أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبد السلام انويكًة - تازة : حول مجال المدينة الأخضر الذي كان ..















المزيد.....

تازة : حول مجال المدينة الأخضر الذي كان ..


عبد السلام انويكًة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 7670 - 2023 / 7 / 12 - 23:48
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


بعد ما كانت تازة حديقة معلقة في كلية مشهدها وشمولية منظرها العام، ولعلها هويتها الأصل بحكم موقعها وارتباطها بالجبل وطبيعة تربتها ومواردها المائية المتدفقة وعيونها هنا وهناك بأعاليها وأسافلها. وبعدما كانت تازة مفروشة بظلال أشجار مجالها الأخضر، إن خلال فترة الحماية الفرنسية على البلاد أو بعد الاستقلال الى غاية نهاية تسعينات القرن الماضي. وبعدما كانت تازة شرفة محاطة بمنتجعات قرب مفتوحة بجمالية ورونق طبيعة خاصة (منتجع: عين أنملي، واد الهدار، عين السلطان، عين بوسالف، واد الدفالي..). وبعدما كانت تازة بخريطة نباتية شجرية منسجمة بمثابة إرث بيئي محلي، وحزام أخضر على مستوى أجراف المدينة المحيطة بمجالها العمراني العتيق من جهة الغرب والشمال والشرق، وبعدما كان المجال الأخضر حزاما فاصلا معبرا بين ما كان يعرف ولا يزال بتازة العليا وتازة السفلى، عبر باب الجمعة ومحيط الحصن السعدي وضريحي سيدي عيسى وابن بري وكذا مركب كفان بلغماري، وهو ما يحفظه ويشهد عليه أرشيف المدينة، إن من هذا المجال الأخضر ما ارتبط بفترة الحماية أو ما ظل قائما الى عهد قريب.
أين المدينة الآن من كل هذا وذاك بعد حوالي ربع قرن، وماذا تبقى من تازة الحديقة الكبرى المعلقة التي كانت تغري بالكتابة والابداع والوصف والنزهة والاقامة، وفق تقدير وشهادة الكثير زمن الحماية وكذا زمن العقود الأولى لاستقلال البلاد، بعد ما ضرب المدينة من تحول ترابي كان بتأثير على عدة مستويات، لأسباب متداخلة منها ما هناك من آلة تعمير واسمنت في كل الجنبات وقد أتت على ما هو أخضر حضري تقريبا، فضلا عما بات من غربة بيئية محلية ممثلة في نمط تشجير غير منسجم لا طعم ولا رائحة ولا لون له ولا علاقة مع طبيعة وهوية المدينة الترابية الجبلية. وهو ما أنتج مشهدا شجريا مختلا في مكوناته وصورته وفائدته وقيمته على محدودية امتداده، إثر ما تم إدخاله من فصيل شجري غريب عن البيئة المحلية من قبيل شجر النخيل التي تتوفر شروطه في مناطق جافة صحراوية وليست جبلية. وكانت تازة كغيرها من مدن المغرب قد شهدت اقبالا كبيرا على هذه الشجرة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، وباتت الشجرة الأكثر اثارة وحضورا وبديلا في فضاءات المدينة الحضرية الكبرى وحدائقها وشوارعها، ومعها ايضا مرافق الادارة والبنايات العمومية وغيرها، وهكذا حلت بالمدينة وبمجالها الأخضر بيئة جديدة وأغراس لم تكن منسجمة ولا تزال مع ما هناك من شروط طبيعة وتربة محلية.
وبعدما خلفته هذه التجربة من خلل وتشوه بيئي جمالي على مستوى عدد من المدن، خاصة منها الممتدة غرب وشمال ووسط البلاد الجبلي من قبيل مدينة تازة. ظهرت اصوات جمعوية مهتمة تقول بأهمية إيقاف غرس شجر النخيل بهذه المدن، وتعويضها بتشكيلات شجرية وفق مخططات منظرية وهوية وطبيعة محلية. وكان هذا هو مطلب حركة"مغرب البيئة 2050"من خلال عرائض لها وقعها الآلاف من الأشخاص. وُجهت لكل المصالح المركزية الحكومية للدولة من اجل تدخل مؤسساتي لإنقاذ مجال مدن المغرب الأخضر الحضري، واعادة النظر فيما هناك من تنخيل وغرس عشوائي لشجر النخيل غير المنسجم في جماليته وقيمته وفائدته مع تراب بيئات أخرى ذات هوية محلية اخرى. وأنه من المفيد الانتباه لأهمية التنوع البيولوجي الترابي الوطني بالحفاظ على توازناته على مستوى كل منطقة على حدة.
هكذا يرى الائتلاف المدني التازي، أن من المهم حرص ومراعاة الجهات الوصية على تدبير مجال تازة الأخضر، لِما هناك من خصوصية ترابية وثروة طبيعية شجرية محلية كمجال جبلي يعد جزءا من الأطلس المتوسط، فضلا عما ينبغي من تعامل مسؤول مع طبيعة وحاجيات وتهيئة البيئة الشجرية المحلية، تجنبا لكل ما قد ينتج من اختلالات بأخطار على عدة مستويات، وتجنبا لكل مشهد ومجال أخضر حضري مشوه، وعيا بأن لكل نوع شجري موطن خاص وشروط انبات يجب مراعاتها واحترامها، وأن غرس الاشجار خارج موطنها وشروطها قد يكون بنوع من العبث البيئي، وانتهاكا لحقوق ما هناك من منظر طبيعي أصيل وتشكيل وتراث طبيعي. ووعيا أيضا بأن منطقة تازة بحكم تربتها وتكوينها ومورفولوجيتها تعد موطنا للصنوبريات بالدرجة الأولى، وهي البيئة والشجريات التي تراجع مشهدها بشكل كبير وقد شهدت ما شهدت من اجتثاث، بحيث باتت عدة فضاءات بتركيب شجري غريب عن البيئة المحلية من قبيل شجرة النخيل التي تجد صعوبة في تأقلمها، ناهيك عما تؤثثه من شريط فقير في جماليته ونسقه وظلاله، لدرجة أن تازة باتت بمشهد مشوه لذاكرتها البيئية الجبلية، وما كانت عليه من ثقافة تشجير حماية للتربة وانجرافها شتاء، ومن منظر ظلال ممتدة صيفا، علما أن الذاكرة البيئية جزء لا يتجزأ من تراث المدينة اللامادي، ومما هو رمزي وهوية غير خاف ما لها من أهمية ووقع ثقافي نفسي وروحي في علاقته بتراب المعيش والتنشئة. إن الغرس والمجال الأخضر والشجر الأكثر ارتباطا ببيئته يكون اكثر توازنا وفائدة ونموا وتجددا وصحة، وحتى شروط رعايته لا تكون مكلفة ناهيك عن قيمته الجمالية ومنظره المنسجم بيئيا بحسب الفصول.
فمتى تلتفت وتنصت المصالح المعنية بتدبير نبات تازة الحضري ومجال المدينة الأخضر لكل هذا وذاك، من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه ورد الاعتبار لِما افتقدته تازة من جمال وقيمة وظلال ممتدة، باعتماد ما هو منسجم من نوعية أغراس وتهيئات خضراء. ومتى تلتفت الجهات الوصية على المساحات الخضراء بتازة، لرأي المجتمع المدني فضلا عن رأي باحثين ومهتمين وغيرهم، للنظر فيما من شأنه انجاح كل مبادرة بيئية حضرية هادفة وفق ما ينبغي من تشارك وتقاسم وإغناء. وعيا بما يمكن أن يسهم به انخراط المجتمع المدني، على مستوى ما ينبغي من برنامج عمل وطبيعة وأمكنة تدخلات وحاجيات في علاقتها بتراب وترفيه ومنظر وصيانة ونوع شجر الخ. بل معادلة المجتمع المدني مهمة والحالة هذه على مستوى التوعية والتحسيس، في أفق حملة بسقف زمني ومواكبة وتواصل وتنوير، لغرس الممكن والمنسجم من الأشجار مع البيئة المحلية، لاستعادة ما طبع المدينة من بيئة لعقود وعقود من الزمن ووعيا بما افتقدته من بريق أخضر، وأن الاشتغال على هذا الملف بات أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى، نظرا لعدد ساكنة المدينة وحاجتها لمساحات خضراء شافية ضمن نظرة استشرافية وعمل استراتيجي. فضلا عن كون المنظومة البيئية الحضرية بتازة، باتت بحاجة لاسترجاع هويتها من أجل ما ينبغي من منظر وصحة ساكنة نفسية وشروط سياحة وغيرها.
لقد باتت تازة بحاجة لرئتها ولمجالها الأخضر الذي كان، وكذا لرد الاعتبار لتراثها الطبيعي الشجري الحضري وذاكرتها البيئية، واسترجاع ما كانت عليه فضاءاتها وشوارعها وازقتها واجرافها من ظلال، فضلا عن مرافقها العمومية من مؤسسات تربوية وادارية ومرافق صحية ومستشفيات وغيرها، لمواجهة ما بات قائما من ضغط درجة حرارة وجفاف. وهو ما لا يمكن أن بلوغه سوى عبر ما ينبغي من خدمات ايكولوجية، يمكن أن توفرها أشجار منسجمة مع بيئة وتربة محلية. اشجار قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين وتثبيت الغبار وتلطيف الجو وحماية التربة ومنح جمالية منظر وتنوع بيولوجي الخ. كل هذا ذاك في نظر الائتلاف المدني التازي خدمة لورش تازة الكبير المنشود، وحقها في التنمية واسترجاعها لِما كانت عليه من صورة حديقة كبرى معلقة بمنظر عام جاذب ملفت ذات يوم.



#عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تازة : بين الحق في التقاضي وسؤال المسطرة المدنية ..
- في رحاب فاس وبنحادة والعلاقات المغربية التركية
- ندوة تازة حول رحلة التعلمات وأفق تصور وتمفصلات ..
- صورة العالم بعيون جامعة فاس الأرومتوسطية ..
- جرمان عياش .. روح الوطني والمؤرخ المدرسة ..
- فاس تحتفي بالمؤرخ السفير عبد الولي الشميري اليمني ..
- تازة : الرحلة والتعلمات بعيون بحثية بيداغوجية ..
- ضد التيار..الأستاذ عبد الكريم الأمراني التازي
- المباني الأثرية بتازة على ايقاع شهر التراث بالمغرب ..
- المنسية تصول وتجول في أيام تازة الثقافية..
- في رحاب أدب الرواية وأيام تازة الثقافية ..
- تازة : يوم دراسي وطني جامع لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة بال ...
- تازة تحتفي بنصف قرن من دراما المدينة ..
- بين فهم القانون في ضوء التاريخ وفهم التاريخ في ضوء القانون . ...
- تازة : في ذكرى منظر المدينة ومجالها الأخضر..
- تازة : في رحاب فرجة كرة القدم بالمدينة..
- بعض من هيبة المعهد الموسيقي بتازة كما كان ..
- أين تازة من الورش السياحي بجهة فاس مكناس..
- مديرية الثقافة بتازة تتفرج على تخريب المباني الأثرية
- أين المديرية الاقليمية لوزارة الثقافة بتازة ؟


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبد السلام انويكًة - تازة : حول مجال المدينة الأخضر الذي كان ..