سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 127 توماس كارلايل (1795- 1881 ) Thomas Carlyle

رحيم فرحان صدام

الحوار المتمدن-العدد: 7681 - 2023 / 7 / 23 - 00:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

سلسلة الدعاية الإسلامية وعظماء الغرب 127
توماس كارلايل (1795- 1881 ) Thomas Carlyle
كان للمفكرين الاوربيين في مستهل القرن التاسع عشر موقف مزدوج تجاه الإسلام ، فقد كانوا يقدمونه اما كعدو منافس للديانة مسيحية ، واما باعتباره صنيعة من صنائع العقل البشري الناجمة عن ضرورة التعرف على الطبيعة الحقيقية للرب .
ومهما كان الامر فكلا الموقفين أخذا بعين الاعتبار حقيقة أن محمدا وأتباعه لعبوا دورا كبيرا وغاية في الاهمية في أطار التاريخ العامي .
وهكذا على سبيل المثال ، نبذ توماس كارلايل في عام (1841) في محاضرة بعنوان :(البطل باعتباره نبيا) ، القرآن الكريم في احتقار. وفي المقام الأول ندر وجود الاوربيين الذين سعوا الى ان يروا في محمدا شخصية دينية عبقرية . وكان عادة يتم تعريف القران أو الحكم عليه بأنه أشد الكتب مللا في العالم اذ يقول كارلايل:" كتاب مثير للإرهاق لدرجة كبيرة ومثيرة للحيرة وجاف ومبتذل ومتكرر الى ما لا نهاية ومعقد ، وباختصار كلام فارغ لا يحتمل " .
والى جانب المؤلفين من الكنيسة الإنجيلية ظهرت مطالبات بالتفهم الإنساني للإسلام ، بمعنى أن الإسلام تعبير اصيل عن الاحتياج البشري للمقدس وانه وهو على هذا النحو يحمل في نفسه القيم الخاصة . وعرض كارلايل مثل هذه الأفكار في صيغة مضطربة الى حد ما . وفي معرض حديثه حديثا نقديا عن الاحكام المسبقة التي تناول بها العالم المسيحي الأوربي الإسلام ومحمدا ص يصر انطلاقا من فلسفته الخاصة للتاريخ التي وفقا لها يقوم العالم على الايمان بالأشخاص الذين أرسلتهم العناية الإلهية الى العالم – على حديث واع وعاقل ومدعم بالأدلة عن نبي الإسلام ص ، وليس عن " أرفع الأنبياء مكانة " ولكن عن النبي الذي طورت أفكاره ثقافة وحضارة تستحقان احتراما، والذي يتبع أفكاره مئات الملايين من المسلمين في أنحاء العالم ولذلك ..." فأن فرضياتنا عن محمد بأنه كان مدبر للمكائد ودجال هي تجسيد للكذب ، وبأن ديانته هي مجموعة من مجرد أعمال الدجل والأوهام أخذت تصبح مشكوكا فيها تماما بالنسبة لكل واحد منا "
ويقبل كارلايل محمدا على أنه ( نبي) ، ولكن في توافق مع تعريفه الخاص للنبوة .
ولقد كان محمد منزويا وخياليا، وخلال بحثه عن السر الغامض الكبير لوجود الانسان أصبح ملهما بضوء العقل الطبيعي المخلوق ، وكان مثل هذا الضوء قد أتى لينير – بقدر الإمكان – ظلام تلك الروح العربية البرية . أنه ضوء رائع غامض ، وكانه مكون من الحياة والسماء ، ضوء ظهر في هذا الظلام الهائل الذي هدد بأن يكون موتا : وقد سمى هذا بالوحي وبالملك جبريل : من منا يمكنه ان يعرف كيف يسمى شيئا كهذا " .
وبقيامه ببحث نقدي لظاهرة التدين المسيحي والطوائف التي كانت قد ظهرت في الحقبة المبكرة داخل المسيحية الشرقية وساهمت الى درجة لا بأس بها في الفهم الأيديولوجي الجامد والساكن لديانة المسيح في القرون اللاحقة – توصل كارلايل بالرغم من ذلك الى أستنتاج بأن ديانة محمد هي نوع من المسيحية ، وبأنها تتضمن في ذاتها قيما روحية معينة ، الا ان هذه القيم لا يمكن ان تحجب جوانب نقصها الأكثر عددا ، وهي نوع أفضل بكثير من تلك المسيحية الموجودة لدى الطوائف السريانية البائسة التي استنزفت نفسها في مجادلات عقيمة حول شخصية المسيح برؤوس مليئة بضوضاء تافهة او جوفاء وبقلوب خاوية وميتة ؛ وذلك لان محمد هذا الرجل البدوي البدائي ، وبقلبه الصادق البريء ، الجاد كالموت والحياة ، بإمبراطورتيه الصغيرة التافهة – أستشف جوهر الأمور بنظرته الطبيعية المشرقة الكبيرة خلال كل هذا الحشد القذر من عبدة الاوثان العرب وعلم اللاهوت المتحذلق والاساطير المقدسة والصيغ الجوفاء والفرضيات الفلسفية للإغريق واليهود " .
من خلال ما تقدم نستنتج ما يأتي :
1-عرض كارلايل أفكار عن النبي والإسلام في صيغة مضطربة الى حد التناقض فمرة يصفه بالصدق ويقبله على أنه ( نبي) ، ولكن في توافق مع تعريفه الخاص للنبوة ويصفه بأنه منزويا وخياليا وان مصدر وحيه العقل الطبيعي المخلوق ويشكك بقضية الوحي والملك جبريل .
2- أستنتج بأن ديانة محمد هي نوع من المسيحية ، وبأنها تتضمن في ذاتها قيما روحية معينة ، الا ان هذه القيم لا يمكن ان تحجب جوانب نقصها الأكثر عددا.
3- يصف النبي محمد بالرجل البدوي البدائي ، وإمبراطورتيه الصغيرة التافهة .
ينظر :

Thomas Carlyle، ” on Heroes ، Hero-worship and the Heroic in History London -1935 ، P g 83.

#رحيم_فرحان_صدام (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات