضاء الحاجة و هو بسيط وسلس على الحفظ كالآتي لي ما خدامش الله يخدمو ، و لي مريض الله يشافيه ، و لي ما ساكنش الله يسكنو ، و لي ما عندوش ماخصوش ، و لي عندو الله يزيد ، و قولوا آمين .
هده البروفات النيابية المسوفة ، و المشفوعة بالتقديد ،و السجالات الشفوية المحلاة ، بالأرقام ،و المستملحات و التي تعرض بالمايسترو كل سنة مباشرة من البرلمان المغربي بمناسبة عرض الميزانية يمكن الحكم عليها من زاوية فنية بأنها عمل فاشل ، فهي تنعدم فيها نسبة المتابعة كما أنها خطيرة على النشئ حيت تحرض الصغار على تعلم الخطأ في الحساب ، و لسبب آخر بسيط هو أن أي مغربي ساخط على هده الحكومة لا يمكنه الا أن ينئى بنفسه بعيدا عن متابعة هده التمتيلية البرلمانية حتى و ان أغرته التلفزة بتخصيصها لجائزة قيمة مع نهاية كل حلقة .
ميزانية الدول الديمقراطية ليست مجرد أرقام شاطحة ، فأي محاسب مبتدأ يمكنه أن يقدم جدولا مليئا بالأرقام. و الميزانيات في هده الدول ليست متمنيات ،و مرجوات بل برامج مراقبة تتبع بسياسات دقيقة في طريقة صرف المال العام . و الميزانية الديموقراطية ليست مبنية على تبويب الضرائب ، و المصاريف وانما على تقديم الحساب و سي جطو لا حزب و لا لون سياسي له فمع من سيتحاسب المغاربة بعد نهاية و لايته؟ و كل البرلمانات الديموقراطية تمتلك الحق في انشاء لجان لتقصي الحقائق ولجان للمحاسبة و مراقبة طريقة صرف المصاريف وكيفية صرفها و الى أين تدهب ؟أما في المغرب فهدا الدور منعدم لدى البرلمان الدي يقتصر دوره فقط على شرعنة مسك الضرائب طوال السنة و يتحول الى مستودع لصناعة اللغو بمناسبة مناقشة الميزانية و في الأخير ما عليه الا التصويت عليها بتزكيتها دون أن يتوفرالنواب على خيار آخر لرفضها أو تعديلها فيتحولوا بدلك الى مجرد ممتلين في عرض تافه شبيه بالكاميرا الخفية و بالتواطئ.
فلماذا تضيع الحكومة و البرلمان وقتها في هده التمتيلية الفاشلة ؟ أليس من العبث و الضحك على أدقان الأمة أن يناقش النواب أشياء لا يمتلكون بمقتضى الدستورحتى الحق في تقريرها من عدمه أصلا؟..عفوا انهم ممتلون ووجدوا للتمثيل وهدا يدخل في صميم اختصاصاتهم . فرجة ممتعة ..
#هشام_الصميعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يبوس العتماني الواوااا؟
-
عزوف المغاربة عن الانتخابات أم عن السياسة؟
-
ديموقراطية الأمريكان رجس من عمل الشيطان
-
حزب الله انتصر آه ...حزب الله انهزم و نص
-
حشيش بجميع الأصناف و الرتب في الأمن المغربي
-
دموع الصبايا تغشى أوجه الهجن
-
باسم الله المجيد تنهب الأموال باليمن السعيد
-
وزير الجحش
-
بيان من الشعوب العاشبة
-
مدخل لدراسة النظرية البوشاوية
-
ذكريات الشقاوة عندما ختنت و عندما أحببت1/2
-
مادا يعني أن تكون شابا بالمغرب؟؟
-
ميلاد جبهة المعارضة السعودية الديمقراطية
-
ما قل و دل من سياسة الرباط
-
التلف..زة المغربية في العهد الجديد
-
كابوس مرعب
-
حكومة عيانة
-
أمم متحدة ضد من؟؟
-
أخبار غير عادية من المغرب
-
غجري أنا في و طني
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: معبر رفح لن يُفتح إذا تكررت -الفوضى- م
...
-
أمريكي ينتشل أجزاء من طائرة منكوبة تحطمت في نهر بواشنطن
-
كيم جونغ أون غاضب ويحاسِب.. إقالة عشرات المسؤولين تورّطوا في
...
-
واتساب يتصدّى لعملية تجسس واسعة استهدفت صحافيين وناشطين
-
الجيش الاسرائيلي يعلن تعرض قواته لإطلاق نار داخل سوريا
-
ترامب يتعهد بالحديث مع بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
ترامب: الأردن ومصر سيستقبلان سكانا من غزة
-
-الشبكة- يرصد أثر مشاهد تسليم أسرى الاحتلال على البريميرليغ
...
-
نادى الأسير يكشف عدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم السبت
-
ترامب يكرر تصريحه عن -تهجير- سكان من غزة إلى مصر والأردن
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|