كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7652 - 2023 / 6 / 24 - 09:22
المحور:
حقوق الانسان
كل الأحزاب التي تعايشنا معها، والتي مرّت علينا، أو التي كنا نرزح تحت رحمتها. كانت بارعة جداً في صناعة الخوف وإشاعة الهلع في نفوس الناس. حتى وصل الخوف ببعضهم إلى الرضوخ والتطوع لخدمة رجال الامن مقابل ضمان سلامة أفراد أسرتهم من بطش الحزب الحاكم. أو من بطش الأحزاب المتنفذة. فالأحزاب كلها كانت ومازالت تؤمن بنظريات التخويف والتهديد وإرغام الناس على تقديم فروض الطاعة بقوة السلاح. حتى تشتّت ولاءاتهم وتبعثرت انتماءاتهم. .
*****************
كانت قراءة الصحف اليومية من أفضل هواياتي القديمة، فتتكدس عندي الصحف والمجلات من وقت لآخر. وأضطر لحرقها وإتلافها. إلى ان جاء اليوم الذي حذرني فيه جارنا (العم مجيد) من مخاطر هذه العادة حتى لا يكون مصيري السجن والاعتقال. ظنا منه اني أحرق الصحف الممنوعة. قلت له: لا توجد صحف ممنوعة في البصرة. فالصحف التي احرقها هي المتداولة في المكتبات. قال لي: نعم أعرف ذلك، لكنهم لا يعرفون. ثم طلب مني التوقف عن قراءة الصحف باعتبارها من الممارسات المحظورة. .
****************
في التسعينيات كان زميلي في العمل الرفيق (ميم) يجلدني كل يوم بتقاريره الكيدية الملفقة. وأحيانا يسلمها بنفسه إلى شعبة الأمن في المنطقة. وهو الآن من كبار قادة الميلشيات المسلحة بلحيته الكثة وجبهته الموشومة بالسواد. .
***************
كان الرفيق (راء) يحوم بين ازقة منطقتنا بعد منتصف الليل. فترتفع عنده مؤشرات الحس الوطني بعد احتساء ما تيسر من البيرة والعرق. فيمنع الناس من التجوال حرصاً منه على القضية. وأحيانا يختبئ خلف شجرة يراقبهم من بعيد، ويرصد تحركاتهم. ثم يكتب كشفاً مفصلاً في صباح اليوم التالي عن مشاهداته ليلة أمس. .
***************
تعددت الاحزاب بعد غزو العراق، وكانت معظمها ذات توجهات غارقة في الورع والتقوى، لكنها ظلت تحمل السلاح لتكريس نظرية الخوف والتخويف. وتغيرت بوصلة الولاءات من الانتماء الايدولوجي التنظيمي إلى التقديس والتعظيم المذهبي الراديكالي. كان الرفيق (فاء) يرتدي ملابسه الزيتونية المرقطة، ويتبختر بين الناس بشواربه المفتولة التي تشبه شوارب الأشقياء والشبيحة. وهو الآن يرتدي الملابس نفسها لكنه خفف من كثافة شواربه، واطلق العنان للحيته. وامتلأت أصابعه بالخواتم. صار الرفيق (ميم) سيد الخواتم. كان يقسم أمام الناس بعظمة الرفيق القائد. وهو الآن يقسم بقدسية السيد القائد. .
***************
اصبحنا مرغمين منذ زمن بعيد على التعايش مع المنافقين والكذابين والمتلونين. لأنهم يمثلون القوة السياسية المتسلطة علينا، ولأنهم الصنف الوحيد المتوفر في مجتمعاتنا في كل زمان ومكان. . .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟