أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد السلام الزغيبي - الهروب من المدينة














المزيد.....

الهروب من المدينة


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 7678 - 2023 / 7 / 20 - 00:44
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


أن تعيش في مدينة أوروبية عصرية مثل اثينا،عليك تحمل الكثير ودفع الثمن من جهدك واعصابك وصحتك، التلوث البصري والسمعي فيها يقودك إلى مشكلات نفسية وجسدية، تبدأ من القلق، والتوتر، والضغط النفسي، لتمتد إلى الجسد وتصيب المرء بأمراض القلب والقولون والسكري.
ويعرف التلوث البصري بأنه كل تشوه يؤذي نظر الإنسان ويسبب له الانزعاج وعدم الراحة، والقلق النفسي على المدى الطويل، بحيث يفقد الحس الجمالي من حوله، وذلك باستبدال المناظر الجميلة بالقبيحة المؤذية.

أثينا التي عرفناها في بداية الثمانينيات من القرن الماضي لم تكن كذلك، عبث الإنسان فيها بالذوق العام، وحول محيطه إلى مكان يعج بالعناصر السلبية، والتي تؤدي إلى اختفاء الصورة الجمالية،وبالتالي بدا المرء فيها يبحث بجدية للهروب من المدينة الاسمنتية الى الضواحي و الريف.

البعض ربما يقول ان الحياة في الريف رتيبة، لانها تفتقد اضواء وضوضاء المدينة التي تغري به في مكان ما ، ويقول أخر وربما يكون محقا، ان الحياة في الريف غير متجددة وانه يرى نفس الأشخاص مرارًا وتكرارًا ويشاهد نفس الأماكن في الشتاء والصيف، لكن ما عشته وخبرته في بلدة نيامكري( 35 كيلو متر من اثينا) يخالف ذلك، فالبلدة كان النشاط فيها متجدد مابين الرحلات للبحر والجبل والريف، ومزاولة رياضات متعددة، وكل لي فيها اصدقاء كثيرين.والناس هناك ودودون، بسيطون وحقيقيون ومشاعرهم صادقة.

أثينا مدينة جميلة ، لكن الحياة هنا مع توسع المدينة والصخب والضجيج الذي يعمها تجعلني أشعر بالتعب ، فهي مدينة بغير شخصية وعلاقات الناس رسمية. فهم مزيفون وعلاقتهم تقوم على مصالح ومنافع وقتية.

في أثينا اليوم ربما تسعدك رؤية أشياء جديدة وتجربتها، لكن اكثر ما يزعجني حركة المرور وغازات العادم ،من السيارات الخاصة والتاكسي، ومن حركة الاتوبيسات والترولي وضياع ساعات طويلة في انتظار الحافلة الى جانب الزحمة وتصرفات وسلوك الاجانب. الذي اصبح بموجه الأثينيين مرتابون للغاية من اي اجنبي او غريب خاصة في السنوات الاخيرة حيث كثر اعداد الاجئين والمهاجرين.

يزعجني أن أخرج إلى الشارع، وأرى المباني السكنية ترتفع أمامي. وأنني أسمع باستمرار ضوضاء من مخزن الاشياء القديمة لباعة بنغلاديش أسفل منزلي. أشعر بضيق شديد من صراخ الطفلة البلغارية التي تاتي بين حين واخر لزيارة جدتها وجدها، من صراخ المولود المصري الجديد في الشقة التي بجانبي، من نباح كلب جاري اليوناني الذي يسكن في شقة في عمارة مقابلي مباشرة, وميكرفون جامع الروبابيكيا، من ازدحام الشوارع بالباعة المتنقلين والمنتشرين في الشوارع الرئيسة والتجارية، ومن انعدام للأمن في بعض مناطق أثينا.

للخروج من هذا كله، يحتاج المرء للبحث عن الهدوء والأماكن المفتوحة وغير المزدحمة مثل الطبيعة لأنها تحفز استقرار الحالة النفسية المفعمة بالآثار الإيجابية والمحفزة على الاسترخاء والراحة النفسية والجسدية.

ربما يكفي الفرار في نهاية الأسبوع والذهاب في إجازات خارج المدينة، لكن أنا متأكد تمامًا من أنه لا توجد طريقة للعيش هنا في المدينة على المدى الطويل ، لأنه في الواقع ، الحياة في الريف اجمل.

اذا اتيحت لي الفرصة سأعود بالتأكيد إلى نيا مكري. أعتقد أنه المكان المثالي للعيش فيه.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبيلة تحكم الفضاء الخارجي
- كيف نهرب من تأثير الانترنت؟
- الموسيقى غذاء الروح
- الثورات وجدوى الكتابة
- حراس الفضيلة والاخ الاكبر
- وين السماء يارايس؟
- التمر ما يجيبنا مراسيل...
- الإنسان مواقف..
- في ذكرى رحيل أفضل ممثل كوميدي يوناني
- المعجزة اليونانية تحققت في اليفسينا*
- العالم أصبح قرية صغيرة
- من دبلوماسية البينغ بونغ الى دبلوماسية الزلزال
- القاهرة المحروسة
- مخالي اليوناني اللي غلط في الحساب
- سحر الكرة (الاخيرة)
- سحر الكرة (7)
- سحر الكرة (6)
- في مملكة توم الايرلندي..
- سحر الكرة (5)
- سحر الكرة (4)


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد السلام الزغيبي - الهروب من المدينة