|
لا إكراه في الدين - الحرية في دين الله ( توطئة )
محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ
(Mohamed Wagdy)
الحوار المتمدن-العدد: 7645 - 2023 / 6 / 17 - 10:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما نعلمه وظاهر لدينا من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ووسائل التواصل الاجتماعي بأن الإسلام دين الحرية والحب والسماحة والعدالة والنزاهة والمساواة ( هاعيط م التأثر ). ويستدل المروجون لتلك النظرية بال: 1 - الآية الشهيرة : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي "، ونسوا أنها في أشهر القولين منسوخة، وأن من قال إنها محكمة قال بأن الحرية واجبة لأهل الكتاب متى عُرِض عليهم الإسلام ورفضوه، ولكن مع إقرارهم بالجزية. يقول شيخهم ابن باز : " فيها قولان: أحدهما أنها في أهل الكتاب والمجوس، لا يُكرهون، بل يُخيرون بين الإسلام والجزية، فإن لم يُؤدوا الجزيةَ ولا الإسلام قُوتلوا، وأما بقية الناس فلا تخيير: إما الإسلام، وإما السيف. وقال آخرون: بل هي منسوخة، كان هذا أول الأمر، ثم شرع الله القتال والجهاد؛ لقوله سبحانه: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39]، فنُسخت بهذه الآية وما جاء في معناها.) . انظر الفتوى في الرابط التالي من موقع عبد العزيز بن باز : https://binbaz.org.sa/fatwas/31487/%D9%87%D9%84-%D9%86%D8%B3%D8%AE%D8%AA-%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A7-%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86 وعلى هذا. فإن حرية الاعتقاد قائمة على الإقرار بما قام به المسلم من التسلط على غير المسلم، ولو كان غازياً لبلده، وداخلاً لها مستعمراً، ودفع الجزية عن يدٍ وهو صاغر. 2 – " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر من الذين أوتوا الكتاب والمشركين حتى يعطوا الجزية وهم صاغرون ". يقول ابن كثير في تفسير الآية : " وهذه الآية الكريمة [ نزلت ] أول الأمر بقتال أهل الكتاب ، بعد ما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجا ، فلما استقامت جزيرة العرب أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى ، وكان ذلك في سنة تسع ؛ ولهذا تجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقتال الروم ودعا الناس إلى ذلك ، وأظهره لهم ، وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة فندبهم ، فأوعبوا معه ، واجتمع من المقاتلة نحو [ من ] ثلاثين ألفا ، وتخلف بعض الناس من أهل المدينة ومن حولها من المنافقين وغيرهم ، وكان ذلك في عام جدب ، ووقت قيظ وحر ، وخرج - عليه السلام - يريد الشام لقتال الروم ، فبلغ تبوك ، فنزل بها وأقام على مائها قريبا من عشرين يوما ، ثم استخار الله في الرجوع ، فرجع عامه ذلك لضيق الحال وضعف الناس. " . رابط تفسير الآية : http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura9-aya29.html إذن؛ فإن الآية نزلت بعد الفراغ من أمر مشركي العرب، وتم الأمر بالتوجه لأهل الكتاب ووجوب قتالهم لنشر الدين وإن لم يسلموا فعليهم دفع الجزية وهم صاغرون ( يعني أذلاء ). ولكن!!!! هذا تجنٍ وافتئات على الشريعة الغراء. فهم قد كفلوا لهم مع ذلك الحرية في العبادة، وأن يحفظوا شرائعهم. الحق أن ابن كثير يعرض لنا صورة مغايرة تماماً لذلك. فهو يقول في تفسيره إنه يجب تحقيرهم وإذلالهم ومنعهم من بناء كنائس جديدة، وأن الفاروق عمر " أول من تسمى بأمير المؤمنين " قد فرض عليهم شروطاً مذلة، فيقول ابن كثير ما نصه : " ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم ، وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ ، من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : كتبت لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين صالح نصارى من أهل الشام : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا ، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ، ولا قلاية ولا صومعة راهب ، ولا نجدد ما خرب منها ، ولا نحيي منها ما كان خطط المسلمين ، وألا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، وأن ينزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ، ولا نئوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ، ولا نكتم غشا للمسلمين ، ولا نعلم أولادنا القرآن ، ولا نظهر شركا ، ولا ندعو إليه أحدا ؛ ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه ، وأن نوقر المسلمين ، وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس ، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم ، في قلنسوة ، ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا نتكلم بكلامهم ، ولا نكتني بكناهم ، ولا نركب السروج ، ولا نتقلد السيوف ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ، ولا نحمله معنا ، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ، ولا نبيع الخمور ، وأن نجز مقاديم رءوسنا ، وأن نلزم زينا حيثما كنا ، وأن نشد الزنانير على أوساطنا ، وألا نظهر الصليب على كنائسنا ، وألا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيا ، وألا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، ولا نخرج شعانين ولا باعوثا ، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نجاورهم بموتانا ، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، وأن نرشد المسلمين ، ولا نطلع عليهم في منازلهم . قال : فلما أتيت عمر بالكتاب ، زاد فيه : ولا نضرب أحدا من المسلمين ، شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا ، وقبلنا عليه الأمان ، فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطناه لكم ووظفنا على أنفسنا ، فلا ذمة لنا ، وقد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق " . نعود مرة ً أخرى لما قاله فقهاء المسلمين عن " الصغار " لئلا نُتَهم بالافتئات عليهم والافتراء. ففي أحكام أهل الذمة لابن القيم : " وقوله تعالى: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} حالٌ أخرى، فالأول حال المسلمين في أخذ الجزية منهم أن يأخذوها بقهرٍ وعن يدٍ، والثاني حال الدافع لها أن يدفعها وهو صاغرٌ ذليلٌ. واختلف الناس في تفسير "الصغار" الذي يكونون عليه وقتَ أداء الجزية، فقال عكرمة (٣): أن يدفعها وهو قائمٌ، ويكون الآخذ جالسًا. وقالت طائفةٌ (٤): أن يأتي بها بنفسه ماشيًا لا راكبًا، ويُطال وقوفُه عند إتيانه بها، ويُجَرُّ إلى الموضع الذي تُؤخذ منه بالعنف، ثم تُجَرُّ يدُه ويُمتَهَن" ويكمل ابن القيم : " وقد قال الإمام أحمد في رواية حنبلٍ (١): كانوا يجرون في أيديهم ويختمون في أعناقهم إذا لم يُؤدُّوا، [قيل له: فترى ذلك؟ قال: نعم، وهو] الصَّغار الذي قال الله تعالى: {وَهُمْ صَاغِرُونَ}. وهذا يدلُّ على أن الذمّي إذا بذلَ ما عليه والتزم الصَّغار لم يحتجْ إلى أن يُجَرَّ بيده ويُضْرَب. وقد قال في رواية مهنا بن يحيى (٢): يُستحبُّ أن يتعبوا في الجزية. قال القاضي (٣): ولم يُرِد تعذيبَهم ولا تكليفَهم فوقَ طاقتهم، وإنما أراد الاستخفاف بهم وإذلالَهم " .
رابط الكتاب: https://shamela.ws/book/218/96#p1
**************
موضوع قابل لإضافة أجزاء أخرى فيما بعد
#محمد_وجدي (هاشتاغ)
Mohamed_Wagdy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسرار - السر الثالث
-
الأسرار - السر الثاني
-
الأسرار - السر الأول
-
زقاق المدق
-
نظرية الفجوة The Gape Theory
-
نظرية الفجوة - The Gape Theory
-
- أنا ابن عبد المطلب - - 3 - فتح العزيز المنان في سيرة سيد و
...
-
حرية - مركز - إيمان
-
سره الباتع
-
ثقافة الشماتة وتمني الموت
-
سر الحرب
-
فكر الدواعش ليس مقصوراً على أبناء عائش
-
المرأة تعني : شوهم
-
الحالة : لافاش كيري
-
طنطا
-
فتح العزيز المنان في سيرة سيد ولد عدنان - 2 - أول الغيث
-
جزيرة غمام : مكاشفة التجلي
-
فتح العزيز المنان في سيرة سيد ولد عدنان - 1 - بادئة
-
وسعوا من وش العقلاء
-
تخريفة صباحية : تقوقع وانتشاء
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|