|
بيع الهويّة في المزاد العلني
عماد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 1725 - 2006 / 11 / 5 - 10:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل تحتاجون الهوية في شيئ ؟ لو أنّ لأحدكم حاجة بها فليقنعنا بأي شيئ تفيدنا في حياتنا المعاصرة أو تساهم في حل مشاكلنا أو حتى الحدّ منها و سأسحب عرضي هذا و أعتذر، و أقسم سأعتذر و أقول أني كنت حمارا حين دعوت للتخلي عن أهم مقوم من مقومات "أمتنا" و "شعبنا". و لكن إلى الآن لم يجبني أحد، فيما نحتاج هذه الهوية ؟ العروبة و الاسلام تحديدا.
لطالما تربينا على احترام التاريخ، المقدس عادة، و على أن الحفاظ على هويتنا و تقاليدنا و جبّتنا و شاشيّتنا و حمايتهم من الاندثار واجب مقدس، و هذه الأغنية يتم ترديدها الآن بنغمات و مقامات مختلفة، آخرها لجنة "القبائل" التونسية، و قبلها و بعدها طبعا موّال "الدين" و "الأخلاق" و كل هذه الكلمات الجامعة التي لا تعني شيئا محدّدا. و لطالما تسائلت لمذا يجب أن نكون هكذا ؟ ما الفائدة من المحافظة على هذه العادات و التقاليد ؟ بل و الدين بشكله المتخلّف الذي نعرفه ؟ و الاجابة كانت دائما لا تخرج أن المسألة هدف في حد ذاته و ليست وسيلة. و لا ارى فائدة ترجى من هذا الهدف.و قد أكون مخطئا.
هدفي الذي أفخر بالعمل لأجله اسمه اعلان كوني لحقوق الانسان، حرية مطلقة في حدود قوانين ليس لها من ملارمى سوى حماية الحرية و العدالة و المساوات بين المواطنين في دولة قانون و مؤسّسات. المساوات بين الجميع بدون استثناء بما في ذلك مساوات المرأة بالرجل مساوات مطلقة، فلو حلّل له تعدّد زوجات فليحّلل لها تعدد أزواج، أمّا مسألة حفظ الأنساب العزيزة على قلوب سلفيّينا فإنّ تحليل الحمض النووي قد حلّها، ذلك أنّ العلم يا سادة قد تقدّم و نحن في القرن الحادي و العشرين و يمكن بسهولة معرفة من هو أب أي طفل. مساواتها بالأرث و تولي كل المناصب المتاحة بما فيها إمامة الصلاة و رئاسة الدولة. حرية مطلقة في الفكر و الاعتقاد و اعتناق أي دين، أي دين، و تغييره أو التخلي عنه و عدم اتباع دين معين، أو الالحاد، و اشهار ذلك سلميا لو شاء.
هدفي حرية و كرامة المرأة التي هي عندنا و للآن في نظر متأسلمينا عورة يجب أن لا تخرج من بيتها الا للقبر أو "دار جواد"، و ان خرجت يجب تغطيتها لأنهم يستثارون بشعرها، و يقولون، يدّعون، يكذبون ، أن الله أمرها بذلك. و مذا لو لم يأمر الله بذلك فعلا، أو مذا لو كانت هذه قضية فرعية تافهة و جدا.
هدفنا يجب أن يكون مكافحة الجهل و الفقر و المرض و ليس محاربة التحديث و التقدم و التطور، ربما، اقول ربّما، خرجنا من مصير الهنود الحمر الذي ينتظرنا، أو إماراة طالبانية تتربص بنا و تموّلها أموال قذرة بيد شيوخ جهلة.
لا تكفي طبقة رقيقة من عسل الكلام، و صفات كاذبة نطلقها بالوسطية و الاعتدال على فقهاء الارهاب لتغيّر من خطورة الأمر شيئا.
و المهم الآن أني لا أرى شيئا له علاقة بالهوية في كل ما سبق سوى ما يعطّل و يقف حاجزا، بموضوعية أو عن جهل أو سوء نية منا، حاجزا في طريق تلك الأهداف.
الهدم و البناء وجهان لعملة واحدة.
لكي تبني عليك حتما أن تهدّ. لبناء إمارة طالبانية، حتى لو سمّيتها جمهورية إسلامية ديمقراطية، فعليك أن تهدّ كل ما تحقق من وعي و علم و تحديث و تطور و تعود الى الوراء. لتبني دولة ديمقراطية حرة متطورة فلا بد أن تهدّ أو على الأقل تحنّط كل هذا التراث المليئ بالتخلف و العنف و الدم. صحيح البخاري و أحاديث أبو هريرة لا تصلح مصدرا للتشريع في دولة حديثة. و القرآن مطّاط تجد فيه كل ما تريد و تقرأه بالشكل الذي تريد. و تراثنا و تاريخنا لا شيئ سوى فتنة أو محنة أو جهاد كما يقول أركون (بالمناسبة، أركون و من مثله بعلمه و موضوعيته من يستحق لقب عالم و علامة و ليس أصحاب العمائم الأزهرية الذين تنتفخ جيوبهم بأموال الوهابية). و نحن نريد أن نخرج لعصر بناء و حضارة و حوار متمدن، فهذا التاريخ عبئ و ليس حلا.
من أجل ذلك أقترح بيع هذه الهوية في المزاد العلني، بل إعطائها مجانا فلن يتقدم شعب يفهم لشرائها من عندنا.
أما الكتب و عددها بالعشرات و المئات، من صحيح مسلم و البخاري،و كتب "شيخ الاسلام" ابن تيمية التي يقول فيها بقتل من يشتم الرسول و لو كان من غير المسلمين، بل و تكفير الجميع ، و انتهاءا بمؤلفات القرضاوي و أشباهها، حيث المطروح للنقاش طريقة قتل المثليين جنسيا فقط، و هذه رحمة الاسلام، أن نناقش كيف نقتلهم و نريح العالم من شرهم، لا أن نعالجهم أو نفهم لما خلقهم الله هكذا، الله الذي لا يخطئ، فيمكن مثلا أن نستعملها وقودا في المخابز لطهي الخبز. أو نعجنها ثانية و نرسكلها لانتاج ورق رسم يستعمله ابناؤنا للتعبير الفني الذي نحرمهم منه لأن الفن حرام. و كل البدع التي انتجها هذا الفكر و هذه الهوية و التي ليس لها من مهام سوى قتل فطرة الانسان و خنق حريته و كبت مشاعره الطبيعية، بحيث صار لنا باربي اسلامية اسمها فلة، محجبة و لا يمكن نزع ملابسها حتى لا نعود صغارنا على رؤية عورتها، أرأيتم إلى أي مدى هو مدمر هذا الفكر، كل هذه البدع يجب أن تحنط و تترك للأجيال القادمة كعبرة. و إلا سنكون نحن المحنطين في فترينة التاريخ بعد عقود قليلة.
أعلم أنّ ما قلته يعتبر أيضا فكرا مدمّرا و منحرفا بنظر الكثيرين، و يجب بتره، و لكن عادي، فكما قلت الهدم و البناء وجهان لعملة واحدة. و علينا أن نختار، مذا نهدم لنبني مذا ؟
#عماد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق الإنسان المسلم : الخوف فالموت أخيرا
-
حقوق الانسان المسلم : العبودية ثانيا
-
حقوق الانسان المسلم : التخلف أوّلا
-
الإرهاب و الحجاب و حفرة طالبان
-
عري
-
بشراكم يا مسلمين
-
دعوة للإنحلال الأخلاقي
-
عبد و مخبر و حرامي
-
إلاّ الخيانة
-
هي الحرب بترا،
-
العمل خير من الصلاة
-
حوار صوفي
-
ظل ايروس المائي
-
هل الإسلام هو المشكلة ؟
-
هيفاء : نحتاج دروسا في الإغراء لشباب هذه الأمّة
-
رامبوالعربي: اغتيال الفن و مصانع التخلّف
-
و لمذا المذيعة عارية ؟
-
رمى الله النرد و انسحب
-
القصيدة التافهة
-
العلمانية يا غجر
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|