أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد زوبدي - في نقد خطاب الحداثة في المغرب وشروط التغيير.














المزيد.....

في نقد خطاب الحداثة في المغرب وشروط التغيير.


أحمد زوبدي

الحوار المتمدن-العدد: 7683 - 2023 / 7 / 25 - 04:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في عقد الثمانينيات حتى النصف الأول من العشرية الأولى للقرن الحالي هيمن خطاب الحداثة في الساحة الثقافية المغربية بشكل مفرط خاصة حين تم الإعلان عن فشل التجربة الاشتراكية وليس فشل الإشتراكية. أكثر من ذلك فقد صاحب هذا الخطاب المستورد فكر فاشستي منتقدا ماركس أنه جاء بخرافات ومتهما لينين وماو بالدكتاتورية وتصفية معارضيهما. قام المثقف المغربي الذي كان يزحف إلى مشاركة أصحاب السلطة في ولائمهم وريوعهم في مدح خطاب الحداثة الغربي وتسويقه لطمس واقع الاستبداد المعشش في دوالب الدولة المغربية وكأن الحداثة المستوردة في شقها الإجمالي ستكون العصا السحرية للتخلص من نظام متخلف وقهري.
صحيح أن الرأسمالية أنتجت الحداثة التي ناضل من أجلها مفكرو الحرية والديموقراطية منذ ديكارت وروسو حتى ريمون أرون وكاستورياديس مرورا بطوكفيل وستيوارت ميل، لكن أن يتم استيراد قوالب جاهزة لهذه القيم النبيلة، فهذا يترجم الغباء والكسل الفكري والارتداد في الممارسة السياسة. في أوروبا، الحداثة والديمقراطية جاءتا نتيجة المعارك السياسية المريرة. لم ترى النور هاتان القيمتان الإنسانيتان النبيلتان من النخب المخادلة والنخب الرجعية بل من الأنتلجسيا العضوية أمثال كارل ماركس وانجلس و لفارغ وغيسد ولينين وماو وجوريس وغرامشي وألتوسير وكامو وبولانتزاس وكثير من رسل الفكر. لكن حين نريد أن نبني التقدم والحرية والديمقراطية مع أعداء هذه المشاريع الإنسانية النبيلة، فهذا لعمري يؤشر عن البلادة الفكرية والسياسية. اليوم اتضح زيف هذا الخطاب في المغرب بصعود مشعوذي السياسة وبخيانة النخب التي جرتها رياح التغيير الخادعة. ها نحن اليوم في الدرجة الصفر للتغيير، هجوم النظام الاستبدادي من جهة، و هجوم الفكر الظلامي بكل أشكاله من جهة أخرى. زيف الحداثة يحتاج إلى إنتاج خطاب نقيض لمواجهة أعداء الحداثة. الحداثة تبدأ أولا في بلد، مثل المغرب، بإنتاج الفكر المناهض للاستبداد وبالممارسة السياسة الجريئة والشجاعة تهدف إلى خلخلة البنى الاجتماعية يعني التأثير في وعي الناس وبناء سلطة مضادة. صحيح هناك أقلام وهي محسوبة على أصابيع اليد والتي راكمت كتابات جديرة بالاهتمام في ما يخص التحديث والحداثة في المغرب، لكن نقطة ضعفها أنها لم تتمكن من تكوين كتلة تؤثر على سلوكات المجتمع والدولة وبقي بالتالي أصحابها، رغم أهمية ما قاموا به ( الجابري والعروي)، لا يشكلون قوة ضغط على النظام والتأثير في المجتمع للقيام بالتغيير المنشوذ أي تحديث المغرب بما يضمن له التقدم الاقتصادي وعلى رأسه التصنيع والقيام بدمقرطة البلاد حيث يكون حكم القانون العادل هو الأساس. الكتابة في موضوع الحداثة عن بلد ما تستدعي التأثير في المجال السياسي والثقافي لتكون المؤسسات القائمة تخدم مصلحة البلاد ومصلحة الشعب وبالتالي يكون هناك تأثير على وعي الناس ليتخلصوا من الانتداب ويتحولوا الى فاعلين مؤثرين وليس مؤثر عليهم على حد تعبير ماركس. وهو ما لم يتحقق في المغرب أي أن الكتابة في موضوع الحداثة لم تؤثر في الحقل السياسي السائد خصوصا يعني أنها وجدت البنية فيها الكثير من قوى المقاومة وبالتالي أنها أي الكتابات ليست مؤهلة لتقديم البديل القابل للتطبيق، على الرغم من أهمية بعض الكتابات ككتابات العروي والجابري، كما تمت الإشارة لها، والتي بقيت مرتبطة بنخبة من المهتمين يالفكر والثقافة جلهم أكاديميين ولم تتحول إلى ثقافة سياسية داخل القوى المناهضة للنظام السائد. العروي كليبرالي متنور من منظور ستيوارت ميل يدعو إلى فهم واستيعاب الليبرالية قبل التفكير في تجاوزها، والجابري كاشتراكي معتدل يرى في البنيات السائدة والعقل( السياسي) السائد كعائقين للتقدم، لم تمكن أفكارهما، على أهميتها، من فرض الحداثة كثقافة سياسية داخل النخبة السياسية المغربية وبالخصوص منها النخبة التقدمية واليسارية.
الحداثة تعرف اليوم انتكاسة غير مسبوقة في الغرب بصعود حركة ما بعد الحداثة التي رأت النور بسبب تعثر الحداثة في انجاز مهامها التاريخية أي تحقيق الديموقراطية والعدالة والحرية والمساواة. ما بعد الحداثة تقول أن يقين العقل والتقدم والعلم غير مؤهل للإجابة على مشاكل روح العصر وأن الأمر يستدعي تفكيك هذه اليقينيات والبحث عن آليات جديدة. حتى الآن لم يجب فكر ما بعد الحداثة الذي وإن زعم أنه فكك أفكار براديغم الحداثة، على مشاكل روح العصر التي تفاقمت قياسا مع مرحلة نشوء وترعرع ونضج فكر الحداثة.
الحداثة اليوم لم تكتمل وشروط اكتمالها، يقول المفكر العربي سمير أمين، رهين بتجاوز الرأسمالية وبالتخلص من هيمنة تسليع الحياة الإجتماعية.

في شروط التغيير/
التغيير رهين بتغيير ميزان القوى. خارج هذا التصور فهو وهم ليس إلا. في المغرب جل الطبقة السياسية والنخبة المثقفة التي تخندق نفسها يسارا انجرت مع إيديولوجية الحداثة التي أرادت غرسها في مجتمعنا بالقوة. إذا كان الهدف من وراء هذا التوجه هو المساهمة في عصرنة وتحديث المجتمع، فإن ذلك يحجب طمع الطبقة والنخبة المذكورتان في الاستفادة من المناصب والمكاسب. الطبقة هاته وربيبتها النخبة التقدمية التي تكونت في مرحلة عرفت مراكمة الكثير من المكتسبات بفضل المعارك السياسية المريرة قبل وبعد الاستعمار قد تمت تصفية نفسها ولم يبقى منها إلا الفتات. كانت الطبقة السياسية والنخبة المثقفة التقدميتين لهما قناعة مفرطة فحواها أن تغيير ميزان القوى هو الحل لأجل إصلاح جدري. لكن تبخر هذا المشروع وتحولت الفئتان إلى وضع آخر تلعب فيه دور المهادنة وليس دور المعارضة، تقبل على اختيارات الطبقة المسيطرة بل وتزكيها. هذا الوضع أدى إلى شبه غياب حركات تلعب فيه دور الفاعل النقيض لأجل ميزان قوى يضمن التوازن بين القوى التقدمية والقوى المحافظة.
التغيير اليوم يستدعي إعادة بناء قوى لمناهضة الهجوم غير المسبوق الذي تعرفه القوى الرجعية والظلامية. تغيير ميزان القوى من خلال سلطة مضادة هو الشرط الأساس في اتجاه وضع لبنات الحداثة والتقدم وتوفير شروط ترعرعهما.

أحمد زوبدي.



#أحمد_زوبدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطبقة السياسية ومهام النضال اليوم
- في اللغة السجالية أو لغة البوليميك.
- انتفاضة المغاربة في وجه نظام سياسي مستبد يروج لنموذج تنموي م ...
- في نقد الخطاب السياسي السائد في المغرب : من سياسة الفرجة إلى ...
- النظرية في الممارسة السياسية .. المغرب نموذجا
- مساهمة سريعة في نقد النخبة الخائنة.
- قصف المثقفين المزيفين أصبح أكيدا بحكم تنامي هذه الفئة من الم ...
- في الذكرى الواحدة والأربعين لاستشهاد المفكر الإجتماعي الأممي ...
- من يصنع السياسة في المغرب وهل التغيير ممكن في الوقت الراهن ؟
- في الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد غرامشي العرب، المفكر ال ...
- الدولة التي تقوم بإقبار التعليم هي دولة في طريق الإنهيار
- السياسة و الإقتصاد أو المعادلة ذات الهندسة المتغيرة
- كيف تحولت الجامعة إلى تكنة عسكرية والحاجة لفضح الفساد في مجا ...
- في شروط الثورة اليسارية
- لأجل جبهة شعبية جماهيرية لتغيير ميزان القوى ومد جسور إصلاح ج ...
- على هامش إطلاق استمارة المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي ا ...
- في الحاجة للمثقف الرسولي
- في عيد الطبقة العاملة.
- كيف يكرس البنك الدولي التبعية في دول الجنوب ؟
- فيروس كورونا في ضوء -رأس المال- لكارل ماركس


المزيد.....




- فنلندا.. فوز الحزب الاشتراكي المعارض يبعثر أوراق الحكومة
- مبادرات نوعية في قطر لحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ
- وقفات احتجاجية للمحامين غدًا.. احتجاجًا على زيادة رسوم التقا ...
- ذكرى تحرير السوفييت لفيننا من النازيين
- كلمة الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد ال ...
- الأسبوع في صور: جنون البورصات العالمية، مظاهرات اليمين المتط ...
- هل ينتحر حزب الشعب الجمهوري بدعم إمام أوغلو؟
- -واشنطن بوست-: إيران دربت مسلحي البوليساريو
- تونس.. ذكرى نزع السوفييت ألغام الاستعمار
- استرخاص حياة العمال /ات ، ملخص حوار مع “الحضري نورالدين” عام ...


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد زوبدي - في نقد خطاب الحداثة في المغرب وشروط التغيير.