محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1722 - 2006 / 11 / 2 - 10:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحياء والخجل والندم والإعتراف بالخطأ من أعظم النعم التي تكون لها حيز في الذاكرة والقلب والوجدان لأي إنسان من البشر الأسوياء الذين يعاودون الرجوع للحق والفضيلة حينما يستشعرون مدي الأخطاء التي وقعوا فيها .
ولكن الخطأ في حالتنا هذه أن مبارك الأب قد أخطأ في حق الشعب المصري كله حكومة ومعارضة إذا كانت توجد بقية باقية من المعارضة التي قضي عليها نظام مبارك الأب طوال سنوات حكمه السوداء علي شعب مصر المهان بالقوانين والتشريعات والتعديلات القانونية والدستورية ومنها التعديل الأخير للمادة الخنثي والمسماة بالمادة 76 من الدستور المصري .
وفعلاً الإهانة قائمة للشعب المصري منذ تولي مبارك الأب حكم مصر , وليس من تاريخ إعلانه بمدرسة المساعي الحميدة بمحافظة المنوفية مسقط رأسه عن نيته ورغبته الجامحة في تعديل المادة 76 من الدستور المصري , وبالفعل تم تنفيذ رغبة مبارك الأب وتم تعديل المادة الحزينة علي شعب مصر وعلي إرادة المصريين .
ولكن كيف تم التعديل وماهي البشائر التي حملتها بشارة مبارك الأب لتعديل هذه المادة ؟
لقد هلل وكبر أعضاء مجلسي الشعب والشوري ورؤساء تحرير الصحف والفضائيات المصرية وأعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني وأساتذة الجامعات المنسوبين للحزب الوطني وقيادات المحليات ومعهم باقي الأعضاء وكان تهليلهم وتكبيرهم وشكرهم لمبارك الأب علي هذه الخطوة الجريئة الجسورة التي هي فاتحة بوابة الحرية والديمقراطية والتي ستكسر إحتكار حسني مبارك لمنصب الرئيس بواسطة الإستفتاءات الملعونة التي تلغي إرادة الشعب ويكون الإنتخاب بديلاً عن الإستفتاء , وكانت هذه التهليلات والتكبيرات بالرغم من طول نص المادة الذي يقترب من طول شريط السكة الحديد , وبالرغم من الشروط التعجيزية التي وضعها الرئيس مبارك الأب للحيلولة دون وجود مرشحين ضده في إنتخابات الرئاسة , ومع ذلك أقيمت الأفراح علي محزنة نص المادة الخنثي المسماة 76 من الدستور المصري , وكان أن أراد مبارك أن يحصن هذا التعديل الدستوري بعرضه علي المحكمة الدستورية قبل إقراره في سابقة مخالفة هي الأولي من نوعها للرقابة علي دستورية القوانين حتي يتفادي الطعن علي تعديل نص المادة الملعونة هذه , وبالفعل تم التعديل بموافقة أعضاء مجلسي الشعب والشوري والسيدين رئيسي المجلسين و ووافق أعضاء لجنة السياسات وأعضاء الحزب الوطني وتم إنفاق الملايين من الجنيهات المصرية علي تعديل نص هذه المادة في عملية الإستفتاء علي هذا التعديل المشؤم الذي لم يمر عليه العام !!
إلا أننا فوجئنا بالرئيس مبارك الأب يرغب نفس الرغبة الجامحة في تعديل التعديل !!
فماذا حدث من أجل هذه الرغبة الجامحة في تعديل التعديل للمادة 76 من الدستور المصري هل أتاه وحي من السماء , وهل تيقن من كذب من هلل وكبر لهذا التعديل من أعضاء الحكومة والحزب الوطني , وهل تيقن من أن هناك نفاق يطل برأسه من تحت قبة مجلسي الشعب والشوري ؟!!
والمهم : ماهو رأي رئيسي مجلسي الشعب والشوري وأعضاء المجلسين في تعديل التعديل التعديل وكذلك ماهو رأي أعضاء مجلسي الشعب والشوري في تعديل التعديل للمادة الخنثي المسماة 76 من الدستور المصري ؟!!
وماهو رأي رؤساء مجالس إدارات الصحف ورؤساء التحرير وصحفي الحكومة والحزب والوطني ؟!!
وماهورأي أعضاء الحزب الوطني بصفة عامة في تعديل التعديل ؟!!
بصراحة شديدة : من الواجب عليهم جميعأً أن يعتريهم الحياء والكسوف والخجل والندم علي مابدر منهم من موافقة في الأساس علي تعديل المادة 76 لأن هذه الموافقة فيها الكثير من الإهانة لهم جميعاً لأنهم لم يكون لهم رأي في هذا التعديل المعيب والمخل بأبسط القواعد القانونية والدستورية , وأن مبارك الأب هو صاحب هذا التعديل والجميع قالوا له آمين دون إبداء رأي أو طلب إستفسار أو موافقة علي تعديل فقرة أو كلمة أو همزة , ولا أحد منهم كان يقدر أن تكون له لمزة أمام أي همزة من همزات نص المادة الحزينة الموكوسة المنكوسة والخنثي التي لاهي بذكر ولا هي بأنثي !!
بل إن المطالبة بالتعديل لبعض الفقرات كانت تتم بالتليفون المحمول من جانب مبارك الأب علي إعتبارها أنها أوامر رئاسية وكأنها إلهية يتوجب علي رئيسي مجلسي الشعب والشوري والأعضاء تنفيذها في الحال دون تفكير , أليست هذه هي الحقيقة ؟ وأليس هذا ماحدث بالفعل ؟!!
إن من يتصرف بهذا الشكل لايمكن إلا أن يكون نبي أو رسول يوحي إليه من قبل السماء بما يؤمر به من وحي وتعاليم سماوية , وأعتقد أن مبارك الأب قد إعتقد أنه نبي أو رسول يأتيه وحي السماء وهو في غار حراء المصري , من جانب الخٌص الأيمن بمحافظة المنيا بقرية من قري صعيد مصر حينما جالس أحد المواطنين وتجرع معه أكواب من الشاي صناعة الأمن المرافق له علي زعم أنه يمكن أن يثبت في مخيلة الشعب المصري أن هذا الأمر قد يخال عليه بالتصديق !!
بصراحة : أعتقد أنه من الأحري والأجدي وحفاظاً علي ماء وجه رئيسي مجلسي الشعب والشوري وأعضاء المجلسين من الحزب الوطني الحاكم رئاسة مبارك الأب , من الأجدي بهم أن يفوضوا الأمر في تعديل التعديل للمادة 76 من الدستور إلي مبارك الأب وذلك بالذهاب إلي مأموريات الشهر العقاري والتوثيق ويحرروا توكيلات لمبارك الأب يقروا فيها بتوكيله وتفويضه في الذهاب إلي مجلسي الشعب والشوري منفرداً دون هؤلاء الأعضاء ليقوم هو بنفسه بتعديل التعديل الذي يراه مناسباً حسب إرادته المنفردة ودون الرجوع لهؤلاء الأعضاء في أي أمر من أمور التعديل أو التقنين أو التشريع أو سن القوانين واللوائح والتشريعات حتي لايتحرجوا من أنفسهم أمام أنفسهم وأولادهم وزوجاتهم بل وامام الشعب المصري ؟!!
وبذلك نقوم بتوفير الملايين من الجنيهات والتي يتم إنفاقها علي حضور اللجان وبدلات السفر والإقامة وبدل اللجان لأعضاء مجلسي الشعب والشوري ونوفر الملايين التي يتم إنفاقها علي الإشراف علي الإستفتاء علي تعديل التعديل للمادة 76 من الدستور , ويتم إنفاق هذه الملايين علي مياه الشرب التي أتحدي مبارك الأب إن كان يستطيع أن يشرب منها كوب واحد من المياه التي يشرب منها الشعب المصري , تلك المياه التي يتعاطاها الشعب المصري كما يتعاطي المريض الدواء دون رغبة منه في شفاء , لأن هذه المياه لأتصيب الشعب المصري بالأمراض فقط ولكنها تفسد عليهم صلاتهم لأنها تنقض الوضؤ من الأساس !!
بل ويتوجب علي شيخ الأزهر ومفتي مصر أن يعلنا بكل صراحة ودون خوف أو وجل من الجماعات الدينية السلمية والسياسية والإرهابية منها , أن حسني مبارك ملهم بوحي من السماء , وهذا الوحي يأتيه في مكمنه بغار شرم الشيخ , وأحيانا حينما يحج في غار حراء ومن ثم لايجوز الإعتراض عليه أو مراجعته لأنه اصبح يمثل المقدس الذي يأتيه الوحي من السماء , وأن كل أفعاله أو تقريراته أو أقواله أو حتي خيالاته تعتبر من الأمور المقدسه التي يحرم الإعتراض عليها أو حتي مناقشتها فالمقدس لايناقش ولا يجري عليه التغيير والتبديل من أي مواطن كائناً من كان قدره ومقداره , إن كان للمواطن قدر ومقدار !!
ومن هنا فإن من حق السيد الرئيس , عفواً المقدس الذي يأتيه وحي السماء , أن يعدل الدستور أو لايعدله أو يقوم بإلغائه وإلغاء كافة القوانين والتشريعات مادام يأتيه وحي السماء فهو صاحب الكلمة الأولي وهو من له حق التشريع وتطبيق الأحكام !!
ولكن الأزمة تكمن في وجود أقباط مصر علي أرض مصر وتكمن في الأنبا شنودة , الذي يتوجب علي مبارك الذي يأتيه وحي السماء ويمثل خليفة المسلمين أن يفرض الجزية علي الأقباط , وإن رفضوا فليأمرهم بالبحث عن وطن آخر وإلا فليقبلوا بعقد السلم الذي بوجبه يتم دفع الجزية لخليفة المسلمين مبارك الأب وإلا فالرحيل واجب !!
وفي حالة موافقتهم علي الجزية فهل ياتري سيتم تعيين صفوت الشريف شيخاً للأزهر ؟ أم وزيراً للأوقاف ؟
وهل سيتم تعيين كمال الشاذلي وزيراً للعدل ؟ ونبيل لوقا بباوي وزيراً للأديان ؟
وباقي الوزراء ياتري ماهي الوزارات التي ستتوقف عندها إرادة من يأتيه وحي السماء لتعيينهم في مملكته الإلهيه صاحبة العصمة من الوحي وإرادة السماء ؟!!
بكل صراحة ودون مواربة في الكلام : نحن جموع الشعب المصري , وجموع الجماهير الغاضبة , لانريد تعديل التعديل للمادة 76 هذه ولانريد تعديل الدستور بكامله , ولانريد إستقلال القضاء , ولانريد تفعيل مبدأ الفصل بين السلطات , ولانريد محاكمة الفاسدين , ولانريد إلغاء قوانين الطواري والقوانين الإستثنائية والمقيدة للحرية , ولانريد إنتخابات حرة ونزيهة , ولانريد الإفراج عن المعتقلين , ولانريد العدالة الإجتماعية , ولانريد عدالة توزيع الثروة القومية , ولانريد الكرامة والحرية , ولكن أعز مانريد هو رحيل حسني مبارك , فبالرحيل تكون العزة والكرامة وتكون الحرية لمصر والمصريين !!
ولاعزاء لكم في تعديل التعديل فالوحي لن ينزل من السماء وقد إنقضي أمره ولن يكون هنا في مصر غار ثور أوغار حراء !!
محمود الزهيري
عضو اللجنة التنسيقية للحركة المصرية من أجل التغيير . كفاية .
منسق حركة كفاية بمحافظة القليوبية
عضو لجنة التنسيق بين الأحزاب والنقابات والقوي السياسية بمحافظة القليوبية
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟