|
آتى اليوم الموعود للأمم (4)
راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 7666 - 2023 / 7 / 8 - 16:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تداعي العقائد الدينيـــة
صحب إدبار الحظ عن تيجان السلطنة الزمنية تخريب لا يقل ترويعاً في النفوذ الذي يتمتع به قادة العالم الروحيون. إذ أن الحوادث الجبارة التي أعلنت انحلال هذه الممالك وانحلال هذه الإمبراطوريات الكثيرة كادت تطابق في زمنها تداعي ما كان يبدو معاقل حصينة للعقائد الدينية، كما أن نفس العملية التي ختمت على مصاير الملوك والأباطرة ختاماً سريعاً مفجعاً وأزالت أسراتهم عملت كذلك في مصائر رجال الدين المسيحي والإسلامي مؤذية هيبتهم محطّمة نظمهم العليا في بعض الحالات حقاً لقد "رفعت العزة عن طائفتين: الأمراء والعلماء" اعترى مجد الأمراء الخسوف وهلك سلطان العلماء هلاكاً.
خاطب حضرة بهاءالله أيضاً هؤلاء القادة الذين اضطلعوا بمهمة إرشاد الهيئات الدينية والإشراف عليها وحذّرهم وعنّفهم في عبارات لا تقل تأكيداً عن تلك التي وجّهها إلى الملوك الذين تسلطوا على مصائر شعوبهم ورعاياهم. ولقد قاموا هم بدورهم أيضاً -ولا سيّما أقطاب الدين الإسلامي- وتحالفوا مع الملوك والحكام وشنّوا غاراتهم وصبّوا لعناتهم على مؤسس دين الله وأتباعه ومبادئه وهيئاته. ألم يكن علماء إيران هم أول من رفعوا لواء العصيان وهيجوا ضده الجماهير الجاهلة الخاضعة لهم وحرّضوا السلطات المدنيّة بجعجعتهم وتهديداتهم وأكاذيبهم وسعاياتهم وأباطيلهم وتنديدهم على أن يصدروا أوامر النفي وينفذوا القوانين ويشنوا معارك القصاص وأن يقوموا بالمذابح والمجازر التي تملأ صفحات تاريخه؟ نعم لقد بلغت المذبحة التي ارتكبت في عرض يوم واحد بتحريض هؤلاء العلماء من الفظاعة والوحشية وطابقت "بلادة الحيوان" و "جهنمية الشيطان" مبلغاً وتطابقا دفعا برينان Rinan في كتابه "الرسل Les Apótres -" أن يصف ذلك اليوم بأنه "قد لا يماثله يوم آخر في تاريخ العالم."
هؤلاء العلماء هم الذين بذروا بفعالهم هذه بذور التفكك والانحلال في أنظمهم التي كانت جد قوية جد شهيرة حتى لقد بدا حين ولد الدين أنها لا يمكن أن تختل بحال من الأحوال. وهم المسؤولون أولاً وقبل كل أحد -لاستهانتهم واستخفافهم بمثل تلك المسؤوليات الجسام - عن انطلاق تلك التأثيرات العنيفة المخربة التي صبت على رؤوسهم من البلايا والكوارث ما يعادل ما انصب على رؤوس الملوك والأسر المالكة والامبراطوريات، والتي تكون أبرز المعالم في تاريخ القرن الأول وفي التقويم البهائي.
إن عملية التخريب هذه -لا تزال تعمل بقوة لم تقل طاقتها- وإن بدت ظواهرها الأولى أعظم هولاً ولسوف تتخذ سرعة أشد وتبدي شواهد أعظم بروزاً وأقوى دلالة على قوتها المدمّرة. ذلك حين تنشط مقاومة دين الله من المصادر المختلفة والميادين البعيدة؛ غير أنه لا يمكنني بالنظر إلى ما اتخذته هذه الرسالة فعلاً من تناسب في أقسامها أن أفضّل القول كما يحلو لي في شاهد هذا الموضوع الذي يكوّن بالإنضمام إلى استجابة ملوك الأرض لرسالة بهاءالله - قصة من أفتن القصص المتداخلة في ملحمة دينِهِ المثيرة - ولكنني سوف أكتفي بملاحظة صدى الهجمات العنيفة التي شنّها رجال الدين الإسلامي، وأقطاب المسيحية إلى حد ما - ووقعها على هيئاتهم. وسوف أقدّم لهذه الملاحظات ببعض الفقرات المقتبسة من ألواح بهاءالله الضخمة التي تشير إلى العلماء المسلمين والمسيحيين تصريحاً وتلويحاً، وتلقي ضوءاً قوياً على الكوارث المرعبة التي داهمت وما زالت تداهم نظم الديانتين التي اهتم بهما الدين اهتماماً مباشراً.
إلا أنه لا ينبغي أن يفهم من هذا أن حضرة بهاءالله قد اقتصر في توجيه خطاباته التاريخية إلى قادة الإسلام والمسيحية فقط أو أن وقع الدين المكتسح على معاقل العقائد الدينية يقتصر على هيئات هذين الدينين وحسب. فبهاءالله يؤكد قائلاً: "انقضى ميقات الأمم وظهرت الوعود الإلهية المذكورة في الكتب المقدسة جميعاً ... اليوم يوم أثبت قلم الأمر ذكره في كل الكتب، وما من أية إلا وقد تنادي بهذا الاسم وما من كتاب إلا ويشهد بهذا الذّكر المبين." ويضيف إلى ذلك قوله : "لو نذكر ما نزل في الكتب والصحف في هذا الظهور ليصير هذا اللوح ذا حجم عظيم." ولما كان الوعد بدين بهاءالله مودعاً في كل كتب الأديان السابقة فإن مؤسسه يخاطب أتباعها ولا سيّما أقطابها المسؤولين الذي تدخلوا بينه وبين جماهيرهم فيكتب قائلاً: "مرة نخاطب ملأ التوراة وندعوهم بمنزل الآيات الذي أتى من لدن مالك الرّقاب ... ومرة نخاطب ملأ الإنجيل نقول قد أتى الجليل بهذا الاسم الذي به فاحت نسمة الله في البلاد ... ومرة نخاطب أهل الفرقان ونقول: اتقوا الرحمن ولا تجادلوا من أنشأ الأديان... واعلم أيضاً أننا خاطبنا المجوس بألواحنا وزيّناها بأحكامنا ... أنزلنا فيها جوهر الإشارات، والكنايات الواردة في كتبهم ... والله عزيز عليم."
وكتب بهاءالله يخاطب الشعب اليهودي: "قد جاء الناموس الأعظم ويحكم جمال القدم على كرسي الداود وكذلك نطق القلم بما ذكر من قصص الأولين بين أهل الأديان ولكن الآن إن الداود يصيح ويقول: يا ربي الودود فاجعلني ممن استقام على أمرك يا من بك لاحت الوجود وزلّت الأقدام." وقال مرة أخرى: "هبّت النفحة وفاحت النسمة ومن صهيون ظهر ما هو المكنون ومن أورشليم ارتفع صوت الله الواحد الفرد العليم." وأنزل بهاءالله زيادة على ذلك في لوح ابن الذئب قوله: "اسمع نغمة سيدنا داود حين يقول: من يقودني إلى المدينة المحصنة؟ والمدينة المحصنة هي عكاء التي سميت بالسجن الأعظم ولها حصن وقلعة محكمة. يا شيخ! إقرأ ما نطق به أشعياء في كتابه قوله: على جبل عالٍ اصعدي يا مبشرة صهيون، إرفعي صوتك بقوة مبشرة أورشليم! إرفعي لا تخافي، قولي لمدن يهوذا هذا هو إلهك هو ذا السيد الرب بقوة يأتي وذراعه تحكم له. ظهرت اليوم جميع العلامات ونزلت المدينة الكبيرة من السماء واهتز صهيون من ظهور الحق وسُرّ لأنه يصغي إلى نداء الله من كل الجهات."
وإلى طبقة رجال الدين المسيطرين على أتباع دين زرادشت أعلن ذلك الصوت نفسه موحداً بين نفسه وبين صوت شاه بهرام؛ فقال: "إيها الدساتير : جعلت الأذن لتسمع سر القيّوم، وجعلت العين لتبصر، فلماذا تهربون. ظهر المحبوب الفرد وهو يقول ما فيه النجاة. إيها الدساتير! لو شممتم عرف بستان العرفان لما ابتغيتم عنه حولاً ولعرفتم الفرد الخبير في ثوبه الجديد ولانقطعتم عن الدنيا وطالبيها، ولقمتم على نصرته." وكتب بهاءالله يجيب على زردشتي سأل عن شاه بهرام الموعود فقال: "ظهر ما بشر به في الكتب ولاح وتجلت الدلائل من كل شطر. اليوم ينادي الله ويبشر الكل بالسماء العليا." وأعلن في لوح آخر يقول: "ليس اليوم يوم أوامر الدساتير وأحكامهم. في كتابكم كلام معناه أن الدساتير في ذلك اليوم سيبعدون الخلائق ويمنعونهم عن القرب. إنما الدستور هو من يرى النور ويسرع إلى طريق المحبوب." ويخاطبهم مرة أخرى فيقول: "قل: أيها الدساتير! تبدت يد القدرة من وراء السحاب فانظروها ببصر جديد وتجلت آثار العظمة الكبرياء بلا حجاب فأبصروا بها بعيون الديوان فلو كنتم دساتير الرحمن لكنتم معه وعرفتموه... قل يا أيها الدساتير لا يقبل عمل أحد اليوم إلا عمل من انصرف عن الناس وما عندهم وتوجه نحو الرحمن."
علما أن اهتمامنا ليس منصبّاً على أحد هذين الدينين أولاً وقبل كل شيء بل إن الإسلام أولاً والمسيحية ثانياً وإلى حد ما هما الدّينان المتّصلان بموضوعنا. فالإسلام الذي نشأ عنه دين بهاءالله نشأة المسيحية عن اليهودية هو الدين الذي في حظيرته نهض الدين وتقدّم، ومن صفوفه حشد الجمهور الأكبر من أتباعه وبتحريض قادته كان هؤلاء الأتباع وما زالوا، يضطهدون اضطهاداً. أما المسيحية فهي الدين الذي تنتمي إليه الأغلبية الساحقة من البهائيين غير المسلمين أصلاً والذي في مجاله الديني يتقدم نظام دين الله الإداري تقدماً سريعاً. وعلى أيدي زعمائه الدينيين يهاجم هذا النظام. ولما كانت الهندوكية والبوذية واليهودية والزردشتية لا تزال على الأغلب جاهلة بإمكانيات دين الله واستجابتها لرسالته لا تزال تافهة يمكن إغفالها. يمكننا أن نعد الدين الإسلامي والمسيحي هما الدينان اللذان يتحملان كل عبء هذا الظهور الهائل في هذه المرحلة الإنشائية من تطوّره.
فلنتدبّر إذن ما وجهه مؤسس الدين البهائي لزعماء الإسلام والمسيحية أو ما كتبه عنهم. ولقد تدبرنا من قبل الفقرات المثيرة إلى ملوك الإسلام سواء أكانوا خلفاء يحكمون في الآستانة أو سلاطين إيران الذين حكموا البلاد باعتبارهم أمناء الإمام المنتظر، كما لاحظنا اللوح الذي أنزله بهاءالله خاصة إلى بابا روما والرسالة الأعم الموجهة في سورة الملوك إلى ملوك المسيحية ولا يقل تحدّياً ولا إنذاراً مشؤوماً ذلك الصوت الذي حذّر رجال الدين الإسلامي والمسيحي وناقشهم الحساب.
وإليك نذير بهاءالله الواضح العالي الوارد في كتاب الإيقان؛ قال: "كان سبب صد العباد ومنعهم من شاطئ بحر الأحدية في جميع الأوقات هم علماء العصر لأن زمام الناس كان في كفّ كفايتهم وكان بعضهم يمنعون الناس حبّاً للرياسة وبعضهم جهلاً وجهالة وبإذن علماء العصر وإجازتهم شرب كلّ الأنبياء سلسبيل الشهادة وطاروا إلى أعلى أفق العزة. وكم حلّت بسلاطين الوجود وجواهر المقصود من مظالم على أيدي رؤساء العهد وعلماء العصر. قنعوا بهذه الأيام، المحدودة الفانية وحرموا أنفسهم من ملك لا يفنى." وقال في موضع آخر من الكتاب نفسه: "من بين حجب الجلال علماء العصر وفقهاء زمان الظهور الذين لا يسلمون لأمر الله نظراً لعدم إدراكهم واشتغالهم بأمورهم وحبّهم للرئاسة الظاهرة بل إنهم لا يعيرون أذناً صاغية يسمعون بها النغمة الإلهية، بل يجعلون أصابعهم في آذانهم. ولما كان العباد يتخذونهم، أولياءهم من دون الله فإنهم ينتظرون رد هذه الخشب المسنّدة وقبولهم لأنهم لا أبصار لهم ولا أسماع ولا أفئدة يميزون بها ويفصلون بين الحق والباطل. ومع أن كل الأنبياء والأصفياء والأولياء جاءوا بأمر من عند الله أن يروا بأبصارهم ويسمعوا بأسماعهم إلا أنهم لم يأبهوا لنصح الأنبياء، واتبعوا -وما زالوا يتبعون- علماءهم. فإذا قال لهم مسكين أو فقير عارٍ من لباس أهل العلم يا قوم اتبعوا المرسلين قالوا أكلّ هؤلاء العلماء والفضلاء وذوي الرياسة الظاهرة والألبسة الفاخرة اللطيفة لم يفهموا، ولم يميزوا الحق من الباطل وفهمت أنت وأمثالك؟ وأبدوا غاية العجب من هذا القول. ولو كانت الكثرة ولباس العلم سبب العلم وعلة الصدق فما من شك في أن الأمم السابقة أولى وأسبق لأن أمم السلف كانوا أعظم أمراً وأكبر نفراً."وقال أيضاً: "ما بعث الله من نبي من الأنبياء إلا وأصبح موضع بغض العلماء وإنكارهم وسبّهم. قاتلهم الله بما فعلوا من قبل وكانوا يفعلون." فأي حجب الجلال أعظم من هياكل الإثم هذه؟ والله! إن كشف هذه الحجب لهو أعظم الأمور وخرقها لأكبر الأعمال." وكتب أيضاً يقول: "لم يبق بينهم من المعبود إلا اسمه ولا من المقصود إلا حرفه وغلبت عليهم رياح النّفس والهوى غلبة أطفأت في القلوب سرج العقل والفؤاد... لا تجد إثنين منهم اجتمعا على رأي لأنهم لا يلتمسون إلا الهوى إلهاً ولا يسلكون إلا بالخطأ سبيلاً يعدون الرياسة نهاية الوصول إلى المطلوب ويحسبون الكبر والغرور غاية الافتتان بالمحبوب ويعلمون أن البهتان النفساني مقدم على التقدير الرحماني. أعرضوا عن التسليم والرضاء واشتغلوا بالتدبير والرياء وهم يحافظون على هذه الدركات خشية أن يجد النقص إلى شوكتهم سبيلاً أو يلحق بعزتهم الخلل."
وأكد بهاءالله في لوح آخر فقال: "كان مصدر الظلم ومبدؤه هم العلماء وبفتوى هذه النفوس المغرورة الخبيثة ارتكب حاكمو الأرض ما سمعوا منهم... كان -ولا يزال- زمام الجاهلين في أيدي أصحاب الوهم والضلال؛ فما أرادوا شيئاً إلا حكموا به. إن الله برئ منهم وإنا منهم براء يشهد بذلك ما نطق به القلم الأعلى في هذا المقام المحمود." وكذلك أكد مرة أخرى فقال: "ما زال رؤساء الناس -منذ الأول الذي لا أول له يمنعون العباد عن التوجه إلى البحر الأعظم وبفتوى علماء العصر القي بالخليل (إبراهيم) في النار وكذبوا الكليم (موسى) وافتروا عليه، وتفكروا في أمر الروح (عيسى) فما أظهر من شفقة ولا من محبة إلا قاموا على جوهر الوجود ومالك الغيب والشهود قومةً حرمته الملجأ والملاذ فكان في كل يوم يلتمس مكاناً جديداً ملجأً جديداً وتدبروا أمر خاتم النبييـــــن -أرواح ما سواه فداه- بعد أن أبان عن الكلمات المباركة المشعرة بالوحدانية الإلهية فكم من الأمور المريرة أنزلتها بسلطان الوجود هذا أيدي زعماء الأصنام وعلماء اليهود. لعمري إن القلم ينوح والموجودات تبكي مما ورد عليه من أيدي ناقض العهد والميثاق ومنكري الحجة والآيات.
ويعلن في لوح آخر فيقول: "ترك العلماء والسفهاء كتاب الله واشتغلوا عنه بتهاويلهم، ظهر بحر العرفان وارتفع صرير القلم الأعلى ولكنهم كالديدان ابتلوا بطين أوهامهم وأباطيلهم وبانتسابهم إلى الرب يعززون ولكنهم عنه معرضون؛ به يشتهرون ولكنهم عنه محتجبون."
وورد في لوح آخر قوله: "ارتكب علماء المجوس واليهود والنصارى ما ارتكبه العلماء في هذا الظهور وما زالوا يرتكبون. بل انهم أظهروا قساوة أعظم وخبثاً أشد تشهد علي ما أقول كل الذرات."
وإلى هؤلاء القادة الذين: "يحسبون أنفسهم أفضل الخلق وهم أدناهم عند الحق" والذين "جلسوا على مسند العلم والفضل وسموا الجهل علماً والظلم عدلاً." والذين: "لم يتخذوا لهم إلا الهوى إلهاً وليس لهم إلا الذهب مذهباً واحتجبوا بحجاب العلم وبضلالة ضلّوا سواء السبيل." - إلى هؤلاء اختار بهاءالله أن يوجه إليهم هذه الكلمات: "يا معشر العلماء لن تجدوا أنفسكم من بعد على شيء من القدرة لأننا قبضناها منكم (؟) وقدرناها للذين آمنوا بالله الفرد القادر المختار."
ونقرأ في الكتاب الأقدس قوله: "قل يا معشر العلماء! لا تزنوا كتاب الله بما عندكم من القواعد والعلوم. إنه لقسطاس الأعظم وإنه بنفسه لو أنتم تعلمون. تبكي عليكم عين عنايتي لأنكم ما عرفتم الذي وعدتموه في العشي والإشراق وفي كل أصيل وبكور... يا معشر العلماء هل يقدر أحد منكم أن يستن معي في ميدان المكاشفة والعرفان أو يجول في مضمار الحكمة والبيان؟ لا وربي الرحمن! كل من عليها فان وهذا وجه ربكم العزيز المحبوب... قل هذه لسماء فيه كنز أم الكتاب لو أنتم تعقلون. هذا لهو الذي به صاحت الصخرة ونادت السدرة على الطور المرتفع على الأرض المباركة: الملك لله الملك العزيز الودود. إنا ما دخلنا المدارس وما طالعنا المباحث، اسمعوا ما يدعوكم به هذا الأمي إلى الله الأبدي! إنه خير لكم عما كنز في الأرض لو أنتم تفقهون."
وكتب زيادة على ذلك يقول: "يا معشر العلماء! لما نزلت الآيات وظهرت البيّنات رأيناكم خلف الحجبات إن هذا إلا لشيء عجاب... إنا خرقنا الأحجاب إياكم أن تحجبوا الناس بحجاب آخر، كسروا سلاسل الأوهام باسم مالك الأنام ولا تكونن من الخادعين. إذا أقبلتم إلى الله ودخلتم هذا الأمر لا تفسدوا فيه ولا تقيسوا كتاب الله بأهوائكم هذا نصح الله من قبل ومن بعد... لو آمنتم بالله حين ظهوره وما أعرض عنه الناس وما ورد علينا ما ترونه اليوم، اتقوا الله ولا تكونن من الغافلين... هذا أمر اضطرب منه ما عندكم من الأوهام والتماثيل ... يا معشر العلماء! إياكم أن تكونوا سبب الاختلاف في الأطراف كما كنتم علة الإعراض في أول الأمر. اجمعوا الناس على هذه الكلمة التي بها صاحت الحصاة: الملك لله مطلع الآيات... أخرقن الأحجاب على شأن يسمع أهل الملكوت صوت خرقها هذا أمر الله من قبل ومن بعد. طوبى لمن عمل وويل للتاركين."
وقال أيضاً: "يا معشر العلماء! إلى متى تجردون سيوف البغضاء أمام وجه البهاء! أمسكوا أقلامكم واعلموا أن القلم الأعلى ينطق بين الأرض والسماء أن اتقوا الله ولا تسيروا بهواكم الذي تغير منه وجه العالم. نزّهوا السمع حتى تسمعوا نداء الله. والله إن نداء الله كالنار يحرق الحجبات وكالماء يطهر أرواح من في الإنشاء."
وهو يخاطبهم مرة أخرى فيقول: "قل يا معشر العلماء! هل يقدر أحد منكم أن يركض مع الفتى الإلهي في ميدان الحكمة والبيان أو يطير معه إلى سماء المعارف والتبيان؟ لا وربي الرحمن! كلهم انصعقوا اليوم من كلمة ربك كأنهم أموات غير أحياء إلا من شاء ربك العزيز المختار. إنه من أهل العلم لدى العليم يصلين عليهم أهل الفردوس وأهل حظائر القدس في العشي والإشراق، من كان رجله من الخشب هل يقدر أن يقوم مع الذي جعل الله رجليه من الحديد لا ومنوّر الآفاق."
وهو يلاحظ ملاحظة لها دلالتها حين يقول: "حينما دققنا النظر رأينا أكثر أعدائنا من العلماء. قال بعض الناس: وَأنكر العلماء، قل نعم! والله إني أنا من حطّم الأصنام." "إنّا نفخنا في الصور الذي هو قلمنا الأعلى فانصعق العلماء والفقهاء والحكماء والرؤساء إلا من عصمه الله بفضله وهو الفضّال القديم." "يا معشر العلماء! إطرحوا الأوهام والظنون بعيداً وتوجهوا إلى أفق اليقين. والله لا ينفعكم ما تملكون ولا كنوز الأرض ولا الرياسة التي اغتصبتموها. اتقوا الله ولا تكونوا من الخاسرين." "قل يا معشر العلماء اخرقوا نقبكم وحجبكم واستموا إلى ما يدعوكم إليه القلم الأعلى في هذا اليوم الخطير. من أوهامكم الباطلة امتلأت الدنيا من الغبار ومن ظلمكم اضطربت قلوب المقربين. اتقوا الله وكونوا من المنصفين." وهو يدعوهم وينصح فيقول: "يا مطالع العلم. إياكم أن تغيّروا في أنفسكم لأن يتغير(؟) بكم أكثر العباد. إن هذا ظلم منكم على أنفسكم وعليهم... مثلكم كمثل عين إذا تغيرت تغيرت الأنهار المنشعبة منها. اتقوا الله وكونوا من المتقين. كذلك الإنسان إذا فسد قلبه تفسد أركانه وكذلك الشجرة إن فسد أصلها تفسد أغصانها وأفنانها وأوراقها وأثمارها." وهو يناشدهم فيقول: "قل يا معشر العلماء! أنصفوا بالله ولا تدحضوا الحق بما عندكم. اقرءوا ما أنزلناه بالحق إنه يؤيدكم ويقربكم إلى الله العزيز العظيم. أنظروا ثم اذكروا إذ أتى محمد رسول الله أنكره القوم وقالوا في حقه ما ناح في الروح (المسيح) في مقامه الأعلى وصاح به الروح الأمين، ثم انظروا فيما ورد من قبله على رسل الله وسفرائه بما اكتسبت أيدي الظالمين. إنا نذكركم لوجه الله ونذكّركم بآياته ونبشركم بما قدر للمقربين في الفردوس الأعلى والجنة العليا انا المبشر العليم. إنه أتى لنجاتكم وحمل الشدائد لارتقائكم بمرقاة البيان إلى ذروة العرفان... أقروءا ما نزل بالعدل والإنصاف إنه يرفعكم بالحق ويراكم ما منعتم عنه ويسقيكم رحيقه المنير."
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلام العالمي لكانط و الرؤية البهائية لمستقبل النظام العالم
...
-
آتى اليوم الموعود للأمم (3)
-
السلام العالمي لكانط و الرؤية البهائية لمستقبل النظام العالم
...
-
آتى اليوم الموعود للأمم (2)
-
آتى اليوم الموعود للأمم (1)
-
السلام العالمي لكانط و الرؤية البهائية لمستقبل النظام العالم
...
-
السلام العالمي لكانط و الرؤية البهائية لمستقبل النظام العالم
...
-
السلام العالمي لكانط و الرؤية البهائية لمستقبل النظام العالم
...
-
السلام العالمي لكانط و الرؤية البهائية لمستقبل النظام العالم
...
-
التقييم الذاتي Self Assessment (9 - 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (8 - 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (7 - 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (6 - 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (5 - 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (4 من 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (3 من 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (2 من 9)
-
التقييم الذاتي Self Assessment (1 - 9)
-
النظام العالمي الجديد ومستقبل العالم 3-3
-
النظام العالمي الجديد ومستقبل العالم 2-3
المزيد.....
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|