مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 1723 - 2006 / 11 / 3 - 09:19
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
يعد جابرييل ماركيز اشهر كتاب أمريكا اللاتينية المعاصرين، وقد ذاعت شهرة روايته ( مائة عام من العزلة ) التي حصل بعد نشرها على جائزة نوبل للآداب، اما روايته الأخرى والتي لا تقل شهرة عن تلك فهي رواية ( خريف البطريق ) والبطريق هنا هو القائد أو الجنرال أو المؤسس ، وفي هذه الرواية يروي ماركيز قصة خريف حياة دكتاتور أمي هو الأخير من سلالة مستبدة حكمت البلاد سنوات طويلة بأسلوب همجي متخلف. وقد أفاض ماركيز في وصف أحداث متشابكة بأسلوب ممتع محلق في سماء الخيال، وقد أورد الكثير من الحقائق التاريخية الملازمة لكل حاكم مستبد ويمارسها كل دكتاتور يمسك بكرسي الحكم بأنيابه ومخالبه ويتصرف بالسلطة حسب مشيئته وأهوائه المريضة التي لا تـنم إلا عن الجهل والغباء. يخيل إليك حين تقرأ أحداث الرواية أنك تقرأ تاريخ حاكم تعرفه جيدا ، ذاق الناس صنوف العذاب والأهوال على يديه، ولا شك ان بعض أحداث الرواية لا يصدق لخروجه عن المألوف، ومن أمثلة ذلك ما رواه ماركيز عن الجنرال وتملكه كل شيء في البلاد التي يحكمها، حتى جوائز اليانصيب لم تفلت من بين يديه، فهو الذي يربح جوائزها، ولكن كيف يحصل ذلك ؟
ان الأمر بسيط جدا، يأتي أعوان الجنرال بأطفال صغار كي يسحبوا كرات أرقام اليانصيب، ويطلبون منهم سحب الكرات الباردة من الكيس ، لانهم يضعون الكرات المطلوب سحبها في الثلج مدة ثلاثة أيام قبل السحب، وهي الكرات التي تحمل أرقام بطاقة الجنرال، وهكذا تكون بطاقته هي الرابحة، ولان الأمر يجري أمام الناس ولكي لا يفتضح الأمر ويتحدث الأطفال فيما بعد بذلك ويفشون السر في العملية، يحتجزون الأطفال بعد كل سحبة يانصيب، ومع مرور الأيام يتجمع في الحجز نحو ألفي طفل، فيسألون الجنرال: ماذا سنفعل بالأطفال؟ تساءل الجنرال بدهشة: أي أطفال؟؟ فشرحوا له قضية اليانصيب، ومن هنا بدأت رحلة الاطفال الشاقة ... ساقوهم إلى الحقول ثم إلى الكهوف كي يخفوا آثارهم ... ثم تفتق ذهن الجنرال عن الحل ... حملوهم بباخرة إلى عرض البحر، وهناك تولى ضباط الجنرال تفجير الباخرة بمن فيها .
قد يصعب على البعض تصديق مثل هذا الأمر الذي رواه ماركيز، ولكن ما عشناه من أحداث ومآس وما عرفناه من مجازر ارتكبت في وطننا تجعلنا نصدق ذلك ونروي اكثر منه، ويبقى مع ذلك لنا سؤال مشروع: فإذا كان الخريف قد أدرك جنرال ماركيز وأصبح جيفة نتنة تنهشه النسور والغربان فما هو المصير الذي ينتظر جنرال الحفر ة …!؟
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟