أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - كأنّهَا صُورَتُكَ في عَسَفِ آلظَّلاَمِ















المزيد.....

كأنّهَا صُورَتُكَ في عَسَفِ آلظَّلاَمِ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7648 - 2023 / 6 / 20 - 16:22
المحور: سيرة ذاتية
    


1_كآلتماعة فجـر...
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أبـي لم يغادر آلبلدة إلا بعد أنْ تيتم ووجد نفسه وحيدا مفردا محاطا بأشداق نهمة تفترس آلثرى في أرضه وآلثريا في عليائه وزواحف طفيليات كثيرة تأكل من أحشائه الضامرة .. تزوجت أمه _ في سنوات البون والجوع وأمراض الوباء _ هاربة بجلدها المتبقي لاجئة إلى قبيلة أخرى (غَرْ ييشت ياطْ نتخامتْ) إلى خيمة أخرى، وفر هو ناجيا ببقايا مصير مُشرع على كل الاحتمالات بعد أنْ حاصره الأحباب وضيق عليه معيش يومه الأقارب قبل غيرهم بإذلالهم ومحاولتهم تطويعه بجعله خادما عبدا خاضعا مهانا لا يصلح إلا للسخرة (سِيـرْ غَرْدا سِـيييرْ غرديهاتْ) (١) .. دون تقدير أو آحترام أو شفقة أو رأفة أو مراعاة سن طفولته اليافعة ويتمه الأبوي المبكر .. لم يفكر أحدٌ في صرخة الفقيد حديث الوَفاة .. "هاااالعارْ خُونكَّاااارْ ..!!.." .. كذلك قالت آلحياة كتَب كناشها ونبست عمتي حكتْ لي كيف غادر شقيقها الدشر ذات صباح باكر وقد حمَّلوه في يديه الصغيرتين النحيلتين المنتفختين المشلوحتيْن المُدماتيْن من شدة قَر جليد ليالي ريح شرقية لا ترحم (سُوشَرْقي سألهلوه نوجريس) رسالةً من مقدم البلدة خادم إدارة فرنسا إلى القايد ممثلها في مركز دائرة تاهلا، وشرع الفتى الضامر يعرج يتموج في عقبات هضبات (تيغرضين) المحجرة الناتئة الوعرة وواد (أغْزَرْ نتمَدّا) وأجمات الريح الهادرة بعويل لا يطاق (إيسَكْلا وَاطو)، لَمْ يتوان لم يتردد تجاوز قمة الجبل (أجَنّـى يِيشْ) مُصَهدا معرقا مجبرا يتوغل في غيابات غابااات كان الوحيش فيها يترع يقطع الطريق، وغاب وذاب في سهول وبطاح (الشعرا أغبال إيمي اللبشم آيت مشود واد بوسبعا بوعسكر باب تازا وادْ الجَّمْعَة باب لوطا (كانت تنطقها عمتي باب يُوطَا أي العثرة والسقوط أثناء المشي لصعوبة المسالك) كهف الطبال تاقليحت نايت على الزراردا و .. و .. وآختلطت الأمكنة والتضاريس بأسماء يعرف بعضها وأخرى تجهلها رأسه الصغيرة عديمة الحيلة والتجربة الملسوعة بسياط آفعل لا تفعل ووو.. خَرقَ المنعرجات دارَى المنحدرات ناور هضبات بفجاجها بخطى تخب ملهوفة خائفة متربصة مستعدة مترقبة لأسوء أخطار الغيلان التي في الجوار، حتى إذا وصل وأوصل أمانة الذين سخروه إلى أصحابها قفل راجعا إلى بلدته بلهفة غامرة جائعة متعطشة عامرة بحب ملتصق برحم التراب والأرض .. وفاضت أودية وآنقطع الطريق عن الطريق، وأصر الفتى الرجل قبل الأوان على خوض الغمار، فكادت روحه تفيض تغرق لولا ألطاف الله؛ وآنبثقت الفكرة في قلبه كآلتماعة فجر بعد طول ظلام، هذا الوضع لا يمكن أن يستمر .. لابد مما ليس له بد .. لا بد أن يفعلها .. لابد أن يكون مصيره بيده .. لا بد أن يثبت يقرر ويحسم ويَهم .. لا مجال للتفكير .. لا بد يمسك مصيره بيديه .. لا وقت للخوف والتردد والانتظار .. لا مكان للعيش في بلدة يُهانُ فيها الحُر في مهن السخرة الماسخة القاتلة للكرامة .. كل شيء غدا واضحا في ذهنه وبصيرته، والبلدة لم تعد بلدة أمان لأمثاله (تامورت ورتدويل تِينْ لامَانْ) ... ورحل دون يخطر أحدا عاريا إلا مما يرتديه البدن المجدور من أسمال مهلهلة فضفاضة، غادر خلسة من قوم يطوقون رقبته يشدون الوثاق، حتى شقيقته الكبيرة التي آطمأن عليها بعض الشيء بعد زواجها في وهدة (اللملامـا)، لَمْ يقل لها شيئا .. لقد قالت لي كل ذلك، وروت الكثير والكثير من أوجاع القلب والرأس موصية إياي بالجدية والصرامة في الدراسة (تْهَـلا دي تامغيرتْ نش) من أجل إنقاد نفسي من براثن تربص سَعَالي آلحياة .. داغيا آوما أتمقرت أتدولتْ داركاز سالخدمت تمقرانتْ حُـومَـا آنْراحْ غـر الحج نتش دباباش ديماش دونشت قاع (٢) .. هههه ... وتضحك عمتي ضحكات من القلب صادقة تلألأ لها أسنانها الصناعية بعد أن ذهبت الطبيعية أدراج الريح العاتية في وقت مبكر من عمرها الخالي .. آه أتَذَكَّرُ آلآن كل ذلك كملامح طيفك _ يا أبي _ في غسق آلظلام ...

2_ يَقْطَا وَاوَالْ...
ــــــــــــــــــــــــــــ
لقد تم آستخدام طفـل بالكاد يستبدل أسنان آلحليب _ وهذه ليست كناية أو مبالغة _ ليوصل رسائل (تيبراتينْ) شفهية وكتابية للقايد أو للمخزن الفرنسي هناك في تاهلا أو مغراوا أو أهرمومو رغم تضرعه المتكرر بعدم آستطاعة مواجهة طرق الغابات وآلأحراش المليئة بالأخطار .. ماذا يمكن أن نسميَ مثل هذه السخرة التي ما إنْ تجد مسلكا لأحد حتى تطوقه بأسياخها المكبلة للحرية وتحمله ما لا يُطاق من أوامر افعلْ ونواهي لا تفعلْ .. أَ لِأنَّه كان يتيما ولا عِتْرة حقيقية تدافع عنه يسمح لنفسه (المقدم) فعل ما يشاء بمصيره، وعبثا يفرّ الفتى إلى أمه بتعلة رؤيتها وحفظ القرآن في جامع (تمزكيدا) نْ آيت عبدالحميد، وعبثا تَعَللَ بآنشغاله بفريـق الكرة الذي أنشِئَ حينئذ من طرف الإدارة الفرنسية يضم لَفيفًا من أولا البلد (طاروى نتمورت)، بل لهذا السبب كان يُرسَلُ لأقصى البقاع _ بمفهوم المسافة آنذاك _ (يَـكُّـورْ خوطار سْشَا نتدربالتْ) يهرع مشيا على أقدام حافية مدثرا بكسوة دربالة مهلهلة لا تحميه العراء ولا القر ولا قيبح النظرات، سْ لَحْفَـا يتالي يَطَّارْ يعبر الفجاج والبطاح يقطع آلأودية الفارغة والعامرة وجميع آلأنهار التي تكون عادة يابسة صيفا وتغدو لا يُحتمل وطيسُ فيضانها وطميها خلال ليالي الشتاء التي لا ترحم حيث الماء يبلغ الركاب ويغمر الرقاب .. ويمكن من جهة أخرى، اعتبار تبليغ المقدم عنه الإدارة الفرنسية بصفته لاعب كرة قدم (يَتُورار تاشورت) ترشيحًا برمية من غير مقصد أتت بها آلأقدار على غير تخطيط من أحد لتكون هذه اللعبة مدخلا وسببا رئيسا لخلاصٍ سيأتي قريبا عندما سيفر الرياضي الصغير إلى سربيسْ التجنيد في بلدة "إيمُوقْريصاتْ" القريبة من مدينة (وَزَّانْ) ليس لديه من عوامل تُـقوي بلوغه الهدف سوى خفة حركاته وفروسيته التي يُضربُ بها الأمثال في بهلوانياتها وإتقانها ليخرج نهائيا من دائرة حكم عون قرية (الفحص) إلى دائرة حكم أكبر لا يمكن لنفوذ المقدم أو الشيخ أو ما شابه من الأتباع أنْ يبلغه.. وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الحكيــمــ .. يَقْطا وَاوَالْ (٣) انتهى الكلام .. لقد نَجَــا ..آه.. أتَذَكَّرُ كل شيء كأن تلك آلعوالم المغلقة على نفسها صورتك _ يا أبي _ في لُجج آلظلام ...


☆ترجمات :
١_سِيـرْ غَرْدا سِـيييرْ غرديهاتْ : اذهب هناك اذهب هناااالك
٢_ داغيا آوما أتمقرت : ستكبر سريعا يا عزيزي
_ أتدولتْ داركاز : ستغدو رجلا يافعا
_ سالخدمت تمقرانتْ : بوظيفة عظيمة
_ حُـومَـا آنْراحْ غـر الحج نتش دباباش ديماش دونشت قاع : من أجل أن نحج جميعنا أنت وأنا وأبوك وأمك وجميع الأنام
٣_يَقْطَا وَاوَالْ : انتهى الكلام



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تِيسِيلَا نَلْگامُوسْ
- قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ فَأَوْدَتْ بِهِ آلَّلعَنَات
- تَامَرْجُولْتْ (رتَاج)
- آحَرُّودْ (طِفْل)
- مُمَانَعَةُ آلْقَمَر
- قطاف
- هَلُمَّ التَّو السّاعَة العَجَل
- دَمُ شَاعرٍ
- مُدَرسونَ نحنُ لسنا مطافئ
- غُودَااانْ / الصّبيحُون
- طابق الكرودا Tabak Lagroda
- مثل أرزية سامقة
- مُجَرَّدُ حَادِثٍ كَانَ يَعْبُرُ آلسَّبِيلَ
- لَمّا
- أنامل تنسج أنوار آلقمر
- فَعَلْتُهَا وَأَنَا مِنَ آلضَّالِّينَ
- مُوتْ لَارْضْ
- آدْيَاوِي المُوزيطْ نَغْ آدْيَاسْ دي المُوزِيطْ
- وَحِيدًا يَخُوضُ غِمَارَ آلْيَخْضُور
- آرَّتْ لْبَالْ


المزيد.....




- السعودية تعلن عن إجمالي عدد الوفيات خلال الحج هذا العام.. غا ...
- لحظة بلحظة.. تفاصيل وتداعيات هجوم قوات كييف على سيفاستوبول. ...
- جرحى إسرائيليون بهجوم صاروخي لحزب الله على موقع المطلة
- رسميا.. السعودية تعلن ارتفاع عدد الوفيات بموسم الحج
- شاهد: سفن محملة بالمعونات الإنسانية ترسو على الرصيف العائم ق ...
- سيلفي مع رونالدو- تشديد إجراءات الأمن ضد مقتحمي الملاعب بأمم ...
- ردع حزب الله لإسرائيل.. معادلة منع الحرب
- ضجة في إسرائيل بعد انتشار مشاهد -صادمة- لنقل جريح فلسطيني عل ...
- قديروف عن الهجمات الإرهابية في داغستان: ما حدث استفزاز حقير ...
- ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإرهابي الأوكراني على سيفاستوبول إل ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - كأنّهَا صُورَتُكَ في عَسَفِ آلظَّلاَمِ