|
مأكول مذموم يابلدي
يسري غباشنة
الحوار المتمدن-العدد: 1723 - 2006 / 11 / 3 - 03:51
المحور:
المجتمع المدني
كبيرٌ أنت ياوطني، عظيمٌ أنت ياأردن، فقِدْرُكَ ما انطفأت تحتها نارٌ؛ قِدْرٌ ولَغَ به المتكرشون، أكلوا...تجشأوا...أُتْخِموا...ومن ثَمَّ بصقوا فيه غلا وحقدا. زحفوا إلى بئرك ...شربوا منه ماء زلالا، صافيا، عذبا، وبعد أنِ ارتوَوا قرؤوا آية لمسيلمة، وتسابقوا في رمي الحجارة والحصى مع قذاهم وقذارتهم في بئرِكَ، وخابيتِكَ، وجرَّتِكَ وكذلك زيرِكَ ياسَكَني. شَرَّعْتَ أبوابَ ديوانِكَ لهم، فلم يطيقوا به مُقاما؛ فمن اعتاد سكنى الجحورِ، والأنفاقِ، والمغاورِ، والمغاراتِ، لايطيبُ له العيش في سواها، أتستطيع الفئرانُ والجرذانُ التأقلمَ أو التكيُّفَ في أعشاش النّسور والصقور!!! استظلُّوا تحت بلُّوطِكَ وسنديانِكَ فما كان منهم بعد سويعاتٍ إلا أنْ قاموا بمحاولات آثمة لاجتثاثها، ونقبِ جذورِها وأغصانِها بألسنةِ أفاعٍ زحفت من جزر شيطانية، فوجدت تحت كلِّ غصن حجرًا من صوّانِكَ المسنون، وتحت كلِّ فرعٍ وورقةٍ ياسمينةً زكمت أنوفَهم وحواسَهم التي تناغمت مَعَ روائحِ الكُرْهِ والكريهةِ، فولّت هاربةً إلى جزر وأقطار يفترشون مكابّها، ويتلحفون بفضائياتها. هؤلاء هم الريِّحُ السموم التي لاتعرفُ ما الوطن...فتنتقل كالحرباءِ تتلوَّن بشتى الألوان والأصباغ؛ الوطنُ في شِرْعتِهم دفترُ شيكات عفن، والوطنُ في نهجِهم بيتُ دعارةٍ ورذيلةٍ، والبلدُ في سِفْرِهم تذكرةُ سَفَرٍ يجوبون من خلالها الأصقاعَ والأمصارَ لعلّهم يجدون وطنا يلائمُهم، وخِربةً في فضاءاتهم تُسْكِنُهم،وشوكا وشِبْرِقا يستظلُّون بفيئه،وعدسا وفوما وبقْلايملؤون به كروشهم وحاوياتهم عودةُ الخفافيشِ التي تعرّت حتى من ورقة التّوت لن تثنيَ العِقْبانُ عن خُيَلائِها في أعالي الفضاء. وعودة الحرابي، والدويبات، والعظايا، لن توقفَ أو تفُتّ في عَضُدِ الخيول في بيدائها، وعودةُ الديدان، والحشراتِ والهوامِ في الحقولِ، والجنانِ لن تعيقَ نموّ الزيتونِ، والدّحنون، لا، ولا الزعتر. وعودة الضِّباع والثّعالب و( ‘ الحصينيات) إلى الغاب لن تؤخرَ مسيرَ حيدرة وحمزة، ولن تعطِّلَ موكبَ ضرغام وهيثم . ولن يضيرَهما عواءٌ ولا نباحٌٌ.ولن يعيبَ أسرابَ الحمامِ والسنَونو نعيقُ البومِ والغربانِ، ولن تطرف خوافيها ولاقوادمها إذا ما مرّ ثعبانٌُ.
قد يكونُ أفقي ضيقا في عَتَبي عليكَ ياقرّةَ عيني عندما أرى مَنْ يرمي نوافذَكَ اليومَ بالحجارةِ تُشَرِّعُ له أبوابَ جنانِكَ الغنّاء غدا، أم هي السذاجةُ في تفكيري عندما أُبصرُ في بصيرتي بذورَ العلقمِ والدُّفلى تزاحمُ الشِّيحَ والقيصومَ في صحرائِكَ يابلدي،أم أنّ بُعْدَ نظري قد اشتعلَ شيبا فلم أعدْ أميِّزُ بين الخبيثِ والطّيبِ، أيُعْقَلُ أنّ مفرداتِ الانتماءِ والولاءِ والوفاءِ قد اختلفتْ معانيها، وتلوّنتْ دلالاتُها، وتعولمتْ مراميها؛فها هي السِّنانُ والسِّهامُ تسدِّدُ أسنتها إلى الضّرعِ الذي نَزّ حليبا في شرايينهم، فتوهّموا أنّ باستطاعتهم بَقْر الرّحمِ الذي احتضنهم فأطعمهم- بعون الله - من جوع، وآمنهم من خوف، ولكنهم أرادوها فتنةً باقرةً تدعُ الحليمَ حيرانَ.أم أنّ الوسَنَ والوهنَ يحومُ حول ذاكرتي التي أبتْ أنْ تُخَزِّنَ في خلاياها قواميسَ هؤلاء ومعاجمَهم لإنك أرْضعْتنا الصّفحَ تِلوَ الصّفح يا وطني
أناجيكَ يا وطني، ونحن نتدثّرُ بعباءتِكَ التي تقينا زمهريرَ العقوقِ، ولهيبَ النكرانِ، هذه العباءةُ التي تظلِّلُ بحنوِّها نهرَ الأردن وروافدَه الصافيةَ من بيت المقدس، وغزة هاشم، وخليل خليل الرحمن، ولن يعكِّرَ صفاء النهر ولا روافدَه بقعةٌ دكناء هنا أو هناك، فمنذ أن تلاقحت قطراتُ كلٍّ منهما ما توقفتْ يوما عن غسل أدرانٍ تسرّبت خِلسة إلى منبعهِما، ومجراهِما، ومصبِهما، وما بخلت يوما عن نسيج سداتِهما ولحمتِهما. أناجيكَ يا بلدي، ونحن نرنوا إلى علمِك، وساريتِك، وكوفيتِك ؛ فهدبُ عيوننا للعلم غيمةُ خيرٍ تسمّرت في مكانها لتحرسَه ، وأما ساريتُك فلايجاورها إلا العمالقةُ، فما كان من الأقزام إلا الانسلال في عتمة ليل للاستيطان في جزيرةِ قطرٍ منسيّةٍ. وكوفيتُك موالُ عشقٍ يتغنّى به الأطهارُ والطاهراتُ، وعتابا سمر يشدو به النشامى والنشميات
وستبقى يا وطني طيبا – بإذن الله – والبلدُ الطِّيبُ يخرجُ نباته بإذن الله، وستبقى دوما يابلدي واحةَ خير تُرْفَدُ بما هو طيب لنكون كلّنا أنت، وأنت كلّنا، بنيانا مرصوصا يشدُّ بعضُنا بعضًا، ومشاعرَ حبٍّ تُسَيّجُ ولاء وانتماءً، ووفاءً لجبال عمانَ، وروابي السلط، وسهولِ إربدَ، وباديةِ المفرق ومعان،وبياراتِ الأغوار، وقلاع عجلون والكرك،وثغرِك الباسمِ ............................. ياأردن
#يسري_غباشنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بين البالة والشماشير والرابش
-
نقطة. أول السطر
-
بقعة دكناء في المدرج الروماني
-
رفقا عزيزي ومعذرة
-
ثلاثية آلاء المصرية
-
هكذا هم الإخوان المسلمون في الأردن
-
سيدي أبا القاسم... عذرا
-
والله خير الماكرين
المزيد.....
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|