ثائر زكي الزعزوع
الحوار المتمدن-العدد: 1723 - 2006 / 11 / 3 - 10:13
المحور:
المجتمع المدني
لم تتوقف الاجتماعات والمؤتمرات والندوات، آخرها كان وثيقة تحريم الدم العراقي التي وقعها علماء الدين العراقيون في مكة المكرمة، وكلها تدعو لحل الوضع العراقي، باعتباره وبشهادة المتسببين به، أي الرئيس الأميركي ومن لفّ لفّه، وضع حرج بل ومأساوي في الكثير من تفاصيله، فلا الحرية التي وعد بها العراقيون جاءت على ظهر الدبابة، أو على كتف حامل قاذف، بل بدلاً عنهما حل أمراء الظلام و "الإرهابيون" ليغرسوا بذور الخراب حيثما وطأت أقدامهم في الأرض العراقية النازفة دماً.
وإن كانت دول الجوار وغيرها تفكر حقيقة في هذا الوضع المعقد، وتتطلع إلى إيجاد حلول توقف ما يحدث، ربما لا خشية على العراق بل خوفاً من مدّ الخراب الذي يشبه الطاعون، والذي يمكن أن ينتشر عن طريق العدوى، فإن أهل العراق الذين لا يكفون عن الدعوة في صباحاتهم ومساءاتهم إلى نبذ العنف، وترجيح كفة العقل التي يبدو أنها باتت مصادرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
إلى جانب هذا كله، يبدو غائباً تماماً دور المثقفين في التفكير بحلول للأزمة، سواء أكانوا عراقيين أم عرباً أم أجانب، ويبدو أن ما يحدث في العراق لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد، فهم أمام هول ما يحدث يقفون عاجزين حيارى، كي لا يحسبوا ربما على فئة أو تيار أو جهة معينة، ويظلون ملتزمين أضعف الإيمان ينددون بقلوبهم فقط، ويحاولون تغيير هذا المنكر الذي تشيب له الولدان، بقولهم في سرهم: "ما أصعب الوضع في العراق".
غياب دور المثقفين يشبه تماماً حضورهم، إذ إن لا دور حقيقياً لهم على أرض الواقع سوى اصطفافهم، كلهم أو بعضهم، في ركب واحد مع من يروجون للمشاريع المشكوك بأمرها، والتي يراد بها بدرجة أو بأخرى الإطاحة بمستقبل العراق في قادمات الأيام، وقد برز ذلك جلياً من خلال تصويت بعض المثقفين على مشروع تقسيم العراق، محملين بحجج وأعذار لم تقنع أحداً.
ليس مطلوباً بأي حال من الأحوال من المثقفين أن يقفوا صفاً واحداً رافضين منددين بما يحدث، لأن هذا بحد ذاته ما اعتاد الشارع المتلقي عليه من المثقفين، وإنما يبدو أن عليهم أن يناقشوا وبشكل جدي ما يحدث في العراق، وأن تكون ثمة أصداء لهم تبين للجمهور رأي المثقفين بالمشاريع "العراقية" كون المثقفين على أقل تقدير، ليسوا كلهم، لم تتلوث أيديهم في لعبة الدم وظلوا على الحياد يتفرجون، ويا للأسف، في الوقت الذي كان مطلوباً منهم أن يكونوا أكثر من متفرجين.
ألا يستحق العراق، بكل ما يعنيه العراق، مؤتمراً يضيّع فيه المثقفون بعضاً من أوقاتهم الثمينة، ليبحثوا وضعه، وهم الذين كلما جاءت سيرة العراق تحسروا، وزموا شفاههم وقالوا: العراق... جلجامش، بابل... والعراق أيضاً يا سادتي... دم نازف منذ سنوات طويلة.
#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟