|
عن ( نسوا الله / وبال / مجاهد فى النار / الشكوى )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 7667 - 2023 / 7 / 9 - 20:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال الأول ما معنى " نسوا الله فأنساهم أنفسهم" فى سورة الحشر : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (19) الحشر ) ؟ إجابة السؤال الأول : الآية قبلها فيها الاجابة ، وهى قوله جل وعلا للمؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18). تقوى الله جل وعلا تعنى أن تتذكر ربك جل وعلا وتتذكر يوم الحساب ، فتحاسب نفسك ، وتنظر ما أعددت ليوم لقاء الله جل وعلا والعرض عليه . أنت هنا لا تنسى الله جل وعلا ، لأن المتقى يخشع فى صلاته وهو يخاطب ربه جل وعلا ، ولأن المتقى لا يؤدى الصلاة فقط بحركاتها وفى مواقيتها بل هو يحافظ على صلاته ويقيمها فى سلوكه ، فإقامة الصلاة تعنى الابتعاد عن الفحشاء والمنكر ، قال جل وعلا : ( وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (45) العنكبوت ). العاصى غافل عن ربه ، مستغرق فى دنياه فى صراعات لا تنتهى ، وهذا فى حدّ ذاته جزاء لعصيانه ، فقد نسى ربه جل وعلا فأنساه ربه جل وعلا نفسه ، وحين يفوق من غفلته سيجد ملائكة الموت تستخرج نفسه لتعود بها للبرزخ الذى جاءت منه . عندها يصرخ طالبا الرجوع فى الدنيا ، ولكن لا فائدة . قال جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ) ، وحذّر رب العزة جل وعلا المؤمنين اللاهين بأموالهم وأولادهم من الغفلة ونسيان رب العزة . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون )
السؤال الثانى : هل كلمة ( الوبال ) تأنى فى القرآن الكريم تهديدا لنا ؟ إجابة السؤال الثانى : 1 ـ نعم . فالوبال : سوء العاقبة ، وبالتالى فهو تحذير من سوء عاقبة ما نرتكبه من أخطاء وخطايا . وجاءت كلمة وبال مرتبطة بأمر صاحبها ، أى سوء فعله . 2 ـ تكرر هذا أربع مرات فى القرآن الحكيم . 3 ـ ثلاثة منها فى الوعظ والتحذير مما حدث للأمم السابقة الى ذاقت وبال أمرها هلاكا وعذابا فى الدنيا . قال جل وعلا : 3 / 1 : ( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) الحشر ) 3 / 2 : ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) التغابن ) 3 / 3 : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً (9) الطلاق ) 4 ـ وواحدة للمؤمنين فى قوله جل وعلا لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (95) المائدة)
السؤال الثالث : هل ممكن لمن يقاتل فى سبيل الله قتالا دفاعيا أن يدخل النار ؟ إجابة السؤال الثالث : نعم . إذا فرهاربا من المعركة . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) الأنفال )
السؤال الرابع : يقول المثل المصرى : الشكوى لغير الله مذلة . هل يتفق هذا المثل مع القرآن الكريم ؟ وهل الشكوى للحاكم تكون مذلة ؟ وهل تتفق أم تختلف مع القرآن الكريم ؟ إجابة السؤال الرابع
1 ـ مصطلح الشكوى لله جل وعلا تضرعا جاء مرتين فى القرآن الكريم : 1 / 1 : فى القصص القرآنى فى قصة وسورة يوسف ، فى قوله جل وعلا : ( وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (86) يوسف ). 1 / 1 / 1 : قال يعقوب عليه السلام : 1 / 1 / 1 / 1 : ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) . ( إنّما ) أسلوب قصر ، أى إنه لا يشكو حزنه إلا إلى الله جل وعلا وحده . أى لن يشكو لمخلوق ، لأن الشكوى هنا عبادة ، ويعقوب لا يعبد إلا الله جل وعلا وحده . 1 / 1 / 1 / 2 : ( وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) ، أى كان يعلم مقدما بما أخبره الله جل وعلا بما سيحدث . جاء هذا فى نفس السورة فى : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15) (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96). 1 / 1 / 2 : القصص القرآنى هو للعبرة والعظة ، والذى يقع عليه الظلم أو يقع فى محنة عليه أن يشكو مستجيرا بالله جل وعلا الذى يجيب المضطر إذا دعاه . 1 / 2 ـ جاء أيضا فى قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) المجادلة ): هنا زوجة تجادل النبى محمدا فى موضوع الظهار ، تستفتيه ، وليس للنبى أن يقول رأيا ، ولكن ينتظر الوحى ، ونزل الوحى بالحكم فى قوله جل وعلا : ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) المجادلة ). 2 ـ الشكوى تضرعا لا تكون إلا لله جل وعلا . وهى ضمن فريضة الدعاء . والمشركون يستغيثون بأوليائهم وقبورهم المقدسة وآلهتهم وأصنامهم المصنوعة يطلبون النفع والمدد ودفع الضرر. لذا ينطبق عليهم هذا المثل المصرى ( الشكوى لغير الله مذلة ) ، بمعنى أن تكون الشكوى كمثل الشكوى لله جل وعلا عبادة . 3 ـ هناك الشكوى العادية ، كأن يقع ظلم فيشكو المظلوم الى الشرطة التى تبحث ثم النيابة التى تحقق ثم القاضى الذى يحكم . هذا لا غُبار عليه . إذا لم تتحقق العدالة فهناك خلل وفسوق فى النظام .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قطع العلاقة الزوجية بالخُلع
-
عن ( قيام الليل / الصلاة / الزواج /مساجد الضرار ، والمنافقين
...
-
قطع العلاقات الزوجية باللعان
-
عن ( عمل الكافر / عمل الفاسد / الفضيل )
-
أحيانا .. لا جدوى من ضرب الزوجة: ( ج 3 )
-
عن ( فضح / المنافقون واليهود المعتدون / المكر الطيب )
-
أثناء الزواج : شهادات واقعية عن ضرب الزوجة فى عصرنا ( ج 2 )
-
عن ( فطر فاطر خلق / المهرجانات الفنية فى السعودية )
-
أثناء الزواج : شهادات واقعية عن ضرب الزوجة فى عصرنا ( ج 1 )
-
عن ( يأجوج ومأجوج وحرام / الحنث )
-
أثناء الزواج : حل الخلافات الزوجية
-
عن ( عدم الخشوع فى الصلاة / الخمر فى المآدب / خير مما يجمعون
...
-
أثناء الزواج : لمحة عن معاملة الزوجة
-
عن ( عدم الاستغفار / أنواع المعاصى / الشعر والشعراء )
-
للمرة الأخيرة : الروح هو جبريل . أمّا الانسان فهو ( نفس وجسد
...
-
عن ( عدة المطلّقة والواقى الذكرى / قمطرير / بعضكم لبعض عدو )
-
أثناء الزواج : القوامة بين الاسلام والدين السنى الذكورى
-
عن ( ظلّام وظالم / عرايا تماما / آيتا الدعاء )
-
أثناء الزواج : فقه الجماع الجنسى فى الدين السنى
-
عن ( صبر النبى / إحتقارا لفرعون وقومه / عن المطلقة والأرملة
...
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|