-
من بنود برنامج الحزب حول الأوضاع السياسية في العراق بعد سقوط النظام البعثي
بعد أن أشعلت أمريكا حربا" دموية مدمرة" و رجعية ضد العراق بذريعة إنهاء الدكتاتورية و تدمير أسلحة الدمار الشامل" ومن جرائها مزقت و دمرت المجتمع العراقي، يتم في المرحلة الثانية دفع هذا المجتمع الى سيناريو أسود ورجعي. في نفس الوقت، يحاولون بموجب مخطط رجعي فرض سلطة و مستقبل غير واضح المعالم على المجتمع. وفي هذا المخطط الأمريكي لا يمكن إيجاد أي دور للحرية أو للجماهير و إرادتهم. بعد شهر ونصف فقط من سقوط النظام البعثي أثبتت أمريكا بالفعل بأن كل دعايتها السابقة لم تكن سوى تضليل للرأي العام و جماهير العراق و لم تكن تلك الدعاية شيئا" غير الخداع. حيث أن حياة ومعيشة جماهير العراق و أمنهم خلال تلك المدة بقيت على حالها كما في عهد النظام البعثي الفاشي و ينحدر يوما" بعد يوم نحو المزيد من الفقر والهلاك.
إن جميع القوى و الأطراف القومية داخل المعارضة العراقية الكردية منها و العربية، و كذلك مختلف المجاميع و الزمر التي ترعرعت في أحضان المخابرات الأمريكية والتي تلهث وراء الرشاوي و كذلك بعض الزمر الإسلامية منها أيضا"، قد وقفوا إلى جانب السيناريو ألأمريكي الأسود و اللاإنساني. وحتى الحزب الشيوعي العراقي الذي عبر عن وقوفه في السنين المنصرمة، جنبا الى جنب القوى المذكورة مع الخطة و السياسة الأمريكية، بشيء" من الخجل واللوم، و لكنه قد ازاح خجله و أعلن وقوفه بشكل صريح في ذلك المعسكر و انضم بشكل كامل بكامل الى القوى الغارقة في الرجعية و القومية و الإسلامية و العشائرية، على الرغم من عدم سماح قوات الاحتلال، باتخاذها، أي موقع يذكر.
إن هذا المعسكر و جميع أطرافه لم يمتوا ، و على امتداد تأريخهم و بكافة سياساتهم، بأية صلة برغبات و أهداف الأحرار من الجماهير بل، كانوا دوما" سببا في المصائب التي لازمت الجماهير باستمرار. كما و أنهم لم يبخلوا بممارسة دورهم في معاداة حرية و حقوق ورفاه الجماهير. ليس هذا فحسب، بل إن أغلبيتهم لعب في مختلف المراحل أدوارا" مهمة" للتضامن مع النظام البعثي الفاشي و مساعدته على ترسيخ سلطته القمعية. في السنين الـ12 المنصرمة و بذريعة معاداة نظام البعث و محاولة إسقاط هذا النظام تحت شعار " تحرير العراق من الدكتاتورية " وقفوا في خندق المتضامنين و المؤيدين لأكثر السياسات الأمريكية وحشية و لاإنسانية أمام جماهير العراق. صفقوا لتدمير المجتمع العراقي و للحرب الدموية التي سميت بحرب الخليج الثانية، وقفوا إلى جانب سياسة الحصار الاقتصادي تلك السياسة التي قصمت ظهر الجماهير في العراق و حصدت أرواح الملايين منهم.
وعندما إنهمكت أمريكا في صياغة و اعداد خطة حرب الخليج الثالثة، وفي الوقت الذي وقف فيه كل أحرار العالم و الحركات و القوى اليسارية و العمالية و التقدمية و مناصري الإنسانية على أساس ادراك الأهداف الأمريكية الرجعية المعادية للإنسان مع سخطهم الشديد على النظام البعثي الدموي، وقفت ضد الخطة العنجهية الأمريكية للتحرش بالعراق و قتل الناس و التدمير النهائي للمجتمع، أعرب هذا المعسكر للمعارضة العراقية عن إعلانه الصريح لعدم الاستجابة لأي منهج و ضوابط إنسانية، و عن التضامن الفعلي مع حرب الخليج الثالثة. حرب سيقت، على أثرها أمواج من العراقيين إلى محرقة الموت و ادت الى تدمير المجتمع العراقي .
إن هذه القوى و في السنين 12الماضية، و بغية الحصول على إحد اركان السلطة و الوصول إلى كرسي الحكم، كانوا مستعدين، أن يديروا ظهرهم للجماهير و الحقوق الإنسانية، والمشاركة في خلق أسوء الكوارث الإنسانية، لا، بل و حتى مناصرة التضحية بأطفال و شباب و شيوخ هذا المجتمع، و مستعدون لان يكونوا خدما ومسلحين، أمام أعين العالم أجمع، و في غاية الوضاعة لأمريكا التي تعتبر إحدى أكثر الدول غارقة في الرجعية و الإجرام في هذا العالم، تلك الدولة التي ينطوي تاريخها على ارتكاب ابشع ألجرائم بحق البشرية، تأريخها الذي يجسد الاحتلال و العسكرتارية و قتل الملايين، الدولة الوحيدة التي استخدم فيها السلاح الذري و التي عملت جاهدة لحماية الدول الدكتاتورية الدموية و القوى الرجعية في العالم.
إن ما قدمه معسكر المعارضة البرجوازية العراقية هذا، من الخدمات والتضامن خلال ال12 سنة المنصرمة لإحدى أكثر الأقطاب العالمية، التي تقودها أمريكا، رجعية" ولاإنسانية، بذريعة" محاولة اسقاط الدكتاتورية وح رية المجتمع العراقي " تعتبر أكبر فضيحة سياسية لا يمكن تبريرها. و لكن بعد اسقاط النظام البعثي سقطت هذه الذريعة أيضا" من يدهم التي كانوا يتملقون بها لأمريكا. والآن فإن النظام البعثي قد انهار الا انه ترك ورائه مجتمع مدمر خاضع لثقل وجود جيش وحشي جاثم على صدوره، يستفزهم ويقودهم يوما" بعد يوم نحو الهلاك و الدمار المحتم. والحصيلة هو مجتمع منهار و متروك للدمار الشامل، في حين إن أغلبية المواطنين فيه محرومين من أبسط مقومات الحياة و مستلزماتها بالإضافة إلى التعطيل شبه التام لشبكات الماء و الكهرباء و الاتصالات ولا يمكن الحصول بسهولة على العمل و الخبز و الماء و الدواء وكل ضروريات الحياة، قد داسوا بالأقدام حتى على أبسط الحقوق الإنسانية. و فقد الأمن و الاستقرار كل معانيه و دلالاته كما و إن المجتمع قد وقع في براثن النزاعات المسلحة لمجموعة من الأحزاب و الزمر القومية و العشائرية و الدينية و تناحرات عصابات المافيا. في حين أن الجيش الأمريكي يشكل فقط جزء" من تلك الأجواء التي ساعدت على شيوع النزعة العدوانية و ظهور عصابات المافيا حيث أنهم في كل يوم يطرحون سيناريو جديد في التعامل مع الجماهير في العراق وبشكل وحشي.
إن الجلبي وعلاوي والسامرائي و من على شاكلتهم باستثناء الظهور على هيئة العملاء لا يستطيعون فعل أي شيء، في حين إن عدم الإصغاء إلى كل مشاعر و أحاسيس و غضب الناس في هذا السيناريو الغامض و غير المجدي، يأتي من سعيهم للحصول على موافقة الجماهير على اوضاع الاحتلال و الدمار، والحرمان و انعدام الأمن مقابل الحرية والديمقراطية.
أما العصابات الإسلامية السوداء فخفضوا صوت النداءات واقناع الداعيين إلى " الجهاد ضد الشيطان الأكبر" بالتزامن مع تصاعد رغبتهم و اشتياقهم ليصبحوا دراويش ذلك الشيطان الأكبر، في حين أنهم يعادون بأبشع الصور وحشية حتى أبسط الحقوق المدنية للجماهير و كل الخصائص والمظاهر التقدمية داخل المجتمع. أما في الوقت الذي أصبح فيه التناقض و العداء الشديد لعدم جنوح أمريكا للسلم بصفتها دولة امبريالية و داعية للحرب و الاحتلال ضد حرية الإنسان، حكما" راسخا" في العالم، فإن القوميين الأكراد بقيادة الطالباني والبرزاني وكأنهم يرون بأن " الأكراد " شكل آخر من البشر أو هكذا يصورون المسألة و كأن " مصلحة الكرد وحريتهم هي مختلفة عن مصالح كل الجنس البشري، و لا تتوافق الا مع السياسات و المخططات الأمريكية الرجعية والعنجهية ". أما الحزب الشيوعي فأنه بصدد إعلان لعبة تبدو فيها و كأنه تحت اسم الشيوعية و رفع العلم المطرز بالمطرقة و المنجل، يسعى للتمسك بأمريكا كي توافق على إبقاء قواتها في العراق، و بهذه الصيغة فأنهم يسعون و بسرعة قياسية ليوضحوا لكل من مازال يؤمن بشيوعية الحزب الشيوعي على أنهم واقفون الآن كقوة يمينية اخرى على القطب اليميني داخل المجتمع و ليس لهم أية صلة بالشيوعية و اليسار لا من قريب و لا من بعيد.
بعد أن نفذت حرب أمريكا العنجهية في نهاية المطاف، بعد أن واجهت الكثير من المعضلات واالقضايا الملتهبة، على أعقاب انتهاء مرحلة الحرب، بسبب مستقبل السلطة في العراق و التي تسعى إلى إبعادها من حكم جنرالاتها، فأنها باستثناء تشكيل نظام رجعي و قمعي، مؤلف من رؤساء العشائر و رجال الدين و العملاء و موظفي هيئاتها المخابراتية و الأحزاب القومية العشائرية الكردية، وتحديدا" بصفتها نظام مروض لها، لا ترى أي شيء آخر يناسب هذا المجتمع.
أي نظام يسعى فقط إلى حماية المصالح الأمريكية ، يتحول إلى رمز لمعادات الحرية والإنسانية في المنطقة. و إن هذا السيناريو ليس فقط لم يعط أي مساحة لاحترام حقوق الإنسان و الحرية و إرادة جماهير العراق، بل إنه سيناريو رجعي، إذا تمكن من الوصول الى النتائج التي يتعقبها، فباستثناء الحرمان و القمع و تصاعد التناحرات و النعرات القومية و الدينية و العشائرية، لن يجلب شيئاً آخراً للجماهير. إن القوى التي تقف خلف هذا السيناريو، تعلن تأييدها للتحرش بالمجتمع العراقي و استفزازه و كذلك تأييدهم لبقاء الجيش الأمريكي، يعني أنهم أداروا ظهرهم بشكل علني للجماهير و كل الأماني الإنسانية و التقدمية، و يجب أن يكونوا موضع سخط جماهير العراق و العالم ، و سيعرضهم لغضب و ثورة الجماهير.
إن تأمين مستقبل إنساني و مشرق للمجتمع العراقي قبل كل شيء مشروط اليوم بإلغاء ذلك السيناريو الأسود و الرجعي الأمريكي، عن طريق الحضور الواسع للعمال و الصف العريض للأحرار حول البديل السياسي الراديكالي الشيوعي. أما كلتا الحركتين الإسلام السياسي و القومية العربية المندحرة، فعلى الرغم من معاداتهما لأمريكا إلا أن ذلك العداء لا يمت بأية صلة لحرية و رفاه و حقوق و إرادة جماهير العراق، بل أن نزاعهما مع أمريكا دائرة حول حصتهم من السلطة، و التي لا يكون ثمنها، إذا تم لهم ذلك، سوى ضرب إرادة و حرية و حقوق الجماهير بعرض الحائط. لهذا فإن أية حركة تظهر في الميدان من أجل الأماني و الرغبات الجماهيرية يستوجب عليها أن تعمل بكل قوتها من أجل فضح الدور الرجعي لهاتين الحركتين و إخراجها من دائرة التأثير.
إن الحزب الشيوعي العمالي العراقي هو الحزب السياسي الوحيد في هذا السيناريو المضلل الذي يقف في خندق الحرية و الرفاه و الاستقرار و الحقوق للجماهير و أعلن ضرورة الخروج الفوري للقوات الأمريكية و البريطانية من العراق وأن تحل محلها مباشرة" سلطة الجماهير، سلطة تمثل الإرادة الجماهيرية و تعمل على تأمين الحقوق الأساسية للجماهير و ضمان كل الخدمات الضرورية للمجتمع. إن الميكانيكية والأرضية التي تؤمن السلطة الجماهيرية المباشرة يمكن ملاحظتها في نص قرار الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول ( الظروف السياسية للعراق بعد سقوط النظام البعثي... ). إن الحزب الشيوعي العمالي العراقي سيناضل بكل قواه من أجل افشال السياسات و المخطط الأمريكي و فضح دور الحركة البرجوازية الرجعية، و من أجل تحقيق سلطة تمثل الإرادة الجماهيرية، و تعمل على تحقيق الأماني و الرغبات الإنسانية للجماهير. إن مثل هذا التوجه يشكل بديلا" و طريقا" واقعيا" تتمكن عبره، جماهير العراق، من التصدي لذلك السيناريو الأسود و الكارثي وتأمين المستقبل المشرق الذي يضمن الحقوق الأساسية. و لذا، يجب الاصطفاف حوله.