أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - كل سنة وأنت طيب يا بابا














المزيد.....

كل سنة وأنت طيب يا بابا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7649 - 2023 / 6 / 21 - 11:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كالعادة مرَّ بالأمس "عيدُ الأب" دون أن ينتبه احدٌ! "الأحد الثالث من شهر يونيو" من كلّ عام، هو اليومُ العالمي للأب. وأُهدي هذا المقالَ لأبي المتصوّف الجميل الذي علّمني أن أُحبَّ جميعَ خلق الله، دون استثناءَ ودون حساباتٍ ودون سبب. لأن حبَّ "الخَلقِ" فرعٌ من حُبِّ "الخالق" ودليلٌ عليه. في طفولتي كان أبي يقول لي: الأسرةُ الصغيرة تسكنُ في المنزل، والأسرةُ الكونية تسكنُ الكون. ولهذا فجميعُ البشر أسرةٌ واحدة. فتعلّمتُ أن أذهب إلى مدرستي كل صباح لألتقي بأشقائي التلاميذ، وأمهاتي وآبائي المعلماتِ والمعلمينِ والدادات والسُّعاة وحرّاسِ البوابات وسائقي باصات المدرسة. وتعلّمتُ أن أبتسمَ في وجه جميع مَن ألتقي بهم في الطريق، فهم جزءٌ من أسرتي الكونية، وإن كنتُ لا أعرفُ أسماءهم. والحقُّ أن هذا هو أعظمُ درسٍ علمنيه أبي، وإن لم يعلمني سواه لكفاه. لهذا أُهدي حبي ومقالي عن "عيد الأب" إلى جميع آبائي الروحيين الذين علّموني ودعموني على مدار حياتي، وإلى أبي الحقيقي "أجمل أبٍ في الدنيا". وأعلمُ أن العديدَ مَمن يقرأون الآن هذه العبارة يهمسون سرًّا أو يهتفون جهرًا: “بابا هو أجملُ أب في الدنيا!” وبهذا فالمقالُ مُهدًى لكل هؤلاء وأولئك. كل عام وكلّ أبٍ حنون وداعم لأبنائه، بخير.
جميعُ الأدبيات في ثقافات العالم "دلّلت" الأمَّ ووضعتِ "الأمومة" دُرّةً على تاج العلاقات الإنسانية. وجميع العقائد والأديان والفلسفات الوضعية كرّمتِ "الأمَّ" وأسكنتها المكانةَ الأرقى بين البشر. وقصائدُ الشعراء، ورواياتُ السُّرّاد، والأغنياتُ، والأمثالُ الفولكلورية، والدراما، وغيرها من همساتِ البشر في آذان البشر، أوسعتِ الأمَّ كتابةً وتصويرًا وتمجيدًا وتخليدًا. وهي دون شكّ تستحق كلَّ هذا وأكثر. فالأمُّ رمزُ الإيثار، وهي منذورةٌ لأعسر وأجمل وأشقّ وأنبل مهمة بيولوجية وإنسانية يؤديها كائنٌ حيّ تجاه كائن آخر. أن يَخلُصَ من جسدها جسدٌ، ومن نفسِها نفسٌ، ومن قبلها قلبٌ، ومن روحها روحٌ، مثلما تتشقّقُ زهرةٌ وتتقشّر أنسجتُها ليُشرق منها برعمٌ وليد. ثم لا تكتفي الأمُّ بهذه المُعجزة الفريدة، بل تُكملُ دورَها القدسيَّ  في إنبات ورعاية براعمها؛ حتى تستوي الزهورُ على أغصانها، تسرُّ الناظرين.
وفي أثناء الرحلة، يُنسَى الأبُ. وقلّما يتذكرُ أنه يُنسى. يتواضعُ عن معرفه مكانه ومكانته. لماذا؟ لأن الأبَ كذلك يدورُ في فَلك أمّه. فقد كان هذا الأبُ طفلا يحبُّ أمَّه ويرتمي في حضنها إن غاضبه طفلٌ مشاكسٌ، أو نهره الأبُ، أو عنّفه المعلم. مبكرًا علّمته الحياةُ/ "الأمُّ" أنه سوف يأتي بعد الأم، حين يصبح مع الأيام أبًا. والشاهدُ أن الأبَ الحقيقيَّ لا يعبأُ بالتكريم، بل يهتمُّ أكثرَ بتكريم الزوجة التي صارت في بيته أُمًّا، أنجبت أطفاله وأنشأتهم التنشئة الحسنة. الأبُ الكريمُ لا يشعرُ بالأبوّة لصغاره وحسب، بل كذلك للجميلة التي جعلته أبًا، وصارت لصغاره أمًّا.
"عيدُ الأب" للآباء الحقيقيين الذين يستحقُّون التكريم، لا الآباء الذين ينجبون عديد الأطفال، كأي كائن حي، ثم ينسون صغارَهم فيما ينسون، ويتركون عبئهم للدولة. أهدي هذا المقال مع باقة زهر لكل أب يرعى صغاره حتى يصيروا رموزًا يفخرُ بهم هذا الوطن الطيب، ويحبُّ ويحترم ويحتوي زوجتَه، تلك الجميلة التي حملها إلى بيته صَبيةً صغيرة، فصارت في بيته أُمًّا يلتفُّ حولها صغارُه.
دعوني أقصُّ عليكم حكاية: "عيد الأب"، وكيف نشأ. صبيةٌ أمريكية طيبة اسمها "سونورا لويس سمارت دود" ولدت عام 1882، وقبل بلوغها عامها السادس عشر، رحلت أمُّها وهي تضعُ طفلها السادس، ليتولّى أبوها المزارع البسيط مسؤوليتها وأشقائها الخمسة، وحيدًا. كانت تستمع في أحد الآحاد من عام 1909 إلى عظة دينية عن "عيد الأم”. فوخز قلبَها أن الحياةَ نسيت أباها العظيم الذي كان لأسرتها أمًّا وأبًا يعمل في الحقل ويطهو لهم الطعام ويغسل ملابسهم ويسهر على استذكارهم. فما كان منها إلا أن كتبت عريضة مطولة تكلمت فيها عن مكانة الأب في حياة أطفاله، وأوصت في نهاية عريضتها بتخصيص يوم للاحتفال بالأب، أسوةً بعيد الأم العالمي الخالد، العابر للجغرافيات والأزمان.  واقترحت "سونورا" أن يُدشّن عيدُ الأب يومَ عيد ميلاد أبيها. قدمت الفتاةُ العريضة للائتلاف الحكومي لمدينة سبوكين، فأيدت فكرتَها بعضُ الفئات المجتمعية في ولايتها. وفي العام التالي احتفلت مدينة "سبوكين" بولاية واشنطن بأول عيد أب في العالم يوم 19 يونيو 1910. ثم جاء عام 1966 ليُصدر الرئيسُ الأمريكي "ليندون چونسون" مرسومًا رئاسيًّا بأن يكون "الأحدُ الثالث من شهر يونيو"، هو العيد الرسمي للأب. ورغم مرور أكثر من قرن على تشدينه، يظلُّ عيدًا خجولا يأتي ويمضي على استحياء، دون أن يتذكره أحدٌ.
كل عام وكلّ أبٍ "حقيقي" بخير وفرح.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماجدة صالح … الفراشةُ التي طارت!
- عيد ميلاد -المصري اليوم- … طيارة ورق
- المرأة … والدولفين!
- جولة في المتحف المصري الكبير
- ابتسامة جورج وسمير… وجميلتان!
- فكأنما أحيا الناسَ جميعًا
- أنا أنتظرُ … إذن أنا موجود!
- السلامُ … والنور
- أنت مصري؟ سلِّم على -عادل إمام-
- الناجحون … ماذا يضعون على رؤوسهم؟
- طاووسيةُ الموسيقارِ الجميلةُ
- فضيلةُ الحذف ... والبخل في الكلمات
- سكنتُ على مقربةٍ من هذا العظيم!
- صانعُ الجُرم … والمشيرُ إليه!
- جميعُنا: ذَوو احتياجات خاصة
- رسائل جعفر العمدة
- غنّيتُ مكّةَ … وأعزَّ ربي الناسَ كلَّهمُ
- انشطارُ واجهةِ الهرم... في عيد الحياة
- أفطروا بأمانٍ … فنحن نحمي الوطنَ!
- سعفةُ نخيلٍ خضراءُ … من أجل مصرَ


المزيد.....




- مقتل قس و6 من القوات الروسية ومسلحين اثنين بعد هجمات على كني ...
- -هجمات منسقة- على كنيس لليهود وكنيسة في داغستان.. شاهد ما حد ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف مواقع وسفن في ميناء حيفا ا ...
- -المقاومة الإسلامية بالعراق- تستهدف هدفين حيويين إسرائيليين ...
- “هتسلي و هتفرحي بها عيالك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- خدع والده.. قصة اقتحام طفل للملعب والتقاط -سلفي- مع رونالدو ...
- الصهيونية الدينية على -تيك توك-.. هكذا شُرّعت الإبادة في غزّ ...
- مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى
- المقاومة الإسلامية بالعراق تعلن قصف هدفا حيويا في إيلات
- سلى أطفالك ونزلها.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بأعلى ج ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - كل سنة وأنت طيب يا بابا