|
البهلوليَّة والمخاطر اللَّيليَّة
مصطفى منيغ
الحوار المتمدن-العدد: 7653 - 2023 / 6 / 25 - 01:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البهلوليَّة والمخاطر اللَّيليَّة مراكش : مصطفى منيغ جديدُ العُمْرِ مَا مَضَى لم يُثمِر غير الذِّكرَى ، مَجْمَعها شياطين أنس صفاتهم إن طال فيهم التمعٌّن كانوا من أشكالٍ أخرَى ، الغدر شيمتهم قبل النِّفاق يحسبونه تلهِيَة صُغْرَى ، حتى يتبخَّروا إلى حينٍ مع مصيبة كُبْرَى ، وهكذا الأيام ترافق الصالح مع الطالح في موقعٍ لا مكان فيه لسماع أطيب بُشرَى ، فقط تداخل التَّزاحم للحصول على ما لا يُرَى ، كمن باعوا أنفسهم ولتحقيرِها متى عمَّرت اشترى بالنيابة عنهم مَن اشتَرَى ، يبكون مِن الدَّاخل صامتين خلف ستارِ حالٍ فَريدٍ بما جَرَى ، لأصاحبِ أخلاقٍ ومبادئ تتضاربهم هواجس الحيرة مِن مواجهة مَن أمامهم دون حياء كقلم خَشَبيٍّ انبَرَى ، يَحتلّ عقول الأبرياء بكَذِبٍ يصطاد بلا صنَّارة الطامع في الارتقاء بلا عناء عن خلل له دارَى ، بمجرَّد إمضاء على بياض ورقة مصرفية مسلَّمَةٍ لمن عند الحاجة اليه لا يُجَارَى، كأن الأرض بلعته لزمنٍ بعده في الأقرب منها على هواه يَتَجارَى ، ليكتوي بنار حِيَلِهِ مَن اكتوى بلا أحدٍ عنه تَحَرَّى ، حتى السلطة مُغَيّبَة بما تراه الأجدر والأقوى محرومة من الكَرَى ، تَفنُّناً في إرضاء أصحاب المعالي والمفاخر والأمجاد أسياد المدن والقُرَى ، الكل مَن حولِهم عيونهم لا تغادر الانتباه المفرط أي حركةٍ لذئب نازحٍ من "دوَّار" بضغط الجوع عَوَى عواء يفيق عن غفلتهم السُّكارَى ، فهؤلاء قوم أطلقوا على كل فريق اسماً للتعريف عند إحصاء نقط المخاطر اليمنى كاليُسرَي ، من ضفتي نهر يخفي من زمان أبعد بكثير من كِسْرَى ، دلائل حضارة انبثقت ليكون الناس معها سواسية أحراراً لا تشوبهم عاهة دكتاتورية ولا مَعَرَّى ، أجل هؤلاء قوم كلما تحصيلهم للمنافع انتظاره المُحَدَّد (لشروطِ وَضْعِيَّةٍ سَنَّها طرف واحد على مزاجه مُجحفة) استوفى ما داموا في القهر مَهَارَى. ... لم يكن محيط القصر الكبير كمدينة أسلم ممَّا يجعلها آمنة و حولها الكوارث المصطنعة ناشرة نفوذها من طرف زعامات محلية يباركها الخوف ويتجنَّبها المسؤولون على حماية الأهالي بقوة القانون ويظلون على مصالحها سَهارَى ، وينأى عن طريقها كل دافع لضريبة النجاة كثلة من حيارَى ، ويصفِّق لها متقن القفز على الحبال ليجد نفسه على رأس مجال قد تولَّى عليه منصبا مع الأكفاء لم ولن يتبارَى ، راتبه مهما بلغ لا يكفيه فهناك من يقاسمه بالنصف وإن اشتكى مِن شُرْبِ دمه ارتوى مَن ارتوى ويرحل مع شقاء العُسْرَى ، فالمنتسبون للكوارث لا يملكون من سمة البشر إلا إفراغ بطونهم والتبوّل في أي مكان أما الباقي فمسكون بالشر أعوج من مُعْوَج كالمثل القائل على صيغة السائل متى ذيل الكلب استَوَى و للاستقامة أَقْرَى. ... وأنتقل إلى بروكسيل ، حيث البهلولية داخل بيتها الفخم ، وتحديدا في حجرة نومها الأفخم ، تجلس بجواري على أريكة مبطّنَةٍ بقماش حريري أزرق مُستورد من مدينة دلهي الهندية ، المحشوة بريش معالج بأيادي انجليزية ، لتكون الجلسة فوفها تتغلّب على الليونة براحة تساعد على إطالتها ، مرشوشة الجوانب بعطرٍ فرنسي لا يزيده أي هبوب وإن كان بغباره لطيفاً إلا قوة في نثر رائحة تليق بالمقام ، ساعة السياحة الذهنية مع أجود وأنبل وأطيب غرام ، تجلس في أتم زينتها بوجه أضاء جسدها بتيار يدغدغ أحاسيسي فينقلني من مرحلة الاقتناع إلى المطالبة بالمزيد ، إذ للحُسن أظافر متى نهشت خيال عاشق ، أجبرته على أحلى اقتتال ، يُحيي بما يزرع من نبال، ذاك المُحاط بالرَّغبة الطبيعية الحلال، المحروس بضفتي مبادلة نفس المشاعر المكتملة بها متعة الحياة من أولها لغاية الزوال. قالت وصوتها أقرب للوشوشة المقصودة عن إغراء تتقن توظيفه في الوقت المناسب : فيما تفكر وأنا برفقتك بعد غياب ثلاثة أيام حسبتها ثلاثة أعوام ؟، إن كنتَ لا تفكر في المغرب ، فهذا تقصير منكَ في حق مَن تعشقكَ فوف كل عشق معروف أو مجهول أو عَمَّ فانقرض ، بالتأكيد تفكِّرُ في المغرب لأنك تحبُّه كما نحبُّه نحن معشر يهود العالم ، لا تقلق فالملك الحسن الثاني قادر على بناء دولة كما نبنيها نحن في إسرائيل ، الفارق أن الدولة المغربية عمرها بالقرون من مولاي علي الشريف العلوي إلى الآن ، ودولتنا لم يكتمل القرن الواحد على تأسيسها من الصفر، نحن اليهود نحب الملك كما الأخير يحبنا لذا لا خوف ولا قلق علينا معا ، لا نعارض إن تعاطف مع الفلسطينيين بكونهم عربا ومسلمين ، لكننا من جنس جنسيته المغربية نحسبه الأقرب من غيره لنا . قلت لها مغيِّراً وجودي تلك اللحظة ، من قمة السعادة إلى انخفاض ملحوظ في الارتياح : ما تدخلتُ في قناعاتك يوماً ولا أريد أن أتدخلَ لأنكِ حامله من نِعَمِ العِلمِ ما يكفي لتتبيني الطريق السالك من المسدود ، ولتنتخذي القرار الناجع ، في الوقت غير الضائع ، متحملة مسؤوليات اختياراتك عن جدارة واستحقاق . إن سهوت للحظات وأنا بجانب ملكة الجمال نفسه ، فما كنت مفكراَ في المغرب قلقاً عليه ، فهناك من الرجال والنساء ما لا يحتاجون أي شيء للدفاع عمَّا نحسبه صادقين القول و الفعل أشرف وطن ، نضحي بأرواحنا من أجل بقائه مُصان الكرامة رافع الهمة مهاب في السفح والقمة ، بل كنتُ أفكر في فلسطين ، إن كان غيري معك يرى ما أراه ويتمتع بما أتمتع به من مباهج الحياة ، لنسي الدنيا ومن فوقها حتى أقرب الناس اليه والديه ، لكنني على عهدٍ مع تلك الأرض الطاهرة أن لا يرتاح لي بال حتى أرى أهلها الصغار منهم قبل الكبار ، يضحكون بقلوبهم فرحاً وبعقولهم تحمُّلاً لمسؤوليات تدبير شؤون وطنهم الحر المستقل القادر على تعويض ما فات رغم كيد الكائدين . ... هرولت في اتجاه الحمام لتعود وقد نظَّفت وجهها الصبوح ممَّا عَلق به من مساحيق ، لتخاطبني بهدوء : أحببتكَ كما لم أحب بشراً من قبلك ، حاولتُ ما أمكن أن أرضي حبِّي الكبير هذا في إسعادِ شخصكَ ، بعيداً عن أي مؤثرات ولا ضغوطات عاطفيَة رابِطَة العقل بمكان ، ولا الطموح بتحقيق أي رغبة مهما طال أو قصُر الزمان . عشقتُ فيكَ نفسي فتصرَّفتُ معكَ كأنَّكَ أنا وأنتَ ولا أحد بيننا، ولم أجد فيكَ إلاَّ ما تتمنَّاه أنثَى أو يزيد ، حينما آزرتني في معركتي مع الجهاز كي لا أخسرك وأضيع بعدكَ ضياعاً لا تستقِّر صاحبته حتى في قبرٍ يجده مَن يريد الترحُّم عليها ، قيمتكَ عندي تفوق بكثير دولة إسرائيل ، لأنَّك علَّمتني دون أن تشعر أن الإنسان في الآخرة لا ينتسب إلى مكان وإنما لما كان هو نفسه ، فيُحاسب عليه منفرداً ، حيث لا جماعة صهيون تحميه ، ولا جهاز مخابرات يشهد بذكائه ونبوغه وكفاءته ، يبقى الأمر في حوزة خالقه ، وحتَّى لا تُلاحقني مخاطر المقبِلة من اللَّيالي، قرَّرت ما يلي : ... مصطفى منيغ سفير السلام العالمي [email protected]
#مصطفى_منيغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البهلوليَّة والإدعاءات التَّضليليَّة
-
عن الجزائر متى يُغادر؟؟؟ الجزء الرابع
-
إيران مع مَنْ ؟؟؟
-
البهلولية والمًفاجآت المُتتالية
-
البهلولية المسؤولية الأولوية
-
البَهلولِية في الحقائق الأصلية
-
البهلولية مغربية إسرائيلية
-
عن الجزائر متى بُغادر ؟؟؟ / 3
-
اسرائيل والملف الثقيل
-
قرويات الشمال كالجنوب مغربيات
-
منهُنَّ الوَصْل واليهن الفَصْل
-
القرويات أصْل أصالة المغربيات
-
أنَعِي الَوَعْيَ الوَاعِي ؟؟؟
-
السبيل للضغط على إسرائيل
-
الصين بالمنطق واليقين
-
خطاب لا يقدِّم المَطلوب كجواب
-
في تونس لم تعد أمريكا تسوس
-
أأمريكا ليست بالأمر مُدْرِكة ؟؟؟
-
من العرب مَن لا زال يلعب
-
طهران خارج السيطرة الآن
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|