أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - لا تستغربوا أي شيء من الكيانات الفاشلة















المزيد.....

لا تستغربوا أي شيء من الكيانات الفاشلة


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 7646 - 2023 / 6 / 18 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكيانات جمع كيان؛ والكيان تعبير عن الكينونة التي تعني الوجود الفعلي أو الافتراضي لذات فردية أو جماعية، مادية أو معنوية. وبمعنى آخر، فالكيان قد يطلق على شخص (فرد) أو على مجموعة أشخاص، سواء كانت هذه المجموعة محدودة العدد (كالأسرة، على سبيل المثال) أو متمددة عموديا وأفقيا (كالمجتمع، مثلا). والمجموعة المتمددة قد تتفرع إلى كيانات لها هويتها الخاصة، القانونية والاجتماعية والثقافية وغيرها. ويمكن أن نضرب المثال لهذه الحالة بالدولة أو الحزب أو المنظمة المهنية أو المؤسسة الاقتصادية أو الجمعية الحقوقية أو الثقافية أو الرياضية أو غير ذلك. كما أن هذه الكيانات قد تتوحد في كيان جماعي كالاتحادات المهنية (الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، على سبيل المثال) واتحادات الدول (الاتحاد الأوروبي، مجلس التعاون الخليجي، أو غيرهما من الاتحادات الإقليمية).
والكيان، سواء كان فرديا أو جماعيا، قد يكون ناجحا وقد يكون فاشلا. وما يهمنا في هذا المقال، هو الكيانات الفاشلة بنوعيها الفردي والجماعي. ولن نعدد الأمثلة؛ كما لن نذهب بعيدا عن منطقتنا. فلنا في جارتنا الشرقية أفضل مثال؛ إذ يقدم لنا النظام الجزائري نموذجا حيا للكيان الفاشل، إن على المستوى الفردي (عبد المجيد تبون كأول شخصية في البلاد، على سبيل المثال) أو على المستوى الجماعي (النظام بكل مكوناته ومؤسساته المدنية والعسكرية، وبكل أزلامه وأبواقه، بما في ذلك الذباب الإليكتروني المجند للتهجم على المغرب وكل العبط من النخب والعامة الذين يطبلون ويزمرون للفشَلَة والكَذَبة). ولن نجانب الصواب إن قلنا بأن الفشل في الجزائر قد أصبح هيكليا؛ وذلك بسبب النظام العسكري المتحكم في مفاصل الدولة والجاثم على صدر المجتمع. ويقدم لنا الإعلام الرسمي وغير الرسمي أسطع مثال على الانهيار الأخلاقي الذي يعكس مدى تدني القيم الإنسانية في هذا البلد ومدى الانحطاط الذي وصل إليه. أليس هذا أقوى دليل على الفشل؟ وأنصح القارئ بالاطلاع على عمود "كسر الخاطر" ليوم الاثنين 12 يونيو 2023، لصاحبه الأستاذ عبد الحميد جماهري، مدير النشر والتحرير بجريدة "الاتحاد الاشتراكي "؛ وهو بعنوان "ليت أبا جهل كان رئيس تحرير، بل رئيس دولة الجزائر!". إنه مقال قوي جدا مبنىً ومعنىً في رده على إعلام القذارة والخسة والنذالة.
ونقترح على المتخصصين في علم النفس الاجتماعي والمهتمين بالسلوك الإنساني، وبالأخص ما يتعلق بردود الأفعال، أن يدرسوا الظواهر النفسية والاجتماعية التي تعبر عن نفسها بشكل ملفت في المجتمع الجزائري. فالجزائري عادة ما يصف نفسه بأنه صاحب الدم الحامي وبأنه راجل وفحل وصاحب النيف؛ وعبد المجيد تبون يصف الجزائر بالقوة الضاربة التي يركع لها الجبابرة في العالم وغير ذلك من العنتريات الفارغة؛ ناهيك عن التعالي والتباهي...وصدق عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري السابق، في وصفه للجزائريين بالزلط والتفرعين.
وما يثر الانتباه، هو أن الجزائري الذي نتحدث عنه لا يشعر بأي حرج في الانتقال من النقيض إلى النقيض. فهو، من جهة، يدعي القوة وعزة النفس وغير ذلك من صفات التفرعين؛ ومن جهة أخرى، يقبل بالخنوع ويرضى بالتّْبرْديع. ولا يجد أي غضاضة في تقمص دور الضحية والجهر بالشكوى من الاستهداف الخارجي (نظرية المؤامرة)؛ كما أنه لا يتوقف عن التباكي وادعاء المظلومية.
ونسجل بغير قليل من اليقين بأن هذه السلوكيات تهدف إلى التستر على الفشل، فإذا بها تكشفه وتعريه. فادعاء القوة، على سبيل المثال، هو دليل على الضعف؛ ذلك أن القوي الحقيقي لا يتبجح بقوته، وإنما يستعملها عند الضرورة. ويمكن الجزم بكل ثقة بأن النظام الجزائري وأبواقه يتجرعون الفشل في كل شيء، إن على المستوى الشخصي أو على المستوى الجماعي والمؤسساتي.
ونظرا للظواهر النفسية والاجتماعية المستشرية في البلاد بسبب سياسة النظام، فإن الجزائر تصلح لأن تكون مختبرا لمختلف العاهات النفسية. ولن يجد المهتمون بدراسة سيكْولوجية الفاشل أفضل وأنسب من هذا المختبر الكبير الذي يوفر كل العينات المطلوبة. فلن يضطر الدارسون إلى الوقوف لساعات طويلة في طوابير لا متناهية (كما يفعل أطباء الأسنان للحصول على حصة من البنج)، للضفر بعينات مستوردَة؛ ذلك أن البلاد تعاني من الفائض في الحالات النفسية والعاهات الاجتماعية، على عكس ما تعانيه من ندرة مزمنة في المواد الغذائية الأساسية ومن نقص مهول في الأخلاق والقيم الإنسانية.
وإذا أردنا أن نفهم عقلية الجزائري، فيكفي أن ننظر إلى سلوك رئيس الجمهورية وكل الذين يدورون في فلك النظام. فما يميز هؤلاء من الرئيس إلى الوزير والغفير وصولا إلى المُبَرْدَع المقهور وصاحب القلم المأجور، هو قلة الحياء وقمة الغباء. فهم لا يخجلون من أنفسهم ولا يستحيون من فضائحهم. إنهم يلجئون إلى ادعاء بطولات كاذبة ويختلقون الأكاذيب للتغطية على فشلهم؛ لكنهم حتى في الكذب، فهم فاشلون بامتياز؛ ذلك أن أتْقَنَ كذبة للرئيس عبد المجيد تبون أو للمخابرات الجزائرية أو الإعلام الجزائري (إعلام الصرف غير الصحي)، لا تعمر أكثر من أربع وعشرين ساعة؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر تسريب خبر عن لقاء وهمي بين المخابرات المغربية والإسرائيلية والفرنسية في تل أبيب لوضع خطة لزعزعة استقرار الجزائر. ورغم انفضاح الأكاذيب وتكرار الفضائح، فلا أحد يخجل من نفسه.
فلا غرابة، إذن، في أن يعم الفشل في البلاد. ويكفي أن نشير إلى الفشل التنظيمي للتظاهرات الرياضية التي احتضنتها الجزائر، وفشل القمة العربية التي انعقدت على أراضيها وفشل الزيارات التي قام بها عبد المجيد تبون مؤخرا إلى خارج البلاد (البرتغال وروسيا)؛ ناهيك عن توالي الهزائم الديبلوماسية. لكن الإعلام الجزائري يكابر ويتحدث عن النجاحات الوهمية؛ كما أن هذا الإعلام يمثل سيكولوجية الفاشل بامتياز، فيقدم لنا نموذجا صارخا في الفجور والفسوق.
ولندرة النجاحات، فإن البلاد تتمسك بأية قشة مهما كانت هشة وعديمة القيمة. ولنا في المقعد غير الدائم بمجلس الأمر للفترة ما بين 1 يناير 2024 و31 دجنبر 2025، خير مثال. لقد احتفى النظام الجزائري وإعلامه بهذا الحدث البسيط، فهللوا وطبلوا له باعتباره نصرا ديبلوماسيا كبيرا؛ بينما العالم يعلم بأن لا أحد نافس الجزائر على هذا المقعد. فللمجموعة الإفريقية في مجلس الأمن الدولي مقعدان غير دائمين؛ وترشح لهما سيراليون والجزائر لشغل هذين المقعدين خلال الفترة المشار إليها في السطر الثاني من هذه الفقرة. وقد احتلت سيراليون المرتبة الأولى والجزائر المرتبة الثانية. ولم يكن هناك لا نصر ديبلوماسي ولا يحزنون. وللإشارة، فقد سبق للجزائر أن كانت عضوا غير دائم في مجلس الأمن لأكثر من مرة. فلم كل هذه الهالة؟ إنه الفشل الهيكلي يا سادة. ولم يخجل تبون من شكر بوتين (رغم أن لا يد له في ذلك) على مساعدته للجزائر في الحصول على هذا المقعد الذي لن يغير شيئا من الصورة الباهتة التي أصبحت عليها حظيرة الكبار في عهد الجزائر الجديدة.
خلاصة القول، نحن المغاربة لا نستغرب أي شيء من جيراننا؛ بما في ذلك التهور والإقدام على خطوة يحاول بها النظام العسكري، من جهة، أن يغطي على فشله؛ ومن جهة أخرى، لسياقة القطيع وإلهاء الشعب عن مشاكله الداخلية. وما ادعاء قطع العلاقات الجوية تجنبا للحرب، إلا رد بليد على اليد الممدودة من قبل ملك المغرب.
مكناس في 18 يونيو 2023



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تجد هذا العبط والغباء والعبث إلا في الجزائر
- عن فضيحة قناة الجزيرة القطرية
- شتان بين البحث عن الحقيقة وبين العمل على طمسها
- السفيه ينطق بما فيه
- تحذير من العدوى بالغباء
- الغباء في الجزائر وراثي أم مكتسب؟
- قُلتها وأُكررها: ستتعبون كثيرا، أيها الأغبياء، مع المغرب وبس ...
- المفلسون في المتاجرة بالقضايا الكبرى المشتركة: الجزائر و-الب ...
- الجزائر من الحراك الشعبي إلى الاستسلام للطوابير
- المطالبة بالإبقاء على الحدود الموروثة عن الاستعمار دعوة لطمس ...
- إلى -أبطال حظيرة الكبار-، أبواقا ونخبا عبيطة: ستتعبون كثيرا ...
- الاغتناء من الأزمات إثراء غير مشروع
- دور فرنسا في السقطة المدوية للبرلمان الأوروبي
- الجزائر وأزمة الهوية
- ماذا يوجد في دماغ إعلاميي الجزائر؟
- مونديال قطر وتجليات -تمغربيت-
- بعد نجاح مونديال قطر، هل ستراجع الفيفا قرارها بشأن مونديال 2 ...
- فرحة الشعب الفلسطيني بأسود الأطلس عَرَّت حقيقة تجار القضية ا ...
- هل أتاكم حديث دولة تعاقب مواطنيها بسبب تعبيرهم عن الفرح؟
- الفرحة أصبحت مغربية ولا عزاء لأعداء الفرح


المزيد.....




- مقتل يحيى السنوار.. ما عليك معرفته من التعرّف عليه عبر سجل ا ...
- قبرص: حريق في بافوس يتسبب في تدمير جزء من مبنى تاريخي يعود إ ...
- الحزن يعم بوينس آيرس: عشاق باين من فرقة -ون دايركشن- يودعون ...
- أبرز 4 أهداف في -الضوء الأحمر- ضمن قائمة الضربة الانتقامية ا ...
- الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة ضد شبكة -لتمويل- الحوثيين ...
- برلماني أوروبي: الدعم لنظام كييف قد ينخفض إذا فاز ترامب
- بعد اغتيال السنوار.. الجيش الإسرائيلي يحدد هدفه التالي
- نتفليكس تتوقع مضاعفة أرباحها بعد إضافة 5 ملايين مشترك جديد
- حقيقة فيديو حريق في ثاني أكبر مصفاة نفط إسرائيلية
- قارنت ردة فعله بصدام حسين.. إيران تعلق على مقتل يحيى السنوار ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - لا تستغربوا أي شيء من الكيانات الفاشلة