أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن - صائب خليل - أمسك خصمك متلبساً بقول الحق وامتدحه!















المزيد.....

أمسك خصمك متلبساً بقول الحق وامتدحه!


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1759 - 2006 / 12 / 9 - 10:30
المحور: ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
    


القانون الأخلاقي الأول في الجدال ( debate ) هو نفس القانون الأخلاقي الأول في كرة القدم: "اضرب الكرة وليس اللاعب المقابل". "لا توجه رصاصك الى ساعي البريد حتى ان كانت الرسالة التي يحملها لك مزعجة لك". يقدم المبدأ نفسه بكلمات اخرى. لكن القانون شيء وتنفيذه شيء اخر, خاصة اذا كان قانوناً اخلاقياً, كما نعلم جميعاً من خلال مراقبتنا لكل من ساحة كرة القدم وميادين الجدال وعدد الضحايا من السعاة على السواء.

في سفرة عائلية عراقية في هولندا جلست قرب مجموعة اصدقاء يسارية وبادرتهم مشاكساً وبدون مقدمات: من تظنون اكثر تصلباً في النقاش حين يتحدث مع الآخر : المتدينين ام العلمانيين؟ كان سؤالي بغرض الإستفزاز, ومن خلاله كنت اريد ان اقول اننا العلمانيين قد انجرفنا في توتير النقاش وافساده حتى لم يعد سهلاً تمميز اسلوبنا عن حدة وتعصب المتدين حين يناقش في دينه.

ثم ازداد التوتر وازدادت حدة النقاش مع تزايد العنف في العراق وغير العراق, وتزايد الصراع في كل مكان, وصار كل واحد يشعر بالخطر على العالم وعلى مبادئه التي يراها مهددة من قبل "الآخر".
في مثل هذا الجو من الضوضاء المتوترة لايسهل الإستماع الى فولتير وهو يترنم: " اختلف معك في الرأي لكني مستعد للموت من اجل حقك في ان تقول ما تريده بحرية".

هناك طرق يعرفها الجميع لمنع النقاش. وضعهم المتناقشين في السجن او إنقاذهم من حياتهم برصاصة, او, وهي اكثر الطرق اقتصادية حين يكون العدد كبيراً, اخافتهم!
لكن الطرق المعروفة تفقد تأثيرها فوجب اختراع طرق جديدة تحل محلها. الطريقة الجديدة هي ان "تفسد النقاش" بتحويله الى صراع متعصب, وتستبدل اكلمات العلمية الموضوعية بمسبات خشنة فتحل الحدة في الرأي والجدال, فلا يعود للموضوعية الهامسة من يسمعها، ولا يعود هناك مجال لقول كلمة حق, لأنها ستؤخذ على انه يراد بها باطل. لقد منع النقاش حول الأديان مؤخراً بهذه الطريقة, فأنا مثلاً لم اجد المناسبة اللازمة لكتابة انتقاداتي التي اود طرحها للفكر الديني, ليس بسبب الخوف من الإضطهاد الديني والمتطرفين الدينيين, بل بسبب تحول هذا النوع من النقاش الى معارك وتهجمات وتحزبات خربت الحد الأدنى من الثقة بين داخلي هذا المنتدى, فأخشى ان احتسب على الهجمة (الظالمة في احيان كثيرة) التي تعلن على الإسلام اليوم, ويقودها في الغرب خاصة, رجال ونساء لهم ملامح النازية وعنفها وكذبها ورائحتها, ويقف معهم دون انتباه الكثير من الأبرياء المتمتعين بالمعركة.

يمكننا ان نحصل على كل ما نريد من امثلة من اي حدث سياسي او ديني او إجتماعي. كمثال ما جرى مؤخراً في العراق, حين اتهم المعارضين لفدرالية الجنوب مؤيدوها بالعمالة لإيران, وبالمقابل اتهمت عضوة في البرلمان العراقي متحمسة, المعارضين للفدرالية الجنوبية بأنهم "صداميين", وفي مناسبة سابقة وجه مؤيدوا مسودة الدستور نفس التهمة الى رافضيها, فأتهم رئيس العراق الطالباني مثلاً, الرافضين لها بتهم من هذا النوع.. أن اللجوء الى تحويل النقاش الى معركة او تبادل مسبة مؤشر ضعف المجادل وتهربه من الجدال الحقيقي, وحسناً يفعل فليس لديه خيار افضل.

يقول ارسطو في "الخطابات" : "إذا كان الرجل يخجل ان يكون عاجزاً على الدفاع عن نفسه جسدياً, فمن السخف ألا نعتبر مخجلاً ان يعجز عن الدفاع عن نفسه بالمنطق والكلام".
ولكن, ماذا يفعل الضعيف الذي يعرف انه سيخسر النقاش؟ الفكرة التي يعرفها السياسيون جيداً: "ان لم تستطع الرد بشكل جيد على نقطة عسيرة في النقاش, هاجم شخص المقابل. اتهمه بشيء ما. وما ان يرد عليك بالنفي او بمهاجمتك حتى يتحول الجدال بعيداً عن النقطة الشائكة وينسى المشاهدون الموضوع الذي كنت ستخسر فيه".

"لايوجد دفاع مقابل التشهير. ماذا ترد ان اتهمك احدهم بأنك نازي؟ هل تحاول ان تبرهن له انك لست نازي؟ انك ستخسر في جميع الأحوال" هكذا يعلمنا جومسكي بتشاؤم.
وبالفعل يعلمنا تأريخ الإنتخابات ان رئيس امريكياً نصح مرشحاً عن حزبه لإنتخابات محلية ان يثير شائعة على خصمه الخطير بأن هذا يمارس الجنس مع الخنازير. وحين قال المرشح "لكنه لايفعل ذلك, اليس كذلك؟" اجابه الرئيس: "بالطبع لا, ولكن كيف سيرد عليك؟" ان مجرد اثارة الموضوع ستسيء اليه كثيراً.

لكن المشاهدين النبهين, وهم في تزايد في العالم, لن يخدعوا بذلك, خاصة ان كان المقابل حذقاً ورفض تحويل وجهة الجدال عن الموضوع الذي جاء من اجله. ليس هذا المبدأ إذن اخلاقي فقط بل هو اساسي ايضاً للتمكن من اجراء جدال موضوعي مفيد, بل وللتمكن من انجاز التفكير السليم حيث تتصارع الأفكار المختلفة في الذهن. لكن الدافع للعودة الى النقاش الموضوعي المباشر او غير المباشر، مثل الكتابة، ليس فقط لمحتواه الحضاري, ولكن ايضاً لتميزه بالقوة لأنه, وبالعكس من الأساليب التشهيرية, لا يتيح لمن يوجه اليه فرصة للهرب بتحويل النقاش الى معركة شخصية بدلا من الموضوع.

مثالياً, يجب ان يحصل الرأي المقابل على الفرصة للدفاع عن نفسه بكل الحجج, حتى التي تبدوا بعيدة عن الواقع قليلاً. يتخذ هذا الموقف من يسمى بـ "محامي الشيطان", والمقصود من هذا المصطلح فحص امكانيات الدفاع عن أي رأي بكل الطرق الممكنة حتى التي لاتقتنع بها بنفسك. ويكون هذا الأسلوب مفيداً في استنفاذ كل الحجج التي يمكن لصاحب الرأي المقابل ان يأتي بها, وصولا الى بناء موقف رأي ونقد قوي خال من الثغرات.

كيف نسلخ عن النقاش شخصانيته وتعصبه المفسدين ونعيد له موضوعيته وحيويته وحضارته...وقدرته على الإقناع ؟

نادراً ما استشهد بمدراء الشركات, لكن اسمحوا لي هذه المرة. فقد قرأت قبل فترة لمدير شركة يشرح سر نجاحه هكذا: " انتظر الفرصة لأمسك بالموظف لدي, متلبساً بإنجاز جيد, فامتدحه, فيجد نفسه مدفوعاً لتكرار نجاحه ليحافظ على سمعته الجيدة لدي".

ما رأيك يا صحابي ان نراقب خصمنا المعتاد المصرً على التحيز والمغالطة الكريهة في الجدال او الكتابة, حتى يقول الحق, اويكتب ما هو جميل, فنكتب له مهنئين؟ لنقف له "بالمرصاد" إذن, حتى نفاجئه متلبساً بالحق, فنثبته فيه برسالة او تلفون او بكلمة مديح!



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف عادت -صدام حسين يلوك النه-؟
- نظرية بابل*
- أحداث العراق الجسيمة: غزلان وتماسيح
- غيلان: تعويذتنا الواقية من الإنهيار
- برلمانيوا العراق كقدوة حسنة
- اللصوص تشكر حماتها علناً
- إنه يبكي، ذلك القاضي الذي اسعدكم!
- أبي يجد جواباً لحيرته: بحث عن الحقائق في موضوع العنف في العر ...
- وجيهة الحويدر إمرأة تخاف ظلها
- أبي يفتش عن جواب لحيرته : بحث عن الحقائق في موضوع العنف في ا ...
- العراق المترنح بين فدراليتي الإبتزاز والجبن
- ملاحظات حول وثيقة المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
- العلم العراقي: المشكلة والحل
- قرار الرئيس
- النفط والفدرالية
- الحكام العرب أسلحة دمار شامل اسرائيلية
- النفط العراقي وتساؤلات حول الخصخصة والإستثمار وعقود الشركات ...
- هل تحمي الديمقراطية نفط العراقيين؟
- متى بدأ التأريخ؟
- نحو موقف يساري ناضج من الإسلام السياسي


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن - صائب خليل - أمسك خصمك متلبساً بقول الحق وامتدحه!