|
تمغريبيت
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 7671 - 2023 / 7 / 13 - 20:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"تمغربيت" خلال زيارتي الأخيرة لبلاد الكنانة مصر ، وفي لقاء ودي مع ثلة من الأهل والمعارف المصريين ، طرح علي السؤال التالي : ما هي "تمغربيت"؟ فقلت دون تردد ، هي مجمل أشكال السلوكيات والممارسات الإيجابية ، الدينية منها والعلمانية ، المبنية على القيم الأخلاقية والقناعات الفكرية والمواطنة الإيجابية والهوية المواطِنة والمواقف السياسية ، التي تميز المجتمع المغربي عن باقي المجتمعات ، بما فيها تلك التي تشاركه الكثير من العناصر الثقافية والجغرافية والتاريخية ، والتي لا تستطيع لا العولمة و لا التحولات الجيوستراتيجية التي حولت العالم إلى غابة يلتهم أقوياؤها ضعافها ، أن تعبث أو تشوه النمط الثقافي المغربي والاستثنائية الوطنية المغربية،التي يُرمز إليها بـ"تمغربيت" والقائمة على احترام الآخر ، وتقوية الروابط الاجتماعية والأسرية ، وترسيخ العيش المشترك، المبنية على السلوك المثالي والقدوة المتجسدة في روح مسؤولية الآباء والأمهات والمربين - معلمين وأساتذة- ومختلف المرافق التربوية المباشرة وغير المباشرة المساهمة في تنشئة الأجيال ، كالإعلام ودور العبادة والأندية الثقافية والجمعيات الاجتماعية والرياضية المنفتحة بذكاء على العالم والمعززة للعيش المشترك الوطني وتدبيره حسب القناعات الفكرية والمواقف السياسية المرتكزة على النقد العقلي التنويري المتحرر من الانتماءات الهوياتية الطائفية والتصنيفات الأيديولوجية المذهبية التي يجسدها الإنسان في شتى مجالات الحياة . "تمغربيت" هي مجمل ما يتحلّى به الإنسان المغربي -بنسختيه الدينية والعلمانية - من الأخلاق الفاضلة ، التي تميزه عن باقي البشر ، كخلق الاحترام الذي جعله سلوكا وطقساً وعادةً ومبدأ لحياته ، والذي على رأسه بر الأبناء لآبائهم واحترام الآباء لأبنائهم - والذي نجح لاعبو المنتخب المغربي لكرة القدم في إظهار مفاهيمه الإنسانية الرائعة أمام ملايين المتفرجين ، ولاسيما الشباب، حيث ستبقى صور أشرف حكيمي وسفيان بوفال مع والدة كل منهما رمزاً إنسانيا رائعاً لوفاء الابناء، وقيمة الأمومة الذي سوق له في مونديال قطر - إلى جانب احترام جميع خلق الله ، بصرف النظر عن موقعهم وأعمارهم وعلاقاتهم الاجتماعية والوظيفية، كاحترام التلاميذ لمعلميهم والمدرسين لتلاميذهم ،واحترام الموظفين لرؤسائهم، والرؤساء لمرؤوسيهم ، والتعامل معهم جميعهم بما يتصف به من سماحة الطبع وجبر الخواطر والإنتصار للمواطنة والافتخار بها ، والتي لا ولن تلغي أبدا سلوك التعايش الساعي لبناء المشاريع المجتمعية المعززة للعيش في المشترك الوطني وتأمينه وتحصينه، سواء تعلق الأمر بالمجال أو الموارد أو العلاقات المشتركة التي أنبتت "تمغربيت"هذه الهوية الفريدة المغربية التي لا تعادي من يختلف معها على مستوى العقيدة ، ولا تصنف من يقاسمها الأرض ولا تفضل بعضهم على بعض ، لا جنسيا ولا عرقيا ولا عقديا ، لأنها اختلاف أمازيغي خالص ، لا يمكن لأي كان استنساخه أو قرصنته ، لأنه نابع من مشيئة الله وتلاقح الإنسانيات . حسبت واضعوا السؤال اقتنعوا بسردي لما تحمله عبارة "تمغربيت" من معاني الخصوصية المغربية ، وما تحيل إليه من دلالات الاختلاف والتنوع ، لكنهم فاجؤوني بسؤال آخر هو: ما موقف المرأة المغربية من "تمغربيت" ؟ السؤال الذي لم تأتي المفاجأة من غرابته ، لبداهته ، لكنها جاءت من كوني ما كنت انتظر منهم سؤالا يميز بين الرجل والمرأة في تأثير "تمغربيت" في الإنسان المغربي عامة ، حيث كنت أتوقع منهم أن يسألوني عن أصل عبارة "تمغربيت" التي هي كلمة أمازيغية منحدرة من كلمة "المغرب" الاسم الرسمي للمملكة المغربية ، التي تمت تمزغتها بإضافة تاء التأنيث في مقدمتها وآخرها لتنطق "تمغربيت" التي تحيل ،في المتخيل الجمعي ، على نمط حياة متميزة ومنظور خاص للعالم وطريقة معينة في التسيير والتدبير والتأقلم مع السياقات المختلفة والمتغيرات المجتمعية ، التي تميز المغاربة عن غيرهم - كما سبق أن ذكرت في بداية المقالة- بسعيهم في أن تكون بلادهم ،إقليميا وجهويا ودوليا ، أكثر تنافسية مقارنة مع باقي الدول الصاعدة ، رغم تكالب أعداء الوحدة الترابية وعملهم على فرملة التقدم الحاصل أو التشويش على المكتسبات التي راكمها المغرب وكانت روافع مساعدة في تحقيق نهضته ورفاه مواطنيه.. بعد هذا التعريف الموجز جدا عن "تمغربيت" والشرح المقتضب للأصل العبارة الذي لم يطلب مني تبيانه، سأحاول الإجابة عن السؤال المطروح حول تأثير "تمغربيت" على المرأة المغربية ، الضارب مساره في تاريخ تطور حالة المرأة المغربية ، كحاجة مجتمعية ، والتي ربما هي أكثر تشبعا بها ، ثقافيا واجتماعيا ونفسيا من الرجل ، السؤال الغير السهل كما يُعتقد ،في ظل الانطباعات والصور النمطية التي يحملها العالم أجمع، شرقاً وغرباً، عن حال المرأة المغربية - والذي تفنده العديد من الوقائع التاريخية ، كالحدث الذي تابعه العالم أجمع المتمثل في خروج المرأة المغربية لمقاهي وشوارع كافة المدن المغربية للاحتفال بفوز المنتخب الوطني لبلدها ، والذي تحدثت عنه كثيرا الأدبيات الثقافية والتاريخية والسياسية . ـــــ وما يصعب الإجابة عن مثل هذا سؤال وبدقة ، هو وجوب المقارنة والمفاضلة بين المرأة المغربية وبين نظيراتها العربية والكشف عن الفوارق والمفارقات العديدة التي تفضح سر تفوق المغربية عليهن ، والذي لم يعد لغزا محيرا، و يعود في جوهره إلى ما اشتهرت به من جمال أخاذ وأنوثة طاغية ،إضافة إلى تشربته من قيم"تمغربيت" من أمها وجدتها واقعا وثقافة وفكرا ، وتعلمته منهما المتمثل في أن تكون شعلة نشاط في بيتها ، تحترق من أجل أن تجعل منه رقعة كبيرة من السعادة بكل أبعادها ، والتي لا تعلو فيها إلا كلمة زوجها ، الذي تركزت تربيتها على أن تكون له لديها المكانة الأسمى ، والأولوية الدائمة، مقدما حتى على أبيها وأمها و أبنائها، على اعتبار أنه كل ما لديها - الأمر الذي أغرى الرجل الخليجي والعربي عموما بجميع مستوياته باتخاذ المغربية زوجة له، وتفضيلها عن غيرها من نساء بلدانهم لجمالها وطيبتها ودينها واحترامها وثقافتها وأناقتها وتألقها وتجددها الدائم على مدى الأزمان ،والذي تبقى "تمغربيت" في الأول والأخير السبب الرئيسي في كل ذلك. وفي الختام أشرت على من يريد من واضعي السئلة حول "تمغربيت" والتعمق فيها ،بالإطلاع على كتاب "تمغربيت" لسعيد بنيس، أستاذ التعليم العالي والباحث في العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس الرباط ، أو كتيب "تكتل تمغربيت للإلتقائيات المواطنة"الذي أعده الأستاذ عبد الله حتوس، مع فريق عمل من أعضاء المجلس الوطني لجمعية "تاضا تمغربيت" كتصور أو برنامج للجمعية. [email protected]حميدطولست مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية. عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة. عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية. عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان/
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاء الود في حضرة حقوق الإنسان
-
عيد لا يُحتفى فيه إلا بالبطون !
-
لا تيأس ، فالحياة مزيج من الدموع والابتسامات. !
-
الحياة ليست عادلة، فلنعوّد أنفسنا على ظلمها !
-
الذكاء الاصطناعي أخطر الثورات التقنية !
-
دين الله لا تنصره سجود نجوم كرة قدم حتى لو كان رولدو أو ميسي
...
-
ليس المشكل في التعرف على الظواهر، لكن في معالجتها !2.
-
لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة ؟
-
الفساد أنواع وإن اختلفت الأسماء !
-
موروثات انشغالنا عنها بما لا يشبهها من الممارسات
-
ليس المشكل في التعرف على الظواهر، لكن في معالجتها. !
-
الإنسان لا يعيش حاضره منفصلاً عن ماضيه.
-
ليس المغاربة وحدهم هم من وينتقدون الأعمال الدرامية الرمضانية
...
-
في انتظار تظاهرة فاتح ماي في مصر.
-
-كاينة ظروف-والمعلومات المغلوطة المفسدة لعقول.
-
مسلسل -كاينة ظروف- والتبرع بالأعضاء !
-
ما قدهم المذاهب الموجودة زيدهم المذهب المغامسي !
-
مسلسلات رمضانية بنكهة نسائية
-
من الطقوس الرمضانية الكرنفالية !
-
حملة مدفوعة بأسباب طائفية !
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|