|
تعديل التعديل
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1722 - 2006 / 11 / 2 - 10:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تصريحات الرئيس حسنى مبارك التى أكدت موافقته على دراسة تعديل المادة 76 من الدستور .. شكلت مفاجأة حقيقية، لكنها "مفاجأة متوقعة" إذا جاز التعبير. وقد توقعنا هذا المبادرة فى مقالات سابقة، كما توقعها آخرون، ولم يكن هذا التوقع رجماً بالغيب بل كان قراءة لمعضلات الواقع. لأن التعديل الذى خضعت له هذه المادة من قبل قد أجهض محتوى المبادرة الأسبق للرئيس مبارك التى طالب فيها بتعديل ينقل أسلوب اختيار رئيس الجمهورية من الاستفتاء إلى الانتخاب. ولم تقتصر عيوب هذا التعديل الذى قام به ترزية القوانين إياهم "علىالشكل" . بل إن "مضمون" هذا التعديل قد كبل حق الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بقيود تعجيزية .وهى قيود يتحول معها انتخاب الرئيس إلى استفتاء فى حقيقة الأمر. وليس هذا احتمالاً نظرياً، حيث أن نتائج انتخابات برلمان 2005 جعلت حق الترشيح لهذا المنصب الرفيع حكراً على الحزب الوطنى الديموقراطى وحده. وهذا معناه أن الانتخابات الرئاسية المقبلة إذا ما أجريت وفق هذا التعديل فإنها لن تكون "انتخابات" بين مرشحين متعددين، بل "استفتاء" على مرشح واحد لا منافس له، والسبب هو القيود التعجيزية المشار إليها. ولهذا .. فان استجابة الرئيس مبارك لمطالب المعارضة وكثير من الشخصيات العامة المحترمة والمرموقة، تمثل مبادرة ايجابية تستحق الترحيب. لكن تجربتنا مع المبادرة الأولى للرئيس مبارك ، وكيف التف حولها ترزية القوانين، تجعلنا نتحفظ بعض الشئ ، ونحذر من أن تحالف الاستبداد والبيروقراطية متربص لافساد المبادرة الجديدة كما أفسد سابقتها. والتحفظ الثانى يتعلق بنطاق الاصلاح الدستورى المنشود، والذى لن يتحقق بتعديل المادة 76 فقط، بل يتطلب تعديل مواد أخرى فى مقدمتها المادة 77 التى تنظم مدة، أو مدد، الفترات الرئاسية المفتوحة حالياً بدون حد أقصى. كما يتطلب تعديلات سياسية موازية فى مقدمتها إلغاء القيود التى تكبل الحياة الحزبية وتعطل إنطلاقها، بما فى ذلك إلغاء لجنة شئون الأحزاب نفسها، فضلاً عن النظام الانتخابى بكافة تفاصيله التى أثبتت الانتخابات النيابية الأخيرة أنه يحتاج إلى "ثورة" بحيث نتخلص من وصمة التزوير وشراء وبيع الاصوات واستخدام المال كسلاح سياسى فضلاً عن استخدام العنف والبلطجة، والزج أيضاً بالدين فى العمل السياسى سواء بـ "تديين" السياسة أو "تسييس" الدين! هذه كلها أمور لا يمكن تجاهلها ونحن نناقش تعديل التعديل الذى تم ادخاله على المادة 76. وبدلاً من أن تكتفى المعارضة بخطاب الشكوى، أو التشكك (المشروع وغير المشروع)، فأنها امام فرصة تاريخية للأمساك بهذه المبادرة الجديدة، مستفيدة من دروس المبادرة الأولى بحلوها ومرها، وإدارة حوار وطنى شامل حول التعديل، أو التعديلات المطلوبة. وبناء على هذا الحوار الوطنى أتمنى على أحزاب المعارضة أن نشكل لجنة رفيعة المستوى، بعد الاستماع إلى نبض الناس، تعكف على صياغة مشروع للتعديل الأمثل والتقدم به إلى البرلمان بعد طرحه على الجماعة الوطنية، وعدم ترك هذه المهمة للترزية إياهم. وليست المسألة مجرد صياغة مشروع مادة دستورية، أو أكثر، لا تتعدى بضعة سطور وبضعة كلمات، بل ان قضايا كثيرة تتفرع عنها وترتبط بها. مثل الضوابط الجديدة للترشيح لهذا المنصب الرفيع بشكل يكفل الديموقراطية ويحول دون الابتذال والاسفاف وغيرها من السلبيات والمخاوف، وإعادة النظر فى قضايا تمويل الحملات الانتخابية تشكل يضمن الشفافية والرقابة والمحاسبة والحفاظ على المال العام، ومراجعة التجربة الهزلية التى تعطى لكل مرشح نصف مليون جنيه من أموال دافع الضرائب بدون منطق، وكذلك مراجعة العلاقة المعقدة بين الانتخابات وبين الاعلام.. وغير ذلك من الامور التى تمس العملية الانتخابية .. ونزاهتها. باختصار .. بدلا من خطاب الشكوى وبديلا عن خطاب التشكك – الذى له ما يبرره – نامل فى حوار وطنى جاد حول هذه القضية الخطيرة، مستفيدين من تجارب التعديل الاول. *** انقذوا "التجمع": جريدة "التجمع" التى يصدرها حزب التجمع إلى جانب جريدة "الأهالى" .. تتعرض إلى أزمات خطيرة تهددها بالتوقف. وغنى عن البيان أن إغلاق جريدة ، أى جريدة ، كارثة يجب تلافيها بأى شكل. فما بالك بجريدة تنحاز إلى المستقبل والتقدم وإقامة دولة مدنية ديموقراطية حديثة. ان إغلاق مثل هذه الجريدة يصبح مصيبة ليس لمحرريها والحزب الذى تنتمى إليه فقط، وإنما أيضاً مصيبة لكل أولئك المؤمنين بالحداثة والديموقراطية والتقدم. ولهذا .. فأننى أوجه هذا النداء إلى كل من يهمهم الأمر .. وأظن أنهم كثيرون جداً .. من رجال أعمال وجمعيات مجتمع مدنى وشخصيات عامة لانقاذ جريدة "التجمع" . فمن العار علينا جميعاً ان يصمت لسان يدافع عن المستقبل وأن تغلق جريدة مدافعة عن الحق والخير والجمال لا لشئ إلا لضيق ذات اليد. قد يكون كثير منا فقراء كأفراد .. لكننا أغنياء كفريق وجماعة وطنية لا تتوقف عن الحلم بغد أفضل ووطن يكون محلا للسعادة المشتركة لأبنائنا وأحفادنا. ولهذا أتمنى أن نثبت أننا قادرون على حماية أى منبر للتنوير من الاندثار لأن البديل هو الظلام الدامس .. ويا له من مصير تعيس.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-إبسن- .. و-دنقل-
-
فراشة »كفاية«.. تحلق في أجواء ملبدة بالغيوم.. والنيران الصدي
...
-
..إلاّ الماء والهواء يا حكومة
-
باقة ورد إلى محمد عوده
-
وادى دجلة .. فى خطر
-
شكوى الفلاح الفصيح من بنك الائتمان الزراعى
-
نوبل .. والفقراء
-
كابوس إقطاع العصور الوسطى يهدد الحلم الأمريكى
-
صحة الشعب أخطر من أن تترك للبيروقراط
-
كلام المصاطب.. وتقارير العسس
-
جرائد .. قبرصية
-
بلد .. شهادات
-
البحث عن البيزنس فى جزيرة افروديت - 1
-
البحث عن البيزنس في جزيرة أفروديت 2
-
البحث عن البيزنس في جزيرة أفروديت 3
-
قواعد اللعبة
-
لماذا يتلذذ البعض بالدعوة لتكميم الأفواه؟!
-
الفنقلة!
-
الجماهير .. احدث صواريخ حزب الله
-
رجال الأعمال .. وأرباب السياسة
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|